تُعد زراعة المثانة الصناعية بعد السرطان خيارًا طبيًا متقدمًا للمرضى الذين خضعوا لاستئصال المثانة نتيجة الإصابة بالسرطان المثانة، ومع تطور الطب التجديدي ومواد الزرع الحيوية، أصبح بالإمكان توفير بديل صناعي آمن وفعّال يحاكي وظيفة المثانة الطبيعية، دون الحاجة لاستخدام الأمعاء كما كان شائعًا في الماضي.
ما هو سرطان المثانة؟
سرطان المثانة هو نوع شائع من السرطانات (سرطان المثانة رابع أكثر أنواع السرطان شيوعًا لدى الذكور) يبدأ في بطانة عضو صغير مجوف في أسفل البطن يُسمى المثانة، الذي يخزن البول، ويحدث سرطان المثانة عندما تتحور بعض الخلايا في النسيج المبطن للمثانة أو تتغير، مما يؤدي إلى تكوين خلايا غير طبيعية تتكاثر وتسبب أورامًا في المثانة. إذا ترك السرطان دون علاج، فأنه ينمو ويتطور من خلال جدران المثانة إلى العقد اللمفاوية القريبة ثم إلى أجزاء أخرى من الجسم، بما في ذلك العظام، الرئتين أو الكبد.

أنواع سرطان المثانة
هناك عدة أنواع من سرطان المثانة تختلف باختلاف الخلايا التي أصيبت بالسرطان وتشمل:
- سرطان الخلايا الانتقالية (Transitional Cell Carcinoma): يُعرف هذا النوع من السرطان أيضًا باسم سرطان المثانة اليوتوثيلي. وهو أكثر أنواع سرطان المثانة شيوعًا. يظهر في الخلايا الظهارية التي تبطن المثانة من الداخل. تنتشر هذه الخلايا الظهارية غير الطبيعية إلى طبقات أعمق في المثانة أو عبر جدار المثانة إلى الأنسجة الدهنية التي تحيط بالمثانة.
- سرطان الخلايا الحرشفية (Squamous Cell Carcinoma): يظهر في الخلايا الرقيقة والمسطحة التي تبطن المثانة (الخلايا الحرشفية) وينتج عن التهاب أو تهيج المثانة لفترات طويلة أو الاستخدام المديد للقسطار البول.
- سرطان الغدد (Adenocarcinoma): نوع نادر جدًا من سرطانات المثانة يظهر في الخلايا المكونة للغدد التي تفرز المخاط في المثانة.
- الساركومة (Sarcoma): يعرف بسرطان الأنسجة الرخوة. يظهر في خلايا عضلات المثانة.
أسباب حدوث سرطان المثانة
تشمل العوامل والأسباب التي قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان المثانة ما يلي:
- التدخين: أكبر عامل مسبب لسرطان المثانة لأنه يسبب تراكم المواد الكيميائية الضارة في البول التي تؤدي إلى تلف بطانة المثانة مما يزيد من احتمال الإصابة بالسرطان.
- التعرض للمواد الكيميائية: التواجد بالقرب من بعض المواد الكيميائية مثل الزرنيخ والمواد الكيميائية المستخدمة في صناعة الأصباغ والمطاط والجلود والمنسوجات ومنتجات الطلاء يزيد من خطر الإصابة بسرطان المثانة.
- التهاب المثانة المزمن: قد يزداد خطر الإصابة بسرطان الخلايا الحرشفية في المثانة عند الإصابة بعدوى المسالك البولية أو التهاباتها المزمنة أو المتكررة (التهاب المثانة)، مثل ما قد يحدث عند استخدام القسطرة البولية على المدى الطويل.
- العلاج الكيميائي: بعض أدوية العلاج الكيميائي (مثل سيكلوفوسفاميد) تزيد أيضًا من خطر الإصابة بسرطان المثانة.
- تاريخ شخصي أو عائلي للإصابة بالسرطان: تعرض المرضى المصابون بسرطان المثانة السابق لخطر متزايد لتشكيل أورام جديدة أو متكررة في المثانة. ويمكن للتاريخ العائلي من سرطان المثانة أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان المثانة.
- النظام الغذائي: تناول الوجبات الغنية باللحوم المقلية والدهون الحيوانية يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان المثانة.
