.floating_btn{ display:none !important; } .println-contact-form-button-element{ display:none !important; }
تعد الحبسة الكلامية عند الكبار اضطراباً لغوياً يعيق قدرة الفرد على التواصل الفعال، وغالباً ما ينتج عن إصابات الدماغ مثل السكتات الدماغية، وتشير الإحصاءات إلى أن ما يصل إلى 40% من الناجين من السكتات الدماغية يصابون بالحبسة الكلامية بدرجات متفاوتة، مما يؤثر على حياتهم الاجتماعية والمهنية بشكل عميق، ويواجه المصابون صعوبات كبيرة في صياغة الجمل أو فهم الكلام أو حتى القراءة والكتابة. يمثل هذا الاضطراب تحدياً ليس للمريض فحسب، بل أيضاً لأفراد عائلته ومقدمي الرعاية الصحية.
ما هي الحبسة الكلامية
تُعرف الحبسة الكلامية بعدم قدرة الشخص على التعبير بشكل سليم عما يريد قوله أو يجد صعوبة في فهم الكلام الذي يسمعهُ، بالإضافة إلى ضعف المقدرة على القراءة أو الكتابة، ويحصل اضطراب النطق نتيجة تأثر المراكز الدماغية المسؤولة عن الكلام والتواصل سواءً كان السبب عائد لإصابة رضية شديدة على الرأس أو لسكتة دماغية مفاجئة.
تم تصنيف الحبسة الكلامية إلى عدة انواع بحسب الأعراض المشاهدة، فقد يستطيع المريض فهم ما يقال له لكنه يجد صعوبة بالتعبير عما يريد (حبسة تعبيرية) أو قد يستطيع التعبير جيداً لكنهُ لا يفهم كلام الآخرين (حبسة استقبالية)، وإن الإصابة بالحبسة الكلامية تعد من المضاعفات الشائعة عند كبار السن بعد التعرض لجلطة دماغية، وقد تشاهد عند الأطفال والشباب بعد التعرض لحادث رضي شديد بالرأس يؤثر على الدماغ، ويعتمد علاج الحبسة الكلامية للكبار على تدبير السبب المؤدي لها كخطوة أولى ومن ثم يخضع المصاب لجلسات علاجية مطولة تحت إشراف أخصائيين في هذا المجال لاستعادة القدرة على الكلام والنطق الصحيح.
أسباب الحبسة الكلامية عند الكبار
إن السبب الأشيع للحبسة الكلامية عند الكبار هو السكتة الدماغية التي تؤثر على تروية مراكز النطق واللغة بالدماغ مما يؤدي إلى تلف وتموت الخلايا الدماغية بتلك المنطقة، إضافةً إلى إصابات الرأس الشديدة التي تصيب المناطق اللغوية في المخ تسبب أيضًا مشاكل بعملية التحدث والنطق وتعتمد درجة التضرر على طبيعة الحادثن وإن الأمراض الدماغية التنكسية عند كبار السن كـ مرض الزهايمر يعتبر من الأسباب المهمة لحدوث الحبسة الكلامية للكبار حيث تتطور الحبسة بشكل تدريجي عند المرضى المصابين.
كما ويوجد اسباب أخرى أقل شيوعًا تؤدي للإصابة بالحبسة الكلامية كوجود ورم دماغي ضاغط على مناطق الكلام بالمخ أو إصابة الدماغ بسبب التهاب إنتاني، أو وجود أمهات الدم الدماغية التي قد تسبب حبسة كلامية إضافةً إلى العمليات الجراحية التي تُجرى على الدماغ، ويصنف ايضاً الصرع و الشقيقة ضمن مسببات الحبسة الكلامية عند الكبار والتي غالباً ما تكون مؤقتة في هذه الحالات (على شكل نوبات).
أنواع الحبسة الكلامية
يصنف الأطباء الحبسة الكلامية عند الكبار إلى عدة مجموعات وفقاً للأعراض وبحسب قدرة المريض على التواصل، حيث يتم تقييم طلاقة اللغة والقدرة على فهم الكلام المسموع.
يوجد ثلاث انواع رئيسية للحبسة الكلامية وهي:
الحبسة التعبيرية (حبسة بروكا)
يحدُث في هذا النوع من الحبسة فقدان لمقدرة المريض على التعبير عما يرغب بقوله لكنه قادر على فهم ما يقال له جيداً، أي يكون المُصاب قادراً على الفهم لكنه لا يستطيع التحدث بلغة سليمة مفهومة.
