تُعتبر عملية استئصال الغدة الكظرية بالجراحة التنظيرية من الإجراءات الحديثة المستخدمة لعلاج بعض الحالات المرضية في الغدة الكظرية. يتميز هذا الإجراء بكونه آمناً وفعالاً، حيث يتيح إزالة الغدة بدقة عالية دون الحاجة إلى إجراء شق كبير في الجسم. تعرف معنا في هذا المقال على كل ما تحتاج لمعرفته لاستئصال الغدة الكظرية بالجراحة التنظيرية قبل وأثناء وبعد العملية.
ما هي الغدة الكظرية؟
الغدة الكظرية هي عضو صغير يقع في الجزء العلوي من البطن فوق كل كلية. كل غدة بحجم الإبهام تقريباً وبشكل مثلث. تُعتبر هذه الغدد من الغدد الصماء الأساسية في الجسم. تقوم الغدة الكظرية بإفراز مجموعة من الهرمونات المهمة بما في ذلك الكورتيزول والألدوستيرون والتي تؤثر بشكل كبير على النشاط العصبي وتساهم في تنظيم وظائف الغدد الأخرى في الجسم. تؤثر هذه الهرمونات بشكل مباشر على عملية الاستقلاب وتعزز وظائف الجهاز المناعي كما تنظم ضغط الدم ومستويات السكر والسوائل والمعادن في الدم بالإضافة إلى العديد من الوظائف الحيوية الأخرى.

ما هي أسباب استئصال الغدة الكظرية؟
غالبا ما تُجرى عملية استئصال الغدة الكظرية لإزالة الأورام المتشكلة ضمن الغدة أو الناتجة عن النقائل. غالبية الأورام التي تصيب الغدة تكون حميدة وصغيرة، أما الأورام الكبيرة أو تلك التي تكون خبيثة، على الرغم من أن هذه الحالات نادرة نسبياً، فقد تسبب مشاكل صحية خطيرة.
أيضا من الممكن أن يعاني بعض الأفراد من حالات تتعلق بنشاط الغدة الكظرية، مثل فرط النشاط أو نقص النشاط. يُظهر فرط نشاط الغدة تأثيرات سلبية مثل ارتفاع ضغط الدم وزيادة احتباس السوائل وتكوين حصى في الكلى. بالمقابل يمكن أن يؤدي نقص نشاط الغدة إلى انخفاض مستويات الصوديوم وزيادة مستويات البوتاسيوم مما يسبب مشكلات صحية أخرى تؤثر على الحالة العامة للفرد.
كيف يستعد المريض لعملية استئصال الغدة الكظرية بالجراحة التنظيرية؟
يتطلب التحضير لاستئصال الغدة الكظرية بالجراحة التنظيرية إجراء فحص طبي شامل. قد يحتاج المريض إلى بعض الفحوصات للتأكد من أنه بصحة جيدة بما يكفي للخضوع للجراحة. ستقدم عيادة الجراح تعليمات حول ما يجب القيام به وما يجب تجنبه قبل الجراحة. التعليمات الدقيقة تعتمد على الجراح، ولكن هناك بعض الأمور الشائعة التي يجب اتباعها، نذكر أهمها:
- الاستحمام: يُنصح المريض بالاستحمام في الليلة السابقة للجراحة أو في صباح يوم الجراحة، وقد يطلب الجراح استخدام صابون مضاد للبكتيريا.
- التوقف عن الأكل والشرب: يجب على المريض التوقف عن تناول الطعام والشراب في الوقت الذي يحدده الطبيب قبل الجراحة.
- تناول الأدوية: في صباح يوم الجراحة يمكن للمريض تناول الأدوية التي أشار إليها الطبيب بأنها مسموحة وذلك مع رشفات صغيرة من الماء.
- إيقاف بعض الأدوية: قد يحتاج المريض إلى التوقف عن تناول بعض الأدوية قبل الجراحة، مثل مميعات الدم والمكملات والأدوية التي تؤثر على جهاز المناعة. يجب مناقشة هذا الأمر مع الجراح عند تحديد موعد استئصال الغدة الكظرية بالجراحة التنظيرية.
- طلب المساعدة بعد الخروج من المستشفى: ينبغي على المريض استشارة الطبيب أو الممرض حول مقدار المساعدة التي قد يحتاجها بعد العودة إلى المنزل.
كيف يتم استئصال الغدة الكظرية بالجراحة التنظيرية؟
يتم إجراء عملية استئصال الغدة الكظرية بواسطة أطباء المسالك البولية والجراحة العامة. تُجرى العملية تحت تأثير التخدير العام، حيث يُخدر المريض تماماً لضمان عدم شعوره بأي ألم أثناء العملية.
تُحدد الطريقة الجراحية المناسبة للاستئصال بناءً على حالة الغدة بالإضافة إلى صحة المريض وتاريخه الطبي. إذا كان هناك ورم في الغدة فإن حجم الورم ونوعه سيؤثران أيضاً على الخيار الجراحي. بشكل عام تُقسم طرق استئصال الغدة الكظرية إلى نوعين: استئصال الغدة الكظرية بالجراحة التنظيرية والاستئصال بالجراحة المفتوحة.
