في عصرٍ أصبحت فيه التكنولوجيا الطبية تمضي بخطى متسارعة، برزت تقنيات تصحيح النظر كأحد أعظم إنجازات الطب البصري الحديث ومن بين هذه التقنيات تبرز عملية آي ليزك (iLASIK) كخيار متطور يجمع بين الدقة المتناهية والتخصيص الفريد لكل عين، ما يجعلها واحدة من أكثر العمليات أماناً وفعالية لتصحيح الإبصار. فهل يمكن أن نودّع النظارات والعدسات اللاصقة إلى الأبد؟ في هذه المقالة، نستعرض كيف تعمل تقنية آي ليزك وما يميزها عن غيرها من جراحات تصحيح النظر ولماذا أصبحت الأمل الجديد لملايين يعانون من قصر النظر أو طوله أو حتى الانحراف البصري.
ما هي عملية آي-ليزك (iLASIK)؟
تعد عملية آي-ليزك من أحدث تقنيات تصحيح الإبصار بالليزر وأكثرها تطوراً، ويُطلق عليه أحياناً الليزك بدون شفرة لكونه يعتمد كلياً على الليزر في جميع مراحل العملية بما في ذلك إنشاء رفرف القرنية دون الحاجة إلى أدوات جراحية تقليدية.
ما يميز عملية آي-ليزك هو قدرته على تقديم تصحيح بصري مخصص بنسبة 100% لكل عين وذلك بفضل استخدام تقنية موجات الواجهة (Wavefront-Guided) المتقدمة والمعتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA). هذه التقنية تتيح إعادة تشكيل دقيقة للقرنية بما يتناسب مع الخصائص المميزة لكل مريض مما يرفع من مستوى الأمان والدقة إلى درجات عالية.
بفضل هذا التطور، أصبح بالإمكان تصحيح مدى واسع من مشكلات الرؤية مثل قصر النظر ومدّ النظر والانحراف، مع معدلات نجاح عالية حيث يستعيد معظم المرضى رؤية 20/20. حتى المرضى الذين لم يكونوا مؤهلين سابقاً لجراحة الليزك قد يجدون في عملية آي-ليزك خيار مناسب يمكّنهم من الاستغناء عن النظارات أو العدسات اللاصقة.

الفرق بين عملية آي-ليزك والليزك التقليدي
عملية آي-ليزك هي تطور متقدم من الليزك التقليدي، يتميّز باستخدام ليزر الفيمتو ثانية بدلاً من الشفرة الجراحية لإنشاء رفرف القرنية، ما يجعله أكثر دقة وأمان، بالإضافة لذلك يعتمد على تقنية الموجة الأمامية (Wavefront) لرسم خريطة ثلاثية الأبعاد دقيقة لكل عين، مما يسمح بتخصيص العلاج بشكل كامل وتحقيق نتائج بصرية أفضل خاصة في الرؤية الليلية. في المقابل، الليزك التقليدي يعتمد على أداة جراحية لفتح القرنية وقد لا يكون بنفس دقة التخصيص أو الأمان، لكنه يظل خيار فعال وسريع للعديد من الحالات المستقرة.
المقارنة | عملية آي ليزك | الليزك التقليدي |
أداة إنشاء الرفرف | ليزر فيمتو ثانية (بدون شفرة) | شفرة ميكانيكية |
الدقة والتخصيص | عالية جداً، رسم خريطة مخصصة للعين | أقل تخصصاً، لا يستخدم خريطة موجية |
المرشحون للعملية | يشمل حالات أكثر تعقيداً مثل القرنية الرقيقة | مناسب للحالات الشائعة والمستقرة |
الأمان | أعلى، مع مضاعفات أقل | جيد، لكن خطر المضاعفات أعلى نسبياً |
النتائج البصرية | أوضح، خاصة في الإضاءة الضعيفة | جيدة، لكنها قد تعاني من بعض الهالات |
التكلفة | أعلى بسبب التكنولوجيا المتقدمة | أقل تكلفة |
من هم المرشحون لإجراء عملية آي-ليزك؟
لإجراء عملية آي-ليزك بأمان وفعالية، يجب أن تتوفّر في المريض عدة شروط أساسية:
- يُفضّل تأجيل العملية في حال الحمل أو الإرضاع أو في حال وجود مشاكل بصرية أخرى تحتاج إلى علاج مسبق مثل كسل العين أو الحول.
