تعتبر عملية استئصال القولون الجزئي خيارًا فعالًا لتحسين نوعية حياة المرضى وتقليل الأعراض المزعجة المرتبطة بأمراض القولون. كما تساعد في الوقاية من المضاعفات المستقبلية التي قد تهدد صحة المريض.
يهدف هذا المقال إلى توضيح خطوات العملية، وفوائدها، والمخاطر المحتملة، بالإضافة إلى عرض لمحة عن خيارات العلاج في تركيا، التي تُعد من أبرز الوجهات الطبية المتقدمة في جراحات القولون، حيث تتوفر أحدث التقنيات والكوادر الطبية المتخصصة.
ما هو استئصال القولون الجزئي؟
استئصال القولون الجزئي هو عملية جراحية يتم فيها إزالة جزء محدد من القولون المصاب، مع الحفاظ على بقية الأمعاء سليمة وتعمل بشكل طبيعي. يهدف هذا الإجراء إلى علاج الأمراض التي تصيب جزءاً من القولون دون الحاجة إلى استئصال كامل القولون.
الفرق بين استئصال القولون الجزئي والكلي
يكون الفرق بين استئصال الكولون الجزئي والكلي بما يلي:
- الاستئصال الجزئي: يتم فيه إزالة جزء معين فقط من القولون (مثل القولون الأيمن أو السيني)، ثم إعادة توصيل الأجزاء السليمة ببعضها.
- الاستئصال الكلي: يتم خلاله إزالة القولون بالكامل، وغالباً ما يُجرى في الحالات الشديدة مثل السرطان المنتشر أو الالتهابات المزمنة واسعة النطاق.
أنواع استئصال القولون الجزئي
يتم استئصال القولون تبعاً لمكان الإصابة، ومن أنواع استئصال القولون الجزئي:
- استئصال القولون الأيمن
- استئصال القولون الأيسر
- استئصال القولون السيني
- استئصال القولون المستعرض

الحالات التي تستدعي استئصال القولون الجزئي
تُجرى عملية استئصال القولون الجزئي لعلاج أمراض محددة تصيب جزءاً من القولون ولا تستجيب للعلاج الدوائي أو التدخلات البسيطة، ومن أبرز هذه الحالات:
- سرطان القولون في مراحلهِ المبكرة: حيث يكون السرطان متوضع في جزء محدد من القولون، يتم استئصال هذا الجزء لمنع انتشار السرطان.
- الانسداد المعوي أو الالتواء: يحدث عندما يلتف القولون على نفسه مسبباً انسداداً يمنع مرور الطعام والفضلات.
- الأورام الكبيرة: خصوصاً التي يصعب إزالتها بالتنظير أو تشكل خطراً للتحول إلى أورام سرطانية.
- داء كرون أو التهاب القولون التقرحي: في حال حدوث مضاعفات مثل التقرحات أو انسداد القولون.
- في حالة نزف القولون: إذا كان النزيف متكرراً أو شديداً ولا يمكن إيقافه بطرق أخرى.
التحضيرات قبل عملية استئصال القولون الجزئي
قبل الخضوع لاستئصال القولون الجزئي، هناك مجموعة من الخطوات الضرورية لضمان نجاح العملية وتقليل المخاطر المحتملة، وتشمل:
- الفحوصات الطبية اللازمة: مثل تحاليل الدم، تصوير الأشعة (خاصة التصوير المقطعي المحوسب CT)، وتنظير القولون لتحديد موقع الجزء المصاب بدقة.
- الاستعدادات الغذائية: قد يوصي الطبيب باتباع حمية خاصة منخفضة الألياف أو الاعتماد على السوائل الشفافة قبل العملية لتقليل بقايا الطعام في الأمعاء.
- تحضير الأمعاء: استخدام مسهلات أو محاليل تنظيف القولون قبل الجراحة لإفراغ الأمعاء تماماً.
- إيقاف بعض الأدوية: قد يطلب الطبيب إيقاف بعض الأدوية مثل المميعات التي قد تزيد خطر النزيف أثناء العملية، مع تعديل الجرعات تحت إشراف الطبيب.
- التوعية بالمخاطر المحتملة: من الضروري أن يشرح الطبيب للمريض تفاصيل العملية، فوائدها، والمضاعفات المحتملة لضمان الاستعداد النفسي والبدني للجراحة.
طرق استئصال القولون الجزئي
تُجرى عملية استئصال القولون الجزئي تحت التخدير العام في معظم الحالات، ويختار الجراح الطريقة المناسبة بحسب حالة المريض ونوع المرض. حيث يقوم الجراح بالجراحة التقليدية المفتوحة بعمل شق بطولي في البطن للوصول إلى القولون المصاب واستئصاله، هذه الطريقة ما زالت تُستخدم خاصةً في الحالات المعقدة أو الطارئة. بينما يتم بالجراحة بالمنظار إجراء عدة شقوق صغيرة في البطن يتم عبرها إدخال أدوات دقيقة وكاميرا، مما يتيح استئصال الجزء المصاب من القولون بدقة مع تقليل الألم وفترة التعافي.
تستغرق العملية عادة بين ساعتين إلى أربع ساعات، يتم خلالها إزالة الجزء المصاب من القولون وإعادة توصيل الأجزاء السليمة معًا. بعدها يتم إعادة توصيل الأمعاء أو إنشاء فغر مؤقت، في معظم الحالات يُعاد توصيل الأمعاء مباشرة، لكن في بعض الحالات المعقدة أو عند وجود التهاب شديد قد يلجأ الجراح إلى إنشاء فغر القولون مؤقت مع كيس خارجي لجمع الفضلات حتى يلتئم القولون تمامًا.

الجراحة الروبوتية والتقنيات الحديثة
إلى جانب الجراحة المفتوحة والتنظيرية، أصبحت الجراحة الروبوتية خياراً متطوراً في استئصال القولون الجزئي. يتم فيها التحكم بذراع روبوتية عبر الجراح، مما يتيح دقة عالية في الحركات الجراحية وتقليل احتمال إصابة الأنسجة السليمة. تتميز الجراحة الروبوتية 1:
- دقة أكبر في الاستئصال خاصة في المناطق المعقدة
- تقليل فترة البقاء في المستشفى وتسريع التعافي
- تحسين النتائج التجميلية لندبات البطن
- نزيف أقل أثناء العملية
تشير الدراسات الحديثة إلى أن نتائج الجراحة الروبوتية مشابهة من حيث الأمان والفعالية للجراحة بالمنظار، لكنها قد توفر راحة أكبر للجراح ودقة في بعض الحالات المعقدة مثل استئصال القولون السيني أو القولون المستعرض.2
المضاعفات المحتملة بعد استئصال القولون الجزئي
كما هو الحال في جميع العمليات الجراحية، قد ترافق عملية استئصال القولون الجزئي بعض المخاطر أو المضاعفات المحتملة، رغم أن معظم المرضى يتعافون دون مشاكل خطيرة. وتشمل هذه المخاطر ما يلي:
- العدوى: يمكن أن يُصاب الشق الجراحي بالعدوى، كما قد تحدث التهابات في الرئتين (التهاب رئوي) أو المسالك البولية بعد العملية، خاصة عند المرضى الذين يمكثون في المستشفى لفترة طويلة.
- الإصابة العرضية للأعضاء المجاورة: أثناء الجراحة، قد تتأذى الأمعاء أو المثانة أو بعض الأوعية الدموية القريبة من منطقة الاستئصال، ويُعالج ذلك عادة بشكل فوري أثناء العملية.
- تسرّب التفاغر: في حال عدم التئام مكان توصيل الأمعاء بشكل جيد، قد يحدث تسرب في القولون يؤدي إلى عدوى أو نزيف داخل البطن.
- الفتق الجراحي: قد يتكوّن فتق في جدار البطن نتيجة ضعف المنطقة التي تم فتحها أثناء العملية، ويمكن أن يتطلب إصلاحاً جراحياً لاحقاً.
- تكوّن نسيج ندبي: أثناء شفاء الأمعاء، قد يتشكل نسيج ندبي يربط أجزاء الأمعاء ببعضها. بمرور الوقت، يمكن أن يسبب ذلك انسداداً معوياً جزئياً أو كلياً يتطلب علاجاً إضافياً.
ورغم وجود هذه المخاطر، فإن التقدم في تقنيات الجراحة بالمنظار والرعاية بعد العملية قلّل كثيراً من نسب حدوثها، خاصة عند إجرائها على يد جراحين مختصين في القولون والجهاز الهضمي.

التعافي والرعاية بعد استئصال القولون الجزئي
تُعد فترة ما بعد استئصال القولون الجزئي مرحلة حاسمة في رحلة العلاج، إذ تركز على شفاء الأمعاء واستعادة وظائف الجهاز الهضمي تدريجياً. تختلف مدة التعافي من شخص لآخر، لكنها غالباً تمتد بين 4 إلى 6 أسابيع بحسب نوع العملية (منظار أو جراحة مفتوحة) والحالة الصحية العامة للمريض. بعد العملية، يبقى المريض في المستشفى من يومين إلى أربعة أيام تحت المراقبة الطبية الدقيقة، حيث يتم:
- السيطرة على الألم باستخدام الأدوية الموصوفة
- متابعة وظائف الأمعاء والتأكد من عودتها إلى العمل تدريجياً
- الوقاية من العدوى أو النزيف من خلال المضادات الحيوية والعناية بالجرح
- في حال وجود فغرة (كيس خارجي)، يتم تدريب المريض على طريقة تنظيفها وتبديلها بأمان
خلال الساعات الأولى بعد الجراحة، يُسمح للمريض بتناول السوائل الشفافة فقط، ثم يُنتقل تدريجياً إلى:
- الأطعمة اللينة مثل الشوربة أو البطاطا المسلوقة
- بعد يوم تقريباً، يمكن إدخال الأطعمة الصلبة الخفيفة
- يوصى باتباع نظام غذائي قليل الألياف لمدة شهر لتقليل الضغط على الأمعاء
كما يجب تجنب الأطعمة الدهنية والمقلية والتوابل القوية، مع التركيز على وجبات صغيرة ومتكررة وشرب الماء بانتظام لتفادي الإمساك. لكن ومع مرور الوقت، يمكن إدخال الأطعمة الغنية بالألياف تدريجياً، لكن فقط بعد استشارة الطبيب.
النشاط الحركي بعد عملية استئصال القولون الجزئي
يُشجَّع المريض على القيام والمشي خلال يوم أو يومين بعد الجراحة، لما لذلك من فوائد مثل تنشيط حركة الأمعاء وتقليل خطر تشكل الجلطات الدموية، ومع مرور الأيام وتحسن الحالة، حيث يمكن العودة إلى النشاطات اليومية الخفيفة مثل المشي أو العمل المكتبي خلال أسبوع إلى أسبوعين، مع تجنّب رفع الأشياء الثقيلة أو ممارسة الرياضة الشاقة حتى يأذن الطبيب. عادةً ما يكتمل الشفاء التام خلال 6 أسابيع تقريبًا، خاصة بعد جراحة المنظار، التي تمتاز بـألم أقل وندوب أصغر وتعافٍ أسرع مقارنة بالجراحة المفتوحة.
العناية بالجرح
العناية بالجرح تُعد جزءاً أساسياً من التعافي، وتشمل:
- مراقبة أي علامات التهاب مثل الاحمرار والتورم أو خروج إفرازات
- تنظيف المنطقة الجراحية بانتظام وفق تعليمات الطبيب
- استخدام مسكنات الألم والمضادات الحيوية عند الحاجة
إن نجاح التعافي بعد استئصال القولون الجزئي يعتمد بشكل كبير على الالتزام بتعليمات الطبيب، واتباع نظام غذائي متوازن، وممارسة الحركة تدريجيًا. بهذه الخطوات، يستطيع المريض العودة إلى حياته الطبيعية بصحة أفضل وثقة أكبر.
