يُعد كسر إصبع اليد من الإصابات العظمية الشائعة التي قد يتعرض لها الإنسان في مختلف مراحل حياته، سواءً نتيجة حادث بسيط أو أثناء ممارسة الأنشطة الرياضية أو الأعمال اليدوية. ورغم أن الكسر قد يبدو إصابة بسيطة للوهلة الأولى، إلا أن إهمال معالجته أو سوء التشخيص قد يؤدي إلى مضاعفات تؤثر على وظيفة اليد بشكل دائم، بما في ذلك ضعف القدرة على الإمساك، الألم المزمن، وتيبس المفاصل.
تلعب أصابع اليد دوراً حيوياً في تنفيذ المهام اليومية الدقيقة، مثل الكتابة، تناول الطعام، والعمل على الأجهزة الإلكترونية. لذلك، فإن أي ضرر يصيب أحد هذه الأصابع، كالكسر في أحد العظام السلامية أو المفاصل بين العظام، قد يسبب إعاقة مؤقتة أو دائمة في الأداء الوظيفي لليد.
البنية التشريحية لعظام اليد
تتكوّن اليد البشرية من 27 عظمة تُقسَم إلى ثلاث مجموعات رئيسية: 8 عظام رسغية (Carpal bones) تُشكّل المعصم، 5 عظام مشطية (Metacarpal bones) تمتد من الرسغ إلى قاعدة الأصابع، و14 عظمة سلامية (Phalanges) تُكوّن بنية الأصابع. تحتوي كل إصبع من الأصابع الأربعة (السبابة، الوسطى، البنصر، الخنصر) على ثلاث سلاميات: السلامية القريبة، الوسطى، والبعيدة، في حين يتكون الإبهام من سلاميتين فقط (قريبة وبعيدة) نظرًا لاختلافه التشريحي والوظيفي.
تحدث كسور الأصابع عندما تتعرض إحدى هذه العظام أو مفاصلها لضغط ميكانيكي مفرط أو صدمة مباشرة، مثل السقوط، أو التعرض للضرب، أو خلال ممارسة الأنشطة الرياضية. يمكن أن يحدث الكسر في السلاميات نفسها أو في المفاصل التي تصل بينها، مثل المفصل السلامي القريب (PIP joint)، المفصل السلامي البعيد (DIP joint)، أو المفصل السلامي المشطي (MCP joint) الذي يربط السلامية القريبة بالعظم المشطي. حيث تُعد كسور أصابع اليد من أكثر الإصابات العظمية شيوعًا، خاصة بين الرياضيين من البالغين والمراهقين.

أنواع كسر إصبع اليد
تتضمن انواع شرخ اصبع اليد:
- الكسر الحلزوني: كسر يحدث بسبب قوة لولبية أو شدّ ملتوي على العظم، مما يؤدي إلى خط كسر حلزوني حول العظم. غالباً ما ينتج عن التواء الإصبع بعنف.
- الكسر الانقلاعي: كسر يحدث عندما ينفصل جزء صغير من العظم بسبب شدّ مفاجئ للوتر أو الرباط المتصل به. السبب ناجم عن إصابات رياضية (مثل الإمساك بكرة بقوة) أو السقوط
- الكسر المفصلي: كسر يمتد إلى سطح المفصل في الإصبع، مما قد يؤثر على حركته ويسبب التهاب المفصل لاحقاً. إما بسبب صدمات مباشرة (مثل ضرب الإصبع بشيء صلب) أو سقوط.
أسباب كسر إصبع اليد
تحدث معظم حالات كسر إصبع اليد نتيجة إصابة مباشرة أو رض خارجي عنيف، وغالباً ما تكون ناتجة عن حوادث شائعة في الحياة اليومية أو أثناء ممارسة الأنشطة الرياضية والمهنية. وتشير الدراسات إلى أن الأصابع تُعد من أكثر أجزاء اليد تعرضًا للإصابة نظرًا لوجودها في مقدمة اليد واستخدامها المستمر في التفاعل مع البيئة. تشمل أبرز الأسباب الرضّية المؤدية إلى كسر الإصبع ما يلي:
- التعرض لضربة مباشرة من جسم صلب أو سريع الحركة، مثل كرة بيسبول أو كرة سلة، خاصة عند الرياضيين.
