.floating_btn{ display:none !important; } .println-contact-form-button-element{ display:none !important; }
يُعد ألم مفصل الكوع من الأعراض الشائعة نسبياً في الممارسة الطبية، ويشكل محور اهتمام متزايد في الدراسات السريرية والوبائية على حد سواء، ورغم أن شدة الألم وأسبابه قد تتفاوت بين الأفراد، إلا أنّ أثره على النشاط اليومي والوظيفة الحركية يظل ملحوظاً.
وتشير التقديرات إلى أن ما يقارب %3-1 من البالغين يعانون من ألم مفصل الكوع في مرحلة ما من حياتهم، وهو ما يبرز أهمية تناول هذا الموضوع بالبحث والتحليل العلمي، حيث سنتعرف في هذه المقالة على أهم أسباب ألم مفصل الكوع وطرق التشخيص والعلاج.
معلومات عن مفصل الكوع
لفهم طبيعة ألم مفصل الكوع وأسبابه الشائعة، لا بد من التعمّق في بنية المفصل وتعقيداته التشريحية، حيث يُعدّ مفصل الكوع من المفاصل المحورية المعقدة، ويتكوّن من التقاء ثلاثة عظام رئيسية هي: عظم العضد من أعلى، وعظمي الساعد، وهما الزند والكعبرة من الأسفل، إذ أنّ هذا المفصل مصمم بطريقة تتيح حركتين رئيسيتين: ثني وبسط الذراع، بالإضافة إلى دوران الساعد بفضل دوران الجزء العلوي من عظم الكعبرة حول الزند، وفي نهاية عظم العضد، يمكن جسُّ نتوءين عظميين واضحين عند ثني المرفق، وهما:
- اللقيمة الجانبية (الوحشية): تقع على الجانب الخارجي للكوع، وتتصل بها عضلات الساعد التي تساعد على بسط (مدّ) المعصم والأصابع، ويتم تعصيب هذه العضلات بواسطة العصب الكعبري. إصابة الأوتار المتصلة بهذه المنطقة تؤدي إلى حالة تُعرف باسم التهاب اللقيمة الوحشية أو ما يُعرف بـ مرفق التنس، وهي إصابة شائعة لدى من يستخدمون أذرعهم في الحركات المتكررة، مثل لاعبي التنس أو العاملين في الأعمال اليدوية الدقيقة.
- اللقيمة الوسطى (الإنسية): تقع على الجانب الداخلي للكوع، وترتبط بها عضلات مسؤولة عن قبض (ثني) المعصم والأصابع، ويتم تعصيبها بواسطة العصب الناصف، وعند إصابة هذه الأوتار، يحدث ما يُعرف بـ التهاب اللقيمة الإنسية أو مرفق الغولف، ويشيع هذا النوع من الإصابات بين من يقومون بحركات معصم متكررة أو يرفعون أوزانًا بشكل خاطئ.
أما العصب الزندي، فهو يمر على الجانب الداخلي للكوع ويغذي عضلات اليد الصغيرة المسؤولة عن الحركات الدقيقة، كتحريك الأصابع بدقة والإمساك بالأشياء الصغيرة، وعند الضغط عليه، كما يحدث عند ارتطام الكوع، يشعر الشخص بتنميل حاد أو صدمة كهربائية مفاجئة تمتد حتى الأصابع، وهي ظاهرة شائعة ولكن مزعجة، وتُعدّ الأربطة والأوتار عنصرًا أساسيًا في دعم المفصل، حيث تقوم الأوتار بربط العضلات بالعظام، بينما تعمل الأربطة على ربط العظام ببعضها لتثبيت المفصل ومنع حدوث خلع أو حركة غير طبيعية.
وقد ينشأ ألم مفصل الكوع نتيجة إصابة أيّ من هذه المكونات، سواء بسبب الإفراط في الاستخدام أثناء النشاطات اليومية أو الرياضية، أو نتيجة أمراض التهابية مثل التهاب جراب الكوع أو الاضطرابات التنكسية كما سنرى، وغالباً ما يظهر الألم في حالات مثل مرفق التنس أو مرفق الغولف مباشرة بعد التمارين أو عند حمل الأشياء.

أسباب ألم مفصل الكوع
هنالك العديد من الأسباب التي تسبب ألم مفصل الكوع فهنالك مسببات قد تسبب ألم مفصل الكوع الداخلي أو ألم مفصل الكوع الخارجي، وسنفصل فيما يلي، في أهم أسباب ألم مفصل الكوع.
