تُظهر الدراسات أن 50% من الحوامل يعانين من سلس البول أثناء الحمل، وخاصة في الثلث الأخير من حملهن، وذلك بسبب ضغط الجنين على المثانة، ولحسن الحظ، فإن معظم هذه الحالات تتحسن تدريجياً بعد الولادة مع بعض التمارين البسيطة والنصائح الطبية. الأهم هو عدم الخجل من استشارة الطبيب للحصول على الإرشادات المناسبة لكل حالة.
ما هو سلس البول أثناء الحمل؟
حالة طبية تتمثل بفقدان السيطرة على المثانة، مما يسبب تبول لا إرادي ولكن بشكل قطرات، ويتراوح هذا التسرب للبول بين بضع قطرات خفيفة إلى إفراغ كامل لمحتويات المثانة، ويحدث هذا الإفراغ في أوقات مختلفة حسب نوع السلس، وقد يحصل في وقت غير مناسب مما يُسبب مشاكل نفسية واجتماعية للمرأة، والذي قد يؤثر على نفسيّتها، ومنه قد يؤثر على تطور الجنين بداخلها.
هناك نوعان رئيسيان من سلس البول هما سلس البول الإجهادي وسلس البول الإلحاحي، ويختلفان بالعديد من الصفات عن بعضهما، وأهم الفروقات:
- سلس البول الإجهادي: يحدث بسبب زيادة الضغط على المثانة بسبب السعال أو العطاس أو الضحك أو رفع الأوزان الثقيلة، وهو أكثر شيوعاً لدى النساء بعد الولادة، أو بعد تجاوزهن سن اليأس، وذلك بسبب ضعف عضلات الحوض.
- سلس البول الإلحاحي: يتميز بالرغبة المفاجئة بالتبول دون سابق إنذار مع عدم القدرة على التحكم بالمصرّات البولية، وقد يكون سببه الالتهابات في المسالك البولية، أو السكري، أو بعض المشاكل العصبية كالتصلب المتعدد.
هذه الحالات ليست بنادرة، وتسبب الإحراج إذا حدثت في أوقات غير مناسبة، ولكنها ولحسن الحظ قابلة للعلاج بوجود الكادر الطبي المتخصص في مركز طبي موثوق.
أسباب سلس البول أثناء الحمل
إن الأسباب الرئيسة لسلس البول أثناء الحمل تتمثل في زيادة كل ما يضغط على المثانة، حيث أن زيادة حجم الجنين ونموه يزيد من الضغط على المثانة ويقلل سعتها، كما وإن العطاس أو الضحك يجعلان حيث يزيد الحجاب الحاجز الضغط داخل البطن، مما ينعكس على المثانة.
توجد بعض الأسباب المهمة الأخرى مثل التغيرات الهرمونية التي تطرأ على المرأة الحامل والتي قد تسبب حالة سلس البول، كما وإن ضعف عضلات قاع الحوض عند المرأة الحامل خصوصاً قد يؤدي أيضاً لحدوث هذه الحالة، وتكون المرأة التي حملت وأنجبت سابقاً أكثر عرضة للإصابة بسلس البول.

أعراض سلس البول عند الحوامل
إن أهم أعراض سلس البول عند الحوامل تتظاهر بـ:
- تسرب البول عند الضحك أو العطاس
- الرغبة المتكررة والمفاجئة بالتبول
- الإحساس الدائم بعدم إفراغ المثانة تماماً
- تسرب البول في أثناء المشي أو النوم
متى يصبح سلس البول أثناء الحمل مقلقًا؟
يُصبح سلس البول أثناء الحمل خطرأ ويحتاج إلى استشارة الطبيب عند ظهور أي من الأعراض التالية المرافقة لتسرب البول:
- أعراض التهاب المسالك البولية: كالحرقة أو الألم أثناء البول، ورائحة كريهة وعكرة للبول، مع حمى أو قشعريرة، وألم في أسفل البطن أو الظهر.
- إذا كان التسرب غزيراً أو مستمراً: قد تتسرب كميات كبيرة من البول دون سيطرة المصاب عليها، فتؤدي إلى تبليل الملابس الداخلية أو الخارجية بشكل متكرر.
- ظهور دم في البول: قد يدل على التهاب، أو حصيات في الكلية.
- إذا استمر بعد الولادة: معظم النساء تتحسن حالتهن بعد الولادة وخاصةً عند أداء تمارين كيجل، ولكن إذا استمر السلس لأكثر من 6 أسابيع بعد الولادة، فقد يحتاج إلى استشارة طبية وعلاج.
