الأمراض الدماغية الوعائية تشمل مجموعة من الحالات التي تؤثر على تدفق الدم إلى الدماغ مثل السكتة الدماغية، وتمدد الأوعية الدموية، وتضيق الشرايين، ونزيف الدماغ، يمكن أن تكون هذه الأمراض مهددة للحياة وتتطلب علاجاً فورياً ومخصصاً، في هذا المقال نستعرض أبرز طرق علاج الأمراض الدماغية الوعائية حسب نوع المرض، ونتناول أحدث العلاجات الطبية والجراحية التي تحسّن فرص الشفاء وجودة الحياة.
ما هي أهم الأمراض الدماغية الوعائية التي تحتاج علاجاً؟
السكتة الدماغية (Stroke)
تعد السكتة الدماغية حالة طبية خطيرة، تحدث عندما لا تحصل خلايا الدماغ على التروية الدموية والأكسجين الكافي، مما يؤدي إلى موت خلايا الدماغ خلال دقائق، وتحدث بسبب انسداد في وعاء دموي في الدماغ بواسطة خثرة.
نقص التروية الدماغية المزمنة
تعد نقص التروية الدماغية المزمنة حالة ناتجة عن الانخفاض المستمر في تدفق الدم إلى الدماغ، بسبب تضيق الأوعية الدموية أو تصلب الشرايين، مما يؤدي إلى تراجع تدريجي في تروية الدماغ، وظهور أعراض مثل ضعف الذاكرة وصعوبة التركيز، وتزداد نسبة الإصابة بنقص التروية الدماغية المزمنة مع التقدم في العمر أو وجود أمراض مثل السكري وارتفاع الضغط.
النزيف الدماغي (Hemorrhagic Stroke)
يعد نزيف الدماغ حالة طبية طارئة قد تؤدي إلى الوفاة، تحدث عندما ينفجر وعاء دموي في الدماغ ويؤدي إلى نزيف، مما يسبب تعطيل الدورة الدموية، ويؤدي إلى تلف خلايا الدماغ نتيجة عدم حصولها على الدم والأكسجين الكافي.
تمدد الأوعية الدموية في الدماغ
انتفاخ في منطقة ضعيفة من شريان داخل الدماغ، ويؤدي الضغط المستمر إلى دفع الجزء الضعيف نحو الخارج، مكوناً انتفاخ يشبه الفقاعة، وعندما يتدفق الدم إلى داخل هذا الانتفاخ يتمدد أكثر بطريقة تشبه البالون الذي يزداد رقته ويصبح أكثر عرضة للانفجار كلما امتلأ بالهواء.
تضيق الشرايين السباتية
تضيق الشرايين السباتية هو حالة تحدث عندما تُسد الشرايين السباتية، وهي الشرايين الكبيرة الموجودة على جانبي الرقبة، ومن ممكن أن تصاب أحد الشريانين أو كليهما، يحدث هذا الانسداد نتيجة تراكم اللويحات العصيدية (ترسبات دهنية وكوليسترولية)، وعندما تعيق اللويحات تدفق الدم الطبيعي عبر الشريان السباتي، تزداد احتمالية الإصابة بالسكتة الدماغية.

علاج السكتة الدماغية الحادة
استخدام منشطات تذويب الجلطات (tPA)
دواء طارئ يعطى عن طريق الوريد، يكون قادر على إذابة الجلطة خلال 4 ساعات من بداية ظهور الأعراض، وكلما أعطي الدواء في وقت أبكر كانت النتائج أفضل، فالعلاج السريع يزيد فرص البقاء على قيد الحياة، وقد يقلل من المضاعفات.
القسطرة الدماغية لسحب الجلطة
هو إجراء جراحي يستخدم لإزالة جلطة دموية من وعاء دموي، يقوم الجراح بثقب الوعاء الدموي فوق أو تحت موضع الخثرة (وغالباً ما يكون ذلك في الساق أو الذراع)، ثم يدخل أسلاكاً وقساطر عبر هذا الثقب إلى داخل الوعاء الدموي، ويستخدم صوراً شعاعية مستمرة لتوجيه القسطرة والأدوات الخاصة عبر الأوعية الدموية حتى تصل إلى موقع الجلطة، مما يتيح إزالة الخثرة.
