يعد سرطان العظم من الأورام التي تطرح تحدياً كبيراً على مستوى التشخيص والعلاج، وقد شهدت السنوات الأخيرة اهتماماً متزايداً من المجتمع الطبي والبحثي لتطوير أساليب التعامل معه، كما تطورت تركيا في علاج سرطان العظم بأحدث التقنيات الطبية وبأيادي طبية خبيرة.
وفقاً لآخر الداراسات يُعتبر سرطان العظم من السرطانات النادرة نسبياً حيث يُشكل أقل من 1% من السرطانات، وتحتل ساركوما العظم المرتبة الأولى بين أنواع سرطان العظام الأخرى، لكن تُعتبر النقائل السرطانية في العظام شائعة وخاصةً من سرطان الثدي حيثُ يشكل سرطان الثدي السرطان الأكثر انتشاراً عند الإناث.
ما هو سرطان العظام؟
تُشكل العظام بؤرة شائعة للنقائل السرطانية التي تنشأ من سرطانات أُخرى من مختلف أنحاء الجسم وأشيع تلك السرطانات هي سرطان الثدي وسرطان الرئة بالإضافة لسرطان البروستات، وفي بعض الحالات ينشأ سرطان العظم بشكل مُباشر على حساب خلايا العظام ذاتها ويُعرف بسرطان العظم البدئي.
ويُمكن لسرطان العظم البدئي أن يصيب كافة عظام الجسم لكنه يُشاهد في معظم الحالات في عظام الحوض والعظام الطويلة للأطراف العلوية أو السفلية، ويُعتبر سرطان العظم البدئي من السرطانات النادرة نسبياً، ولا يقتصر على فئة عمرية محددة ويميل لكونه أكثر شيوعاً بين الأطفال والمراهقين وفِئة الشباب.
ما هي أنواع سرطان العظام؟
تم تصنيف سرطان العظم البدئي لعدة أنواع تبعاً لنوع الخلايا العظمية التي نشأ سرطان العظم على حسابها ومن أهم وأشيع أنواع سرطان العظام:
- ساركوما العظام (Osteosarcoma): النمط الأكثر شيوعًا من أنواع سرطان العظام، حيث تنشأ الساركوما على حساب الخلايا البانية للعظام وتصيب الساركوما غالباً نهاية العظام الطويلة وخاصة عظام الساق، وتُشاهد بشكل أكثر شيوعاً لدى الأطفال والمراهقين من عمر 10 سنوات إلى 20 سنة.
- الساركوما الغضروفية (Chondrosarcoma): يعد النمط الثاني الأكثر شيوعاً من سرطانات العظم بعد ساركوما العظام، وينشأ هذا السرطان على حساب الخلايا الغضروفية في عظم الفخذ، أو الذراع، أو الحوض، وبشكل أقل شيوعاً الأضلاع، ونادراً ما يُصيب هذا النمط الفئة العمرية تحت 21 سنة ويُشاهد بشكل أكبر عند البالغين من عمر 30 حتى 70 سنة، يُعتبر هذا النمط أفضل إنذاراً من ساركوما العظام.
- ساركوما إيوينغ (Ewing sarcoma): من الأنماط النادرة لسرطان العظام، يُشاهد هذا النمط بشكل أكثر شيوعاً في عظام الحوض والعظام الطويلة للأطراف السفلية وبشكل أقل شيوعاً بالأضلاع وقد يصيب أي عظم بالجسم، وقد ينشأ سرطان إيوينغ في بعض الحالات من النسيج الرخو حول العظام كالنسيج الغضروفي أو النسيج العضلي.
