الناسور الشرجي هو حالة شائعة تصيب المستقيم والشرج، ويُقدر أن ما بين 1.2 إلى 2.8 من كل 10000 شخص يعانون منها. تعتبر هذه الحالة أكثر شيوعاً بين الذكور بمرتين عن الإناث، ومن بين الأشخاص الذين يصابون بالتهاب الغدة الشرجية فإن نصفهم يصابون بالناسور الشرجي. يعتبر الناسور الشرجي من الحالات التي تتطلب تشخيصاً دقيقاً وعلاجاً سريعاً، حيث أن الجراحة تُعد العلاج الأكثر فعالية للتخلص من هذه المشكلة بشكل نهائي.
ما هو الناسور الشرجي
الناسور الشرجي هو نفق غير طبيعي يتطور بين فتحة الشرج والجلد المحيط بها ويُعرف أحياناً باسم الناسور حول الشرج (Perianal Fistula). عادةً ما يتشكل في الجزء العلوي من فتحة الشرج حيث توجد الغدد الشرجية. عند إصابة هذه الغدد بالخراج فإن تسرب القيح الخارج من الخراج قد يسبب تشكل قناة صغيرة بين الشرج والجلد هي الناسور.
تتسبب هذه الحالة في أعراض غير مريحة مثل الشعور بالألم وتهيج الجلد. عادةً لا تتحسن من تلقاء نفسها ولا تندمل بدون تدخل طبي، يُوصى بالجراحة في معظم الحالات لعلاج الناسور الشرجي بشكل فعال.
كيف يبدو شكل ناسور الشرج؟
يبدو الناسور الشرجي كثقب في الجلد بالقرب من منطقة الشرج، إن هذا الثقب هو جزء خارجي لنفق يمتد إلى الداخل وقد يتسرب منه إفرازات مثل الدم أو البراز خاصةً عند لمس الجلد المحيط به، وقد تغلق الفتحة الخارجية للنواسير القديمة بينما يظل باقي النفق موجود، مما يسبب الألم والتورم ريثما يعاد فتح الناسور للسماح بخروج الإفرازات.

تشخيص الناسور الشرجي
يعتمد تشخيص الناسور الشرجي على مجموعة من الفحوصات لتحديد مساره وامتداده بدقة. يبدأ الطبيب عادةً بالفحص البدني، حيث يقوم بفحص المنطقة الشرجية للكشف عن أي خراج أو قناة غير طبيعية تشير إلى وجود ناسور. في بعض الحالات قد تكون الفتحة الخارجية مغلقة مما يستدعي فحوصات إضافية لتحديد وجود الفتحة الداخلية داخل فتحة الشرج. إذا كان الفحص مؤلم للغاية بالنشبة للمريض، حينئذٍ يمكن إجراء تخدير الموضعي أو عام، وفي بعض الحالات داخل غرفة العمليات لضمان راحة المريض والحصول على تقييم دقيق ورسم خطة علاج الناسور الشرجي.
الفحوصات التشخيصية المتقدمة
- المنظار الشرجي أو منظار المستقيم: يُستخدم لمعاينة القناة الداخلية للناسور، حيث يوفر رؤية مباشرة لمكان الإصابة ومدى انتشارها.
- الموجات فوق الصوتية: تساعد في تحديد عمق الناسور وأبعاده بدقة، مما يسهل التخطيط للعلاج.
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): يُستخدم في حالات الناسور المعقدة، حيث يوفر صوراً عالية الدقة للمسار الكامل للناسور وعلاقته بالأنسجة المحيطة.
- الموجات فوق الصوتية بالمنظار: تُعد خياراً بديلاً للتصوير بالرنين المغناطيسي، حيث يتم إدخال مسبار مزود بكاميرا مضاءة داخل فتحة الشرج للحصول على صور تفصيلية.
- حقن بيروكسيد الهيدروجين: يتم حقنه في الفتحة الخارجية للناسور، مما يساعد على تحديد موقع العدوى حيث يتفاعل مع القيح ويُنتج رغوة تُظهر مسار القناة.
