تعد الرقبة الحامل الرئيسي وزن الرأس، لذلك فهي معرضة لخطر الإصابات التي تسبب الألم وتقيّد الحركة، وتعد المناقير العظمية في الرقبة من المشاكل الشائعة وخاصة في مرحلة الشيخوخة ولدى الأشخاص الذين يستخدمون الحاسوب لساعات طويلة، حيث توجد المناقير الرقبة تقريباً في 20٪ – 30٪ من كبار السن، والممكن أن تصيب الأشخاص في أعمار باكرة أو منذ الطفولة إذا ترافقت مع مشكلات خلقية ولادية.
بيّنت الأكاديمية الأمريكية لجراحي العظام في دراسة لها أن حوالي 85 بالمائة من الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً فما فوق سيصابون بالمناقير العظمية.
ما هي مناقير الرقبة؟
هي عبارة عن نمو زائد بشكل دائري أو متعرج يظهر على سطح العظم. تتشكل كاستجابة الجسم لإصابة ما أو نتيجة عدم استقرار الهيكل العظمي، حيث يمكن للمناقير العظمية أن تظهر في أي مكان في العمود الفقري نتيجة للتنكس الطبيعي للعظام والمفاصل الذي يحدث مع التقدم بالعمر، وتتوضع هذه النتوءات العظمية في الفقرات الرقبية من الأولى حتى الفقرة الرقبية السابعة.
هذه المناقير ليست مؤلمة بحد ذاتها، بل يظهر الألم اعتماداً على حجمها وعددها وموقعها، حيث يمكن أن تتزاحم أو تضغط على العصب الشوكي، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى ظهور بعض الأعراض مثل الخدر والوخز وضعف العضلات والصداع والألم الحاد.
أسباب مناقير الرقبة
لأن الرقبة تحمل وزن جمجمة الرأس وفي حركة مستمرة فهي معرضة للعديد من الإصابات ومنها مناقير الرقبة، يُوجد عدد من الأسباب التي قد تؤدي إلى الإصابة بمناقير الرقبة، ومنها:
جفاف الأقراص
إن الأقراص الفقرية هي التي تفصل بين الفقرات، حيث أنها تعمل بمثابة وسادة بين الفقرات، وعند التقدم في العمر يحدث جفاف في هذه الأقراص، مما يؤدي إلى احتكاك عظام الفقرات فيما بينها وتشكل المناقير الرقبية.
الإجهاد العضلي
قد يؤدي الإجهاد المفرط للرقبة كالجلوس لساعات طويلة أمام الحاسوب أو الهاتف إلى الإصابة بالإجهاد العضلي. حتى أن بعض الأنشطة البسيطة كالقراءة على السريري يمكنها أن تُجهِد عضلات الرقبة.
انضغاط الأعصاب الرقبية
يمكن للأقراص المنفتقة في فقرات الرقبة أن تضغط على الأعصاب الشوكية مما يؤدي إلى الإحساس بالألم.
هشاشة العظام
عند الإصابة بهشاشة العظام تبدأ غضاريف المفاصل بالتآكل، مما يدفع الجسم لصنع عظام في محاولة منه لتعويض ما حصل من تآكل للغضاريف، الأمر الي يسبب حدوث المناقير الرقبية.
وضعيات الجلوس الخاطئة
خاصة عند استخدام الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية والشاشات الصغيرة الأخرى.
بعض الأمراض
يوجد العديد من أمراض العظام التي قد تساهم في حدوث المناقير العظمية:
- تضيق قناة النخاع الشوكي
- الفصال العظمي في الفقرات الرقبية
- التهاب المفاصل بأنواعه
- فرط التعظم الهيكلي المنتشر مجهول السبب (DISH)
أسباب أخرى مرتبطة مع المناقير العظمية في الرقبة
هناك أسباب أخرى قد تُؤدي للإصابة بمناقير الرقبة أو تزيد من تسارع حدوثها، مثل:
- الضغط النفسي
- التغذية السيئة
- عوامل جينية
- الإصابات والرضوض، خاصةً عند ممارسة الرياضة وقيادة السيارة
- بعض الأمراض الولادية الخلقية
ماهي أعراض المناقير الرقبية
بالنسبة لمعظم الناس، لا تسبب مناقير الرقبة أي أعراض، حيث لا داعي للقلق منها إلا إذا سببت الخدر أو التنميل الذي ينتشر إلى الكتف والذراع. هناك عدد من الأعراض التي يمكن مشاهدتها:
- الألم: يمثل العرض الأشيع في مناقير الرقبة وقد ينتشر الألم عادةً في جانب واحد من الرقبة إلى الأكتاف واليدين، وقد ينتشر إلى كلا الجهتين.
