يُعد التهاب الزائدة الدودية من الحالات الطبية الطارئة الأكثر شيوعاً في مرحلة الطفولة، حيث يُسجَّل تقريباً 70,000 حالة سنوياً في الولايات المتحدة وحدها. غالباً ما يصيب هذا الالتهاب الأطفال بين عمر 10 و18 عاماً، ويُعد السبب الأول للجراحة الطارئة للبطن في هذه الفئة، لذلك يعتبر التشخيص المبكر أمر بالغ الأهمية لتفادي المضاعفات، مثل انفجار الزائدة. مع تطور الوسائل الجراحية بات علاج التهاب الزائدة الدودية عند الأطفال أكثر أماناً وفعالية.
ما هو التهاب الزائدة الدودية عند الأطفال؟
الزائدة الدودية عضو صغير يشبه الأنبوب يقع في الجزء السفلي الأيمن من البطن، ويتصل بالأمعاء الغليظة. رغم أن وظيفتها غير واضحة تماماً، إلا أن التهابها يُعد من أكثر أسباب ألم البطن الحاد لدى الأطفال، ويُصاب الأطفال أكثر من غيرهم لأن الالتهاب شائع بشكل خاص في الفئة العمرية من 10 إلى 18 عاماً، وهي المرحلة التي تكون فيها الاستجابات المناعية والتشريحية أكثر عرضة لانسداد الزائدة وتهيجها.
يبدأ الالتهاب عادةً عند انسداد الزائدة، مما يؤدي إلى تراكم البكتيريا وحدوث العدوى. في الحالات البسيطة قد يقتصر الأمر على التهاب موضعي، لكن إذا لم يُشخّص ويُعالج بسرعة فقد تتمزق الزائدة وتنفجر، مما يسبب انتشار العدوى في البطن وتكوّن خراجات أو التهاب الصفاق، وهي حالة طارئة تهدد حياة الطفل.
أعراض التهاب الزائدة عند الأطفال
يُعد ألم البطن من أبرز أعراض التهاب الزائدة الدودية عند الأطفال، وغالباً ما يبدأ حول السرة ثم ينتقل إلى أسفل البطن في الجهة اليمنى. يزداد الألم مع الحركة أو السعال أو القفز، وقد يواجه الطفل صعوبة في المشي أو الوقوف، تترافق الأعراض غالباً مع فقدان الشهية، والغثيان أو التقيؤ، وحمى، كما قد تظهر حالات من الإسهال الخفيف أو انتفاخ البطن. من المهم مراقبة تسلسل الأعراض، لأن تطورها بشكل تدريجي مع اشتداد الألم وظهور الحمى يُرجّح الإصابة بالتهاب الزائدة، بخلاف الالتهابات الفيروسية التي تبدأ غالباً بالتقيؤ.
كيف يتم تشخيص التهاب الزائدة الدودية؟
تشخيص التهاب الزائدة الدودية عند الأطفال قد يكون صعباً، لأن الأعراض قد تشبه أمراضاً أخرى مثل التهاب المعدة الفيروسي أو التهابات المسالك البولية. يبدأ الطبيب عادةً بأخذ التاريخ المرضي الكامل للطفل، ثم يبدأ بفحص سريري للبطن للتحقق من مواضع الألم أو التصلب، بعد ذلك تُجرى فحوصات دم وبول للكشف عن علامات العدوى أو الجفاف، وفي أغلب الحالات يُطلب تصوير بالموجات فوق الصوتية لتقييم الزائدة دون تعريض الطفل للإشعاع، وإذا كانت النتائج غير واضحة قد تُستخدم الأشعة المقطعية أو التصوير بالرنين المغناطيسي.
خيارات علاج التهاب الزائدة الدودية عند الأطفال
يعتمد علاج التهاب الزائدة الدودية عند الأطفال على شدة الحالة، حيث يمكن أن يشمل العلاج الدوائي بالمضادات الحيوية أو التدخل الجراحي لاستئصال الزائدة.