- تصوير الناسور بالأشعة السينية: يتم خلاله حقن صبغة خاصة داخل الناسور، مما يُبرز مساره بوضوح عبر الأشعة السينية.
قد يُوصى بإجراء تنظير القولون أو تنظير القولون السيني لفحص القولون والأمعاء في حال الاشتباه بوجود مرض كرون أو التهاب القولون التقرحي.
يعد تحديد مسار الناسور وامتداده خطوة أساسية لاختيار الخطة العلاجية المناسبة، حيث يُصنَّف بناءً على اتجاهه ومدى تأثيره على الأنسجة المحيطة، مما يساعد الطبيب في تحديد الإجراء العلاجي الأكثر فاعلية.
ما هو الفرق بين الناسور الشرجي والشق الشرجي
الشق الشرجي والناسور الشرجي حالتان مختلفتان تؤثران على منطقة الشرج، لكن لكل منهما أسباب وأعراض مميزة.
الشق الشرجي هو تمزق في بطانة فتحة الشرج يحدث غالباً بسبب الإمساك أو الإسهال أو مرض كرون ويتسبب في ألم شديد أثناء وبعد التبرز مع نزيف أو حكة وتورم. في المقابل، الناسور الشرجي هو نفق غير طبيعي بين فتحة الشرج والجلد المحيط بها، ينشأ عادةً عن عدوى في الغدد الشرجية، ويصاحبه ألم مستمر أو متقطع وخروج قيح وتورم واحمرار وحكة. إن العدوى تبقى مصدر قلق رئيسي وقد تستدعي العلاجات تدخلاً طبياً مثل علاج الناسور الشرجي بالاستئصال الجراحي أو استئصال العضلة العاصرة الداخلية الجانبية في حالات الشقوق الشرجية إلى جانب المضادات الحيوية والمراقبة الطبية المستمرة.

طرق علاج الناسور الشرجي
يعتمد علاج الناسور الشرجي على مدى تعقيده، حيث يتطلب معرفة دقيقة بالتشريح لضمان تصريف العدوى وعلاج الناسور دون التأثير على التحكم في العضلا. تتعدد الأساليب الجراحية والطبية لعلاج الناسور، حيث يختار الطبيب التقنية الأنسب لكل حالة وفقاً لطبيعة الناسور ومدى تأثيره على العضلات المحيطة. عادةً ما يتطلب علاج الناسور الشرجي إجراء عملية جراحية لأنها نادراً ما تلتئم إذا تُركت دون علاج.
الجراحة التقليدية لعلاج الناسور الشرجي
تُعد الجراحة الحل الأكثر شيوعاً لعلاج الناسور الشرجي، حيث يقوم الجراح بفتح الناسور جراحياً وتفريغه وتركه مفتوحاً للشفاء من الداخل إلى الخارج. تُجرى عملية الناسور غالباً لعلاج الناسور البسيط الذي لا يؤثر بشكل كبير على العضلات العاصرة الشرجية، وتُعد فعالة في حوالي 95% من الحالات. قد يكون هذا الخيار مناسباً فقط للناسور الذي لا يمر عبر الكثير من عضلات العاصرة الشرجية، وذلك لتقليل خطر سلس البراز.
استئصال الناسور الشرجي بالمنظار
يتضمن استخدام أداة تسمى المنظار، وهو أنبوب طويل ورفيع مزود بكاميرا في طرفه يتم إدخاله عبر فتحة الشرج لرؤية الناسور بوضوح. بعد تحديد المسار الدقيق للناسور، يتم استخدام أدوات صغيرة داخل المنظار لإجراء العملية. في بعض الحالات، يتم استخدام القطب الكهربائي أو تقنيات أخرى لإغلاق الناسور بشكل فعال.
تتميز هذه الطريقة لعلاج الناسور الشرجي بعدد من الفوائد:
- تقليل التدخل الجراحي: لأنها لا تتطلب شقوقًا كبيرة.
