التهاب غضروف الضلع هو حالة تتمثل في التهاب الغضاريف التي تربط الأضلاع بعظم القص في الصدر، مما يؤدي إلى شعور بألم في منطقة الصدر. ورغم أن هذا الألم قد يكون مقلقًا، خصوصًا إذا كان في نفس الجهة التي يوجد فيها القلب، إلا أن التهاب غضروف الضلع ليس مؤشرًا على نوبة قلبية ولا يسبب عادةً أي مضاعفات خطيرة. يُصيب هذا الالتهاب غالبًا الأضلاع العليا من الجهة اليسرى من الجسم، وقد يكون الألم أكثر وضوحًا في النقطة التي يلتقي فيها الغضروف مع عظم القص، ولكنه قد يظهر أيضًا في المناطق التي يرتبط فيها الغضروف بالضلوع. وبالرغم من أنه قد يسبب ألمًا حادًا خاصة عند التنفس أو التحرك، إلا أن هذا الالتهاب غالبًا ما يتحسن من تلقاء نفسه مع مرور الوقت.
التهاب الغضروف الضلعي: تعريفه، أسبابه وأعراضه
التهاب الغضروف الضلعي أو ما يُعرف بالـ Costochondritis هو حالة التهابية تؤثر على الغضاريف التي تربط الأضلاع بعظم القص (عظم منتصف الصدر). يؤدي هذا الالتهاب إلى حدوث ألم صدري، ويصبح هذا الألم أكثر وضوحًا خاصة عند الحركة أو التنفس العميق، حيث يشكو المرضى من شعور حاد أو مستمر في منطقة الصدر.
يحدث التهاب غضاريف الأضلاع بشكل شائع في الأضلاع العلوية على الجانب الأيسر من الجسم. وعادة ما يكون الألم أكثر حدة في المكان الذي يتصل فيه غضروف الضلع بعظم القص، والذي يعرف بالمفصل الضلعي القصي. بالإضافة إلى ذلك، قد يشعر المرضى بالألم أيضًا في المنطقة التي يلتقي فيها الغضروف بالضلع، مما يزيد من تعقيد التشخيص في بعض الحالات.
يعد التهاب غضروف الأضلاع من أكثر الأسباب شيوعًا لألم الصدر، حيث قد يُخدع المريض ويظن أن الألم مرتبط بمشاكل قلبية مثل النوبة القلبية. هذا التشابه في مكان الألم ونمط بدايته يساهم في زيادة القلق لدى المرضى، لكن من المهم أن نعلم أن التهاب الغضروف الضلعي ليس مرتبطًا بالقلب ولا يشير إلى حالة طبية خطيرة من هذا النوع، حيث أن المشاكل التي تسبب النوبات القلبية لا تسبب التهاب غضروف الضلع.
على الرغم من أن التهاب الغضروف الضلعي يمكن أن يصيب أي شخص، إلا أنه أكثر شيوعًا في بعض الفئات مثل النساء فوق سن الأربعين والرياضيين الذين يمارسون الأنشطة الرياضية التي تتطلب احتكاكًا جسديًا. في معظم الحالات، يتحسن التهاب غضروف الضلوع تلقائيًا خلال عدة أسابيع أو أشهر دون الحاجة إلى علاج. ومع ذلك، قد تتطلب بعض الحالات تدخلًا طبيًا للتخفيف من الألم أو لمعالجة الالتهاب بشكل أكثر فاعلية.
بالنظر إلى أن التهاب الغضروف الضلعي غالبًا ما يزول من تلقاء نفسه، إلا أن المراقبة الطبية مهمة لضمان التشخيص الصحيح واستبعاد الأسباب الأخرى للألم الصدري.

أسباب التهاب الغضروف الضلعي؟
رغم أن السبب الدقيق لالتهاب الغضروف الضلعي لا يزال غير معروف في كثير من الحالات، إلا أن الأبحاث تشير إلى وجود مجموعة من العوامل التي قد تساهم في حدوث هذا الالتهاب، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. تشمل العوامل التي قد تساهم في تطور التهاب الغضروف الضلعي:
- الرضوض أو الإصابات المباشرة للصدر: مثل تلك التي تحدث نتيجة حوادث السيارات أو السقوط أو كسر في الضلوع، والتي تؤثر بشكل مباشر على مفاصل الأضلاع والغضاريف الصدرية.