- الصداع: يحدث الصداع نتيجة ضغط النتوءات العظمية على أعصاب الرقبة، مما قد ينشأ عنه صداع خلف الرأس أو في العينين.
- الخدر: يحدث أحياناً التنميل في اليدين مع ضعف عام في العضلات الموجودة فيهم.
- ضعف القدرة على تحريك الرأس
- الشد العضلي وارتخاء العضلات
- اعراض نادرة مثل عسر البلع وعسر الهضم وقد يرافقه مشكلات في التنفس
طرق تشخيص مناقير الرقبة
بعد أخد القصة المرضية، يقوم الطبيب بالتحقق من الأعراض في العنق عبر الفحص السريري حيث يتأكد من وضعية الرقبة ويقوم بتحريكها ومراقبة وجود مشكلات أخرى، بعدها يقوم بطلب بعض الفحوصات والصور الشعاعية.
تنقسم طرق التشخيص إلى ثلاثة طرق، وهي:
الفحص البدئي
يشتمل الفحص البدني على الآتي:
- التحقق من نطاق الحركة في الرقبة
- اختبار ردود الفعل وقوة العضلات للكشف ما إن كان هناك ضغط على الأعصاب أم لا
- الكشف عما إذا كان الضغط على العمود الفقري قد أثر على طريقة المشي وانتصاب العمود الفقري
الاختبارات التصويرية
يمكن أن تساعد الصور الشعاعية على تحديد سبب ألم الرقبة. ومن أمثلة ذلك:
الأشعة السينية
يمكن أن تكشف الأشعة السينية عن المناطق في الرقبة التي يمكن أن تكون فيها الأعصاب أو النخاع الشوكي منضغطاً.
التصوير المقطعي المحوسب
تدمج فحوصات التصوير المقطعي المحوسب صور الأشعة السينية التي التُقطت من عدة اتجاهات مختلفة لإنتاج مشاهد مقطعية مفصلة داخل الرقبة.
التصوير بالرنين المغناطيسي
يستخدم التصوير بالرنين المغناطيسي موجات الراديو ومجال مغناطيسي قوي لإنشاء صور مفصلة للعظام والأنسجة الرخوة.
كيفية علاج مناقير الرقبة
معظم حالات مناقير الرقبة لا تترافق مع أي أعراض وبالتالي فهي لا تحتاج إلى علاج. إذا ظهرت أعراض فهناك العديد من الخيارات العلاجية.
عادةً ما يتم تجربة الخيارات العلاجية غير الجراحية أولاً والتي غالبا ما تكون ناجحة، وفي حالات نادرة قد لا تنجح العلاجات غير الجراحية، الأمر الذي يوجّهنا عندها إلى الجراحة باعتبارها الملاذ الأخير.
العلاجات غير الجراحية
الراحة
الحصول على يوم أو يومين من الراحة أسبوعياً مع الحد من الأنشطة المجهدة.
تعديل وضعية الجلوس والوقوف
تحسين وضعية الجسم يمكن أن يخفف من أعرض مناقير الرقبة.
تمارين الرقبة
من المهم تحريك الرقبة باستمرار، حيث يجب القيام ببعض تمارين الاستطالة البسيطة يومياً، بما في ذلك تدوير الرقبة والكتفين، ولكن قبل ممارسة هذه التمارين، يجب تدفئة الرقبة والظهر باستخدام الماء الدافئ.
العلاج الحراري
قد يساعد تبريد منطقة الرقبة أو تدفئتها في تقليل الألم لدى بعض الأشخاص، مثل استخدام كيس ثلج أو كيس ماء ساخن، حيث يُنصح بوضع الكمادات الساخنة والباردة بالتبادل لتخفيف الالتهاب.
تُوضع الكمادات الباردة لمدة 15 دقيقة عدة مرات في اليوم خلال أول 48 ساعة وبعد هذه الفترة تُستخدم الحرارة إما بأخذ حمام دافئ أو بكمادة دافئة.
العلاج الطبيعي
يمكن لأخصائي تقويم العمود الفقري ضبط العمود الفقري الرقبي يدوياً بشكل مدروس ومثبت علمياً، الأمر الذي يمكن أن يساعد في تقليل الألم وتحسين المدى الحركي في بعض الأحيان .
الأدوية
قد تشمل مسكنات الألم مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، مثل الأيبوبروفين أو نابروكسين الصوديوم (Aleve) أو الأسيتامينوفين (Tylenol وغيره).
