تُعد أمراض المريء من المشكلات الصحية الشائعة التي تتنوع أسبابها بين ارتجاع المريء والالتهابات والتضيّق وحتى الأورام. لحسن الحظ، تتوفر اليوم خيارات علاجية متعددة تشمل الأدوية، التغييرات الحياتية، والتدخلات الجراحية، حسب شدة الحالة. في هذا المقال نعرض لك كل ما تحتاج معرفته عن علاج أمراض المريء خطوة بخطوة.
ما هي أشهر أمراض المريء التي تتطلب علاجاً؟
من أشهر أمراض المريء التي تطلب علاجاً هي:
ارتجاع المريء (GERD)
مرض مزمن يحدث بسبب ارتداد حمض المعدة إلى المريء مسبباً حرقة وتهيج، غالباً ما يتم علاجه بشكل دوائي ولكن الجراحة ضرورية في الحالات المقاومة للأدوية أو المضاعفات مثل تضيق المريء.

التهاب المريء (Esophagitis)
التهاب بطانة المريء ناجم عن الارتجاع أو عدوى أو حساسية وهو عادةً ما يتم علاجه بالأدوية والتغييرات الغذائية. الجراحة لا تُجرى لعلاج التهاب المريء بحد ذاته، ولكن قد تكون مطلوبة في حال وجود سبب بنيوي كارتجاع مقاوم للعلاج.
تضيق المريء
تضيق أو انقباض المريء يسبب صعوبة في البلع، يتم علاجه عادة بتوسيع المريء بالمنظار وتعتبر الجراحة مطلوبة إذا كان التضيق متكرراً أو ناجماً عن ورم أو تلف شديد.
مريء باريت
حالة تحول خلايا المريء بسبب التعرض الطويل للحموضة حيث تزيد خطر السرطان ولا تحتاج للجراحة إلا إذا تطور إلى سرطان أو تشوهات خلوية عالية الخطورة.
أورام المريء الحميدة والخبيثة
الأورام الحميدة نادرة وعادة غير مؤذية لكنها قد تحتاج إزالة جراحية إذا سببت أعراضاً بينما الأورام الخبيثة (سرطان المريء) غالباً تتطلب جراحة استئصال مع علاج كيميائي أو إشعاعي.
علاج ارتجاع المريء: أكثر أمراض المريء شيوعاً
ارتجاع المريء من أكثر أمراض الجهاز الهضمي انتشاراً حيث يسبب حرقة وألماً في الصدر، يعتمد علاجه بشكلي أساسي على الأدوية لتقليل إفراز الحمض وتخفيف الأعراض.
أدوية علاج ارتجاع المريء
- مثبطات مضخة البروتون (PPI): مثل أوميبرازول ولانسوبرازول، تعد من العلاجات الأساسية والفعالة لخفض إفراز الحمض في المعدة بنسبة كبيرة مما يسمح بشفاء بطانة المريء وتقليل الأعراض المرتبطة بالارتجاع، على الرغم من فعاليتها العالية إلا أن الاستخدام الطويل قد يؤدي لنقص امتصاص فيتامين B12 أو زيادة خطر العدوى المعدية.
- مضادات الحموضة: مثل Tums وMaalox التي تستخدم لتخفيف الأعراض الحادة والفورية وذلك عبر معادلة الحمض الموجود في المعدة بسرعة لكنها لا تعالج الأسباب الأساسية للمرض فلذلك تكون بالعادة مرافقة لعلاجات أخرى.
- حاصرات الهيستامين H₂: مثل فاموتيدين وسيميتيدين، تقلل من إنتاج الحمض لمدة ساعات وتفيد في الحالات الخفيفة أو المؤقتة ولكنها أقل فعالية من مثبطات مضخة البروتون بحالة الاستخدام الطويل.
تغييرات نمط الحياة
- تعديل النظام الغذائي: تعتبر تعديلات النظام الغذائي خطوة مهمة في التحكم بأعراض ارتجاع المريء حيث يُنصح المريض بتجنب الأطعمة الدهنية والحارة والشوكولاتة والكافيين والمشروبات الغازية لأنها تزيد من إنتاج الحمض وتهيج المريء.
- تأخير النوم لمدة 2-3 ساعات بعد تناول الطعام يعتبر ضروري لمنع ارتجاع الحمض كما أنّ الاستلقاء مباشرة بعد الأكل يسهل حركة الحمض إلى المريء مما يزيد من الالتهاب والحرقة.