- الإجهاد البدني المتكرر: الأنشطة التي تتطلب حركات متكررة للجزء العلوي من الجسم، مثل رفع الأثقال، ممارسة الرياضات العنيفة، أو حتى المهام المنزلية المجهدة، يمكن أن تسبب ضغطًا مستمرًا على المفاصل الضلعية.
- الالتهابات: بعض حالات العدوى، خصوصًا بعد الجراحات الصدرية أو في سياق أمراض تنفسية كالتدرن الرئوي (السل) أو العدوى الفيروسية، قد تُسبب التهابًا في الغضاريف الضلعية.
- أمراض المفاصل المزمنة: مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، أو هشاشة العظام (الفصال العظمي)، والتي تؤثر على المفاصل وتزيد من قابلية الالتهاب في مناطق مثل المفصل الضلعي القصي.
- السعال أو الإقياء الشديد والمستمر: حيث تؤدي هذه الحركات المفاجئة والمتكررة إلى شد العضلات وتهيج المفاصل الصدرية.
- أسباب نادرة أخرى: قد يترافق التهاب الغضروف الضلعي في بعض الحالات مع حالات جهازية مثل الفيبروميالغيا (Fibromyalgia)، أو خلل في المفاصل الخلفية (الفقرات الصدرية).
أعراض التهاب الغضروف الضلعي
تُعد الأعراض السريرية لالتهاب الغضروف الضلعي محط اهتمام رئيسي في تشخيص الحالة، نظرًا لتشابهها مع أعراض أمراض القلب والصدر الأخرى، مما قد يثير القلق لدى المريض. وأكثر هذه الأعراض شيوعًا هو الألم الصدري، والذي يختلف في شدته وطبيعته، ويتأثر بشكل واضح بالحركة أو الضغط على جدار الصدر. وفيما يلي أهم الأعراض المرتبطة بهذه الحالة:
- الألم الصدري: يظهر الألم عادةً في الجزء الأمامي من الصدر، وغالبًا ما يكون متمركزًا على الجانب الأيسر من عظم القص. قد يمتد الألم ليشمل الظهر، البطن، الكتفين أو الذراعين، ويوصف بأنه حاد، ضاغط، أو طاعن. من الشائع أن يصيب أكثر من ضلع في الوقت ذاته.
- زيادة الألم عند الحركة: يزداد الألم عند تحريك الجزء العلوي من الجسم أو جدار الصدر، ويصبح أكثر وضوحًا عند الاستلقاء، خاصة على الجانب المصاب. كما يظهر ما يُعرف بـ”المضض الموضعي”، أي الشعور بألم عند الضغط على مفاصل الأضلاع المرتبطة بعظم القص.
- تفاقم الألم مع أنشطة معينة: أبرز المحفزات التي تزيد شدة الألم تتضمن التنفس العميق أو القوي، السعال، العطاس، أو التقيؤ. أيضًا، قد تتسبب الحركات اليومية مثل التواء الجذع، الوصول إلى الأشياء المرتفعة، ممارسة الرياضة، أو حتى عناق شخص ما في تفاقم الأعراض، بسبب شد عضلات وجدار الصدر.
تشخيص التهاب الغضروف الضلعي
لا يوجد اختبار محدد أو فحص يمكنه تشخيص التهاب غضروف الضلعي بشكل مباشر. عادةً ما يكون التشخيص تشخيصًا استبعاديًا، أي أن الطبيب يبدأ بالبحث عن أسباب أخرى للألم قبل الوصول إلى هذا التشخيص. في البداية، يتم استبعاد الحالات الأكثر خطورة التي قد تكون سببًا للألم الصدري، مثل النوبة القلبية، حيث يُستخدم تخطيط القلب الكهربائي (ECG) لتقييم النشاط الكهربائي للقلب. كما يمكن إجراء صورة الصدر البسيطة (X-Ray) لاستبعاد وجود مشاكل مثل الريح الصدرية أو كسور في الأضلاع.