متلازمة النفق المرفقي
تحدث متلازمة النفق الرسغي عندما ينضغط العصب الناصف بين الرباط الليفي والأربطة المحيطة بالرسغ، مما يسبب الألم، والتنميل، والضعف في اليد، خاصة في الإبهام، والسبابة، والوسطى، وتعتبر شائعة خصوصًا بين النساء.
التهاب المفاصل الروماتويدي
هو اضطراب مناعي ذاتي يمكن أن يؤدي إلى التهاب شديد في المفاصل، مما يسبب ألماً وتورماً ملحوظاً فيها، وقد تظهر المفاصل المصابة بالاحمرار والتورم، كما تشعر بحرارة في المنطقة المصابة وقد تكون شديدة التصلب والألم عند اللمس، ويحدث هذا عندما يُخطئ جهاز المناعة في تحديد الأجسام الغريبة في الجسم، ويبدأ في مهاجمة الأنسجة السليمة عن غير قصد، ما يؤدي إلى تفاعل التهابي يُضر بالمفاصل والأعضاء المختلفة.
النقرس
هو نوع من التهاب المفاصل الذي يحدث عندما يتراكم حمض البوليك على شكل بلورات في المفاصل، خاصة في مفاصل القدمين وقد يحدث النقرس في الركبتين والمفاصل الأخرى مثل المرفقين، وهذا التراكم يسبب التهاباً حاداً في المفصل، ما يؤدي إلى ألم شديد، تورم، واحمرار في المنطقة المصابة، وقد يصبح الجلد المحيط بالمفصل لامعاً ودافئاً نتيجة الالتهاب.
التهاب المفاصل التنكسي (الفصال العظمي)
الفصال العظمي هو حالة مزمنة تتطور تدريجياً مع مرور الوقت، حيث يبدأ الغضروف الذي يعمل كوسادة بين العظام في التآكل نتيجة للاستخدام المستمر والتقدم في العمر، ومع تآكل الغضروف، يبدأ الاحتكاك المباشر بين العظام في المفصل، مما يتسبب في شعور الشخص بالألم الشديد، والتيبس، وتراجع القدرة على تحريك المفصل بشكل طبيعي.
الذئبة الحمامية الجهازية
الذئبة الحمراء هي حالة مناعية ذاتية مزمنة حيث يهاجم جهاز المناعة الأنسجة السليمة عن طريق الخطأ، تؤثر بشكل رئيسي على المفاصل مثل اليدين والقدمين، وقد تصيب المرفقين أيضاً، مما يؤدي إلى تورم، وألم، واحمرار في المفاصل، وقد تصاحبها أعراض جلدية مثل الطفح الجلدي على شكل فراشة على الوجه.
التهاب مفصل الكوع الصدفي
هو نوع من أمراض المناعة الذاتية يرتبط بالتهاب المفاصل ومرض الصدفية الجلدي، ويتسبب في ألم، التهاب، تيبس، وتورم في المفاصل، بالإضافة إلى تأثيره على الجلد، ويحدث عندما يهاجم جهاز المناعة الأنسجة السليمة، مما يؤدي إلى التهاب المفاصل وأعراض جلدية متزامنة.
مرض لايم
عدوى بكترية ينقلها قراد الأيل، قد يصيب العديد من الأعضاء، مثل القلب والجهاز العصبي، إلا أنّ إصابة المفاصل عادةً ما تكون أكثر الأعراض شيوعًا.
هشاشة العظام
تعد هشاشة العظام حالة تُضعف العظام وتزيد من خطر التعرض للكسور، كما أن يوجد أسباب أخرى لألم مفصل الكوع مثل مرفق الغولف ومرفق التنس بالإضافة للتعرض للكسور بالعظام في مفصل الكوع نتيجة الرضوض القوية، كما قد يتعرض المفصل للخلع، والذي ينجم عن خروج أحد عظام المفصل عن موقعه الطبيعي.

أعراض ألم مفصل الكوع:
تُعدّ أعراض ألم مفصل الكوع مؤشراً مهماً يمكن من خلاله تمييز طبيعة المشكلة الكامنة وراء الإصابة، سواء كانت ناتجة عن التهاب الأوتار، إصابة عضلية، أو حتى اضطرابات عصبية أو مفصلية، ويختلف نمط الأعراض تبعاً للمنطقة المصابة من المفصل ونوع البنية المتأثرة (وتر، أو عضلة، أو عصب، أو مفصل)، ومن هذه الأعراض:
- ألم خفيف في وضع الراحة: يشير الشعور بألم خفيف حتى أثناء السكون إلى وجود التهاب مستمر أو إصابة مزمنة في الأنسجة الرخوة (كالأوتار أو المفصل ذاته)، هذا النوع من الألم غالبًا ما يكون ناتجاً عن التحسس المفرط للنهايات العصبية بفعل الالتهاب طويل الأمد.
- ألم عند تكوين قبضة اليد: يرتبط هذا العرض غالباً بحالة تُعرف بـ التهاب اللقيمة الإنسية (Medial Epicondylitis)، حيث تتأثر الأوتار المرتبطة بالجزء الداخلي من الكوع، والألم يزداد عند استخدام عضلات الساعد التي تقبض المعصم والأصابع.
- ألم عند فتح الأصابع: هذا العرض يُشير عادة إلى التهاب اللقيمة الوحشية (Lateral Epicondylitis)، وهو ناتج عن إصابة الأوتار التي ترتبط بالجانب الخارجي من الكوع والمسؤولة عن بسط الأصابع والمعصم.
- ألم موضعي حول نتوء الكوع: يشير وجود ألم محدد في منطقة واحدة، خاصة حول أحد النتوءين العظميين (اللقيمتين)، إلى وجود إصابة التهابية موضعية في الوتر أو العظم، وقد يصاحب ذلك تورم طفيف أو حرارة موضعية إذا كان الالتهاب نشطاً.
- ضعف في القبضة: ضعف قوة القبض على الأشياء قد يكون عرضاً مبكراً لمشاكل في الأوتار أو الأعصاب المغذية لعضلات الساعد، على سبيل المثال، التهاب الأوتار المزمن قد يُضعف الأداء العضلي، في حين أن ضغط العصب الكعبري أو المتوسط قد يؤدي إلى نقص الإشارات العصبية الذاهبة إلى العضلات المسؤولة عن القبضة.
- ألم وصعوبة عند الإمساك بالأشياء، خاصة مع تمديد الذراع.
تشخيص السبب المؤدي لألم مفصل الكوع
تشخيص السبب المؤدي لألم مفصل الكوع يبدأ عادةً بالقصة السريرية لمعرفة متى بدأ الألم والمعلومات المتعلقة به، ثم الفحص البدني السريري، حيث يقوم الطبيب بالتحقق من وجود الألم والتورم في المفصل المصاب، كما يقوم بتقييم مدى حركة المفصل وتحديد الأوضاع التي تثير الألم، بالإضافة إلى ملاحظة الأعراض الجهازية التي تكون مرافقة لعدد من الأمراض التي قد تؤثر على المفصل وحركته كما أشرنا سابقاً.
في كثير من الأحيان، يُطلب إجراء أشعة سينية لتحديد التغيرات التي تحدث في المفصل، مثل تضييق المفصل أو وجود أجسام غريبة (مثل قطع العظام)، وفي حالة كان ألم مفصل الكوع ناتجاً عن التهاب المفاصل إثر إصابة سابقة، قد تظهر الأشعة السينية وجود اتصال غير صحيح أو فشل في التحام العظام في منطقة المفصل، كما قد تفيد الدراسات المخبرية في بعض الحالات كالنقرس (لتقييم مستويات حمض البول) أو العلامات المناعية الذاتية، بالإضافة لدراسات التوصيل العصبي والخزعة تعتبر إجراءات اقل شيوعاً.
علاج ألم مفصل الكوع بدون تداخل جراحي
يجب علاج ألم مفصل الكوع عند استمرار الألم في المفاصل، أو ازدياد شدة الألم، أو عند ظهور العلامات والأعراض التي تشير إلى التهاب المفاصل، مثل التورم والاحمرار، حيث تكون طرق العلاج حسب كل حالة:
- الراحة وتجنب الأنشطة المجهدة: من المهم التوقف عن ممارسة الرياضات أو الحركات التي تجهد مفصل الكوع خلال فترة التعافي، لأنّ الاستمرار في هذه الأنشطة قد يؤدي إلى تفاقم الإصابة، ومن المهم التنويه إلى أن الراحة المفرطة قد تؤدي إلى تيبّس المفصل وضعف العضلات المحيطة به، مما يزيد من احتمال عودة الألم أو تطوره إلى حالة مزمنة، لذلك يُنصح بإجراء تمارين بسيطة لتحريك المفصل وتقوية العضلات فور زوال الألم الحاد.
- العلاج الفيزيائي: من خلال أداء تمارين خاصة تهدف إلى تقوية العضلات والأوتار المحيطة بالمفصل، ويُستخدم هذا الأسلوب عندما يكون ألم مفصل الكوع ناتجاً عن ضعف في البنية الداعمة للمفصل.