- الجنس: إن الرجال معرضون لخطر أعلى بمقدار ثلاثة أضعاف من النساء للإصابة بسرطان المثانة.
- يعتبر التعرض السابق للإشعاع عامل الخطر التالي الأكثر شيوعًا (على سبيل المثال، كعلاج لسرطان عنق الرحم أو سرطان البروستاتا أو سرطان المستقيم)
أعراض سرطان المثانة
- كثرة التبوُّل
- ألم أثناء التبوّل
- ألم الظهر
- دم في البول (البيلة الدموية)
- صعوبة في التبول
- العدوى المثانية المستمرة
ما هي زراعة المثانة الصناعية؟
زراعة المثانة الصناعية هي عملية استبدال المثانة البولية الطبيعية بالكامل بمثانة صناعية مصنوعة من مادة الألو بلاستيك. وتنقسم هذه المثانات الصناعية إلى نوعين رئيسيين بناءً على قدرتها على التمدد:
| نوع المثانة الصناعية | الخصائص | الميزات التقنية |
|---|---|---|
| نظام المثانة الصناعية الذكية (ABS) | مزروعة بالكامل | -تحتوي على مستشعرات كهرومغناطيسية – مزودة بصمامات تمنع ارتجاع البول – ترسل بيانات عن حالة المثانة لحظيًا للمريض – تحتوي على خوارزميات لحساب حجم البول |
| المثانة الميكاترونية (AMB) / المثانة بحجم متغير (قابل للتمدد) | نظام خزان مرن قابل للتمدد والانكماش تشبه المثانة الطبيعية | – يرسل إنذارات عند الامتلاء – يفرغ البول أوتوماتيكيًا بعد تلقي إشارة عن بُعد – يحتوي على مكونات إضافية مثل الصمامات والهياكل الهيدروليكية – ينظم ضغط البول أثناء التعبئة والتفريغ – مصمم ليُزرع داخل الجسم بعد تحسينات بالحجم والوزن |
| ثانة بحجم ثابت | خزان ذو جدران صلبة وبسيطة | – غير قابلة للتمدد – يمتلئ البول داخله ويصرف بواسطة الجاذبية. |
يكمن الفرق بين المثانة الطبيعية والصناعية:
المثانة الطبيعية تتميز بقدرتها على التمدد والانقباض بشكل ديناميكي، مما يسمح بتخزين البول بضغط منخفض والتحكم الدقيق في التبول من خلال آليات عصبية وعضلية معقدة.
المثانة الصناعية: تعمل بشكل مشابه ولكن يتم التحكم بالتبول من خلال الجاذبية أو بواسطة صمامات وهياكل هيدروليكية،مع احتمالية رفض الجسم لها بسبب طبيعة المادة الصناعية والبيئة الحيوية المحيطة بها.
تعد زراعة المثانة الصناعية بعد السرطان خيارًا مهمًا إذا طلب العلاج استئصال المثانة (Cystectomy)، يتيح هذا الخيار تعويض وظيفة المثانة الطبيعية، ويهدف إلى توفير نظام متكامل لتخزين وتصريف البول.
لماذا يتم اللجوء إلى زراعة المثانة الصناعية بعد السرطان؟
تُعد زراعة المثانة الصناعية خيارًا علاجيًا متقدمًا يُلجأ إليه غالبًا بعد استئصال المثانة الجذري (Cystectomy)، والذي يُجرى عادة لعلاج سرطان المثانة المتقدم. هذا النوع من العمليات يؤدي إلى فقدان كامل للمثانة الطبيعية، ما يستدعي تعويضها بجهاز صناعي قادر على تخزين البول وتصريفه بشكل فعّال، حيث أنه زراعة المثانة الصناعية تُوفر حلاً مناسبًا للمرضى الذين لا يمكن استخدام أمعائهم لإعادة بناء المثانة بسبب مضاعفات معوية أو أمراض مزمنة أو ضعف عام في الحالة الصحية كذلك، تعتبر خيارًا للمرضى الذين يعانون من احتباس بولي دائم أو سلس بولي شديد غير قابل للعلاج أو من يعانون من عيوب خلقية أو عصبية تؤثر على وظيفة المثانة، حيث أنه تهدف هذه المثانة إلى محاكاة وظيفة المثانة الطبيعية وتعويض غيابها.