- يعتبر فقدان الوزن خصوصاً لدى مرضى السمنة عامل أساسي في تقليل الضغط على المعدة ويخفف من الأعراض بشكل ملحوظ.
متى نلجأ إلى الجراحة؟
نلجأ إلى جراحة نيسن بالمنظار التي تعالج ارتجاع المريء في الحالات المقاومة للأدوية أو المضاعفات مثل التضيق حيث تعزز صمام المعدة لمنع ارتجاع الحمض وتحسين الأعراض بشكل فعال.
علاج التهاب المريء
يهدف علاج التهاب المريء إلى تخفيف الأعراض وشفاء بطانة المريء ومنع المضاعفات المحتملة وذلك من خلال تحديد السبب الرئيسي واختيار العلاج المناسب لكل حالة.
المضادات الحيوية أو مضادات الفطريات عند الحاجة
تُستخدم المضادات الحيوية أو مضادات الفطريات فقط عند تشخيص عدوى بكتيرية أو فطرية في المريء يعتمد اختيار العلاج على نوع العدوى وتقييم الطبيب مع ضرورة التأكد من التشخيص لتجنب الاستخدام غير المناسب.
مثبطات الحموضة
يتم إعطاء مثبطات مضخة البروتون أو حاصرات الهيستامين H₂ لتقليل حموضة المعدة مما يساعد في تهدئة التهاب بطانة المريء وتسريع عملية الشفاء.
تعديل الأدوية المهيّجة للمريء
تُراجع الأدوية التي قد تسبب تهيج المريء، مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية وبعض الأدوية الأخرى ويتم تعديلها أو استبدالها لتقليل الضرر وتحسين الأعراض.
علاج تضيق المريء (ضيق المريء وصعوبة البلع)
يهدف علاج تضيق المريء إلى تحسين قدرة المريض على البلع وتقليل الأعراض وذلك من خلال توسيع المريء أو التدخل الجراحي حسب شدة الحالة.
التوسيع بالبالون أو التنظير
يعد توسيع المريء بواسطة البالون أو الموسعات عبر التنظير الإجراء الأول لعلاج تضيق المريء حيث يساعد في فتح الجزء المتضيق وتسهيل مرور الطعام مع تخفيف صعوبة البلع.
الجراحة في الحالات المتقدمة
الجراحة تُستخدم فقط في حالات نادرة عند وجود ورم أو تلف غير قابل للتوسيع.
الوقاية من تكرار التضيق
تشمل الوقاية السيطرة على الأسباب الأساسية مثل ارتجاع المريء باستخدام مثبطات الحموضة وعلاج الالتهابات أو التهيجات مع المتابعة المنتظمة لتقليل فرص عودة التضيق.
علاج مريء باريت
يهدف علاج مريء باريت إلى تقليل خطر التحول السرطاني من خلال التحكم في الحموضة والمراقبة المنتظمة ومعالجة التغيرات النسيجية عند الضرورة.
استخدام مثبطات مضخة البروتون
يتم استخدام العلاج بمثبطات مضخة البروتون (PPIs) لتقليل إفراز الحمض المعدي ما يقلل من تهيج المريء ويحد من تطور تغيرات الخلايا المرتبطة بمريء باريت.
التقييم الدوري بالتنظير
يُنصح بإجراء تقييم دوري باستخدام التنظير العلوي مع الخزعات لمراقبة التغيرات النسيجية في بطانة المريء لاكتشاف أي خلل في مرحلة مبكرة والوقاية من تطور السرطان.
الاستئصال بالترددات الراديوية في الحالات المتقدمة
في حال وجود خلل عالي الدرجة (High-grade dysplasia) يتم استخدام الاستئصال بالترددات الراديوية (RFA) لإزالة الأنسجة المتضررة كإجراء وقائي لتقليل خطر التحول إلى سرطان المريء.
علاج أورام المريء الحميدة والخبيثة
يعتمد علاج أورام المريء على نوع الورم (حميد أو خبيث) وحجمه ومرحلته لتحديد الاستراتيجية الأنسب لتحسين النتائج.
الجراحة لاستئصال الأورام
يتم استخدام استئصال المريء الكلي أو الجزئي في الأورام الخبيثة الموضعية أو الحميدة الكبيرة المسببة للأعراض وذلك بهدف إزالة الورم وتحقيق الشفاء أو تخفيف الأعراض.