عوامل الخطورة للإصابة بسرطان العظام
- التعرض للإشعاع: يزيد خطر تطور الخلايا السرطانية، على سبيل المثال يُمكن أثناء علاج سرطان الثدي شعاعياً أن تتطور خباثة في مكان آخر بالجسم كسرطان العظام
- مرض باجت الذي يصيب العظام (Paget disease): يُسبب هذا المرض تشكُل نسيج عظمي غير طبيعي ضعيف ينكسر بسهولة، كما يوجد خطر تحول لسرطان العظام ولكنّهُ ضئيل
- قصة عائلية للإصابة بالسرطان أو الإصابة بمتلازمات وراثية سرطانية نادرة
- إجراء زرع لنقي العظام سابقاً من أجل علاج مُشكلة دموية
- الإصابة بأورام سليمة في العظام قد تحمل خطر التحول لخباثة
- التدخين
أعراض سرطان العظام
تتنوع أعراض سرطان العظام بما يلي:
- الألم العظمي (وهو العرض الأكثر شيوعاً)
- أعراض السرطان العامة كفقدان الشهية وخسارة الوزن
- قد يلاحظ تورُم ساخن على سطح الجلد
- الكسور العظمية المُتكررة بدون سبب مُقنع (سقوط خفيف يُسبب كسر بالعظم)
- صعوبة بالحركة والقيام بالنشاطات الاعتيادية
- قد يكون سرطان العظام غير عرضي عند البعض
- التعب العام والحمى

تشخيص سرطان العظام
يبدي السرطان العديد من العلامات التي يتحرى عنها الطبيب أثناء الفحص، إضافة إلى أعراض عامة مثل الألم وارتفاع الحرارة وغيرها من الأعراض وتكون سبباً لطلب المشورة الطبية في البداية، لكن أهم ما يتم التركيز عليه قبل وضع التشخيص النهائي وتحديد نوع السرطان ثم اختيار طرق علاج ملائمة له، هو تحديد فيما إذا كان السرطان العظمي أولياً أم ثانوياً بالإضافة لتمييز الورم الحميد من الخبيث.
يعتمد التشخيص الدقيق لسرطان العظام على معرفة أي عظام يُصيب وما هو مكانه الدقيق في العظم، وكيف يبدو في التصوير الشعاعي وماهي الخلايا الورمية الموجودة عند فحص الخزعة تحت المجهر، وتكون الخطوة الأولى هي القصة السريرية الدقيقة طبياً والتيي يدونها عناصر الفريق الطبي حيث يحتاجون لسؤال المريض عن أبرز المشكلات الصحية السابقة التي عانى منها، وأسباب دخوله المشفى سابقاً، والأدوية التي يتناولها، والعمليات الجراحية التي أجراها.
بعدها يأتي الفحص السريري الذي يعتبر من الخطوات الهامة، ويمكن تحديد الإصابة بورم حميد مثلاً عن طريق جس الكتلة مباشرة، ويساعد الفحص في تعزيز الثقة بين الطبيب والمريض الأمر الذي يسمح بتقديم المساعدة الطبية بالشكل الأمثل، ومن أجل تحديد التفاصيل المتعلقة بسرطان العظام يوجد فحوصات متممة يتم اللجوء إليها عادةً.
التصوير الشعاعي لسرطان العظام
من خلال تقنيات التصوير الحديثة مثل الأشعة السينية، والتصوير الرنيني االمغناطيسي (MRI) أو المواد المشعة لتشكيل صورة عالية الدقة عن العضو المصاب، فوجود العديد من الخيارات قد سمح بإمكانية التعرف على معظم الحالات النادرة والصعبة وتشخيصها بشكل صحيح.

تتضمن أحدث طرق التصوير المستخدمة في تشخيص السرطان العظمي:
- الأشعة السينية: و هي الإجراء الأول حيث يبدو سرطان العظام واضحاً، مع ذلك قد يوجد سرطانات لا تظهر على الصورة البسيطة.
- الرنين المغناطيسي (MRI): تعد تقنية أكثر أماناً حيث لا يتعرض المرضى فيها للإشعاع، ومن الممكن حقن مادة تساعد في جعل الصورة أكثر تبايناً مثل الغادولينيوم.
- الطبقي المحوري: ليس بنفس فعالية الرنين في تصوير سرطان العظام لكن قد يتم اللجوء إليه عند أخذ خزعة.
- التصوير بالإصدار البوزيتروني: باستخدام سكر موسوم شعاعياً يتم كشف عن الانتشار السرطاني الجسم.
الخزعة لتشخيص سرطان العظام
قد يفيد استخدام طرق تصوير مختلفة في توجيهنا في الكشف عن سرطان العظام وتحديد أنواع الأنسجة المصابة لكن التشخيص النهائي يكون عن طريق الخزعة دوماً، من خلال إزالة كمية قليلة من النسيج من المنطقة المشبوهة وفحصها تحت المجهر، وللخزعة نوعان:
- الخزع بالإبرة: تتم إما عن طريق إبرة ثخينة أو رفيعة وهي قليلة الاستخدام في سرطان العظام.
- الخرعة الجراحية: قد تكون اقتطاعية للتشخيص أو استئصالية تزيل السرطان بالكامل.