قد يكون السبب مختلف عن الأسباب السابقة، حيث قد يكون مرتبطاً بالحمل حتى بعد انتهائه، مثل ضعف عضلات الحوض الشديد الذي حصل أثناء نمو الجنين، والذي قد يحتاج لعلاج عن طريق التمارين، وإذا استمر لوقت طويل فقد يتطلب ذلك التدخل الطبي من الطبيب المختص.
علاج سلس البول أثناء الحمل
إن علاج سلس البول أثناء الحمل ليس مستحيلاً ولا صعباً، ولكنه يتطلب بعض الشروط والالتزامات التي على المريضة أن تقدمها لتتخلص من هذه المشكلة، كأن تبدأ بممارسة التمارين العلاجية، وأن تغيّر نمط حياتها، وفي حال استمرار سلس البول، فيجب على المريضة اللجوء إلى التدخل الطبي.
التمارين العلاجية
تكون تمارين كيجل هي التمارين الرئيسية في هذا السياق، وهي تمارين تقوّي عضلات الحوض لدى المرأة الحامل، وقد تكون السبب لعلاج سلس البول أثناء الحمل، وتُطبق تمارين كيجل بأخذ نفس عميق بدايةً، ومن ثم قبض عضلات الحوض لمدة 3-5 ثواني، ومن ثم الاسترخاء التام للجسم لمدة 5-10 ثوانٍ، وتكرار هذه العملية 10-15 مرة ثلاث مرات في اليوم. كذلك تكون تمارين التنفس والحوض بإشراف أخصائي العلاج الفيزيائي ذا دور مجدي في علاج سلس البول أثناء الحمل.
تغييرات نمط الحياة
وتشمل التغيير الشامل لنظام الحياة الغذائي والصحي، ويبدأ بتقليل كمية الكافيين والمهيجات البولية التي تتناولها المريضة، وتوزيع شرب الماء على مدار اليوم لكي تنشط الكلية والمسالك البولية، وتفريغ المثانة بانتظام، وعدم حبس البول داخل المثانة إرادياً، بل يجب تفريغه مباشرةً عند الحاجة.
العلاج الطبي
في حال استمرار حالة سلس البول أثناء الحمل دون تحسن أو علاج فإنه يُلجئ إلى العلاج الطبي، حيث بدايةً يُنصح باستخدام الفوط الصحية الخاصة لتقليل الإحراج الذي قد تشعر به المريضة من حالتها، وقد يوصف للمريضة بعض الأدوية للعلاج نادراً، وإن هذه الأدوية غالباً ما توصف بعد الولادة لكي لا تؤثر على تطور الجنين.
هل يؤثر سلس البول أثناء الحمل على الولادة؟
يمكن أن يؤثر سلس البول على الولادة ولكن بشكل غير مباشر، حيث أن سلس البول أثناء الحمل قد يكون علامة على ضعف عضلات الحوض بسبب وزن الرحم والضغط على المثانة، وإن ضعف هذه العضلات قد يجعل المرأة تواجه صعوبة في الدفع أثناء الولادة، مما يطيل مرحلة المخاض. إضافةً لصعوبة الولادة الطبيعية، فإن ضعف عضلات قاع الحوض يزيد خطر تمزقها أثناء الولادة.
الوقاية من سلس البول خلال الحمل
إن الوقاية من سلس البول أثناء الحمل ممكن إلى حد كبير، حيث أن قيام المرأة الحامل بالتمارين التي تقوي عضلات قاع الحوض يُسهم بشكل كبير في حل مشكلة ربما تكون هي السبب في سلس البول أثناء الحمل، كما يجب على المرأة تجنب الزيادة في الوزن، لكي لا تزيد الحمل على عضلات الحوض وبالتالي حدوث سلس بول، ومحاولة تفريغ البول بانتظام وعدم حبس البول لفترة طويلة داخل المثانة. هذه الطرق تُسهم وبشكل كبير في الوقاية من سلس البول أثناء الحمل لكي تحظى المرأة بحمل وولادة سليمين.
ختاماً، فإن سلس البول أثناء الحمل حالة شائعة تتحسن عادةً بعد الولادة، لكن استشارة الطبيب تظل ضرورية إذا صاحبها أعراض مقلقة. في مركز بيمارستان الطبي، نقدم لكِ رعاية متخصصة بفريق طبي خبير لمساعدتكِ في تخطي هذه المرحلة بكل راحة وثقة.
المصادر:
- American College of Obstetricians and Gynecologists. (2020). Urinary incontinence during and after pregnancy.
- National Institute of Diabetes and Digestive and Kidney Diseases. (2021). Bladder control problems (urinary incontinence) during pregnancy.