العلاج الكيميائي أو الإشعاعي
يُستخدم كعلاج مساعد قبل أو بعد الجراحة أو كعلاج رئيسي في الحالات غير القابلة للجراحة من أجل المساعدة في تقليص حجم الورم ومنع انتشاره.
العلاج التلطيفي للحالات المتقدمة
يُستخدم لتخفيف الأعراض مثل عسر البلع أو الألم في حالات السرطان المنتشر ويشمل تركيب دعامات أو معالجة إشعاعية محدودة.
متى تحتاج إلى التدخل الجراحي في أمراض المريء؟
قد يصبح التدخل الجراحي ضروري في علاج أمراض المريء عند فشل العلاجات الدوائية أو التنظيرية في تحقيق التحسن المطلوب أو عند ظهور مضاعفات خطيرة.
الحالات التي لا تستجيب للعلاج الدوائي
في مثل حالات الارتجاع المعدي المريئي الشديد أو مريء باريت مع خلل عالٍ تُستخدم الجراحة مثل نيسن لتقليل الارتداد.
وجود انسداد أو ورم
الاستئصال الجراحي يُجرى للأورام الحميدة الكبيرة أو السرطانية أو للتضيق غير المستجيب للتوسيع.
علاج فتق الحجاب الحاجز الكبير
يُجرى إصلاح الفتق جراحياً إذا سبب أعراضاً مزمنة أو مضاعفات مثل الارتجاع المقاوم للعلاج أو اختناق المعدة.
هل يمكن علاج أمراض المريء طبيعياً؟
يمكن أن تساهم العلاجات الطبيعية في تخفيف بعض أعراض أمراض المريء لكنها لا تعتبر بديلاً كاملاً للعلاج الطبي في الحالات المتقدمة.
دور الأعشاب في تخفيف حرقة المعدة
تعتبر بعض الأعشاب مثل الزنجبيل قد تساعد في تهدئة حرقة المعدة لكن فعاليتها محدودة ويجب استخدامها بحذر وتحت إشراف طبي.
أهمية تناول الألياف
زيادة الألياف الغذائية قد تحسن الهضم وتقلل الضغط داخل البطن، مما يساهم في تخفيف أعراض الارتجاع المريئي.
متى تكون العلاجات الطبيعية غير كافية؟
في حالات مثل مريء باريت وتضيق المريء أو الأورام تصبح العلاجات الطبيعية غير كافية وتحتاج لتدخل طبي متخصص.
ما بعد العلاج: المتابعة والتوصيات
تعتبر الرعاية بعد علاج أمراض المريء أساسية لضمان التعافي الكامل وتقليل خطر المضاعفات أو الانتكاسة وخاصةً في الحالات المزمنة.
أهمية المتابعة بالمنظار في الحالات المزمنة
في أمراض مثل مريء باريت أو تضيق المريء يتم الوصية بإجراء فحوصات بالمنظار بشكل دوري لمراقبة التغيرات النسيجية أو تكرار التضيق.
تعليمات النظام الغذائي بعد علاج أمراض المريء أو الجراحة
يتطلب المرضى اتباع نظام غذائي خفيف وسهل البلع بعد علاج أمراض المريء مع تجنب الأطعمة الحمضية أو الصلبة وخاصةً بعد جراحات مثل استئصال المريء أو إصلاح فتق الحجاب الحاجز.
الوقاية من الانتكاسة
تشمل الوقاية الالتزام بالأدوية وتعديل نمط الحياة والسيطرة على الوزن وتجنب التدخين والكحول لتقليل احتمالات تكرار الأعراض أو المضاعفات.
يُعد علاج أمراض المريء متنوعاً ومتاحاً بدرجات مختلفة تبعاً لنوع وشدة المرض. من المهم ألا تُهمل الأعراض وأن تراجع طبيب الجهاز الهضمي لتحديد الخطة الأنسب لحالتك. باتباع التعليمات الطبية والوقائية، يمكن التخلّص من الأعراض وتحقيق تحسن ملحوظ في جودة الحياة.
المصادر:
- U.S. National Library of Medicine. (n.d.). Esophagus disorders. MedlinePlus. Retrieved June 13, 2025
- undhaug, J. E., & Fischer, S. M. (2014). Molecular mechanisms of mouse skin tumor promotion. International Journal of Molecular Sciences, 15(3), 4376–4395.