يُعتبر خيار استئصال الغدة الكظرية بالجراحة التنظيرية خيرا راجحاً لصغر حجم الغدة. بعد التخدير، يقوم الجراح بعمل من 1 إلى 4 شقوق صغيرة (0.5-1 سم) في البطن أو الظهر. يتم إدخال منظار عبر هذه الشقوق، مما يتيح للجراح رؤية داخل بطن المريض أثناء العملية.
بعد ذلك، تُستخدم أدوات صغيرة لقطع الجلد والأنسجة الرخوة المحيطة بالغدة الكظرية وإزالتها بعناية، مما يمكن الجراح من استئصال الغدة بالكامل. تُوضع الغدة الكظرية في كيس بلاستيكي وتُخرج من خلال أحد الشقوق. عادةً ما تستغرق عملية الاستئصال بالتنظير من ساعة إلى ساعتين.
يقسم استئصال الغدة الكظرية بالجراحة التنظيرية بناءً على عدد الشقوق ومكانها إلى عدة أنواع وهي: الجراحة بالمنظار والجراحة الخلفية عبر البطن (PRA) ووالجراحة الروبوتية.

الجراحة بالمنظار
في الجراحة بالمنظار، يُدخل الجراح كاميرا صغيرة تُسمى المنظار من خلال أحد الشقوق في البطن. تُستخدم هذه الكاميرا لمراقبة الأعضاء الداخلية وتوجيه العملية. من خلال الشقوق الأخرى يُدخل الجراح أدوات لإزالة الغدة الكظرية.
الجراحة الخلفية عبر البطن (PRA)
في هذا النوع يستخدم الجراح كاميرا صغيرة وشقوقاً في الظهر بدلاً من البطن فيعرف هذا النوع بالنهج الخلفي، تُزال الغدة الكظرية من خلال هذه الشقوق. نظرًا لوجود الغدة الكظرية والكلى في الجزء الخلفي من البطن (خلف الصفاق) ولا يصطدم بالأعضاء الأخرى في البطن فإن هذا النهج يسمى أيضا بالمباشر.
الجراحة الروبوتية
يمكن استخدام الإجراءات المدعومة بالروبوت لإجراء استئصال الغدة الكظرية بالمنظار، هذا النهج مشابه للجراحات التنظيرية الأخرى لكنه قد يتطلب شقين أو شق واحد فقط. بدلاً من أن يتحرك الجراح بالأدوات يدوياً، يتم التحكم في الأدوات عبر ذراعين ميكانيكيين حيث يتحكم الجراح في هذه الذراعين أثناء جلوسه عند وحدة التحكم بجوار طاولة العمليات.

ما بعد عملية استئصال الغدة الكظرية بالجراحة التنظيرية
يتعافى معظم المرضى الذين يخضعون لعملية استئصال الغدة الكظرية بالجراحة التنظيرية بسرعة مقارنة بالجراحة التقليدية المفتوحة. عادةً ما يبقى المرضى في المستشفى لمدة ليلة واحدة بعد العملية لمراقبة حالتهم وضمان عدم حدوث أي مضاعفات، ولكن في بعض الحالات قد يحتاج المريض إلى البقاء لفترة أطول إذا ظهرت أي مشكلات صحية تتطلب متابعة إضافية.
بعد الخروج من المستشفى يحتاج المرضى إلى فترة تعافٍ في المنزل تتراوح عادةً بين أسبوع إلى ثلاثة أسابيع وقد تختلف هذه المدة اعتماداً على عدة عوامل، مثل الحالة الصحية العامة للمريض ومدى نجاح العملية والاستجابة الفردية للتعافي. خلال هذه الفترة يُنصح المرضى بتجنب الأنشطة البدنية الشاقة مثل رفع الأثقال أو ممارسة التمارين الرياضية المكثفة حتى يسمح لهم الطبيب بذلك. ومع ذلك يمكنهم استئناف بعض الأنشطة اليومية الخفيفة تدريجياً مع مرور الوقت.
يُفضل أن تتم المتابعة المنتظمة مع الطبيب بعد العملية لمراقبة التعافي وأخذ أي أدوية قد يكون المريض بحاجة إليها، خاصةً إذا كان الاستئصال قد أثر على توازن الهرمونات في الجسم، حيث أنه إذا تم استئصال غدة كظرية واحدة فقط وكانت هذه الغدة لا تُنتج كميات كبيرة من الهرمونات فإن الغدة الأخرى ستقوم بتعويض الوظائف المفقودة مما يعني عدم الحاجة إلى العلاج بالهرمونات البديلة، أما إذا كانت الغدة المستأصلة تنتج كميات مفرطة من الهرمونات فلابد من تعويض هرموني حتى تستعيد الغدة الكظرية الأخرى وظائفها بشكل طبيعي. في حالة استئصال كلتا الغدتين سيكون من الضروري تناول الأدوية لتعويض الهرمونات التي كانت تُنتجها الغدتان مدى الحياة.