الفحوص المخبرية لتشخيص سرطان العظام
يتم إرسال خزع سرطان العظام إلى مخبر التشريح المرضي لفحصها وتحديد درجة السرطان وخطورته، وقد يقوم اخصائي الأورام بطلب تحاليل دموية مثل:
- الفوسفاتاز القلوية
- LDH
- تعداد دم وصيغة
- فحوصات كيميائية

طُرق علاج سرطان العظم في تركيا
في العقد الأخير تطورت تركيا في مجال علاج السرطان بمختلف أنواعه حتى أصبحت تركيا واحدة من الدول الرائدة في طرق علاج الورم السرطاني الخبيث طبياً بالإضافة إلى تأمين مراكز مُتخصصة ل علاج السرطان بمختلف أنواعه، وتعتمد خيارات علاج سرطان العظم على نوع السرطان وحجمه وفي حال انتشر إلى أماكن أُخرى من الجسم أم لا، ففي طبيعة الحال كُلما تم تشخيص سرطان العظام بمرحلة أبكر زادت فُرص نجاح العلاج والشفاء من السرطان.
علاج سرطان العظم الجراحي
من أكثر طرق علاج سرطان العظام تطبيقاً، يتم عادةً بدء العلاج الجراحي بعد أخذ الخزعة وتحديد نوع السرطان، ومن الهام جداً أن يتم تنسيق الخزعة والاستئصال الجراحي مع بعضهما وأن تتم تحت أيدي خبيرة، حيث تعتمد الطريقة الجراحية الأشيع في علاج سرطان العظم على استئصال الورم بشكل كامل أو شبه كامل، لأنّ الأمراض الخبيثة تنكس إن تم ترك القليل من السرطان دون استئصال، الأمر الذي يفسر قيام الجراح بإزالة القليل من النسيج السليم حول الورم كمسافة أمان حيث يدعى هذا الإجراء بالاستئصال الواسع.
بعد الجراحة تُرسل النسج التي أزيلت للمخبر الذي يحدد إن كانت حواف السرطان المستأصل سليمة أو خبيثة من أجل إعادة الاستئصال، وقد يختلف العلاج الجراحي في سرطان العظام بحسب مكانه، ففي أورام الأطراف هناك نوعان من الإجراءات الجراحية:
- الجراحة المحافظة على الطرف: يستطيع غالبية المرضى القيام بهذه العملية على الرغم من صعوبتها، الهدف الأساسي هو إزالة السرطان بالكامل بطريقة تحافظ على الطرف.
- بتر الطرف: قد يكون الخيار الأفضل لعلاج سرطان العظم الكبير والمنتشر، وعادة ما يتم القيام بجراحة تصنيعية متممة تساعد المرضى على القيام بنشاطاتهم اليومية وتركيب أطراف صناعية.
ما يلي جرحات تجرى من أجل علاج سرطان العظام في مختلف أنحاء الجسم:
- جراحات الورك: من العمليات الصعبة ويتم معها تطبيق العلاج الكيميائي المتمم عادة.
- عمليات العمود الفقري: قد يكون من غير الممكن استئصال السرطان بالجراحة فقط فيتم اللجوء لعلاجات متتمة كالإشعاع.
- إيثاق المفاصل: يصيب سرطان العظام المفاصل أحياناً وقد تتم إزالة المفصل وربط العظمين ببعضهما وتؤدي إلى فقدان القدرة على الحركة الذي يمكن التعايش معه بالعلاج الفيزيائي.
- الكورتاج العظمي: يستعمل لعلاج سرطانات العظام التي لاتنكس عادة ولا تعطي نقائل.
علاج سرطان العظم الشعاعي
في العلاج الإشعاعي لسرطان العظم حيث يتم تسليط حزمة عالية من الأشعة الموجهة بواسطة أجهزة حديثة باتجاه الورم من أجل قتل الخلايا السرطانية وتقليص حجم الورم، وقد يتم اللجوء للعلاج الإشعاعي قبل الجراحة وذلك لتقليص حجم سرطان العظام قدر الإمكان من أجل استئصاله بشكل كامل خلال العمل الجراحي، كما يُمكن أيضاً أن يتم اللجوء ل العلاج الإشعاعي عند المرضى الذين لا يستطيعون خوض عملية جراحية لاستئصال الورم.