ثم يقوم الطبيب بإجراء فحص بدني شامل للمريض لتحديد شدة الألم وموقعه، وقد يُجري بعض الحركات التي تشمل تحريك القفص الصدري أو الذراعين بطرق معينة لتأجيج الأعراض، بالإضافة إلى فحص الجذع للتحقق من وجود أي علامات لرضوض أو إصابات سابقة.
على الرغم من أنه لا يوجد فحص تصويري محدد لتشخيص التهاب غضروف الضلعي، إلا أن بعض الفحوصات التصويرية قد تُجرى لاستبعاد الأسباب الأخرى المحتملة للألم. تشمل هذه الفحوصات التصوير المقطعي المحوسب (CT)، والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، والتصوير بالأمواج فوق الصوتية.
وفي بعض الحالات، قد يُطلب فحص دم للتحقق من وجود عدوى أو مشاكل صحية أخرى قد تُسبب الأعراض.
علاج التهاب الغضروف الضلعي
تعد معظم حالات التهاب الغضروف الضلعي قابلة للتحسن مع مرور الوقت، حيث يمكن أن يستعيد القفص الصدري وظيفته تدريجيًا من خلال الراحة وتوفير الوقت الكافي للمفاصل الضلعية الغضروفية الملتهبة للشفاء. تتنوع خيارات العلاج وفقًا لدرجة الأعراض وحالة المريض، وتشمل العلاج المنزلي، الدوائي، الطبيعي، والجراحي (وهو نادر).
العلاج المنزلي
يُعتبر العلاج المنزلي من الخيارات الأساسية والفعالة في التعامل مع التهاب الغضروف الضلعي، ويشمل:
- الراحة: منح القفص الصدري الوقت الكافي للشفاء وتجنب الأنشطة التي قد تُفاقم الأعراض.
- الكمادات الساخنة أو الباردة: تساعد في تقليل الألم والتورم.
- مسكنات الألم: مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) مثل الإيبوبروفين، وهي أدوية متاحة دون وصفة طبية وتعمل على تخفيف الألم والالتهاب.
- تجنب الأنشطة المحفزة للألم: مثل الرياضات التي تتطلب احتكاكًا جسديًا أو الحركات التي تزيد الأعراض سوءًا.
العلاج الدوائي
قد يتطلب العلاج في بعض الحالات أدوية للتخفيف من الالتهاب والألم المستمر. تشمل الأدوية المستخدمة في علاج التهاب الغضروف الضلعي ما يلي:
- حقن الستيروئيدات القشرية: يتم استخدامها في حالات الألم المزمن والمستمر، حيث يُحقن الدواء مباشرة في منطقة الألم إذا لم تستجب الأعراض للعلاج الأولي.
- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات: مثل أميتريبتيلين، والتي تُستخدم بشكل خاص لعلاج الألم المزمن المترافق مع اضطرابات النوم.
- الأدوية المضادة للنوبات: مثل غابابنتين، وهي أدوية تُستخدم للتحكم في الألم المزمن، خاصة في الحالات التي لا تستجيب للعلاجات التقليدية.
- المضادات الحيوية: في حالات التهاب الغضروف الضلعي الناتج عن عدوى بكتيرية أو فطرية، قد يُوصف العلاج بالمضادات الحيوية الوريدية، مع استمرار العلاج الفموي لمدة تتراوح بين 2 إلى 3 أسابيع.
العلاج الطبيعي (الفيزيائي)
تعد العلاجات الفيزيائية جزءًا مهمًا في علاج التهاب الغضروف الضلعي، وتساعد في تخفيف الألم وتحسين مرونة العضلات. من أبرز العلاجات الفيزيائية:
- تمارين التمدد: تساعد هذه التمارين على تقوية عضلات الصدر وزيادة مرونتها، مما يساهم في تخفيف الألم وتحسين الحركة.
