يُعد التهاب الملتحمة عند الأطفال، أو ما يُعرف بـ”العين الوردية” من أكثر أمراض العين شيوعاً في الطفولة، خصوصاً لدى من هم دون سن الخامسة. يتسبب هذا الالتهاب باحمرار العين وزيادة الدموع والإفرازات، وغالباً ما يكون ناتجاً عن عدوى فيروسية أو بكتيرية، وقد يظهر أحياناً بسبب التحسس الموسمي أو الغباري.
تُعتبر العدوى المعدية من أكثر الأنواع انتشاراً بين الأطفال، إذ يمكن أن تنتقل بسهولة في المدارس ودور الحضانة، لذلك فإن التشخيص المبكر والعناية الصحيحة يساعدان على الشفاء السريع ومنع انتشار العدوى.
ما هو التهاب الملتحمة عند الأطفال؟
التهاب الملتحمة: هو التهاب يصيب الغشاء الشفاف الذي يغطي بياض العين وداخل الجفون، ويُعد من الحالات الشائعة التي تسبب احمرار العين وتورمها. وعلى الرغم من مظهره المزعج، إلا أنه غالباً ما يكون بسيطاً ويزول خلال أيام قليلة بالعلاج المناسب. قد يحدث الالتهاب بسبب العدوى (فيروسية أو بكتيرية) أو بسبب الحساسية من مواد مثل الغبار أو غبار الطلع.
في الحالات المعدية، يمكن أن تنتقل العدوى بسهولة لأفراد العائلة الآخرين، بينما يكون النوع التحسسي أكثر شيوعاً عند الأطفال الذين يعانون من أمراض تحسسية مثل التهاب الأنف أو حمى القش. ومع أن التهاب الملتحمة يبدو مزعجاً، إلا أنه نادراً ما يسبب مشاكل خطيرة في النظر عند تلقي الرعاية الطبية المناسبة.
أنواع التهاب الملتحمة عند الأطفال
يُصنَّف التهاب الملتحمة عند الأطفال إلى عدة أنواع بحسب السبب المؤدي له، وتشمل الأنواع الأكثر شيوعاً ما يلي:
- التهاب الملتحمة الفيروسي: يُعدّ أكثر الأنواع انتشاراً بين الأطفال وغالباً ما يظهر بعد نزلات البرد أو التهابات الحلق والجيوب الأنفية. تسببه الفيروسات نفسها التي تُسبب الزكام، وينتقل بسهولة عبر ملامسة العينين أو استخدام المناشف المشتركة. يتميز باحمرار العينين وزيادة الدموع والشعور بالحرقان، وغالباً ما يُصيب كلتا العينين.
- التهاب الملتحمة البكتيري: ينتج عن أنواع متعددة من البكتيريا، مثل المكورات العنقودية الذهبية والمستدمية النزلية، وغالباً ما يسبب إفرازات صفراء أو خضراء لزجة تجعل الجفون تلتصق صباحاً. قد يترافق مع التهابات أخرى في الأذن أو الجيوب، ويحتاج عادةً إلى علاج بالمضادات الحيوية الموضعية.
- التهاب الملتحمة التحسّسي: يحدث عند الأطفال الذين يعانون من أمراض تحسسية مثل الربو أو حمى القش. تسببه محفزات بيئية كغبار الطلع ووبر الحيوانات وغبار المنزل. يتظاهر بحكّة شديدة ودموع غزيرة دون وجود إفرازات صديدية، ويكون غير معدٍ إطلاقاً.
- التهاب الملتحمة المهيّج: ينجم عن تعرض العين لمواد مهيّجة مثل الدخان أو تلوث الهواء أو الكلور الموجود في المسابح. يسبب احمراراً مؤقتاً وشعوراً بالوخز يزول عادة بعد إزالة العامل المسبب.
تختلف شدة الأعراض حسب نوع الالتهاب، إلا أن أغلب الحالات تُشفى خلال أيام قليلة عند الالتزام بالعلاج والعناية الصحيحة بالعينين.