يجب تجنب استخدام هذه الأدوية بدون استشارة الطبيب، لأنها قد تؤدي إلى آثار جانبية خطيرة عند الإفراط في استخدامها.
إذا لم تُجدِ مسكنات الألم التي يمكن شراؤها من دون وصفة طبية نفعاً، فقد يقترح الطبيب استخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية أو مرخيات العضلات التي تُصرف بوصفة طبية.
العلاج عن طريق حقن الستيروئيدات
يمكم إعطاء الستيرويدات القشرية عبر الفم، وأحياناً عبر الحقن فوق الجافية وذلك للتخفيف من شدة الأعراض، ولكن استعمال حقن الستيرويدات القشرية مازال محط جدل لأنها قد لا تؤدي إلى تحسن طويل الأمد وقد يكون لاستعمالها تأثيرات جانبية.
العلاج العشبي
يعتبر أحد الخيارات المقبولة نوعاً ما، حيث يمكن استخدام:
- البابونج: يساعد على تخفيف الألم بفضل خصائصه المضادة للالتهاب ويمكن شربه أو دهنه مكان الإصابة.
- الزنجبيل: يساعد على تقليل التورم.
- بذور الكتان: يتميز باحتوائه على أحماض أوميغا 3 الدسمة التي تعمل على تثبيط العملية الالتهابية ويتم دهن زيت بذر الكتان مكان النتوء العظمي.
التحفيز الكهربائي للأعصاب عبر الجلد
توضع مساري كهربائية على الجلد بالقرب من المناطق المؤلمة لتوصيل نبضات كهربائية صغيرة يمكنها تخفيف الألم. ومع ذلك، يوجد القليل من الأدلة على أن التحفيز الكهربائي للأعصاب عبر الجلد يعمل على علاج آلام الرقبة.
العلاجات الجراحية
يتم اللجوء إلى علاج المناقير جراحياً فقط في حال فشل جميع العلاجات السابقة بعد تجربتها لفترة طويلة.
تختلف العملية الجراحية باختلاف مكان المناقير الرقبية، ومن أشيع العمليات:
- تثبيت الفقرات الرقبية: يتم في هذه العملية دمج الفقرات مع بعضها بحيث تصبح ثابتة لا تتحرك.
- إزالة القرص الفقري الأمامي: باستخدام منشار خاص يتم برد العظام وإزالة المناقير.
- إزالة جسم الفقرة الأمامي: يقوم الجراح باستبدال الجزء المتضرر بآخر صنعي.
- إزالة صفيحة الفقرة
الوقاية من المناقير العظمية في الرقبة
إن معظم آلام الرقبة متعلقة بوضعية الجسم الخاطئة بالإضافة إلى إلى تدهور حالة الجسم مع تقدم العمر، لذلك إن إجراء بعض التعديلات البسيطة في الروتين اليومي يمكن أن يكون ذا فائدة كبيرة في الوقاية من المناقير الرقبية:
- اتخاذ وضعية جسم جيدة عند الوقوف والجلوس
- الحصول على فترات استراحة متكررة: في حال السفر لمدة طويلة أو العمل لساعات طويلة على الحاسوب، فيمكن محاولة التحرك في المساحة المحيطة المتاحة.
- ضبط المكتب والكرسي وشاشة الحاسوب: تأكد من أن تكون الشاشة في مستوى العين، وينبغي أن تكون الركبتين منخفضتين قليلاً عن الوركين مع استخدام مساند للذراعين على الكرسي.
- الإقلاع عن التدخين: بسبب ارتباط التدخين مع الإصابة بآلام الرقبة.
- تجنُّب حمل حقائب ثقيلة على كتف واحد: يمكن للوزن الثقيل على الكتف أن يسبب إجهاد على الرقبة.
- النوم في وضعية جيدة: ينبغي أن يكون الرأس والرقبة بمحاذاة الجسم، ويجب استخدام وسادة صغيرة تحت الرقبة، ويمكن تجربة النوم على الظهر مع رفع الفخذين على وسائد، لأن ذلك سيساعد على جعل عضلات العمود الفقري تتخذ وضعية مستقيمة.
- المحافظة على النشاط البدني
إذا كنت تعاني من آلام الرقبة المزمنة، يمكنك الحصول على استشارة مجانية من استشاريين مركز بيمارستان، ومن ثم الوصول إلى التشخيص الدقيق ووضع خطة العلاج. يمكن تشخيص النتوءات العظمية والحالات الأخرى ذات الصلة، مثل الزراعة العضوية، من خلال الفحص البدني واختبارات التصوير.
المصادر:
- UPMC
- SPINE-health