العلاج بالمضادات الحيوية
يُستخدم العلاج بالمضادات الحيوية في الحالات الخفيفة من التهاب الزائدة الدودية التي لا تستدعي إجراء جراحة فورية، يبدأ الطفل بتلقي المضادات الحيوية عبر الوريد في المستشفى، ثم يستكمل العلاج بأقراص فموية في المنزل لمدة عدة أيام. هذا العلاج يهدف إلى تقليل الالتهاب والسيطرة على العدوى دون الحاجة للجراحة مباشرة، ولكن قد يعود الالتهاب في بعض الحالات مما يستوجب استئصال الزائدة لاحقاً، وفي بعض الأحيان يسبب التهاب الزائدة تكوّن كتلة أو خراج داخل البطن نتيجة التصاق أجزاء من الأمعاء بالزائدة الملتهبة، وعند حدوث ذلك يُعطى الطفل مضادات حيوية أولاً للسيطرة على العدوى، ثم تُجرى الجراحة بعد عدة أسابيع إذا استمرت الأعراض.
جراحة استئصال الزائدة الدودية للأطفال
هي الأكثر شيوعاً وفعالية لعلاج التهاب الزائدة الدودية عند الأطفال، وتتم بطريقتين:
- الجراحة بالمنظار: تتم عبر عدة شقوق صغيرة في أسفل البطن الأيمن، يدخل من خلالها الجراح كاميرا وأدوات دقيقة لإزالة الزائدة. تستغرق العملية عادة حوالي ساعة، وتتميز بفترة تعافي أسرع ومضاعفات أقل.
- الجراحة المفتوحة: تُستخدم في الحالات المعقدة أو التي لا يمكن فيها إجراء المنظار، وتتطلب شقاً أكبر في أسفل البطن الأيمن. تستغرق العملية وقتاً أطول من المنظار حسب تعقيد الحالة، وقد تزيد عن الساعة، كما أنّ فترة التعافي في هذه الطريقة تكون أطول مقارنة بالجراحة بالمنظار.

ماذا يحدث إذا تُرك التهاب الزائدة دون علاج؟
إذا تُرك التهاب الزائدة الدودية دون علاج، فقد يؤدي ذلك إلى انفجار الزائدة وانتشار العدوى في تجويف البطن، مما يشكل حالة طبية طارئة تهدد حياة الطفل. الانفجار قد يسبب تكوّن خراج داخل البطن، وهو تجمع قيحي يحتاج لعلاج فوري لمنع مضاعفات أخرى، كما يمكن أن يؤدي إلى التهاب الصفاق، وهو التهاب في الغشاء المبطن للبطن، ويُعتبر حالة طارئة تطلب تدخلاً طبياً عاجلاً لتجنب انتشار العدوى إلى باقي الجسم. لذلك، يُعتبر التشخيص والعلاج المبكران ضروريان لتفادي هذه المخاطر الخطيرة.
العناية بعد علاج الزائدة الدودية
يتعافى معظم الأطفال بسرعة بعد استئصال الزائدة الدودية، خاصة إذا أُجريت الجراحة بالمنظار التي تسرع من علاج التهاب الزائدة الدودية عند الأطفال، حيث يمكنهم العودة إلى المنزل في نفس اليوم أو اليوم التالي. يُعطى الطفل مسكنات للألم ومضادات حيوية حسب حالته، ويُسمح له بتناول الطعام تدريجياً إذا لم تكن هناك مضاعفات. يُنصح بالراحة لبضعة أيام بعد المنظار (3–5 أيام)، أو لفترة أطول بعد الجراحة المفتوحة (10–14 يوماً)، ومن المهم مراقبة الجرح والعناية به، وتجنب الأنشطة المجهدة حتى يسمح الطبيب بالعودة إليها.
في الختام، يُعد علاج التهاب الزائدة الدودية عند الأطفال أمراً طارئاً يتطلب تدخلاً سريعاً لتفادي المضاعفات الخطيرة مثل انفجار الزائدة أو التهاب الصفاق. وتبقى جراحة استئصال الزائدة الدودية للأطفال، الخيار العلاجي الأكثر أماناً وفعالية في معظم الحالات. التزام الأهل بتعليمات ما بعد العلاج ومتابعة حالة الطفل يضمنان تعافياً سريعاً وآمناً.
المصادر:
- Alder, A. C., & Cuffari, C. (2024, January 22). Pediatric appendicitis. In eMedicine from Medscape.
- Cambridge University Hospitals. (2025, April 29). Appendicitis in children – information for parents and carers. CUH Patient Information.