تُعد إجراء نوروود واحدة من أهم التدخلات الجراحية في طب قلب الأطفال، حيث تُنفذ في الأيام الأولى من حياة بعض حديثي الولادة المصابين بتشوهات خلقية خطيرة في القلب مثل الأطفال المصابين بمتلازمة القلب الأيسر ناقص التنسج (HLHS)، تهدف هذه الجراحة إلى إعادة تشكيل مسار تدفق الدم في قلب غير مكتمل النمو، كما تمنح هؤلاء الأطفال فرصة للحياة من خلال خطة علاجية معقدة متعددة المراحل، على الرغم من التقدم الملحوظ في التقنيات الجراحية، تظل هذه العملية مصيرية وتتطلب متابعة دقيقة على المدى الطويل لضمان أفضل النتائج الممكنة.
ما هي متلازمة القلب الأيسر ناقص التنسج (HLHS)؟
تُعد متلازمة القلب الأيسر ناقص التنسج (HLHS) من أخطر العيوب الخَلقية التي تصيب قلب الطفل منذ وجوده في الرحم، في هذه الحالة لا يتطور الجانب الأيسر من القلب إذ يكون البطين الأيسر صغيراً جداً أو غير موجود والصمامات التي تُنظّم تدفق الدم عبر هذا الجزء إما ضيقة للغاية أو مغلقة بالكامل، كما أن الشريان الأبهري المسؤول عن إيصال الدم المحمل بالأكسجين من القلب إلى بقية أنحاء الجسم، يكون غير مكتمل النمو أو ضامر بشكل كبير، نتيجة لذلك لا يستطيع القلب أداء وظيفته الأساسية في ضخ الدم الغني بالأكسجين إلى الجسم.
لماذا يحتاج الأطفال المصابين بـ HLHS إلى إجراء نوروود؟
يحتاج الأطفال المصابون بمتلازمة القلب الأيسر ناقص التنسج (HLHS) إلى هذه العملية خلال الأسابيع الأولى من حياتهم، حيث تساعد جراحة نوروود البطين الأيمن لديهم على أداء وظيفة البطينين معاً، حيث لم يتطور البطين الأيسر لديهم بشكل كامل.
خلال الأيام القليلة الأولى بعد الولادة، يمكن أن يتحرك دم الطفل بين الشريان الأبهري والشريان الرئوي من خلال القناة الشريانية المفتوحة (Patent Ductus Arteriosus)، يسمح هذا للبطين الأيمن بإرسال الدم إلى الرئتين والجسم، لكن عندما تنغلق هذه الفتحة بشكل طبيعي بعد الولادة، لا يعود البطين الأيمن قادراً على إرسال الدم إلى الجسم.
ما هو الهدف من إجراء نوروود؟
إن الهدف من جراحة نوروود هو إعادة توجيه تدفق الدم بحيث يتمكّن البُطين الأيمن (الذي يضخ عادة إلى الرئتين فقط) من القيام بوظيفة البطين الأيسر وضخ الدم إلى الجسم.
هل كل الأطفال مؤهلون لإجراء نوروود؟
بعض الأطفال لا يُعتبرون مرشحين مناسبين لجراحة نوروود، مثل:
- الأطفال الخدج (المولودون قبل أوانهم)
- الأطفال الذين يعانون من نقص شديد في الوزن عند الولادة
- الأطفال الذين لديهم مشاكل صحية رئيسية أخرى
في هذه الحالات، يمكن استخدام شرائط الشريان الرئوي لتقليل كمية الدم المتجهة إلى الرئتين وزيادة كمية الدم التي تصل إلى الجسم.
متى تجرى؟
عادةً في الأيام الأولى من حياة الطفل (خلال أول أسبوع).
ما الذي يحدث قبل إجراء نوروود؟
إذا كان الطفل مصابًا بمتلازمة القلب الأيسر ناقص التنسّج (HLHS)، فإنه سيُعطى أدوية بعد الولادة بفترة قصيرة، تمنع هذه الأدوية إغلاق القناة الشريانية (Patent Ductus Arteriosus) كما يحدث عادةً عند الأطفال، مما يسمح بتدفق دم أكبر عبر القلب حتى يتم إجراء عملية نورود، كما قد يقوم الطبيب بإجراء عملية توسعة للحاجز بين الأذينتين (أي بين الأذين الأيمن والأذين الأيسر) بوساطة septostomy، وذلك لتحسين تدفق الدم القادم من الرئتين إلى الجانب الأيمن من القلب.