الحبسة الاستقبالية (حبسة فرينكا)
في هذا النوع من الحبسة يحصل عكس ما يحدث بحبسة بروكا حيثُ يواجه المريض صعوبة بفهم ما يسمع بِشكل أكثر من القدرة على التكلم بشكل مفهوم، أي لا يعاني المريض من صعوبات كبيرة بعملية الكلام إنما تكون الصعوبة في الفهم.
الحبسة الشاملة
يعد هذا النوع أشد انواع الحبسة تأثيراً على قدرة الشخص على الكلام مع الآخرين، حيثُ يحصل لدى المُصاب مشاكل بفهم الكلام المسموع إضافةً إلى ضعف المقدرة على التكلم بِشكل لغوي سليم، اي يتعرض المُصاب لأعراض حبسة بروكا وفرينكا معاً.
أعراض الحبسة الكلامية عند الكبار
تختلف أعراض الحبسة باختلاف شدة الإصابة ونوعية الحبسة التي يعاني منها المريض، نذكر أهم اعراض الحبسة الكلامية عند الكبار:
- استبدال كلمات بأخرى لا معنى لها في سياق الحديث
- التكلم بعبارات غير مفهومة أو جمل غير مترابطة
- الكلام ببطئ أو التأتأة واستخدام جُمل قصيرة
- عدم فهم الكلام الذي يسمعه المصاب
- كتابة جمل ناقصة غير مفهومة

تشخيص الحبسة الكلامية
لتشخيص الحبسة الكلامية عند الكبار يقوم الطبيب بإجراء فحص سريري شامل وتحري وظيفة الأعصاب بالإضافة إلى إمكانية طلب بعض الاختبارات التصويرية كصورة طبقي محوري للرأس لنفي الأسباب البنيوية للحبسة مثل أورام الدماغ، وقد يلجأ الطبيب إلى اجراء مجموعة من الفحوصات الأخرى كتخطيط الاعصاب وإصغاء نبض الشريان السباتي بالعنق لنفي تضيق الشريان الذي يؤهب لحدوث جلطة دماغية، وإضافة لما سبق يقوم أخصائي أمراض النطق واللغة بعمل تقييم لُغوي شامل لتحري وجود الحبسة ونوعها ومدى قدرة الشخص على فهم الكلام ونطقه.
يتضمن هذا التقييم إجراء محادثة مع الشخص المُصاب وسؤاله عدة أسئلة لتقييم قدرته على الفهم والكلام وإجراء تمارين لغوية عدة كأن يطلب الأخصائي تكرار بعض الكلمات أو قراءة جمل وكتابتها.
علاج الحبسة الكلامية للكبار في تركيا
يعتمد علاج الحبسة الكلامية على طبيعة الأذية الحاصلة ودرجة تضرر المنطقة الدماغية المصابة، فمن الممكن في بعض حالات الحبسة الكلامية الناتجة عن مسببات مؤقتة كالصرع أو الشقيقة من أن تتحسن الحبسة تلقائياً مع مرور الوقت.
يحتاج معظم الأشخاص الذين يعانون من الحبسة الكلامية الناتجة عن جلطة دماغية إلى جلسات إعادة تأهيل تُجرى من قبل خبراء متخصصين بالمجال وقد يفيد العلاج الدوائي بتدبير الحبسة الكلامية عند الكبار أيضاً.
فإن طرق العلاج تكون على الشكل الآتي:
اعادة تأهيل مشاكل اللغة والنطق Speech Therapy
إن التعافي من مشاكل النُطق واستعادة القدرة مجدداً على الكلام والتواصل الطبيعي يحتاج بعضاً من الوقت، حيثُ تتصف عملية اعادة التأهيل بأنها طويلة بعض الشيء وتتم على فترة جلسات عديدة، ويهدف التأهيل اللغوي إلى تحسين قدرة الأشخاص على الكلام واستعادة أكبر قدر ممكن من اللغة الضائعة عندهم عبر جعلهم يتحدثون ضمن جلسات علاج جماعية مع بعضهم تحت إشراف خبراء متخصصين أو عبر جلسات علاج فردية مع الخُبراء تتضمن تمارين لغوية، وقد تتضمن جلسات إعادة التأهيل استخدام حواسيب خاصة وذلك للمساعدة بالعلاج اللغوي وتعلم الأفعال وأصوات الكلمات، وإنه كلما كان البدء بعلاج النُطق باكراً كلما كانت فرص التحسن أفضل عند المريض، لذا فإنه يفضل أن يتم البِدء بإعادة التأهيل بشكل مباشر بعد حصول الأذية.