- السقوط على اليد الممدودة ومحاولة امتصاص الصدمة عبر راحة اليد، ما يؤدي إلى انتقال القوة إلى الأصابع وانكسار أحدها.
- إغلاق الباب أو الدرج على الإصبع، وهي من أكثر الحوادث المنزلية شيوعًا، خصوصًا عند الأطفال.
- استخدام الأدوات اليدوية مثل المطرقة أو المنشار الكهربائي، والذي قد يُسبب إصابات عمل خطيرة في حال الاستخدام الخاطئ.
- التعرض لحوادث مرورية أو صدمات عنيفة تؤثر بشكل مباشر على اليد أو الإصبع.
تعتمد احتمالية حدوث الكسر على شدة الرض وقوة العظم في لحظة التأثير، لذا فإن بعض الحالات المرضية قد ترفع من خطر الإصابة بالكسر حتى عند التعرض لأذية بسيطة. ومن بين أبرز عوامل الخطورة المؤهبة:
- هشاشة العظام (Osteoporosis): وهي حالة شائعة لدى كبار السن، تؤدي إلى ضعف البنية العظمية وقابلية العظام للكسر بسهولة، حتى دون إصابات عنيفة.
- نقص الكالسيوم أو سوء التغذية: يُضعف من كثافة العظام ويجعلها أكثر هشاشة وقابلة للكسر.
- وجود أورام عظمية أو آفات ورمية منتشرة تؤثر على بنية العظم وتُضعف تحمّله للضغط.
- نقص المناعة أو تناول أدوية مثبطة للمناعة، مما قد يؤثر في قدرة الجسم على الترميم ويزيد خطر حدوث مضاعفات بعد الإصابة.
أعراض كسر إصبع اليد
تتفاوت الأعراض السريرية لكسر إصبع اليد حسب موقع الكسر، نوعه (كسر بسيط، شعري، مفتوح، مشوّه، انقلاعي)، وشدة الأذية. إلا أن هناك مجموعة من العلامات الشائعة التي تظهر غالباً بعد الإصابة مباشرة وتشير إلى احتمال وجود كسر، وتتطلب تقييمًا طبيًا فوريًا.
أشيع الأعراض هو الألم الحاد والمفاجئ الذي يحدث مباشرة بعد الرض أو الصدمة، وقد يتراوح هذا الألم بين خفيف محتمل إلى شديد يمنع المريض من استخدام اليد المصابة. وتجدر الإشارة إلى أن القدرة على تحريك الإصبع لا تنفي وجود كسر، إذ يمكن في بعض الحالات البسيطة أو الكُسور الشعريّة أن يبقى مدى الحركة موجودًا لكن مصحوبًا بألم واضح. تشمل الأعراض الأخرى المرافقة لكسر الإصبع ما يلي:
- تورم موضعي في منطقة الكسر نتيجة الالتهاب الموضعي والنزف الداخلي.
- كدمات وتغير في اللون (ازرقاق أو احمرار)، خاصة خلال أول 24-72 ساعة.
- حساسية شديدة للمس في مكان الإصابة.
- تشوه في الشكل الطبيعي للإصبع، قد يظهر الإصبع ملتويًا أو خارج محور الحركة الطبيعي.
- تغير لون الظفر أو ظهور بقع نزفية تحته، مما يشير إلى رض أو كسر في السلامية الطرفية.
- خدر أو تنميل ناتج عن ضغط أو إصابة في الأعصاب المجاورة لموقع الكسر.
- تحديد في مدى حركة المفصل وصعوبة في ثني الإصبع أو بسطه.
في حالات الكسر المفتوح، حيث تخترق العظمة الجلد، يظهر الجرح المفتوح ويكون مصحوبًا بخطر مرتفع للعدوى، وتتطلب هذه الحالة تدخلاً طبيًا عاجلاً.