الفرق بين الجلطة الإقفارية والنزفية في العلاج
توجد عدة فروق بين الجلطة الإقفارية والجلطة النزفية من حيث الأسباب والخطورة، بالإضافة لتنوع طرق العلاج بين النوعين السابقين.
الجلطة الإقفارية | الجلطة النزفية | |
السبب | انسداد شريان دماغي بجلطة | تمزق شريان دماغي ونزيف داخل الدماغ |
الأدوية الأساسية | منشطات تذويب الجلطات (tPA) | أدوية خفض الضغط وإيقاف مميعات الدم |
التدخل الجراحي | القسطرة الدماغية لسحب الجلطة | إزالة الدم أو إصلاح الوعاء المتمزق |
توقيت التدخل وتأثيره على فرص التعافي في علاج الأمراض الدماغية الوعائية
كلما كان التدخل أسرع في علاج الأمراض الدماغية الوعائية، كانت فرص النجاة والتعافي بدون إعاقات أعلى، إذ أنّ أفضل النتائج تتحقق إذا أعطي مذيب الجلطة خلال أول 4 ساعات، كما أنّ التدخل بالقسطرة يكون أكثر فاعلية خلال 6-24 ساعة حسب الحالة، أما بالنسبة للجلطات النزفية، فإنّ التدخل السريع يقلل الضغط على الدماغ ويمنع المضاعفات الخطيرة.
علاج النزيف الدماغي
التحكم في ضغط الدم المرتفع
يعتبر التحكم في ضغط الدم أهم أنواع علاج الأمراض الدماغية الوعائية، إذ يقلل من استمرار النزيف، ويؤدي إلى خفض الضغط داخل الجمجمة مما يقلل من تلف أنسجة الدماغ، في حين ارتفاع الضغط يزيد من تدفق الدم إلى مكان النزيف.
الجراحة الطارئة في حالات النزيف الكبير
يتسبب تجمع الدم الناتج عن السكتة الدماغية في زيادة الضغط على نسيج الدماغ المحيط بالوعاء الدموي النازف، وقد يحتاج المريض إلى جراحة طارئة إذا أدت السكتة إلى ارتفاع ضغط الدم داخل الجمجمة، إذ سيقوم الجراح بإزالة الدم الزائد وتخفيف الضغط المتراكم على دماغ المريض.
تقنيات الحفر النسيجي الدقيقة (Minimally Invasive Surgery)
تستخدم هذه التقنيات أدوات دقيقة تدخل من خلال فتحات صغيرة في الجمجمة، لإزالة تجمع الدم دون إتلاف أنسجة الدماغ، من خلال قسطرة تستخدم لإدخال أنبوب يصل إلى النزيف، لسحب الدم أو إذابته بأدوية خاصة، أو من خلال منظار جراحي يسمح للجراح برؤية النزيف مباشرة وإزالته بدقة، هذه الطرق تقلل المضاعفات وتسرع الشفاء مقارنة بالطرق التقليدية.
نسب البقاء والتعافي حسب مكان النزيف
تختلف نسب البقاء والتعافي حسب مكان النزف، إذ تصل نسبة البقاء في النزف داخل المخ إلى 60%، بينما تبلغ 30% فقط في حال النزف في جذع الدماغ.
علاج تمدد الأوعية الدموية الدماغية
تتنوع الطرق الجراحية لعلاج تمدد الأوعية الدموية الدماغية، ومنها الجراحة التقليدية (Clipping)، والتدخل عبر الأوعية (Coiling)، وتقنيات الستنت (Stent-assisted coiling).
الجراحة التقليدية (Clipping) | التدخل عبر الأوعية (Coiling) | تقنيات الستنت (Stent-assisted coiling) | |
آلية العمل | إغلاق التمدد بمشبك معدني من الخارج | ملء التمدد بلفائف معدنية لمنع تدفق الدم داخله عبر قسطرة | تركيب دعامة داخل الشريان لتوجيه الدم ومنع دخوله للتمدد |
نوع التدخل | جراحة مفتوحة | تدخل خفيف (عبر القسطرة) | تدخل خفيف (عبر القسطرة) |
نسبة النجاح | عالية جداً (90-95%) | عالية (80-90) | عالية مع تحسن النتائج الحديثة |
مدة التعافي | الأطول (أيام لأسابيع) | أقصر (يوم إلى عدة أيام) | مشابهة للتدخل عبر الأوعية |
متى يجب التدخل قبل حدوث الانفجار؟
يجب التدخل قبل حدوث الانفجار إذا كان التمدد كبيراً، أو ينمو بسرعة، أو يسبب أعراض خطيرة، أو إذا كان المريض معرضا لخطر عالي (ضغط دم مرتفع أو تدخين، أو تاريخ عائلي).