- ألم أقل بعد العملية: مما يؤدي إلى فترة تعافي أقصر.
- مخاطر أقل: أقل تعرضاً للعدوى أو المضاعفات التي قد تحدث في الجراحة التقليدية.
لكن، رغم فوائدها، فإن هذه التقنية قد تكون مناسبة فقط لبعض الحالات وقد لا تنجح في حالات الناسور المعقد أو تلك التي تمر عبر عضلات العاصرة بشكل كبير.
تقنية خيوط سيتون لعلاج الناسور الشرجي
عند وجود عدوى أو عندما يكون الناسور معقداً ويمر عبر نسبة كبيرة من عضلات العضلة العاصرة، يتم استخدام خيط جراحي يسمى “سيتون”، وهو خيط من الحرير أو اللاتكس يتم إدخاله في مسار الناسور ليسمح بتصريف العدوى تدريجياً. في بعض الحالات، يتم شد السيتون ببطء على مدى فترة زمنية طويلة لفتح مسار الناسور دون الإضرار بالعضلات مما يقلل من خطر سلس البراز. تستدعي بعض الحالات إبقاء السيتون في الناسور لعدة أسابيع لمساعدته على الشفاء قبل إجراء عملية جراحية أخرى لعلاج الناسور.
سديلة المستقيم لعلاج الناسور الشرجي
تُستخدم هذه التقنية لعلاج الناسور الذي يمتد عبر نسبة كبيرة من عضلات العضلة العاصرة، حيث يقوم الجراح باستئصال الفتحة الداخلية للناسور ثم تغطيتها بشريحة من الأنسجة السليمة المأخوذة من المستقيم. تساعد هذه الطريقة في تقليل الأضرار التي قد تصيب العضلات الشرجية، لكن فعاليتها تصل إلى حوالي 70% فقط، مع احتمالية تكرار العدوى في بعض الحالات.
إجراء LIFT (Ligation of Intersphincteric Fistula Tract)
تُستخدم هذه التقنية لعلاج الناسور المعقد الذي يمر بين عضلات العضلة العاصرة، حيث يقوم الجراح بربط منتصف مسار الناسور عند هذا المستوى لمنع استمراره. بعد ذلك يتم تصريف الفتحة الخارجية على نطاق واسع لضمان التئام الجرح بشكل صحيح. تتميز هذه الطريقة بكونها أقل خطورة على العضلات العاصرة، لكنها أقل فاعلية مقارنةً باستئصال الناسور، حيث تصل نسبة نجاحها إلى حوالي 75%. لقد حققت هذه التقنية بعض النتائج الواعدة منذ إدخالها حديثاً، لكن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد مدى نجاحها على المدى القصير والطويل.

غراء الفيبرين (Fibrin Glue) لعلاج الناسور الشرجي
يُعتبر غراء الفيبرين من العلاجات الأقل تدخلاً، حيث يتم تنظيف مسار الناسور ثم حقن الغراء داخله لإغلاقه. يتميز هذا الإجراء بأنه غير جراحي ولا يتطلب إزالة أي أنسجة، لكنه أقل فعالية مقارنةً بالجراحة، وقد تتكرر الإصابة بالناسور بعد العلاج. يُعتبر هذا الخيار مفيداً للناسور الذي يمر عبر عضلات العاصرة الشرجية لأنه لا يحتاج إلى قطع.
سدادة الناسور الشرجي (Anal Fistula Plug) لعلاج الناسور الشرجي
في هذه التقنية، يتم إدخال سدادة خاصة مصنوعة من مواد بيولوجية في مسار الناسور لإغلاقه وتعزيز التئام الأنسجة. تُعد هذه الطريقة أقل عدوانية من الجراحة التقليدية، لكنها تحتاج إلى متابعة دقيقة لضمان نجاحها.