- نوع عيب الإبصار: أن يكون لديه خطأ انكساري (مد نظر أو حسر نظر أو انحراف) يقع ضمن الحدود التي يمكن تصحيحها باستخدام i-LASIK.
- الصحة العامة: أن يتمتع بصحة جيدة ولا يعاني من أمراض مزمنة غير مسيطر عليها مثل السكري أو أمراض المناعة الذاتية.
- صحة العين: أن تكون العينان سليمتين، بدون أمراض مثل القرنية المخروطية وإعتام عدسة العين أو جفاف العين الشديد.
- العمر واستقرار النظر: أن يكون عمره 18 عام على الأقل، مع استقرار في حدة البصر لمدة لا تقل عن عام.
- سمك القرنية: أن تكون القرنية بسمك كاف يسمح بإعادة تشكيلها بالليزر.
فحوصات ما قبل العملية وتقييم القرنية
قبل الخضوع لعملية آي-ليزك، يخضع المريض لفحوصات دقيقة لتقييم صحة العين وتحديد مدى ملاءمته للعملية. تهدف هذه الفحوصات إلى ضمان السلامة وتحقيق أفضل النتائج الممكنة، أهم الفحوصات:
- قياس سمك القرنية وشكلها: باستخدام خريطة طبوغرافية لتحديد مدى ملاءمتها لليزر.
- تقنية الجبهة الموجية: لقياس الانحرافات البصرية الدقيقة وتخصيص العلاج.
- فحص شامل للعين: يشمل الجفون والقرنية والشبكية وحالة جفاف العين.
- تقييم الخطأ الانكساري: مثل قصرالبصر وحسر البصر والاستجماتيزم.
- تصوير بنتاكام: فحص دقيق للسطحين الأمامي والخلفي للقرنية.
- قياس ضغط العين: للتأكد من أنه في المعدلات الآمنة.
- اختبار إنتاج الدموع: للكشف عن جفاف العين.
- قياس حجم الحدقة: خاصةً للرؤية الليلية.
- قياس النظر: تحديد حدة البصر.

الحالات المناسبة وغير المناسبة للعملية
رغم أن جراحة الليزك تُعد خيار شائع وفعال لتصحيح الإبصار، إلا أنها لا تناسب الجميع. فقد يوصي طبيب العيون بتجنبها في حالات معينة. من الأسباب الشائعة لعدم إجراء الليزك أن تكون القرنية رقيقة مما لا يسمح بإعادة تشكيلها بأمان، كما أن عدم استقرار النظر خاصة لدى صغار السن أو الحوامل أو من يعانون من تقلبات في الرؤية يجعل الجراحة غير مجدية على المدى الطويل.
التقدم في العمر أيضاً قد يُغيّر من ملاءمة الليزك، إذ إن حسر البصر المرتبط بالتقدم في السن لا يمكن تصحيحه بهذه الجراحة. بعض الحالات الصحية مثل السكري غير المنضبط أو أمراض المناعة قد تؤثر على التئام الجروح بعد العملية مما يرفع من احتمال حدوث مضاعفات، كذلك قد لا تكون الجراحة مناسبة إذا كنت تمارس رياضات عنيفة أو مهنة تتعرض فيها لضربات مباشرة على الوجه، نظراً لحساسية رفرف القرنية الذي ينشأ أثناء العملية.
وفي حالات وجود أمراض أخرى في العين مثل القرنية المخروطية أو جفاف العين الشديد أو أمراض الشبكية فإن الليزك لن يُعالج المشكلة بل قد يزيدها سوءاً ،وأحياناً حتى لو كانت حالتك البصرية قابلة للتصحيح، إلا أن بنية قرنيتك لا تتيح تنفيذ الجراحة بشكل آمن.
خطوات إجراء عملية آي-ليزك
تُعد عملية آي-ليزك من الإجراءات المتقدمة لتصحيح الإبصار، حيث تعتمد على تقنية دقيقة لإنشاء خريطة ثلاثية الأبعاد مخصصة لكل عين تتيح تصحيح النظر بطريقة دقيقة، وتشمل العملية المراحل التالية:
- تخدير العين
- استخدام أداة خاصّة لإبقاء الجفون مفتوحة: تعتبر هذه الخطوة مهمة للغاية منعاً لأي حركة مفاجئة من شأنها أن تخرّب العمليّة بأكملها بالإضافة لضمان الدّقة خلال الإجراء لأن أي رفة عين بسيطة تؤدي لفشل العملية.