كيفية إجراء عملية زراعة المثانة الصناعية بعد السرطان
- التخطيط المسبق والتقييم: يتم تقييم حالة المريض بشكل شامل، خاصةً وظيفة الكلى، حالة الحالبين، والتأكد من عدم وجود التهابات نشطة، ويجب اختيار نوع المثانة الصناعية المناسبة (ثابتة الحجم أو ميكاترونية) بناءً على الحالة السريرية واحتياجات المريض.
- التحضير للجراحة: تعقيم المنطقة الجراحية بالكامل.تحضير كافة الأجهزة والأنظمة التي سيتم زراعتها، بما في ذلك الخزان الصناعي، الصمامات، وأجهزة الاستشعار.
- الشق الجراحي واستئصال المثانة الطبيعية: يتم إزالة المثانة الطبيعية بشكل كامل، ويجب مراقبة وحماية الكلى والحالبين خلال العملية.
- تركيب المثانة الصناعية: زرع الخزان الصناعي في موقع مناسب داخل تجويف البطن.توصيل الحالبين بالمثانة الصناعية عن طريق صمامات فحص تمنع ارتجاع البول، تثبيت صمام الإحليل الذي يتحكم في عملية الإفراغ.تركيب أجهزة الاستشعار ووحدة التحكم المدمجة في الجهاز.
- اختبار الوظيفة داخل الجسم: التأكد من غلق جميع التوصيلات بشكل محكم لمنع تسرب البول، ومراقبة الضغط والتدفق داخل الجهاز لضمان عمل الصمامات بشكل صحيح.لتأكد من أن جهاز الاستشعار ونظام التحكم يعملان بشكل جيد ومن دون مشاكل.
- إغلاق الجرح والمتابعة: إغلاق الشق الجراحي بعناية مع ضمان عدم وجود تسرب، ربط نظام نقل البيانات اللاسلكي لوصول المريض إلى بيانات حجم البول وتنبيهات الجهاز.متابعة المريض بعد زراعة المثانة لمراقبة أي مضاعفات مثل الالتهابات أو مشاكل في التفريغ.
- التدريب والتكيف: تعليم المريض كيفية مراقبة حالة الجهاز والتفاعل مع التنبيهات، وتوضيح كيفية استخدام جهاز التحكم عن بعد للتحكم بعملية الإفراغ (في حالة النماذج الذكية والميكاترونية).
فوائد زراعة المثانة الصناعية بعد السرطان
- استعادة وظيفة التبول الطبيعية: تبرز أهمية زراعة المثانة الصناعية بعد علاج السرطان في استعادة وظيفة التبول الطبيعية، حيث توفر هذه المثانة بديلاً للمثانة الطبيعية التي تمت إزالتها جراحيًا، مما يسمح للمريض بتخزين وتصريف البول بطريقة أكثر طبيعية وفعالية.
- تحسين جودة الحياة بعد علاج السرطان: ذلك من خلال التقليل من الاعتماد على الكيس البولي الخارجي أو الجراحات التعويضية المعقدة، ما ينعكس إيجابيًا على الجانب النفسي والاجتماعي للمريض.
مخاطر ومضاعفات زراعة المثانة الصناعية بعد السرطان
لزراعة المثانة الصناعية بعد السرطان مخاطر وهي:
- مخاطر جراحية عامة:
- النزيف.
- التهابات الجرح.
- مخاطر التخدير.
- مخاطر متعلقة بتركيب المثانة الصناعية:
- عدم الالتئام الجيد لمواقع الربط بين المثانة الصناعية والحالبين أو الإحليل.
- تسرب البول.
- انسداد مجرى البول.
ولزراعة المثانة الصناعية بعد السرطان مضاعفات مختلفة ومنها:
- العدوى: الناتجة عن دخول جسم غريب داخل الجسم أثناء العملية مما يؤدي إالى التهابات في الجهاز البولي أو حول المثانة الصناعية.
- الاستسقاء الكلوي (Hydronephrosis): الناتج عن انسداد مجرى التبول بسبب مشكلة في الصمامات أو تضيق في أماكن الربط، والذي بدوره يتطور إلى فشل كلوي إذا لم يعالج.
- مشاكل في التحكم في التبول: صعوبة في تفريغ المثانة بالكامل أو تسرب البول.
- تكلس وترسيب المعادن: ناتج عن تراكم الأيونات في البول على سطح المثانة الصناعية، مما قد يؤدي إلى تكون حصى أو انسداد.