علاج الناسور بالليزر
يُعد الليزر من أحدث التقنيات المستخدمة في علاج الناسور الشرجي، حيث يتم إدخال مسبار ليزر داخل مسار الناسور، مما يؤدي إلى إغلاقه وتعزيز التئام الأنسجة دون الحاجة إلى استئصال جزء من العضلات. يُعتبر الليزر خياراً مناسباً للحالات التي تحتاج إلى تدخل أقل ضرراً على العضلات الشرجية، لكنه لا يزال قيد الدراسة والتطوير.
الأدوية لعلاج الناسور الشرجي
في بعض الحالات، وخاصةً إذا كان الناسور مرتبطاً بأمراض التهابية مزمنة مثل مرض كرون، يمكن أن يلتئم باستخدام العلاج الدوائي دون الحاجة إلى الجراحة. يتم استخدام أدوية مثبطات المناعة مثل “إنفليكسيماب” للمساعدة في تقليل الالتهاب وتحفيز التئام الناسور. ومع ذلك لا يُعتبر هذا العلاج فعالاً في جميع الحالات، وعادةً ما يكون حلاً مؤقتاً قبل اللجوء إلى التدخل الجراحي.
مخاطر جراحة الناسور الشرجي
رغم أن الجراحة تُعد علاج الناسور الشرجي الأكثر فاعلية، إلا أنها قد تحمل بعض المخاطر مثل العدوى المتكررة التي قد تتطلب تناول المضادات الحيوية أو نكس الناسور خاصةً إذا لم يلتئم بشكل كامل، كما أن بعض المرضى قد يعانون من سلس البراز الجزئي إذا تأثرت عضلات العضلة العاصرة أثناء الجراحة. من الجدير بالذكر أن الجراحة عادةً ما تتم تحت التخدير العام ولا يتطلب العديد من المرضى البقاء في المستشفى طوال الليل بعد العملية لكن قد يحتاج البعض إلى فترة إقامة أطول. يُفضل دائماً اختيار جراح متمرس في هذا المجال لضمان أفضل النتائج وتقليل المضاعفات.
مضاعفات الناسور الشرجي إذا لم يُعالج
إذا لم يتم علاج الناسور الشرجي فإنه لن يشفى من تلقاء نفسه، مما قد يؤدي إلى مضاعفات طويلة الأمد، منها:
- استمرار الإنتان: قد يظل الناسور الناتج عن خراج أو عدوى نشطاً، مما يسمح باستمرار العدوى في المنطقة. في بعض الحالات قد يبدو أن العدوى قد اختفت لكنها تعود لاحقاً لتشكيل خراج جديد يسبب ألماً متجدداً. أحياناً قد يغلق الناسور مؤقتاً عند الفتحة الخارجية، لكنه يعاود الانفتاح نتيجة للعدوى المتكررة مما يؤدي إلى دورة مستمرة من الالتهاب والتصريف.
- امتداد الناسور: في حالات نادرة قد يتطور الناسور المزمن ويمتد في اتجاهات جديدة، مكوناً قنوات متفرعة وفتحات إضافية في الجلد مما يزيد من تعقيد الحالة ويجعل العلاج أكثر صعوبة.
- خطر الإصابة بالسرطان: في بعض الحالات الأقل شيوعاً قد يرتبط الناسور الشرجي المزمن والمستمر لسنوات طويلة بزيادة خطر الإصابة بسرطان الشرج. يُعتقد أن الالتهاب المزمن والتآكل المستمر في الأنسجة من العوامل التي قد تسهم في ذلك.
بسبب هذه المضاعفات المذكورة سابقاً، يُنصح بعلاج الناسور الشرجي في مراحله المبكرة لتجنب كل هذه المضاعفات المحتملة.
إذا كنت تشعر بأي أعراض تشير إلى وجود الناسور الشرجي، ننصحك بالتواصل مع أخصائيي مركز بيمارستان الطبي في تركيا. سيقوم فريقنا من الأطباء المتخصصين بتقديم التشخيص الدقيق والعلاج المناسب لك باستخدام أحدث الطرق الطبية. لا تتردد في حجز استشارتك معنا الآن للحصول على العناية التي تستحقها.
المصادر: