تتمتع الجراحة اليوم بمكانة بارزة ضمن التخصصات الطبية، حيث تُعد عملية استئصال المبيض من الإجراءات الجراحية بالغة الأهمية في مجال طب النساء والتوليد. يُجرى هذا التدخل الجراحي لأغراض متعددة منها العلاجية والوقائية، حيث يتضمن الاستئصال الجزئي أو الكلي للمبيضين، ويُمثل هذا الإجراء خياراً علاجياً هاماً في الحالات المرضية المعقدة، كما يلعب دوراً مهماً في السيطرة على الأعراض المزمنة مثل الآلام الحوضية أو النزيف الناتج عن المشكلات المبيضية. وقد شهدت التقنيات الجراحية تطوراً ملحوظاً مع انتشار الجراحة التنظيرية، حيث أسهم تبني هذه التقنيات إلى خفض المضاعفات المحتملة، مما انعكس إيجاباً على النتائج السريرية وجودة الحياة للمريضات اللاتي يتطلبن هذا النوع من التدخلات العلاجية.
كما تعتبر تركيا اليوم من الدول الرائدة في تبني التقنيات الجراحية الحديثة، حيث توفر بنية تحتية طبية متطورة وكوادر طبية على مستوى عالٍ من الكفاءة والخبرة. يجمع هذا النوع من العمليات بين الدقة العالية والحد الأدنى من التدخل الجراحي، مما يقلل من المضاعفات ويسرع من عملية التعافي.
ما هو المبيض؟
تُعتبر المبايض جزءاً من الجهاز التناسلي الأنثوي، الذي يشمل أيضاً قناتي فالوب والرحم والمهبل والفرج، تقع المبايض على جانبي الرحم في الحوض وهي عبارة عن غدد بيضاوية صغيرة الحجم.
يلعب المبيض دوراً رئيسياً في بلوغ الأنثى، حيث يُعتبر المركز الأساسي لإنتاج البويضات والهرمونات الجنسية مثل الإستروجين والبروجسترون اللذان لهما تأثير ومباشرعلى تنظيم الدورة الشهرية وتطوير الصفات الأنثوية الثانوية والحفاظ على صحة العظام والقلب والجلد ويُعتبر غياب كلا المبيضين سواءاً بسبب استئصال جراحي أوالفشل الوظيفي سبباً أساسياً للعقم، مع تقدم المرأة في العمر واقترابها من سن اليأس يقل إنتاج المبيضين لهذه الهرمونات تدريجياً، يؤدي هذا الانخفاض إلى توقف الدورة الشهرية بشكل كامل، خلال هذه الفترة يحدث تغير هرموني كبير يؤثر على العديد من وظائف الجسم.
ما هي أسباب عملية استئصال المبيض؟
يلجئ الأطباء لعملية استئصال المبيض لأسباب عديدة، نذكر منها ما يلي:
- الأورام: وهي من أشيع الأسباب التي يتم اللجوء فيها لعملية استئصال المبيض سواءاً كانت خبيثة أوحميدة تحمل خطراً على صحة المريضة.
- تكيس المبيض (PCOS): في حال كان هناك تكيسات كبيرة الحجم قد تسبب مضاعفات للمريضة مثل النزف والألم فعندها يتم اللجوء لعملية استئصال المبيض المصاب.
- الوقاية: يتم اللجوء عملية استئصال المبيض بغرض الوقاية من السرطان لدى بعض النساء اللواتي يحملن جينات وراثية مثل BRCA1 و BRCA2.
- الانتباذ البطني الرحمي الحاد: قد يكون الاستئصال ضرورياً في بعض الحالات الشديدة التي لا تستجيب للعلاجات الأخرى مثل الأدوية أوالجراحة المحافظة، يعتمد القرار على مدى انتشار المرض وشدة الأعراض والخصوبة.
- التواء المبيض: قد تكون عملية استئصال المبيض ضرورياً لمنع المضاعفات مثل العدوى أو النخر خاصةً في الحالات الشديدة.
- التهاب المبيض: حالة نادرة ولكنها قد تكون خطيرة، قد يكون الاستئصال ضرورياً لمنع المضاعفات مثل انتشار العدوى أو تجرثم الدم في الحالات الشديدة التي تسبب تلف دائم للمبيض أوتُكَّون خراجات كبيرة أوالتي لا تستجيب للعلاج.
هناك بعض الحالات الطبية النادرة التي قد تستدعي إزالة المبيض، مثل بعض أنواع العدوى أوالمضاعفات الجراحية.