- تكوين زوائد لحمية (Papilloma): الناتج عن استخدام أنابيب أو مواد اصطناعية داخل الحالب أو الإحليل، مما يسبب انسدادًا متكررًا.
- ضعف ااقدرة الجنسية: نسبة كبيرة من الرجال يعانون من ضعف الانتصاب بعد الجراحة، بينما النساء قد تواجه مشكلات تتعلق بالرغبة أو الحسّاسية الجنسية .
فترة التعافي بعد زراعة المثانة الصناعية بعد السرطان
تختلف فترة التعافي بعد زراعة مثانة صناعية بعد السرطان بين 6–12 شهرًا، وقد يستمر التعافي حتى السنة الثانية. وخلال هذه الفترة يجب على المريض القيام بعدد من الإجراءات خلال فترة التعافي وتشمل:
- العناية بالجروح والقطب: الحفاظ على نظافة الشق الجراحي وعدم الاستحمام إلا بعد 24–48 ساعة، مع تجفيف الجرح جيدًا.
- إدارة القسطرة والبول: تبقى القسطرة البولية مدة أشهر ثم تُزال تدريجيًا.
- النشاط البدني الخفيف: تجنب رفع أشياء ثقيلة أو الضغط المباشر على المنطقة الجراحية لمدة 6 أسابيع إلى 3 أشهر.
- المتابعة المخبرية المستمرة: لتقييم أداء المثانة الجديدة والوقاية من حدوث مضاعفات.
- الزيارة الدورية للطبيب: بعد 2–4 أسابيع، ثم كل بضعة أشهر، ثم سنويًا مدى الحياة.
البدائل الأخرى لزراعة المثانة الصناعية بعد السرطان
يوجد العديد من البدائل عن المثانة الصناعية ويوضح الجدول التالي أهم الاختلافات بين هذه التقنيات
| المعيار | القناة اللفائفية (Ileal Conduit) | المثانة المعاد بناؤها (Neobladder) | المثانة الصناعية (Alloplastic Bladder) |
|---|---|---|---|
| الفعالية الوظيفية | جيدة في تصريف البول لكن تحتاج إلى وجود كيس خارجي دائم | تحاكي التبول الطبيعي ولكن قد يوجد مشاكل في التبول | تشابه المثانة الطبيعية من حيث الية تخزين وتصريف البول |
| راحة المريض | أقل راحة بسبب الحاجة إلى حمل كيس خارجي بشكل دائم | أعلى راحة مع جودة حياة أفضل، إذ تسمح بالتبول عبر الإحليل | هدفها توفير راحة مماثلة للمثانة الطبيعية، لكن لم تُطبّق على نطاق واسع |
| المضاعفات المحتملة | التهابات الجلد، تسرب البول، التهابات المسالك والطرق البولية | احتباس البول، عدم التحكم في التبول، التهابات المسالك | مشاكل التكلس، الالتهابات، الفشل الكلوي |
| تعقيد الجراحة | أبسط مقارنة بالمثانة المعاد بناؤها | أكثر تعقيدًا، تتطلب مهارة عالية | تقنيات متطورة تحتاج لتطويرات مستقبلية وخبرات كبيرة |
| الملائمة للمرضى | مناسبة لجميع المرضى، خاصة كبار السن أو أصحاب الحالات المعقدة | تناسب المرضى الأصغر سنًا وأصحاء نسبيًا | مناسبة للجميع المرضى |
ختاماً، زراعة المثانة الصناعية بعد السرطان تمثل قفزة نوعية في علاج حالات استئصال المثانة الجذري، حيث توفر حلاً بديلاً يحافظ على جودة الحياة والوظيفة البولية. ورغم أن هذا النهج لا يزال في مراحله التطويرية، إلا أن التقدّم في هذا المجال ينبئ بمستقبل واعد للمرضى الباحثين عن حلول مبتكرة بعد العلاج من سرطان المثانة.
المصادر:
- Pane, S., Mazzocchi, T., Iacovacci, V., Ricotti, L., & Menciassi, A. (2021). Smart implantable artificial bladder: An integrated design for organ replacement. IEEE Transactions on Biomedical Engineering, 68(7), 2088–2097.
- National Cancer Institute. (2023, February 16). What is bladder cancer? National Cancer Institute.