ما هي ميزات استئصال الغدة الكظرية بالجراحة التنظيرية؟
تتميز الجراحة التنظيرية بالعديد من الفوائد التي تجعلها خياراً مثالياً في استئصال الغدة الكظرية، من بين هذه الميزات:
- ندبات أصغر: يكون حجم الشق والندب صغيراً مقارنةً بعملية الجراحة المفتوحة.
- ألم أقل: يعاني المرضى من ألم أقل بعد العملية مما يسهل عملية التعافي.
- وقت تعافٍ أقصر: يتيح استئصال الغدة الكظرية بالجراحة التنظيرية للمرضى العودة إلى أنشطتهم اليومية بشكل أسرع.
- إقامة أقصر في المستشفى: حيث يمكن للمريض العودة إلى المنزل في غضون يوم أو يومين.
- انخفاض خطر حدوث مشاكل أثناء فترة الشفاء
- أحادية أو ثنائية الجانب: يمكن إجراء استئصال الغدة الكظرية بالمنظار لإزالة غدة كظرية واحدة (استئصال أحادي) أو كلا الغدتان (استئصال ثنائي).
ما هي مضادات استطباب استئصال الغدة الكظرية بالجراحة التنظيرية؟
يتمتع استئصال الغدة الكظرية بالجراحة التنظيرية بالعديد من الفوائد، لكنها قد لا تكون مناسبة في بعض الحالات، نذكر منها:
- الورم كبير جداً: إذا كان حجم الورم يتجاوز الحدود المناسبة للجراحة التنظيرية.
- زيادة الوزن بشكل مفرط: قد يؤثر الوزن الزائد على إمكانية إجراء العملية.
- اعتقاد الجراح بأن الجراحة المفتوحة أكثر أماناً: لأسباب طبية أخرى قد يفضل الجراح الخيار التقليدي.
من الضروري استشارة جراح مُدرّب ومؤهل في مجال استئصال الغدة الكظرية بالجراحة التنظيرية، حيث يمكن للجراح مساعدتك في تحديد ما إذا كانت هذه العملية تناسب حالتك الصحية أم لا.
ما هي المضاعفات المحتملة لاستئصال الغدة الكظرية بالجراحة التنظيرية؟
المضاعفات هي المشاكل التي قد تحدث أثناء عملية الاستئصال أو بعدها. تشمل المضاعفات المحتملة لاستئصال الغدة الكظرية بالجراحة التنظيرية ما يلي:
- رد فعل على التخدير العام: قد يتعرض بعض المرضى لمشاكل نتيجة التخدير.
- ارتفاع أو انخفاض ضغط الدم: يمكن أن تتأثر مستويات ضغط الدم خلال أو بعد العملية.
- نزيف: قد يحدث نزيف أثناء أو بعد الجراحة.
- إصابة بالأعضاء المجاورة: هناك احتمال لحدوث إصابات للأعضاء القريبة من موقع الجراحة.
- عدوى أو مشاكل في شفاء الجروح: قد تواجه بعض الحالات صعوبات في التئام الجروح أو الإصابة بعدوى.
- جلطات دموية، نوبات قلبية، ومشاكل في الرئتين: هذه المضاعفات نادرة ولكن يمكن أن تحدث بعد الجراحة.
من المهم أن يكون المرضى على دراية بهذه المخاطر عند التفكير في إجراء العملية.
متى يجب على المريض زيارة طبيبه بعد استئصال الغدة الكظرية بالجراحة التنظيرية؟
يجب على المريض تحديد موعد مع جراحه بعد مرور أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من إجراء الجراحة. من المهم أن يتصل المريض بجراحه أو طبيب العائلة إذا واجه أي من المشاكل التالية بعد استئصال الغدة الكظرية بالجراحة التنظيرية:
- حمى: إذا كانت درجة الحرارة 101 درجة فهرنهايت (39 درجة مئوية) أو أعلى.
- نزيف: أي نزيف غير طبيعي يتطلب الانتباه.
- زيادة في انتفاخ البطن: إذا لاحظ المريض انتفاخاً غير معتاد.
- ألم مستمر: إذا كان هناك ألم لا يخفف بالأدوية الموصوفة.
- غثيان أو قيء: خاصة إذا كان المريض غير قادر على الأكل أو الشرب.
من الضروري متابعة الحالة الصحية بعد الجراحة وطلب المساعدة عند الحاجة.
خاتمة
تُعتبر عملية استئصال الغدة الكظرية بالجراحة التنظيرية خياراً آمناً وفعالاً لعلاج العديد من الحالات المرضية. من خلال التحضير الجيد والمتابعة بعد العملية يمكن للمرضى تحقيق نتائج إيجابية والعودة إلى حياتهم اليومية بسرعة. تأكد دائماً من استشارة الطبيب لضمان أفضل رعاية صحية.
المصادر: