يُعد تنظير القولون الفحص الذهبي للكشف المبكر عن أمراض الأمعاء الغليظة، وعلى رأسها سرطان القولون والمستقيم الذي يُعتبر من أكثر السرطانات شيوعاً. تكمُن أهميته في أنه يجمع بين التشخيص والعلاج، حيث يتيح للطبيب استئصال السلائل (البوليبات) أو أخذ خزعات لفحصها مخبرياً خلال نفس الجلسة. وقد أثبتت الدراسات أن إجراء تنظير القولون بشكل دوري يُسهم في خفض معدلات الإصابة والوفيات عبر الاكتشاف المبكر. وفي تركيا، يُعد هذا الإجراء من الفحوصات المتوفرة بشكل واسع في المراكز الطبية الحديثة، حيث تُجرى وفق أعلى معايير الجودة باستخدام أجهزة متطورة، مما يجعلها وجهة مفضلة للمرضى الراغبين في إجراء الفحص بدقة وأمان.
لمحة عامة عن القولون
يُشكل القولون الجزء الأكبر من الأمعاء الغليظة حيثُ يصل طول القولون إلى حوالي 150 سم. يمتص القولون الماء والأملاح من الفضلات قبل طرحها حيثُ يُشكل القولون ممراً لعبور البُراز إلى المُستقيم, ومن ثُم إلى خارج الجسم عبر الشرج.
يُقسم القولون تشريحياً حسب موقعه إلى أربع أقسام:
- القولون الصاعد
- القولون المُعترض
- القولون النازل
- القولون السيني

ما هو تنظير القولون؟
يقوم الطبيب في تنظير القولون بإدخال أنبوب طويل مرن يحوي بأسفله كاميرا عبر فتحة الشرج إلى المستقيم ووصولاً إلى الأجزاء البعيدة للقولون. يتَََصل المنظار بشاشة حيثُ يتم عرض ما تلتقطُه الكاميرا على الشاشة مما يُمكًًن الفاحص من رؤية القولون وفحصه وتحديد التغيُرات المرضية في حال وجودها.
يتم تنظير القولون تحت التخدير كي لا يشعر المريض بأية ألم. يُمكن استعمال التنظير لأسباب علاجية بمعنى أنهُ في حال الاشتباه بكتلة ضمن القولون يُمكن عبر التنظير أخذ خُزعة لفحصها ويُمكن أيضاً استئصال الكُتل السليمة والبوليبات.

لماذا يُستخدم تنظير القولون؟
ينصح الطبيب المريض بإجراء تنظير القولون لأحد الأسباب التالية:
- وجود أعراض هضمية كالنزف والألم البطني ووجود إمساك أو إسهال مُزمن
- الكشف عن سرطان القولون والمستقيم ووجود بوليبات بالقولون
- الشكً بوجود أمراض القولون الالتهابية كالتهاب القولون التقرُحي وداء كرون
- يٌجرى تنظير القولون بشكل دوري عند المرضى الذين لديهم خطر مُرتفع للإصابة بسرطان القولون والمستقيم كوجود قصة عائلية للإصابة أو التقدُم بالسن
التحضير قبل تنظير القولون
يوجد بعض الإرشادات التي يجب على المريض اتباعُها قبل القيام بالتنظير من أجل تنظيف القولون من البُراز التي تُعيق دخول المنظار بحيثُ يحصل الطبيب الفاحص على رؤية واضحة للقولون.
الحمية الغذائية
يجب تجنُب بعض الأطعمة كالذُرة والمُكسرات واللحوم الحمراء قبل حوالي ثلاثة أيام من التنظير ويُفضل أن يلتزم المريض بحمية قليلة الألياف قبل عدة أيام من التنظير. كما يجب الامتناع عن تناول الأطعمة الصلبة والكحول قبل يوم من الإجراء, وقبل التنظير بأربع ساعات يجب عدم تناول الطعام مُطلقاً.
والأهم من ذلك هو اتباع تعليمات الطبيب بما يخُص الحمية الغذائية.
شرب الملينات
غالباً ينصح الطبيب المريض بأخذ المُلينات قبل التنظير تكون المٌلينات إما على شكل حبوب أو على شكل شراب يشربُها المريض. يٌنصح بأخذ المُلينات في الليلة قبل التنظير أو في صباح اليوم الذي سيُجرى به التنظير.
تعديل بعض الأدوية
يجب استشارة الطبيب حول الأدوية المأخوذة فقد يطلٌب الطبيب من المريض تعديل بعض الأدوية قبل إجراء التنظير أو التخفيف من الجُرعة المأخوذة فمثلاً في حال تعاطي المريض الأدوية المُميعة للدم كالوارفارين يُمكن أن يتم إيقافه بشكل مؤقت قبل إجراء التنظير للتقليل من خطر النزف.
يُنصح المريض بأن يصطحب معهُ سائق أو فرد من أفراد العائلة إلى المشفى أو العيادة مكان إجراء التنظير السبب وراء ذلك أنََ المريض قد يتم تخديرُه خلال التنظير لذا سوف يحتاج شخص آخر لقيادة السيارة عوضاً عنهُ في طريق العودة.
أثناء تنظير القولون
يتم إجراء تنظير القولون colonoscopy إما بالمشفى أو بالعيادة الخارجية على يد طبيب خبير بالإجراء. خلال الإجراء يكون المريض مُرتدي رداء خاص ويكون مٌضجعاً على طرفه الأيسر ويرفع رُكبتيه باتجاه صدره (وضعية الجنين). يتم تخدير المريض إما بتخدير ناحي أي يبقى المريض يقظاً من دون أن يشعُر بأية ألم أو يتم إجراء تخدير عام في بعض الحالات.
يُدخل الطبيب الفاحص منظار القولون عبر الشرج ويكون المنظار مزودًا بكاميرا و طويل بشكل كافي ليصل إلى كُل أجزاء القولون, يحوي المنظار على مصباح صغير وقناة تُمكن الطبيب من إطلاق هواء من خلالها يعمل الهواء على توسيع القولون وإعطاء رؤية أوضح للطبيب.
يقوم الطبيب بالبحث عن أية تُغيرات غير طبيعية في القولون وقد يقوم بأخذ خُزعة من القولون في حال الشك بوجود كتلة سرطانية, وفي حال العثور على بوليب يقوم الطبيب باستئصاله. بعد الانتهاء من الفحص يقوم الطبيب بسحب المنظار بلُطف قد يشعر المريض بتشنجات أثناء السحب يُمكن أن يتم تخفيف التشنُجات بالراحة وأخذ نفس عميق.
في الواقع يستغرق تنظير القولون حوالي نصف ساعة أو أقل في الحالات الطبيعية أما في حال العثور على بوليب أو كتلة قد يستغرق الأمر فترة أطول.

بعد تنظير القولون
يبقى المريض بعد الإجراء في المستشفى لفترة قصيرة للتعافي وللتأكد من عدم وجود اختلاطات متعلقة بالتنظير. تعتمد مدة البقاء على نوع المهدئ أو المخدر المستخدم. إذا استُخدم المهدئ أو مسكن الألم، يبقى المريض عادةً حوالي ساعة في وحدة الرعاية النهارية حتى يستعيد وعيه بالكامل، وبعدها يتم الاتصال بالشخص المرافق ليقوم باصطحابه إلى المنزل، حيث لا يُسمح بالعودة بمفرده. خلال الـ 24 ساعة الأولى بعد الفحص يُمنع قيادة السيارة أو القيام بنشاطات مجهدة، كما يُنصح بتجنب الكحول والتدخين، ويُسمح باستخدام سيارة أجرة أو النقل العام فقط في حال وجود مرافق. أما إذا لم يُستخدم المهدئ أو المسكن، فيمكن للمريض العودة إلى منزله مباشرة إذا لم تظهر أي أعراض.
من الطبيعي أن يشعر المريض بتشنجات أو مغص بطني مؤقت يزول سريعاً، كما قد يستمر البراز المائي أو الغازات وآلام البطن لوقت قصير، لذلك يُنصح بإحضار ملابس داخلية وملابس إضافية. بعد التنظير قد لا يحدث تغوط لعدة أيام بسبب تفريغ القولون بالكامل. وإذا تمت إزالة بوليب (سلائل) خلال التنظير، فقد يلاحظ المريض نزفاً شرجياً خفيفاً يستمر ليوم أو يومين. يقوم الطبيب بتحديد الحاجة لإيقاف أو تعديل أدوية مميّعات الدم بعد الإجراء. ويمكن للمريض العودة إلى تناول الطعام والشراب بشكل طبيعي بعد الفحص.
نتائج تنظير القولون
بعد التنظير يشرح الطبيب للمريض ما حدث أثناء التنظير في حال تم استئصال بوليب أو الاشتباه بنسيج غير طبيعي تم أخذ خُزعة منهُ. وتكون نتائج التنظير إما:
نتائج التنظير سلبية
بمعنى أنهُ لم يتم اكتشاف أية تغيُرات غير طبيعية على مستوى القولون والمٌستقيم أي إن الفحص كان طبيعي ولا يوجد داعي للقلق أو الخوف وينصح الطبيب المريض بإعادة التنظير خلال:
- 10 سنوات في حال عدم وجود عامل خطر للإصابة بسرطان القولون
- 5 سنوات في حال وجود بوليبات سابقة تم استئصالُها
- سنوياً في حال وجود عامل خطر مُرتفع للإصابة بالسرطان كداء البوليبات العائلي الذي يرفع خطر الإصابة بسرطان القولون بشكل كبير
نتائج التنظير إيجابية
تٌعتبر النتائج إيجابية في حال تم اكتشاف بوليبات خلال التنظير أو تم اكتشاف نسيج غير طبيعي في القولون. في مُعظم الحالات تكون البوليبات غير خبيثة لكن يوجد خطر تحول البوليب إلى آفة سرطانية لذلك يقوم الطبيب باستئصال البوليب فور اكتشافه. قد يطلُب الطبيب من المريض إعادة التنظير بوقت قريب في حال:
- وجود بوليبين أو أكثر
- بوليب كبير أكبر من 1 سم
- بوليب لهُ شكل قريب إلى الآفة السرطانية
في حال لم يستطع الطبيب استئصال البوليبات عن طريق المنظار قد يتم إحالة المريض لعمل جراحي لاستئصالهم.
لا يوجد نتائج
بمعنى أن الطبيب لم يتمكن من فحص القولون بشكل واضح بسبب وجود كتلة بُرازية سادة تُعيق دخول المنظار يحدُث ذلك بسبب التحضير غير الجيد من المريض قبل إجراء التنظير. في هذه الحالة يطلُب الدكتور من المريض إعادة تنظير القولون خلال فترة وجيزة مع التحضير الجيد.
مخاطر تنظير القولون
عموماً يُعتبر تنظير القولون إجراء آمن فاحتمال حدوث المُضاعفات قليل لحدٍ ما. من الاختلاطات المُتعلقة بالتنظير التي من المُمكن حدوثها:
- النزف الذي يلي أخذ الخزعة أو استئصال بوليب بالمنظار
- تمزُق في جدار القولون أو المستقيم
- المشاكل المُتعلقة بالتخدير
- الإنتان في حال كان المنظار المٌستعمل ملوثاً
- بعض الاختلاطات تحدُث قبل التنظير كالإفراط في أخذ المٌلينات مما يُسبب تخريش في الجلد حول الشرج ناتج عن التغوط المٌستمر
إرشادات حول تنظير القولون
يُنصح بالبدء بعمل تنظير قولون بشكل دوري عند بلوغ سن ال 45 مرة كُل عشر سنوات. ويُعدّ تنظير القولون أفضل وسيلة لتقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم وكشفه بشكل باكر في حال حصوله. في بعض الحالات يجب البدء بتنظير القولون بشكل دوري في سن أبكر أي قبل ال 45 وذلك في إحدى الحالات التالية:
- وجود قريب من الدرجة الأولى مُصاب بسرطان القولون والمستقيم
- الإصابة بأمراض القولون الالتهابية كالتهاب القولون التقرُحي أو داء كرون
- الإصابة بأمراض وراثية تزيد خطر حدوث السرطان مثل داء البوليبات العائلي ومتلازمة لينش
نصائح بعد العودة إلى المنزل
بعد الانتهاء من تنظير القولون والعودة إلى المنزل، يُنصح المريض باتباع بعض الإرشادات لتسريع التعافي وتقليل أي إزعاج محتمل:
- الراحة: يُفضل أخذ قسط كافٍ من الراحة في اليوم الأول وتجنب أي نشاط بدني مُرهق.
- السوائل: الإكثار من شرب الماء والعصائر الشفافة لتعويض السوائل التي فُقدت خلال التحضير.
- النظام الغذائي: يمكن البدء بتناول وجبات خفيفة وسهلة الهضم مثل الشوربة أو الزبادي ثم العودة تدريجياً للنظام الغذائي المعتاد خلال 24 ساعة.
- تجنب الكحول والتدخين: على الأقل خلال اليوم الأول بعد الإجراء.
- الأدوية: الالتزام بتعليمات الطبيب بخصوص الأدوية، خاصةً إذا تمت إزالة بوليب أو أُخذت خزعة.
- مراقبة الأعراض: من الطبيعي الشعور بنفخة أو مغص خفيف، لكن يجب مراجعة الطبيب فوراً في حال ظهور أعراض غير طبيعية مثل:
- نزف غزير من الشرج
- ألم بطني شديد لا يزول
- ارتفاع درجة الحرارة
- دوخة أو إغماء
اختبارات بديلة عن تنظير القولون للكشف عن السرطان
يوجد اختبارات بديلة عن تنظير القولون من أجل الوقاية من السرطان مثل:
تنظير القولون السيني
في الحقيقة يُشبه هذا الاختبار إلى حدٍ ما تنظير القولون لكن بتنظير القولون السيني يكون المنظار أقصر و يستخدم لمُشاهدة المستقيم والقولون السيني فقط. أي لا يُمكن لمنظار القولون السيني فحص كافة أقسام القولون.
تنظير القولون الافتراضي
ويسمى أيضا التصوير المقطعي للقولون هو إجراء أقل غُزواً من تنظير القولون حيثٌ تعتمد هذه التقنية على تسليط عدة منابع من الأشعة السينية التي يتم التحكُم بها بواسطة حاسوب يعمل الحاسوب على دمج الصور مع بعضها وإعطاء صورة ثُلاثية الأبعاد للمُستقيم والقولون.
ابتلاع كبسولة تحوي كاميرا
في الواقع يتم استخدام هذه الطريقة لرؤية الأمعاء الدقيقة أكثر من استخدامها للأمعاء الغليظة حيثُ يتم ابتلاع حبة صغيرة تحوي كاميرا وتسير هذه الكبسولة عبر الجهاز الهضمي من الفم ووصولاً إلى القولون. غالباً يتم استعمال هذه الطريقة من أجل تصوير الأمعاء الدقيقة وذلك لأنهُ من الصعب رؤية القولون بسبب التعرُجات وكبر حجم القولون بالإضافة لصعوبة تنظيف القولون للحصول على رؤية واضحة.
زرع البراز
يتم أخذ عينة من البُراز وفحصها ضمن المخبر يتم تحري الدم الخفي بالبُراز بالإضافة لفحص الحمض النووي (DNA) وعمل الفحوصات الكيميائية المناعية اللازمة.
الفرق بين تنظير القولون والفحوصات الأخرى
يُعد تنظير القولون الفحص الأدق مقارنةً بالفحوصات الأخرى لأنه يُمكّن الطبيب من رؤية القولون كاملاً بشكل مباشر، وأخذ عينات أو استئصال البوليبات في نفس الجلسة. بينما يقتصر تنظير القولون السيني على الجزء السفلي فقط، ولا يكشف التغيرات في الأجزاء العلوية. أما التنظير الافتراضي فهو أقل غزواً ويُظهر صوراً ثلاثية الأبعاد، لكنه لا يتيح أخذ خزعات أو إجراء تدخل علاجي، وفي حال اكتشاف مشكلة يحتاج المريض لاحقاً لتنظير تقليدي. وبالنسبة لاختبارات البراز فهي سهلة وغير غازية، لكنها تقتصر على كشف مؤشرات غير مباشرة لوجود نزف أو تغيرات خلوية، لذلك يتطلب أي اختبار إيجابي متابعة بتنظير القولون للتشخيص المؤكد.
العلاقة بين سرطان القولون والمستقيم وتنظير القولون
يعتبر سرطان القولون والمستقيم أحد أشيع السرطانات التي تُصيب كبار السن حيثُ يُعتبر السرطان الأكثر شيوعاً من بين سرطانات الجهاز الهضمي. تنظير القولون هو فحص أساسي للتحري عن سرطان القولون والمُستقيم حيث أثبتت الدراسات ما يلي:
- انخفض معدل الوفيات الناتج عن السرطان بسبب تنظير القولون الدوري
- استئصال البوليبات أثناء التنظير أدى إلى انخفاض خطر تحول البوليبات إلى سرطان
أخيراً،يُعد تنظير القولون فحصاً أساسياً للكشف المبكر عن أمراض القولون والمستقيم، بما في ذلك السلائل والسرطان، كما يوفر فرصة للعلاج المباشر أثناء الفحص عند الحاجة. يساهم الالتزام بالإرشادات الطبية قبل وبعد التنظير في زيادة فعالية الفحص وتقليل المخاطر المحتملة. للحصول على أفضل رعاية طبية وإجراء تنظير القولون بأحدث التقنيات، يمكن للمرضى الاعتماد على مركز بيمارستان الطبي الذي يوفر بيئة آمنة ومجهزة بالكامل لضمان راحة وسلامة المرضى.
المصادر:
- National Health Service. (2022, November 14). Colonoscopy. NHS
- Hull, T., & Church, J. M. (1994). Colonoscopy–how difficult, how painful? Surgical Endoscopy, 8(7), 784–787
- Johns Hopkins Medicine. (2023). Colonoscopy
- Amsterdam UMC. (2023, December 14). Colonoscopy (Engelse vertaling)