- العلاج بالثلج: من خلال تطبيق كيس ثلج على المفصل لمدة تتراوح بين 10 إلى 15 دقيقة عدة مرات يومياً، حيث يُسهم في تخفيف التورم والألم، مع الانتباه إلى عدم وضع الثلج مباشرة على الجلد أو لفترات طويلة لتجنب حدوث تلف في الأنسجة.
- الأدوية المسكنة والمضادة للالتهاب: مثل الباراسيتامول أو الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs)، ويمكن استخدام المراهم الموضعية لتخفيف الالتهاب عند الحاجة.
- تثبيت المفصل باستخدام الجبيرة: يُساعد وضع الجبيرة على تقليل الضغط على سطوح المفصل، مما يخفف الألم خاصة في حالات الكوع المصاب بكسور خفيفة أو إجهاد زائد.
- حقن الكورتيزون موضعياً: وتُستخدم في حالات ألم مفصل الكوع الشديد أو في حالات التهاب المفصل الصدفي، إذ تساعد في تقليل الالتهاب بسرعة وفعالية.
تُعد هذه الإجراءات فعّالة في معظم الحالات الخفيفة إلى المتوسطة، وقد تقي من الحاجة إلى التدخل الجراحي إذا تم اتباعها بشكل صحيح وتحت إشراف طبي.
علاج ألم مفصل الكوع بالجراحة
في معظم الحالات، يشفى ألم مفصل الكوع باستخدام العلاج المحافظ، والذي يشمل الراحة، العلاج الفيزيائي، وتناول الأدوية المسكنة والمضادة للالتهاب، ومع ذلك، هناك بعض الحالات الشديدة التي لا تستجيب لهذا النوع من العلاج حتى بعد مرور قرابة سنة، وكذلك حالات التهاب مفاصل الكوع المزمنة التي لا تتحسن بالعلاجات غير الجراحية، قد تتطلب تدخلاً جراحياً، وتتضمن الخيارات الجراحية نوعين رئيسيين:
- تنظير مفصل الكوع: يُستخدم هذا الإجراء عندما تتسبب بعض الأجزاء العظمية الرخوة أو التالفة داخل المفصل في حدوث الألم، حيث يتم إجراء شق صغير في الجلد، ومن خلاله يتم إدخال أدوات خاصة لرؤية المفصل بوضوح وإزالة الأنسجة أو القطع التالفة، ويُعد تنظير المفصل من التقنيات الحديثة التي تُساعد على تقليل فترة الشفاء وتسريع العودة إلى النشاط.
- استبدال مفصل الكوع: يُلجأ إليه في حالات التهاب المفاصل المتقدم الذي يُقيّد الحركة بشكل كبير، تتضمن الجراحة إجراء شق جراحي أكبر واستبدال المفصل الطبيعي بآخر اصطناعي لاستعادة الوظيفة وتقليل الألم.
وفي الختام، فإن معظم أسباب ألم مفصل الكوع يمكن تحديدها بسهولة، ويُعتبر تشخيص السبب بدقة الخطوة الأهم نحو العلاج الناجح، ويتم ذلك عبر فحص سريري دقيق مدعوم بوسائل تصوير متقدمة مثل الأشعة السينية، التصوير المقطعي المحوسب (CT)، أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، وغالباً ما يكون العلاج المحافظ هو الخيار العلاجي الأول، ويشمل الراحة، تقليل الإجهاد على المفصل، والأدوية المناسبة، بينما يُلجأ إلى التدخل الجراحي في الحالات المتقدمة أو تلك التي لم تستجب للعلاج التقليدي.
وفي هذا السياق، يتميّز فريق بيمارستان في تركيا بكفاءته العالية وخبرته الواسعة في تشخيص وعلاج أمراض مفصل الكوع، سواء من خلال العلاج المحافظ أو باستخدام أحدث التقنيات الجراحية مثل تنظير المفصل واستبدال المفصل الصناعي، كما يضم المشفى فريقاً طبياً متخصصاً من الأطباء وجراحي العظام المؤهلين دوليًا، ويستخدم أحدث وسائل التشخيص والعلاج المتقدمة عالميًا، مما يضمن نتائج علاجية ممتازة وعودة سريعة للمرضى إلى حياتهم اليومية.
المصادر:
- Versus Arthritis. (n.d.). Elbow pain information booklet .
- East Kent Hospitals University NHS Foundation Trust. (n.d.). Arthritis of the elbow: Information for patients .