يعد الصلب المشقوق أحد عيوب الحبل الشوكي الشائعة عند الأطفال وقد يشكل خطورة على الطفل في حال إهماله، يتم علاجه في تركيا على يد نخبة الأطباء.
ما هو مرض الصلب المشقوق؟
سبينا بيفيدا كلمة لاتينية تعني الصلب المشقوق أو السنسنة المشقوقة أو انشقاق الشوك وهو تشوه خلقي ينجم عنه خلل في تشكل وانغلاق الحبل الشوكي خلال المرحلة الجنينية.
يحصل الصلب المشقوق spina bifida عندما يفشل الأنبوب العصبي بالانغلاق بشكل كامل أثناء الحياة الجنينية مما يؤدي لعدم اكتمال تكوين الحبل الشوكي وانغلاقه بالبنى التي تحميه (الفقرات)، مما يجعل جزء من الحبل الشوكي والأعصاب مكشوفة وغير مغطاة بالعمود الفقري وأكثر عرضة لخطر الإصابة بالأذيات الخارجية.
إن إصابة أعصاب الحبل الشوكي قد تسبب مضاعفات خطيرة غير قابلة للتراجع كالإعاقات الدائمة لذلك يجب حماية القسم الظاهر من الأعصاب الشوكية بأسرع وقت ممكن.
يشاهد هذا التشوه بشكل شائع عند حديثي الولادة حيث يُصاب وليد واحد من بين 2500 مولود على مستوى العالم.
وتختلف هذه النسبة باختلاف المناطق الجغرافية وباختلاف الأعراق فيشاهد هذا التشوه عند العرق الأبيض بشكل أكبر مما هو عليه في العرق الأسود.
أنواع الصلب المشقوق
الأنواع الثلاثة للصلب المشقوق هي:
القيلة النخاعية السحائية myelomeningocele
النوع الأخطر والأهم من تشوهات الصلب المشقوق، يهاجر فيه قسم من الحبل الشوكي والأعصاب من خلال الفتحة ضمن ظهر الطفل.
يشاهد على شكل كيسة في ظهر الطفل تحوي هذه الكيسة سائل دماغي شوكي وجزء من الحبل والأعصاب الشوكية.
بسبب عدم وجود حماية كافية للأعصاب والحبل الشوكي يتشكل خطر كبير لحدوث أذيات عصبية قد تسبب إعاقات متوسطة إلى شديدة عند الطفل غير قابلة للتراجع.
القيلة السحائية Meningocele
يهاجر في هذا النمط الأغشية (السحايا) والسائل الدماغي الشوكي عبر فتحة في ظهر الطفل على شكل كيسة لكن لا يهاجر معهم الحبل الشوكي والأعصاب الشوكية.
فهذا النمط هو أقل خطورة من القيلة النخاعية السحائية بسبب عدم هجرة الحبل الشوكي والأعصاب إلى الكيسة.
الصلب المشقوق المستتر Spina Bifida Occulta
النمط الأقل خطورة والأشيع بين الأنماط يطلق عليه اسم الصلب المشقوق المستتر أو الخفي لأنه غالباً غير عرضي ونادراً ما يظهر تشخيصه في مراحل الطفولة المتأخرة وغالباً يتم التشخيص بالصدفة عند أخذ صورة لأسباب أخرى.
يحصل بهذا النمط عدم التحام فقرتين أو أكثر فيتشكل فتحة صغيرة لا يحدث من خلالها عبور للسحايا أو الحبل الشوكي ويكون الجلد طبيعي في ظهر الطفل (لا يوجد كيسة).
سنركز بمقالتنا على القيلة النخاعية السحائية لكونها الشكل الأهم من أشكال الشوك المشقوق.
أعراض مرض الصلب المشقوق
في الحقيقة غالباً ما تترافق القيلة النخاعية السحائية النوع الأخطر للصلب المشقوق مع أعراض حدوث اذية في أعصاب الحبل الشوكي.
تختلف الأعراض بحسب مكان الشق في الحبل الشوكي ودرجة التضرر العصبي التي حصلت وقد يسبب الشوك المشقوق طيف من الأعراض والمضاعفات المرتبطة نذكر منها:
- صعوبة في المشي عند الطفل
- مشاكل بالقدرة على التحكم بالمثانة والأمعاء
- تشوهات بالقدم والكاحل (club foot)
- فقدان الاحساس بالطرف السفلي
- تظهر عند بعض الأطفال مشاكل بالتنفس وشلل في الأطراف السفلية
تترافق بشكل شبه دائم القيلة النخاعية السحائية مع أحد التشوهات الأخرى التي تعرف بتشوه ارنولد كياري، يسبب هذا التشوه تجمع السائل بالدماغ وحدوث استسقاء رأس hydrocephalus الأمر الذي قد يسبب خطر شديد على الطفل وامكانية اصابته بإعاقة فكرية او حتى الوفاة.
يمكن أن يكون مرض الشوك المشقوق غير عرضي في الحالات الأخف، فغالباً ما تكون أعراض الصلب المشقوق الخفي غير ظاهرة ويكشف بالصدفة عند إجراء صورة للمرضى لأسباب أُخرى.