- تحفيز العصب الكهربائي عبر الجلد (TENS): جهاز يرسل تيارًا كهربائيًا ضعيفًا عبر رقع لاصقة توضع على الجلد بالقرب من منطقة الألم. يعمل التيار الكهربائي على تقليل إشارات الألم أو إخفائها، مما يحد من وصولها إلى الدماغ.
العلاج الجراحي
في الحالات النادرة التي لا تستجيب للعلاجات الأخرى، قد يتم اللجوء إلى العلاج الجراحي. يشمل هذا الإجراء إزالة الغضروف الملتهب جراحيًا إذا استمر الألم بشكل مزمن وأثر على جودة الحياة بشكل كبير.
الوقاية من التهاب الغضروف الضلعي
يعد التهاب غضروف الضلعي حالة يصعب الوقاية منها بشكل كامل، وذلك بسبب عدم وضوح الأسباب الدقيقة التي تؤدي إلى حدوثه. حيث يعتقد الخبراء أن هذه الحالة قد تنجم عن تراكم الصدمات الدقيقة أو الإجهاد المستمر على الأضلاع أو الغضاريف الصدرية، مما يسبب التهابات متكررة في المنطقة. وبالتالي، ليس من الممكن تجنبها تمامًا في جميع الحالات، لكن هناك بعض الإجراءات التي يمكن أن تُقلل من خطر الإصابة بهذه الحالة أو تخفف من حدتها. بعض الإجراءات الوقائية لتقليل خطر التهاب غضروف الضلعي:
- تجنب وضع ضغط كبير على الصدر والأضلاع: يعتبر الضغط المتكرر أو المفاجئ على الصدر والأضلاع أحد العوامل الرئيسية التي قد تسهم في حدوث التهاب الغضروف الضلعي. لذلك، من المهم تجنب الأنشطة التي تتطلب جهدًا بدنيًا قاسيًا على منطقة الصدر دون إعطاء الجسم فترات كافية من الراحة.
- الراحة بعد الأنشطة البدنية المكثفة: من المهم منح الجسم وقتًا للتعافي بعد الأنشطة الشاقة لتقليل الضغط على الغضاريف.
- تجنب الأنشطة التي تسبب ألمًا في الصدر.
- ممارسة تمارين التمدد بانتظام: تساعد تمارين التمدد في تحسين مرونة عضلات الصدر وتقليل إجهاد الأضلاع.
في الختام، يُعتبر التهاب الغضروف الضلعي من الحالات التي قد تُسبب ألمًا شديدًا في الصدر، وقد تكون مصدر قلق كبير للمرضى في حال لم يتم تشخيصها وعلاجها بشكل مناسب. ورغم أن أسباب هذه الحالة غير واضحة في كثير من الأحيان، إلا أن اتباع النصائح الوقائية يمكن أن يُقلل من خطر الإصابة ويخفف من الأعراض.
إذا كنت تعاني من أعراض مشابهة أو تم تشخيصك بالتهاب غضروف الضلعي، فإن مشفى بيماريستان في تركيا يعد من المؤسسات الطبية الرائدة التي تتمتع بقدرة عالية على تشخيص وعلاج هذا المرض بفعالية. بفضل الفريق الطبي المتخصص واستخدام أحدث التقنيات العلاجية، يضمن مشفى بيماريستان تقديم رعاية شاملة للمرضى، سواء من خلال العلاجات الدوائية، العلاج الطبيعي أو حتى التدخل الجراحي. إذا كنت تبحث عن أفضل رعاية طبية متخصصة، فإن مشفى بيماريستان هو الخيار الأمثل للحصول على العلاج المناسب والعودة إلى حياة صحية خالية من الألم.
المصادر التي استُعين بها في كتابة المقال:
- Costochondritis (rib pain). NHS Foundation Trust
- Costochondritis. REHAB My Patient
- Managing chest pain caused by inflamed joints in your rib cage (costochondritis). NHS Trust
- COSTOCHONDRITIS. NORTHWEST ARKANSAS PEDIATRICS
- Costochondritis – MayoClinic