أعراض التهاب الملتحمة عند الأطفال
تختلف أعراض التهاب الملتحمة عند الأطفال باختلاف السبب، لكنها غالباً تبدأ باحمرار واضح في العين وشعور بعدم الارتياح أو وكأن هناك رملاً داخل العين. قد يُلاحظ الأهل إفرازات لزجة أو مائية تتجمع أثناء النوم مسببة التصاق الجفون في الصباح. من الأعراض الشائعة أيضاً:
- احمرار أو تلون وردي في بياض العين (وقد تصيب عيناً واحدة أو كلتا العينين)
- تورم بسيط في الجفون يجعل العين تبدو منتفخة
- الحساسية للضوء الساطع والشعور بوخز أو حرقة
- زيادة الدموع أو إفرازات صفراء تميل إلى اللون الأخضر وتجف حول الجفون
- حكة شديدة، خاصة في الحالات التحسسية، حيث يُلاحظ أن الطفل يفرك عينيه باستمرار
- في بعض الحالات الفيروسية قد ترافق الالتهاب أعراض أخرى مثل سيلان الأنف أو السعال أو ألم الأذن
تشخيص التهاب الملتحمة عند الأطفال
يُشخَّص التهاب الملتحمة عند الأطفال من خلال فحص العين مباشرة من قبل طبيب العيون أو طبيب الأطفال، إذ إنّ أعراضه قد تتشابه أحياناً مع أمراض أخرى أكثر خطورة مثل التهابات القرنية أو الحساسية الشديدة. يبدأ التشخيص بأخذ التاريخ المرضي وسؤال الأهل عن مدة الأعراض ووجود أمراض مرافقة كالرشح أو السعال أو الحساسية. بعد ذلك، يفحص الطبيب العين بالمصباح الشقي ليتأكد من وجود الاحمرار والإفرازات وتورم الملتحمة أو الجفون.
في بعض الحالات، خصوصاً إذا كان الالتهاب متكرراً أو لا يستجيب للعلاج، قد يأخذ الطبيب مسحة من الإفراز لفحصها مخبرياً وتحديد نوع الجرثومة المسببة واختيار المضاد الحيوي الأنسب. كما يمكن للطبيب تمييز الالتهاب الفيروسي أو التحسّسي من البكتيري اعتماداً على شكل الإفرازات والأعراض المرافقة. أما في الحالات البسيطة، فغالباً ما يكون التشخيص سريرياً ولا يحتاج إلى فحوص إضافية، ويبدأ العلاج مباشرة لتخفيف الأعراض ومنع انتشار العدوى بين الأطفال في المنزل أو المدرسة.
علاج التهاب الملتحمة عند الأطفال
يختلف علاج التهاب الملتحمة عند الأطفال باختلاف السبب المؤدي له، إذ إنّ معظم الحالات الفيروسية والطفيفة تشفى تلقائياً خلال أسبوع إلى أسبوعين دون الحاجة إلى مضادات حيوية. أما الحالات البكتيرية أو التحسسية فتحتاج إلى تدخل دوائي بسيط يحدده الطبيب.
- العلاج الفيروسي: في حالات العدوى الفيروسية، لا يُستخدم المضاد الحيوي لأنّه لا يؤثر على الفيروس. يكتفى بالعناية المنزلية مثل تنظيف العين بقطن نظيف مبلل بالماء الدافئ، واستخدام قطرات مرطبة (دموع صناعية) لتخفيف التهيّج. عادة تختفي الأعراض تدريجياً خلال 7–10 أيام.
- العلاج البكتيري: إذا كان الالتهاب ناجماً عن بكتيريا، تُستخدم قطرات أو مراهم مضاد حيوي موضعي يصفها الطبيب مثل الإريثروميسين أو التوبراميسين. تساعد هذه القطرات على تسريع الشفاء وتقليل العدوى. يُفضَّل وضع القطرة في الزاوية الداخلية للعين وهي مغلقة، إذ تنساب إلى داخلها عند فتحها، خصوصاً عند الأطفال الذين لا يتعاونون أثناء التقطير.
- العلاج التحسّسي: في حالات التهاب الملتحمة التحسّسي، يُستخدم دواء مضاد للحساسية على شكل قطرات أو شراب، ويمكن للطبيب وصف قطرات مضادة للهيستامين أو كورتيكوستيرويدية خفيفة عند الحاجة. يُنصح أيضاً بتجنّب التعرض للمهيجات مثل الغبار ووبر الحيوانات وحبوب اللقاح.