تشخيص الصلب المشقوق
يمكن أن يتم كشف التشوه خلال الحمل أو بعد الولادة.
التشخيص أثناء الحمل
يمكن وضع التشخيص بواسطة الفحوصات التي تجرى للأم الحامل لكشف التشوهات العصبية للجنين ومنها:
الفحوصات الدموية
يتم فحص عيار الألفا فيتو بروتين AFP وهو عبارة عن بروتين ينتج من الجنين ويعبر قسم منه إلى دم الأم عبر المشيمة ففي حال كان عيار البروتين مرتفعاً عند الأم يمكن أن يدل ذلك على وجود تشوه ومرض عصبي عند الجنين، ولكن ليس بالضرورة ان يترافق العيار المرتفع مع تشوه بالأنبوب العصبي.
الايكو
هو الاختبار الأمثل لتشخيص تشوه الشوك المشقوق عند الجنين قبل الولادة حيث يمكن ان يشاهد الفاحص التشوه خلال الثلث الثاني (الأسبوع 18 الى 24) من الحمل.
خزعة السائل الأمنيوسي
في حال شك الطبيب الفاحص بإصابة الطفل بالصلب المشقوق يقوم عندها بطلب خزعة للسائل الأمنيوسي بهدف التأكد ولكن لا يمكن تجاهل الاختلاطات الصعبة المرافقة للخزعة كاحتمال حدوث اجهاض للحمل.
التشخيص بعد الولادة
في بعض الحالات لا يتم تشخيص المرض إلا بعد ولادة الطفل حيث يُلاحظ منطقة مشعرة أو ما يشبه الوحمة على ظهر الطفل فيقوم الطبيب بطلب صورة للعمود الفقري بالأشعة السينية أو رنين مغناطيسي لرؤية العمود الفقري والحبل الشوكي وتحديد الإصابة من عدمها.
علاج الصلب المشقوق في تركيا
في حالة القيلة النخاعية السحائية Myelomeningocele يجب أن يتم عمل جراحة بأسرع وقت ممكن لتغطية الأعصاب والحبل الشوكي ومنع حدوث أذية في الأعصاب قدر ما أمكن وحالياً يتم بالمراكز المتطورة إجراء عمل جراحي للجنين وهو في رحم أمه قبل الولادة خوفاً من تأثير السائل الأمنيوسي على الجنين وحدوث أذيات بالحبل الشوكي.
الجراحة قبل الولادة Prenatal surgery
بعد ما يتم تشخيص إصابة الجنين بالصلب المشقوق يتم تحديد فيما إذا كانت الأم مرشحة لهذا النوع من العمل الجراحي.
يجري الأطباء الجراحة بعمل شق أفقي في بطن الأم وثم يتم استعمال الايكو للحصول على رؤية واضحة لمكان الجنين وتحديد مكان وجود الانشقاق وبعدها يتم عمل شق في الرحم للوصول إلى ظهر الجنين ومن ثم يتم إصلاح العيب عن طريق إزالة الكيسة إن وجدت وإغلاق الفتحة في الظهر بالأنسجة المحيطة.
تملك هذه الجراحة المعقدة مخاطر على حياة الطفل والأم على حد سواء فيمكن أن يحصل تمزق لرحم الأم يؤدي إلى حدوث إجهاض للجنين.
تحتاج هذه العملية إلى تعاون أطباء من مختلف الاختصاصات ودقة متناهية في مراكز مجهزة لهذا النوع من العمليات.
الجراحة بعد الولادة Postnatal surgery
يولد الطفل ولادة طبيعية في الوقت الطبيعي للولادة ومن ثم يوضع في وحدة العناية المخصصة بحديثي الولادة، يقوم طبيب الجراحة العصبية بمراقبة الطفل بعد ولادته وتقييم حالته.
يتم طلب فحوصات للطفل وصورة رنين مغناطيسي لتقييم تشوه الصلب المشقوق وغالباً يتم إجراء العمل الجراحي خلال اليوم الأول أو الثاني من الولادة حيث يتم إغلاق الفتحة في ظهر الطفل بالأنسجة المحيطة والجلد تحت التخدير العام.
بعد العمل الجراحي يعود الطفل لوحدة العناية المركزة لحديثي الولادة للتقييم، غالباً يبقى الطفل بالمستشفى لحوالي أسبوع لثلاثة أسابيع بعد العمل الجراحي للمراقبة وتعد هذه العملية أقل خطراً من العملية التي تجرى قبل الولادة.
من مخاطر هذا الإجراء هو خطر حدوث أذية في أعصاب الحبل الشوكي بالسائل الأمنيوسي خلال الحمل نتيجة تأخير التداخل الجراحي لما بعد الولادة.
يتم حالياً علاج الصلب المشقوق في تركيا على يد فريق من الأطباء المتخصصين بمراكز جراحية مجهزة بأحدث التقنيات.
نسبة نجاح عملية الصلب المشقوق
تشير الأبحاث السريرية إلى أن عملية الشوك المشقوق التي تجرى قبل الولادة كان لها نتائج أفضل على حياة الطفل لكنها تحمل خطراً أكبر على الأم.