قد يؤدي علاج سرطان العظم الإشعاعي بعض الآثار الجانبية، مثل:
- قد تؤثر على الخصوبة وتُسبب العقم
- نشوء سرطان بمكان آخر بالجسم
- احمرار والتهاب بالجلد
- تساقط الشعر بشكل مؤقت
- تصلب المفاصل والعضلات
- التعب العام
علاج سرطان العظم الكيميائي
هذا النمط من العلاج يعتمد على أخذ أدوية إما عن طريق الفم أو عن طريق حقن الأدوية بالوريد، حيث تعمل هذه الأدوية على قتل خلايا سرطان العظام، ويُمكن أن يتم مُشاركة العلاج الكيميائي مع الجراحة و العلاج الإشعاعي معاً، في الواقع إنََ فعالية العلاج الكيميائي تعتمد إلى حدٍ كبير على نمط السرطان، ففي حال الساركوما الغضروفية يكون العلاج الكيميائي ذو فعالية ضعيفة، بينما يكون العلاج الكيميائي فعالاً وأساسياً في علاج ساركوما العظام و سرطان إيوينغ.
يُمكن أيضاً أن يتم اللجوء للعلاج الكيميائي في تدبير النقائل السرطانية، تعرف أكثر عن العلاج الكيميائي في تركيا.
يحمل علاج سرطان العظم الكيميائي لمرضى السرطان آثار جانبية ومنها:
- ضعف المناعة وزيادة التعرض للإنتانات
- غثيان وإقياء وإمساك
- فقر دم وتساقط الشعر
- تعب عام
علاج سرطان العظم الهدفي
تُعتبر أدوية العلاج الهدفي من الأدوية التي تساعد في علاج سرطان العظم، تعمل هذه الأدوية عن طريق استهداف الجينات أو البروتينات أو الأوعية الدموية التي تُغذي السرطان والمسؤولة عن نمو الخلايا السرطانية مما يؤدي إلى إضعاف نمو سرطان العظام وانتشاره، وغالباً يتم مشاركة أدوية العلاج الهدفي مع العلاج الكيميائي أثناء علاج السرطان، يُطلق على هذه الادويه المستخدمة في علاج سرطان العظم مثبطات الكيناز ومن الأمثلة عنها: Imatinib وSunitinib.
الآثار الجانبية لعلاج سرطان العظم
تتضمن اختلاطات علاج سرطان العظم بالجراحة:
- اختلاطات قصيرة الأمد: ليست شائعة ولكنها قد تكون خطرة عند حدوثها مثل النزف الشديد، وتشكل الخثرات والالتهابات والألم.
- اختلاطات طويلة الأمد: كالتهاب البشرة مكان الطرف الصنعي أو أذية الأعصاب مكان الجرح مؤدياً لحدوث التنميل و الشلل.
أما طرق علاج سرطان العظم اللاجراحية فمن الممكن أن تسبب:
- تساقط الشعر خصوصاً في العلاج الكيميائي
- حروق الجلد وتحسسه بعد العلاج الشعاعي
- غثيان وإقياء وفقدان الشهية
- جفاف الفم والإسهال
نتائج علاج سرطان العظم
في السبعينات كان العلاج الأساسي لساركوما العظام هو البتر، وكانت نسب الشفاء لاتتجاوز 20%، ولحسن الحظ في الثمانينات حدثت نقلة نوعية في طرق علاج سرطان العظم حيث تم تطبيق تقنيات جراحية أنجح ودخلت المعالجة الكيميائية حيز التنفيذ، في وقتنا الحالي يخضع 80-95% من المرضى للجراحة المحافظة على الطرف مع علاج كيميائي متمم والنكس نادر إلا في حال لم يتم الاستئصال بشكل صحيح حيث قد تصل نسبته 25% وهنا تأتي أهمية الوصول للجراح الخبير، ويتم علاج سرطان العظام عن طريق التشعيع إن تعذر العمل الجراحي ولكن نسب نجاحه أقل.
في الختام، يعد سرطان العظام من السرطانات الخطيرة التي تؤثر على حياة المريض وقد تؤدي إلى الوفاة، ولكن مع تطور علاج سرطان العظم في تركيا، أصبح المريض أكثر عرضة للشفاء، وبأقل المضاعفات من خلال أحدث التقنيات الطبية وبأفضل الأيادي الخبيرة.
المصادر:
- American Cancer Society. (2020). Bone cancer.
- Cancer Association of South Africa (CANSA). (2021, January). Fact sheet on bone cancer (NCR 2017).