علاج نقص التروية الدماغية المزمن
توجد علاجات عديدة لنقص التروية الدماغية المزمنة، ومن هذه العلاجات:
- أدوية توسيع الشرايين وتحسين التروية
- علاج الأسباب مثل تصلب الشرايين أو الرجفان الأذيني بواسطة مزيل الرجفان
- إجراءات الوقاية من السكتات الدماغية المتكررة
- العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل لتحسين الوظائف الإدراكية
أحدث التقنيات في علاج الأمراض الدماغية الوعائية
توجد عدة تقنيات حديثة من أجل علاج الأمراض الدماغية الوعائية، ومن هذه التقنيات المستخدمة:
العلاج بالروبوتات الدقيقة
من أكثر التقنيات تطوراً في علاج الأمراض الدماغية الوعائية من خلال استخدام روبوتات صغيرة جداً تساعد الجراحين بإجراء عمليات دقيقة في الأوعية الدموية الدماغية، مما يقلل الأخطاء ويزيد الدقة والسلامة.
القسطرة الدماغية التداخلية
إدخال أنابيب رفيعة (قسطرة عبر الأوعية الدموية للوصول إلى مناطق الدماغ المصابة لعلاج النزيف أو انسداد الأوعية بدون جراحة مفتوحة).
العلاج الجيني والخلوي في إعادة تأهيل الدماغ
تعد من الطرق المستقبلية في علاج الأمراض الدماغية الوعائية، من خلال حقن جينات أو خلايا متخصصة لتحفيز تجديد أنسجة الدماغ التالفة وتحسين التعافي بعد السكتات أو الإصابات الدماغية.
أجهزة المراقبة الذكية لتقليل خطر الانتكاسة
أجهزة تراقب الحالة الصحية للمريض بشكل مستمر تكشف علامات مبكرة لعودة المرض أو المضاعفات لتدخل سريع ووقائي.
التأهيل بعد علاج الأمراض الدماغية الوعائية
يعد التأهيل بعد علاج الأمراض الدماغية الوعائية جزء أساسيا من رحلة التعافي، فهو يهدف إلى استعادة الوظائف العصبية وتحسين جودة الحياة، ويتم من خلال:
- برامج العلاج الفيزيائي لتحسين الحركة والتوازن
- العلاج الكلامي لاضطرابات اللغة بعد الجلطة
- الدعم النفسي وتحسين جودة الحياة
مدة الشفاء ومتى يمكن العودة للعمل أو الدراسة
تختلف مدة الشفاء بعد علاج الأمراض الدماغية الوعائية حسب شدة الحالة ونوع العلاج، في الحالات البسيطة قد تبدأ التحسنات خلال أسابيع، بينما تتطلب الحالات الشديدة شهوراً من التأهيل، وتعتمد العودة إلى العمل على طبيعة الوظيفة، إذ يمكن العودة خلال 1 – 3 أشهر في الوظائف المكتبية، أما الأعمال البدنية فقد تحتاج 6 أشهر أو أكثر.
علاج الأمراض الدماغية الوعائية تطور بشكل كبير، وأصبح من الممكن تحقيق نتائج جيدة حتى في الحالات الحرجة إذا تم التدخل في الوقت المناسب، من المهم متابعة الحالة مع أطباء مختصين في جراحة الأعصاب أو الأمراض الوعائية الدماغية، والالتزام بالعلاج التأهيلي لمنع المضاعفات وتحقيق تعافٍ أفضل.
المصادر:
- .Khaku, A. S., & Tadi, P. (2025). Cerebrovascular Disease. In StatPearls. StatPearls Publishing. Retrieved June 11, 2025
- .NHS. (2024, September 12). Treatment for a stroke. NHS. Retrieved June 11, 2025