ما الذي يحدث أثناء جراحة نوروود؟
تجرى جراحة نوروود عادةً في الأيام الأولى من حياة الطفل خلال أول أسبوع، كما تُعد عملية نورود جراحة معقدة تتألف من عدة خطوات، فيما يلي ما سيقوم به الجراح:
- فتح بين الأذينين: سيقوم الجراح بعمل فتحة في الحاجز بين الأذين الأيمن والأيسر، حيث تسمح للبطين الأيمن وهو البطين الذي يعمل بشكل فعال، بتولي جميع وظائف ضخ الدم في القلب.
- توصيل الشرايين: يتم توصيل الشريان الأبهري الصغير أو الضامر بالشريان الرئوي الأكبر، ثم يستخدم الجراح رقعة لتوسيع الشريان الأبهري بحيث يصبح أكبر حجماً، ومن ثم يتم توصيل الشريان الأبهري مع البطين الأيمن.
- إدخال قسطرة أو تحويلة: تشمل تركيب أنبوب أو تحويلة بين الشريان الأبهري أو شريان رئيسي آخر وبين الشرايين الرئوية (يُعرف بـ Blalock-Taussig أو BT shunt)، هناك خيار آخر يُسمى Sano shunt وهو تركيب أنبوب بين البطين الأيمن والشرايين الرئوية.
- التوصيل بالدورة الدموية الصناعية: سيكون الطفل مرتبطًا بجهاز دعم الدورة الدموية (Cardiopulmonary Bypass) خلال العملية وهو جهاز يقوم بتوفير الدم المؤكسج للجسم والدماغ أثناء الجراحة.

كم تستغرق جراحة نوروود؟
تستغرق عملية نورود عدة ساعات وقد تمتد لتشابه دوام نوبة عمل كاملة، أي ما يعادل يوماً كاملاً من العمل.
ماذا يحدث بعد الجراحة؟
- بعد العملية، يُنقل الطفل إلى وحدة العناية المركزة (ICU)، ويبقى هناك حوالي أسبوع، ثم يُنقل إلى غرفة عادية بالمستشفى
- سيتم توصيل الطفل بأنابيب وأجهزة تساعده على التنفس والتغذية والمراقبة، كما سيكون هناك ضماد على منتصف الصدر في مكان الشق الجراحي
- رغم أن الجراحة تحسن من دوران الدم إلا أنها ليست علاجاً نهائياً، إذ لا يزال هناك اختلاط بين الدم المؤكسج وغير المؤكسج، لذلك قد يظهر على الطفل لون أزرق خفيف في الجلد
- يقدم الفريق الطبي للأهل إرشادات للعناية المنزلية وتشرف عيادات متابعة متخصصة على حالة الطفل بعد الخروج، من المهم المتابعة مع برنامج رعاية متعدد التخصصات يمتد حتى البلوغ
المخاطر والمضاعفات المحتملة:
- تضيق الشرايين الرئوية أو الأبهري
- فشل أو انسداد التحويلة الجراحية
- اضطرابات نظم القلب
- ضعف وظيفة القلب أو الصمامات
- تأخر النمو العصبي
التعافي والتوقعات:
- يبقى الطفل في المستشفى لمدة تتراوح 21 يوماً بعد الجراحة
- معدل البقاء على قيد الحياة داخل المستشفى بعد إجراء نوروود يصل إلى 90%
- معدل البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات يتراوح بين 60% إلى 75%
- بعد ست سنوات من الجراحة، يظل 60% من الأطفال على قيد الحياة دون الحاجة إلى زراعة قلب وهو معدل مشابه بعد 20 عاماً
أخيراً، إن إجراء نوروود تمثل مرحلة حاسمة في رحلة علاج الأطفال المصابين بمتلازمة القلب الأيسر ناقص التنسج، رغم ما تحمله من تعقيد ومخاطر، فإنها تمنح هؤلاء الأطفال فرصة ثمينة للحياة في انتظار مراحل جراحية تكميلية لاحقة، إن النجاح في هذه المرحلة لا يعتمد فقط على مهارة الفريق الجراحي، بل يتطلب أيضاً متابعة دقيقة ورعاية متخصصة وتعاوناً مستمراً بين العائلة والطاقم الطبي لضمان أفضل مستقبل ممكن للطفل.
المصادر:
- Nemours KidsHealth. (n.d.). Norwood procedure. KidsHealth
- Bacha, E. (n.d.). Norwood stage I with right ventricle to pulmonary artery ring-reinforced conduit. Multimedia Manual of Cardio-Thoracic Surgery
- UCSF Department of Surgery. (n.d.). Norwood procedure. University of California, San Francisco