- إنشاء سديلة القرنية: يُستخدم ليزر الفيمتوثانية مثل جهاز Intralase لإنشاء سديلة رفيعة بدقة عالية على سطح القرنية، ترفع هذه السديلة مؤقتاً ليكشف نسيج القرنية الداخلي.
- إعادة تشكيل القرنية: بناءً على الخريطة الثلاثية الأبعاد، يُستخدم ليزر إكسيمر (VISX Star S4) لإعادة تشكيل نسيج القرنية بدقة، يجري ذلك من خلال تسليط ضوء هذا الليزر المتخصّص على المناطق المتضررة أو التي تحتاج لتعديل، حيث يستخدم شعاع ضوء فوق بنفسجي بارد لاستئصال الأنسجة المجهريّة المتفتتة من القرنيّة وإعادة تشكيلها مجدداً مما يؤدي لتحسين حدة الإبصار على الفور.
- إعادة وضع السديلة: بعد الانتهاء من إعادة التشكيل تعاد السديلة إلى مكانها بعناية، حيث تلتئم تلقائياً دون الحاجة إلى غرز، مما يُسهّل التعافي الطبيعي.
لا تستغرق عملية الليزك أكثر من 5 دقائق ويتم اجراء العملية تحت تأثير البنج الموضعي ولا يشعر المريض بأي ألم أثناء العملية، وبعدها يشعر بحرقان خفيف لمدة 2 – 6 ساعات.

نتائج عملية آي-ليزك ومتى تظهر التحسن بالرؤية؟
في معظم الحالات، يُلاحظ تحسن كبير في وضوح الرؤية خلال الأسبوع الأول بعد الجراحة، حيث يتمكن كثير من المرضى من أداء أنشطتهم اليومية مثل القيادة دون الحاجة إلى وسائل تصحيحية، وبمرور الوقت وتحديداً خلال الأشهر الأولى تواصل الرؤية في التحسن حتى تصل إلى مستويات مثالية إذ يحقق العديد من المرضى رؤية 20/20 أو أفضل في غضون ثلاثة إلى ستة أشهر من العملية.
لكن تجدر الإشارة إلى أن استجابة العين للعملية تختلف من شخص لآخر، حيث تؤثر عوامل عديدة مثل طبيعة الشفاء الفردية ودرجة التصحيح المطلوبة والتزام المريض بالرعاية بعد الجراحة في جودة النتائج النهائية، فكلما التزم المريض بالتعليمات الطبية وخصوصاً فيما يتعلق باستخدام القطرات الموصوفة وتجنب فرك العين زادت فرص تحقيق تعافي مثالي ونتائج مستدامة.
ورغم أن نسبة كبيرة من المرضى يحققون رؤية ممتازة، إلا أن بعض الحالات قد تتطلب جلسة تصحيح إضافية للحصول على رؤية أدق، وتُظهر الدراسات أن الرؤية المصححة بالليزك يمكن أن تستمر مستقرة لمدة تتراوح بين عشر إلى عشرين سنة، ولكن التغيرات الطبيعية المرتبطة بالعمر قد تؤثر مستقبلاً على وضوح الإبصار وخصوصاً فيما يتعلق بظهور مشاكل مثل مد البصر الشيخي.
في الختام، تمثل عملية i-LASIK تطور نوعي في مجال تصحيح الإبصار بالليزر، حيث تجمع بين دقة التكنولوجيا وتفصيل الخطة العلاجية لتناسب الخصائص البصرية الفردية لكل مريض حيث أن اعتماد تقنيات متقدمة مثل رسم خريطة الموجة الأمامية وإنشاء سديلة القرنية باستخدام ليزر الفيمتوثانية، أسهم في تحسين دقة النتائج وتقليل المضاعفات المحتملة، وتشير التجارب السريرية إلى معدلات نجاح مرتفعة مع تحقيق غالبية المرضى لرؤية 20/20 أو أفضل، إضافة إلى رضا مرتفع عن جودة الرؤية على المدى الطويل.
المصادر:
- American Refractive Surgery Council. (n.d.). Home.
- Moshirfar, M., Bennett, P., & Ronquillo, Y. (2023, July 24). Laser In Situ Keratomileusis (LASIK). In StatPearls. StatPearls Publishing