ففي عمر 3 سنوات استطاع 42% من الأطفال الذين خضعوا لجراحة قبل الولادة من المشي بشكل مستقل بينما كانت النسبة 21% عند الاطفال الذين أجروا جراحة بعد الولادة.
مضاعفات الصلب المشقوق وكيفية علاجها
قد يسبب مرض الصلب المشقوق عند الأطفال مضاعفات تؤثر على جودة حياة الطفل كالإعاقات الجسدية الجزئية أو الدائمة إضافةً إلى استسقاء الرأس الذي قد يخلف عقابيل فكرية خطيرة على حياة الأطفال، سنتحدث عن كيفية علاج هذه المضاعفات عند حصولها.
علاج الاستسقاء الدماغي
يمكن أن يسبب تجمع السائل الدماغي الشوكي في الرأس ارتفاع الضغط في الدماغ مما يؤدي إلى مشاكل وإعاقات دماغية قد تكون مميتة.
يحتاج الطفل لعملية من أجل تصريف السائل حيث يقوم الطبيب بوضع تحويلة shunt من الدماغ للبطن لتصريف السائل الدماغي الشوكي ويتم تبديل التحويلة في حال انسدادها أو عند نمو الطفل قد يحتاج لتحويلة جديدة أطول من التحويلة القديمة.
العلاج الفيزيائي
يعتبر العلاج الفيزيائي وسيلة هامة لمساعدة الساقين على الحركة عند مرضى الشوك المشقوق حتى يعيش المريض حياته بشكل مستقل بمعنى أن لا يحتاج لدعم الأجهزة الطبية كالكرسي المتحرك.
إن الهدف الأساسي وراء العلاج الفيزيائي هو منع تطور الضعف العضلي الذي يصيب للأطفال حيث يوجد علاقة مهمة بين الصلب المشقوق والمشي.
علاج مشاكل المثانة والأمعاء
إن سلس البول عرض شائع عند اطفال الصلب المشقوق، يمكن ان نساعد هؤلاء المرضى عن طريق إعطاء الأدوية التي تساعد على ارتخاء المثانة كي تخزن كمية أكبر من البول أو يمكن عمل عملية لتوسيع المثانة لتخفيف معاناة الأطفال و ذويهم.
ولمعالجة الإمساك يمكن اعطاء ملينات تساعد على تفريغ الأمعاء.
اسباب الصلب المشقوق
إن السبب الأساسي العائد وراء هذا التشوه غير معروف لكن هناك أسباب او عوامل خطورة يمكن أن تلعب دور في تطور هذا التشوه عند أمهات أطفال الصلب المشقوق وهي:
نقص حمض الفوليك (فيتامين B-9)
نقص حمض الفوليك يمكن أن يزيد من خطر حدوث تشوهات عصبية مختلفة سواءً على مستوى الدماغ أو العمود الفقري فهو ضروري من أجل تطور الأنبوب العصبي عند الجنين.
وجود قصة إصابة عائلية سابقة بتشوهات الأنبوب العصبي
يرتفع خطر حدوث السنسنة المشقوقة عند الرضع في حال وجود حمل سابق لنفس الأم مصاب بالصلب المشقوق.
الأدوية المأخوذة أثناء الحمل
بعض الأدوية التي تأخذها الحامل قد ترفع خطر إصابة جنينها بتشوهات الأنبوب العصبي كالأدوية المأخوذة لمرض الصرع (الكاربامازيبين وحمض الفالبوريك) لذا يجب على الحامل أن تستشير الطبيب حول الأدوية المأخوذة أثناء الحمل واستبدال هذه الأدوية بأدوية آمنة على الجنين.
الحامل المصابة بالداء السكري الغير مضبوط
يزداد خطر الإصابة لدى الجنين عند الحامل التي تعاني من داء السكري الغير معالج.
السمنة
يرتفع خطر الإصابة بتشوهات الأنبوب العصبي عند النساء ذوي الوزن الزائد حيث يكون (مؤشر كتلة الجسم لديهن30< BMI)
الوقاية من الصلب المشقوق
إن الخطوة الرئيسية للوقاية هي حمض الفوليك الذي يعتبر هاماً لتجنب تشوهات الأنبوب العصبي حيث تعطى الحامل جرعة 400 ميكروغرام ويجب لفت نظر المرأة التي تخطط للإنجاب لضرورة أخذ الدواء طوال فترة الحمل ومع تناول الغذاء الصحي الحاوي على الفوليك.
أثبتت الدراسات أن أخذ حمض الفوليك يقلل من خطر الإصابة بعيوب الجهاز العصبي الخلقي، بالنسبة عند أمهات أطفال الصلب المشقوق التي لديها جنين سابق مصاب بالمرض أو اي من الأمراض المتعلقة بالأنبوب العصبي يجب عليها أن تأخذ حمض الفوليك بجرعات مضاعفة نتيجة زيادة خطر الإصابة للجنين القادم.
بعض الأطعمة الغنية بحمض الفوليك مثل الخضار والفواكه وصفار البيض والأرز ومنتجات الحبوب.