- العناية المنزلية والدعم العام: هنالك العديد من التعليمات التي يمكن تطبيقها منها:
- تنظيف العين بلطف من الداخل إلى الخارج باستخدام قطن نظيف مبلل بالماء الدافئ مع التخلص من كل قطعة بعد الاستخدام لتجنب العدوى
- تجنب فرك العينين أو لمسها بالأيدي المتسخة
- منع الطفل من استخدام العدسات اللاصقة حتى زوال الأعراض تماماً
- يمكن إعطاء خافض حرارة أو مسكن بسيط (مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين) لتخفيف الانزعاج عند الحاجة
- يجب مراجعة الطبيب إذا استمر الاحمرار أو الإفرازات أكثر من أسبوعين أو ساءت الأعراض مع الوقت
معظم الأطفال يتماثلون للشفاء الكامل خلال أسبوعين تقريباً عند الالتزام بالتعليمات والنظافة الجيدة للعين.

الوقاية من التهاب الملتحمة عند الأطفال
تُعدّ العدوى من أكثر أسباب التهاب الملتحمة عند الأطفال شيوعاً، لذلك فإن الوقاية تعتمد بشكل رئيسي على النظافة الشخصية. يجب تعليم الأطفال غسل أيديهم بانتظام بالماء الدافئ والصابون، وعدم لمس أو فرك العينين بالأيدي المتسخة. يُنصح بعدم مشاركة المناشف أو الوسائد أو أدوات النظافة مع الآخرين، وغسل أغطية الوسائد وقطع القماش بالماء الساخن والمنظفات بانتظام. يُستحسن تنظيف الألعاب والأسطح التي يلمسها الطفل المصاب لمنع انتشار العدوى داخل المنزل.
أما في الحالات التحسّسية، فيُفضل إبقاء النوافذ مغلقة في أيام ارتفاع غبار الطلع، وتنظيف المنزل بانتظام لتقليل الغبار ووبر الحيوانات. يمكن الوقاية من بعض أنواع التهاب الملتحمة عند حديثي الولادة من خلال الفحص الدوري للأمهات أثناء الحمل للكشف عن الالتهابات المنقولة جنسياً ومعالجتها مبكراً.
متى يجب مراجعة الطبيب؟
يُنصح بمراجعة طبيب العيون فوراً في حال استمرار احمرار العين أكثر من أسبوع، أو عند ملاحظة إفرازات غزيرة، أو تورم شديد في الجفون، أو حساسية مفرطة للضوء، أو ألم واضح داخل العين. كما يجب مراجعة الطبيب دون تأخير إذا أصيب الرضيع بعين حمراء أو إفرازات قيحية، لأنّ العدوى في هذا العمر قد تكون خطيرة وتحتاج إلى علاج فوري. حتى في الحالات البسيطة، يُستحسن المتابعة الطبية للتأكد من شفاء الالتهاب تماماً ومنع انتقاله لبقية أفراد الأسرة أو الأطفال في المدرسة.
في الختام، يُعتبر التهاب الملتحمة عند الأطفال من الحالات الشائعة والمزعجة، لكنه في الغالب غير خطير وسهل العلاج عند التشخيص المبكر والالتزام بالنظافة والعناية الصحيحة بالعينين. الوقاية السليمة، وغسل اليدين بانتظام، وتجنب مشاركة الأدوات الشخصية، هي الخطوة الأهم لحماية الطفل من تكرار العدوى. في مركز بيمارستان الطبي نساعد المريض على الوصول إلى أفضل أطباء العيون في تركيا لتشخيص وعلاج جميع أمراض العيون عند الأطفال بأحدث التقنيات الطبية.
المصادر:
- American Academy of Ophthalmology. (2024). Conjunctivitis in children (pink eye). Retrieved October 31, 2025,
- NHS. (2024). Conjunctivitis in children.
- Centers for Disease Control and Prevention (CDC). (2024). How to prevent pink eye (conjunctivitis).