العلاج الدوائي للحبسة الكلامية
يتم إجراء بعض الدراسات عن مدى فائدة استخدام بعض الأدوية في علاج الحبسة الكلامية عند الكبار فمثلاً قد يكون من المفيد استخدام العقاقير التي تُحسن من جريان الدم إلى الدماغ أو تلك التي تعزز من قدرة الدماغ على التعافي بشكل أسرع والتخلص من النواقل الكيميائية المؤذية.
ما تزال فعالية هذه الأدوية تحت الدراسة ولم يتم إثبات فائدتها.
التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة
من تقنيات العلاج الحديثة التي من الممكن أن تفيد في علاج الحبسة الكلامية عند الكبار، يتم بهذه الطريقة تحفيز مناطق الدماغ المتضررة عبر تسليط موجات كهرومغناطيسية بشكل دقيق على باحات المخ المسؤولة عن الكلام واللغة.
تعتبر هذا الطريقة طفيفة التوغل لكن لم يتم بعد إجراء دراسة على تأثيراتها طويلة الأمد لكونها من آخر ما توصل إليه الطب في علاج الحبسة.

مضاعفات الحبسة الكلامية
لا تقتصر مضاعفات الحبسة الكلامية فقط على مجرد الصعوبة في التحدث أو فهم اللغة، بل تمتد آثارها لتؤثر على حياة جميع المصابين تقريباً، جاعلةً المرضى يعاونون من العزلة الاجتماعية والإحباط بسبب عدم قدرتهم على التعبير عن احتياجاتهم أو مشاركة مشاعرهم مع الغير، مما قد يؤدي إلى الانسحاب من التفاعلات الأسرية والمناسبات الاجتماعية.
من الناحية النفسية، يزيد هذا الاضطراب بشكل ملحوظ من خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق، حيث يشعر الشخص وكأنه قد فقد جزءاً أساسياً من هويته وقدرته على التحكم في حياته، وعلى المستوى المهني، فقد تؤدي الحبسة الكلامية في كثير من الأحيان إلى العجز عن مواصلة العمل أو صعوبة بالغة في أداء المهام الوظيفية، مسببةً تبعات مالية واقتصادية على المريض وعائلته، وأخيراً، فيمكن أن تؤثر هذه المضاعفات سلباً على عملية التعافي العامة، حيث قد يعيق الإحباط والحالة المزاجية المنخفضة دوافع المريض للمشاركة بفعالية في جلسات العلاج الطبيعي والنطق، مما يطيل من مدة إعادة التأهيل ويقلل من فرص تحقيق الشفاء الأمثل.
الوقاية من الحبسة الكلامية
تحدث الحبسة الكلامية للكبار بشكل غير متوقع لذا فإنه من غير الممكن الوقاية من الحبسة كونها تحدث بشكل مفاجئ، لكن يمكن الوقاية من الأسباب التي تؤهب للحبسة كالسكتة الدِماغية.
يمكن تقليل خطر الإصابة بالحبسة الكلامية والوقاية منها عبر ما يلي:
- لا تتجاهل الأمراض الإنتانية التي تصيب منطقة العين أو الأذن، حيثُ يمكن أن تنتشر للدماغ وتسبب ضرر دماغي
- إذا كنت ممن يقود دراجة فاحرص دائماً على ارتداء خوذة واقية لمنع حدوث اصابات الرأس
- اتباع نظام غذائي جيد والمحافظة على وزن طبيعي
- ممارسة التمارين الرياضية بِشكل منتظم
- توقف عن التدخين وتجنب شرب الكحول
- ختاماً، يعتبر التشخيص المبكر للحبسة الكلامية عاملاً حاسماً في بدء رحلة العلاج، حيث تزيد التدخلات المكثفة والمبكرة من فرص استعادة وظائف اللغة بشكل ملحوظ، ويعد دعم الأسرة والمجتمع المحيط بالمريض ركيزة أساسية في عملية إعادة التأهيل الطويلة، مما يساعده على استعادة ثقته بنفسه والتكيف مع وضعه الجديد. تهدف برامج العلاج الحديثة إلى تحسين جودة حياة المريض من خلال جلسات النطق والعلاج الوظيفي المتخصصة. يمكن للمراكز المتخصصة، مثل مركز بيمارستان الطبي، تقديم رعاية شاملة ومخصصة من خلال فرق طبية متعددة التخصصات، تساعد المرضى على اجتياز هذه التحديات بخطط علاجية مبتكرة تركز على تحقيق أفضل النتائج الممكنة.
المصادر:
- National Institute on Deafness and Other Communication Disorders (NIDCD). (2015, March 6). Aphasia.
- National Aphasia Association. (n.d.). Aphasia FAQs