ماهي طرق الجراحة استئصال المبيض؟
لعملية استئصال المبيض عدة طرق وكل طريقة لها مزاياها وعيوبها ويتم اختيار الطريقة بناءاً على الحالة الصحية للمريضة وحجم المبيض وسبب الجراحة ووجود أمراض أخرى بالبطن أوالحوض وتجهيزات المستشفى ونذكر من الأنواع ما يلي:
عملية استئصال المبيض عن طريق الجراحة التنظيرية
هنا يقوم الجراح باستئصال المبيض عن طريق إدخال المنظار عبر شق صغير مُستخدماً أدوات جراحية خاصة يتم إدخالها عبر عدة شقوق لإزالة المبيض دون الحاجة إلى فتح البطن بالكامل.
من مزايا هذه الطريقة صغر حجم الجرح مما يقلل خطر المضاعفات اللاحقة للجراحة كما يقلل من الألم وتكون فترة التعافي أسرع وتكون الندبات صغيرة، لكن إجراء هذه العملية تتطلب مستوى عالي من الخبرة الجراحية، وقد تكون غير مناسبة في حالة وجود أورام خبيثة أوكبيرة أوحالات التصاقات شديدة داخل البطن تجعل الرؤية والمعالجة أمراً صعباً.

عملية استئصال المبيض عن طريق الجراحة المفتوحة
هي الطريقة الشائعة ويتم فيها شق جرح كبير في البطن عند السرة الذي يسمح للجراح من الوصول للمبيض والأعضاء المحيطة.
تتميز هذه الطريقة أنها تعطي الجراح إمكانية رؤية واسعة وشاملة مما يسهل الأمر عليه في التعامل مع المضاعفات الخطرة أثناء العملية مثل دخول المريض بصدمة نزفية أوصدمة إنتانية، لكن تتطلب هذه الطريقة فترة تعافي أكبر والمريض معرض بشكل أكبرمن الجراحة التنظيرية للعدوى وتكون الندوب الجراحية أكبر.
عملية استئصال المبيض عبر المهبل
عادة ما تستخدم هذه الطريقة بالتزامن مع استئصال الرحم لكن ليس بالضرورة أن نستأصل الرحم بفضل تقنية الجراحة التنظيرية عبر فتحة المهبل (vNOTES).
تتميز هذه التقنية بعدد الجروح القليلة مما يعني ألم أقل و ندوب صفيرة بعد الجراحة كما أن مدة التعافي أسرع وخطر الإصابة بالعدوى أقل، لكن تحتاج هذه التقنية إلى خبرة عالية جداً من الجراح كما تعتمد على الحالة التشريحية للمريضة و مدى ملاءمة الاجراء.

كيف يتم الاستعداد لعملية استئصال المبيض؟
على المريضة الاستعداد والتحضير بشكل جيد قبل الخضوع للعملية للتقليل من المخاطر وتحقيق أفضل نتيجة ممكنة فيما يلي خطوات توضح أهم الأشياء التي يجب القيام بها قبل الجراحة:
- الفحص الطبي الشامل: حيث يجرى فحوصات دم مثل قياس مستويات بروتين CA-125 وفحوصات تصويرية لتحديد موقع المشكلة وتقييم صحة المبيض والعوامل المحيطة به وتقييم أي أمراض مصاحبة.
- تناول الأدوية: قبل الخضوع لعملية استئصال المبيض، قد يصف الطبيب بعض الأدوية على سبيل المثال قد يصف المضادات الحيوية للوقاية من العدوى وقد يُطلب من المريضة التوقف عن تناول بعض الأدوية مثل مضادات التخثر لتقليل خطر النزيف أثناء الجراحة.
- ممارسة الرياضة: تساعد ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم عفي التحضير للعملية كما يساعد على التعافي ولكن يجب استشارة الطبيب قبل أداء التمارين.
- الصحة النفسية: للعامل النفسي دور هام في التحضير للجراحة لذلك بنصح بتواجد الأهل والأصدقاء للحصول على الدعم النفسي المطلوب.
كما أن الإقلاع عن التدخين والحفاظ على الوزن صحي يقلل من مخاطر المضاعفات.
ما هي مضاعفات عملية استئصال المبيض؟
أن عملية استئصال المبيض قد تسبب مضاعفات، يعتمد ظهور المضاعفات على نوع الجراحة والحالة الصحية العامة للمريضة وطريقة الاستئصال المستخدمة ونذكر أبرز المضاعفات المحتملة الأكثر شيوعاً ما يلي:
- العقم: إن استئصال كلا المبيضين يؤدي للعقم.