النتائج والتوقعات بعد الجراحة
تختلف نتائج استئصال القولون الجزئي من مريض لآخر تبعاً للحالة الصحية، ونوع المرض الذي استُؤصل الجزء المصاب من القولون بسببه، وطريقة الجراحة المستخدمة. لكن في معظم الحالات، تكون التوقعات إيجابية للغاية، خاصة عندما تُجرى العملية في الوقت المناسب وعلى يد جراح مختص. قد يلاحظ المريض بعد العملية تحسناً تدريجيًا في الهضم وتراجع الأعراض التي كان يعاني منها قبل الجراحة مثل الألم أو النزيف أو الانتفاخ المزمن. ومع مرور الأسابيع، تستعيد الأمعاء نشاطها الطبيعي ويبدأ المريض بالعودة إلى حياته اليومية بشكل متزايد.
يُعتبر استئصال القولون الجزئي من العمليات الناجحة بنسبة عالية، إذ تشير الدراسات إلى أن معظم المرضى يتمكنون من استعادة نمط حياتهم الطبيعي خلال 6 إلى 8 أسابيع بعد الجراحة، خاصة في الحالات التي لا تتطلب فغرة دائمة. كما قد يلاحظ بعض المرضى تغيرًا مؤقتًا في نمط الإخراج، مثل زيادة عدد مرات التبرز أو ليونة البراز، لكن هذه الأعراض تتحسن تدريجيًا مع الوقت وتكيّف الأمعاء مع وضعها الجديد. وفي حال وجود فغرة مؤقتة، يقوم الطبيب بإغلاقها لاحقًا بعد التئام القولون بشكل تام.
من المتوقع أن يشعر المريض بنشاط وحيوية أكبر بعد الشفاء الكامل، إذ تختفي الأعراض التي كانت تؤثر على جودة حياته. ومع الالتزام بالمتابعة الدورية والنظام الغذائي الموصى به، يمكن الحفاظ على نتائج العملية لسنوات طويلة دون مشاكل. كما إن غالبية المرضى الذين خضعوا لاستئصال القولون الجزئي يعيشون حياة طبيعية بعد الجراحة، مع تحسن كبير في الهضم وجودة الحياة، بشرط الالتزام بتوصيات الطبيب والمتابعة المنتظمة بعد العملية.
أخيراً، يُعد استئصال القولون الجزئي من العمليات الجراحية الدقيقة التي تهدف إلى إزالة الجزء المصاب من القولون مع الحفاظ على وظيفة الجهاز الهضمي قدر الإمكان. تُجرى العملية لعلاج حالات مثل سرطان القولون، أو داء كرون، أو التهاب الرتوج، أو انسداد الأمعاء. كما تُعتبر نتائج العملية مشجعة للغاية، إذ يشعر معظم المرضى بتحسن كبير في الهضم ونوعية الحياة بعد الشفاء الكامل. ومع الالتزام بتعليمات الطبيب والمتابعة المنتظمة، يمكن التمتع بصحة مستقرة ووظيفة هضمية طبيعية على المدى الطويل.
في مركز بيمارستان الطبي، يقدَّم للمرضى رعاية متكاملة على يد أفضل جراحي الجهاز الهضمي والقولون، بدءًا من التشخيص الدقيق ووضع الخطة العلاجية المناسبة، وصولًا إلى المتابعة بعد الجراحة لضمان تعافٍ آمن ونتائج مثالية.
المصادر:
- Ravendran K, Abiola E, Balagumar K, Raja AZ, Flaih M, Vaja SP, Muhidin AO, Madouros N. A Review of Robotic Surgery in Colorectal Surgery. Cureus. 2023 Apr 9;15(4):e37337
- Alasari S, Min BS. Robotic colorectal surgery: a systematic review. ISRN Surg. 2012;2012:293894
- Smith, J. S., & Jones, R. T. (1992). Partial colectomy and coloanal anastomosis for idiopathic megarectum and megacolon. Diseases of the Colon & Rectum, 35(10), 918–923
- WebMD. (n.d.). Bowel resection