من المهم التوجه إلى أقرب مركز طبي عند الاشتباه بكسر إصبع اليد، حتى في حال كانت الأعراض خفيفة أو محتملة. بدء المعالجة في مرحلة مبكرة يزيد من فرص الشفاء الكامل، ويُجنّب المريض المضاعفات مثل تشوّه الإصبع، ضعف القبضة، أو تيبّس المفصل.

تشخيص كسر إصبع اليد
يتم تقسيم تشخيص كسور أصابع اليد إلى عدة مراحل:
الفحص السريري
يعتمد تشخيص كسر إصبع اليد أو الإبهام على التقييم السريري الدقيق إلى جانب الفحوصات الشعاعية اللازمة. يبدأ الطبيب بأخذ القصة السريرية، حيث يستفسر عن تفاصيل الحادث أو آلية الإصابة، مثل السقوط على اليد أو التعرض لضربة مباشرة، بالإضافة إلى الأعراض التي يشكو منها المريض، كالألم، التورم، أو ضعف القدرة على تحريك الإصبع. بعد ذلك، يقوم الطبيب بإجراء فحص سريري للمنطقة المصابة، مع التركيز على تحديد وجود تشوه واضح في شكل الإصبع، مثل الانحراف أو القصر مقارنة ببقية الأصابع، أو التداخل بين الأصابع عند فتح اليد، وهو ما قد يشير إلى انحراف أو دوران غير طبيعي في المحور العظمي. كما يُلاحظ الطبيب وجود أي كدمات أو تورم موضعي أو حساسية للمس في مكان الإصابة، وقد يُجري فحصاً أوسع يشمل الرسغ أو المرفق في حال وجود احتمال لكسور متزامنة في الذراع نتيجة إصابة شديدة.
التصوير الشعاعي
بعد الانتهاء من الفحص السريري، يُطلب تصوير شعاعي بالأشعة السينية لتأكيد وجود الكسر وتحديد نوعه وموقعه بدقة. يساعد التصوير على كشف الكسر وتقييم مدى الانزياح أو التشظي في العظم، وكذلك التحقق من مدى اقتراب الكسر من المفاصل بين السلاميات أو المفاصل السلامية المشطية. عادةً تُجرى الأشعة السينية في زوايا متعددة مثل العرض الأمامي-الخلفي، الجانبي، والمائل للحصول على رؤية شاملة للبنية العظمية. وفي بعض الحالات التي يكون فيها الكسر غير واضح أو معقدًا، أو في حال الاشتباه بإصابة مفصلية دقيقة، قد يُطلب التصوير المقطعي المحوسب (CT) للحصول على تقييم أكثر دقة. وتكمن أهمية هذه الخطوات في التفريق بين الكسر وغيره من الإصابات مثل الالتواءات أو الخلوع، التي قد تتشابه سريريًا، لكنها تتطلب أساليب علاجية مختلفة.

علاج كسر إصبع اليد
يعتمد علاج كسر إصبع اليد أو الإبهام على نوع الكسر وموقعه، بالإضافة إلى مدى استقراره ووجود انزياح في القطع العظمية. تُقسم الخطة العلاجية إلى نهجين رئيسيين: العلاج المحافظ (غير الجراحي) والعلاج الجراحي، ويُحدّد الخيار الأنسب بناءً على التقييم السريري والتصوير الشعاعي الدقيق.
العلاج المحافظ
علاج كسر إصبع اليد يبدأ بتخفيف الألم باستخدام مسكنات الألم لتقليل حدة الألم الناتج عن الإصابة. في حال كان الكسر من النوع المتبدل (غير المستقر)، يقوم الطبيب المختص تحت التخدير الموضعي برد العظام إلى مكانها الصحيح لضمان التئامها بشكل سليم. أما في حالة الكسر غير المتبدل (المستقر)، أو بعد إجراء رد الكسر المتبدل، يتم وضع جبيرة على الإصبع المكسور للمساعدة في الحفاظ على استقامته وضمان ثباته أثناء فترة الشفاء. من المهم أيضًا توفير الراحة لليد المصابة، مثل الاعتماد على اليد غير المصابة لأداء الأنشطة اليومية لتقليل الضغط على الإصبع المكسور. مع مرور الوقت، يقوم الطبيب بإجراء صور شعاعية دورية لتقييم تقدم الشفاء والتأكد من التئام الكسر بالشكل الصحيح. بعد شفاء الكسر، يتابع المصاب مع أخصائي العلاج الطبيعي، حيث يتم تقديم تمارين تهدف إلى استعادة الحركة الطبيعية للإصبع بعد فترة طويلة من عدم تحريكه، مما يساعد في تجنب التيبس واستعادة وظيفة الإصبع بشكل كامل.
المعالجة الجراحية
يحتاج المرضى إلى جراحة لليد في بعض الحالات التي لا يمكن علاجها بالطرق التقليدية. من بين هذه الحالات فشل الرد والتثبيت للكسر المتبدل، بالإضافة إلى الأذية التي قد تصيب الأربطة والأوتار العضلية. كما تشمل الحاجة للجراحة الكسور المتعددة في اليد أو الأذيات التي تصيب المفاصل بين السلاميات (مثل المفصل القاصي والداني أو المفصل المشطي السلامي)، حيث إن هذه الأذيات قد تؤدي إلى مشاكل طويلة الأمد مثل حدوث الفصال العظمي في مفصل اليد.
في عملية جراحة كسر إصبع اليد، يتم استخدام التخدير الموضعي لتقليل الألم أثناء الإجراء. يبدأ الطبيب بفتح الجلد للوصول إلى العظم المكسور، ثم يقوم بإعادة الجزء المكسور من الإصبع إلى موقعه الأصلي. بعد ذلك، يتم تثبيت العظام باستخدام الصفائح المعدنية أو الأسياخ أو البراغي. بعد انتهاء العملية، يتم ارتداء جبيرة أو جبس لتثبيت الإصبع والعظام لمدة تتراوح بين 4 إلى 6 أسابيع. في النهاية، تُزال الصفائح أو البراغي أو الأسياخ عندما يكتمل الشفاء، وفي بعض الحالات قد تُترك هذه الأجهزة مدى الحياة إذا لم تسبب أي مشاكل غير مرغوب فيها حسب رأي الطبيب المعالج.
في الختام، يُعد كسر إصبع اليد من الإصابات الشائعة التي تتطلب تشخيصاً دقيقاً وتدبيراً سريعاً لتجنب المضاعفات طويلة الأمد، خاصة أنه يؤثر بشكل مباشر على القدرة على أداء المهام اليومية الدقيقة. وبالرغم من أن التشخيص عادةً ما يتم من خلال صورة شعاعية بسيطة لليد، إلا أن خطة العلاج قد تتفاوت ما بين العلاج المحافظ عبر ردّ الكسر وتثبيته بالجبيرة، أو التدخل الجراحي باستخدام الصفائح والمسامير الدقيقة لضمان استقرار الكسر وعودة الإصبع إلى وظيفته الطبيعية.
في هذا السياق، يلعب مشفى بيماريستان الطبي في تركيا دوراً رائداً في علاج مثل هذه الإصابات، حيث يتميز بكادر طبي عالي الكفاءة في جراحة اليد والعظام، مدعوم بأحدث التقنيات التشخيصية والعلاجية. ويحرص المشفى على تقديم رعاية صحية متكاملة بدءاً من التشخيص الدقيق، مروراً بالإجراءات العلاجية الآمنة، وصولاً إلى برامج التأهيل الفيزيائي الفعالة التي تضمن للمريض استعادة وظائف اليد بشكل كامل. إن الجودة العالية للخدمات والإجراءات في مشفى بيماريستان تجعله من الوجهات الطبية الموثوقة لعلاج كسور الأصابع في تركيا
المصادر التي استُعين بها في كتابة المقال:
- A Patient’s Guide to Adult Finger Fractures. Orthopod.
- Finger fractures: discharge advice. NHS Foundation Trust.
- Finger Fractures. Merivale Hand Clinic.
- Finger Frecture, The Sports Medicine Patient Advisor.