- غثيان وتقيؤ: بعد العملية قد تحدث تفاعلات تحسسية نادرة مع أدوية التخدير وقد تحدث مشاكل تنفسية عند التخدير.
- الألم: يمكن الشعور بالألم والتورم وعادةً ما يُدبر بالأدوية المسكنة.
- العدوى: قد تجدث عدوى بعد عملية استئصال المبيض في مواضع الجروح الجلدية أو التهابات في الحوض، يتم تقليل هذه المخاطر عبر التعقيم الجيد واستخدام مضادات حيوية وقائية عند الحاجة.
- النزيف: قد يحصل نزيف خفيف ونادراً ما يتطلب التداخل الجراحي.
- نقص الهرمونات الأنثوية: قد يؤدي إلى أعراض انقطاع طمث مبكر وتقلبات مزاجية وجفاف المهبل.
- أمراض القلب والأوعية: انخفاض هرمون الاستروجين قد يسبب تصلب عصيدي بسبب ارتفاع ضغط وتراكم الدهون في الأوعية.
- جلطات دموية: بعد الجراحة قد يكون المريض غير قادر على الحركة لفترة طويلة مما يزيد من خطر تجلط الأوردة العميقة (DVT) خاصة في الساقين.
- هشاشة عظام: هرمون الاستروجين له دور هام في الحفاظ على كثافة العظام لذا انخفاض مستوايته يزيد من خطلر الإصابة بهشاشة العظام.
- انخفاض الرغبة الجنسية: عملية استئصال المبيض قد تؤدي إلى انخفاض الرغبة الجنسية لدى بعض النساء بسبب انخفاض الهرمونات الجنسية.
هل يوجد بدائل لعملية استئصال المبيض؟
نعم، هناك العديد من الطرق التي يمكن اللجوء إليها سواءاً كانت الطبيعية منها أوالجراحية التي قد تكون بديلاً لعملية استئصال المبيض ونذكر منها:
- العلاج الدوائي: يمكن استخدام العالج الدوائي كبديل عن الجراحة خاصة إذا كان الهدف هو التحكم في الأعراض مثل استخدام العلاج الهرموني أو العلاج الكيميائي مما قد يجنب الحاجة إلى الجراحة.
- الجراحة المحافظة: بدلا من عملية استئصال المبيض الكامل يمكن اللجوء إلى إزالة الجزء المصاب منه فقط.
- الموجات فوق الصوتية المركزة عالية الكثافة (HIFU): يمكن استخدام هذه التقنية العلاجية غير الجراحية لتقليل حجم الورم أوتخفيف الأعراض عن طريق استهداف الأنسجة المرضية بدقة وإزالتها باستخدام طاقة الموجات فوق الصوتية المركزة.
- تحسين نمط الحياة: يمكن أن يساعد تغير نمط الحياة مثل تحسين النظام الغذائي وممارسة الرياضة بانتظام وإدخال المكملات الغذائية المناسبة يمكن أن يحسن من صحة المبيض ويخفف الأعراض دون الحاجة إلى عملية استئصال المبيض.
- كي أو تقليل النشاط المبيضي: في بعض حالات متلازمة تكيس المبايض (PCOS)، يمكن اللجوء إلى تقنيات مثل الإنفاذ الحراري للمبيض لتحفيز الوظائف الطبيعية دون الحاجة إلى استئصاله.
كما قد يكتفي الطبيب في بعض الحالات المرضية بمتابعة المريض ومراقبته دون اللجوء للتداخل الجراحي مثل كيسات المبيض صغيرة الحجم وبعض الأورام الحميدة.

في الختام، قد تكون عملية استئصال المبيض ضرورية في بعض الحالات، مثل وجود أورام أوتكيسات مبيضية أوالتواء أوالتهاب شديد أولأغراض وقائية ورغم أنه قد يؤدي إلى تغيرات هرمونية ومضاعفات صحية طويلة الأمد، إلا أن قرار استئصال المبيض يعتمد على تقييم شامل لصحة المريضة وأهداف العلاج، يجب اتخاذ هذا القرار بالتشاور مع فريق طبي متخصص لذلك لا تترددوا في طلب المشورة من بيمارستان لضمان أفضل النتائج الجسدية والنفسية الممكنة.
المصادر: