تشكل التشوهات الخلقية في الجهاز الهضمي والتنفس من أصعب التحديات الطبية التي يواجهها حديثو الولادة، خاصةً عندما تؤثر على المريء والقصبة الهوائية، عبر العقود الماضية شهد علاج رتق المريء والناسور الرغامي نقلة نوعية مدعومة بتقدم جراحي وتقني كبير مّكن الأطباء من تحسين فرص حياة الأطفال المصابين بشكل ملحوظ.
أصبحت الجراحات طفيفة التوغل وتقنيات التنظير الحديثة من الركائز الأساسية في علاج الحالات المعقدة التي كانت سابقاً تشكل خطورة عالية على حياة الرضّع. بالإضافة إلى ذلك، تطورت الرعاية المركزة لحديثي الولادة لتوفر متابعة دقيقة ومتخصصة قبل وبعد العملية الجراحية، مما ساهم في تقليل المضاعفات وتحسين النتائج على المدى الطويل.
تبرز تركيا كوجهة رائدة في مجال جراحة الأطفال وطب حديثي الولادة مثل علاج رتق المريء والناسور الرغامي، حيث تجمع بين خبرات طبية متقدمة وبنى تحتية حديثة وأطباء متخصصين عالميين، ما يجعلها مركزاً هاماً لاستقبال المرضى من مختلف دول العالم، تتميز المراكز التركية بتبني أحدث بروتوكولات العلاج والتقنيات الجراحية التنظيرية المتطورة التي تقلل الألم وتسرع التعافي إلى جانب توفير خدمات الرعاية والدعم النفسي للأهل، مما يسهم في رحلة علاج متكاملة.
ما هو رتق المريء وما هو الناسور الرغامي المريئي؟
رتق المريء والناسور الرغامي المريئي هما حالتان خلقيتان تصيبان حديثي الولادة، وغالبًا ما تحدثان معًا، وتؤثران على عملية البلع والتنفس منذ اللحظات الأولى بعد الولادة. لفهم المشكلة، نبدأ بشرح كل حالة على حدة.
في حالة رتق المريء يُولد الطفل والمريء غير مكتمل النمو بدلاً من أن يكون أنبوباً مستمراً من الأعلى إلى الأسفل، ينتهي المريء في جزءه العلوي بكيس مغلق ولا يتصل بالمعدة، هذا يعني أن أي طعام أو سوائل يتم بلعها لا تصل إلى المعدة بل تتجمع في الجزء العلوي من المريء، مما يؤدي إلى الاختناق والقيء وزيادة إفراز اللعاب، أما في حالة الناسور الرغامي المريئي فالمشكلة تكمن في وجود فتحة أو ممر غير طبيعي يربط بين المريء والرغامي، هذا الاتصال غير الطبيعي يسمح بمرور الطعام أو اللعاب أو حتى الهواء من المريء إلى القصبة الهوائية أو العكس ما يؤدي إلى اختناق الطفل أثناء الرضاعة أو دخول السوائل إلى الرئتين، مما يؤدي إلى التهابات رئوية متكررة.
في كثير من الأحيان تحدث الحالتان معاً، ويُعد ذلك أكثر أشكال التشوه شيوعاً، حيث يُولد الطفل والمريء لديه غير متصل بالمعدة، بينما يكون الجزء السفلي من المريء متصلاً بلرغامى من خلال ناسور، هذا يؤدي إلى مشكلتين في آن واحد الأولى أن الطعام لا يصل للمعدة والثاني أن الهواء قد يدخل إلى الجهاز الهضمي مما يؤدي إلى انتفاخ البطن.
هناك عدة أنواع من هذه التشوهات، يصنفها الأطباء وفقًا لشكل الانفصال والاتصال غير الطبيعي بين المريء والرغامي، أكثرها شيوعاً هو النوع الذي يكون فيه المريء غير مكتمل وينتهي طرفه العلوي بكيس مغلق بينما يتصل الطرف السفلي بالرغامي من خلال ناسور، كما أن هناك أنواع أخرى نادرة، مثل أن يكون هناك رتق دون ناسور على الإطلاق أو أن يكون هناك ناسور فقط دون رتق أو أن يوجد ناسور في الطرف العلوي والسفلي معاً.

كيف يتم تشخيص رتق المريء والناسور الرغامي؟
إن تشخيص رتق المريء والناسور الرغامي المريئي يتم عادة في الساعات أو الأيام الأولى بعد الولادة، إذ تظهر أعراض مميزة تدفع الطبيب للاشتباه بوجود هذه الحالة.
الأعراض الشائعة لدى الطفل الرضيع
الأطفال المصابون برتق المريء أو الناسور الرغامي المريئي غالباً ما يُظهرون مجموعة من الأعراض المميزة، من أبرز هذه العلامات:
- فرط إفراز اللعاب أو الرغوة الفموية: ينتج عن عدم القدرة على بلع الإفرازات اللعابية، يكون السبب غالباً انسداد الطرف العلوي للمريء.
- صعوبة أو فشل في الرضاعة: الطفل قد يرفض الرضاعة أو يبدأ بها ثم يتوقف فجأة مع علامات ضيق تنفّس.
- كحة وسعال متكرر عند الرضاعة: خاصة في وجود ناسور، حيث قد يمرّ الحليب من المريء إلى القصبة الهوائية والرئتين.
- الاختناق أو الزرقة: يتغير لون الجلد إلى الأزرق نتيجة نقص الأكسجين، حيث تظهر أثناء أو بعد الرضاعة، خصوصاً إذا دخل الحليب إلى مجرى التنفس.
- ارتجاع الحليب: يدل خروج الحليب من الأنف أو الفم على وجود انسداد في المسار الطبيعي للبلع في الجزء العلوي من المريء.
- انتفاخ البطن: يحدث نتيجة مرور الهواء عبر الناسور إلى المعدة، يكون أكثر وضوحاً في الحالات المصحوبة بناسور رغامي مريئي.
هذه الأعراض تلفت انتباه الفريق الطبي، خاصةً في حالات الولادة في مستشفى مجهّز، حيث يتم التدخل بسرعة لتشخيص السبب بدقة.
الطرق المستخدمة في التشخيص
عند الاشتباه بوجود رتق المريء أو ناسور رغامي مريئي، يُستخدم عدد من الإجراءات التشخيصية البسيطة والدقيقة التي تهدف إلى تأكيد الحالة وتحديد نوع التشوه.
- اختبار تمرير الأنبوب الأنفي المعدي: يُعتبرالفحص الأولي الأساسي، يتم فيه إدخال قسطرة أنفية معدية باتجاه المعدة، إذا كان المريء غير متصل بالمعدة كما في حالة رتق المريء، فإن الأنبوب سيتوقف في الجزء العلوي من الصدر وترتد القسطرة إلى الفم.
- التصوير بالأشعة السينية: يتم إجراء تصوير بالأشعة للصدر والبطن بعد إدخال الأنبوب لتحديد مكان توقفه.
- تصوير المريء باستخدام مادة ظليلة: يتم في بعض الحالات استخدام مادة تباين تُعطى عن طريق الفم لتحديد مسار المريء أو الناسور بدقة عند الحاجة، لكن هذا الإجراء يُستخدم بحذر لتجنب تسرب المادة إلى الرئتين.
- التنظير أو المنظار: في الحالات غير الواضحة أو إذا كان هناك حاجة لتحديد موقع الناسور بدقة قبل الجراحة، قد يُستخدم تنظير المريء أو الطرق الهوائية، هذا الإجراء يُظهر مكان الناسور بين المريء والرغامي بشكل مباشر.
يتم تشخيص هذه الحالات بسرعة وفعالية بعد الولادة بفضل الأعراض المميزة والاختبارات السريرية البسيطة، مما يُمكّن الفريق الطبي من اتخاذ القرار المناسب بشأن علاج رتق المريء والناسور الرغامي اللازم في الوقت المناسب.
طرق علاج رتق المريء والناسور الرغامي
يعتبر علاج رتق المريء والناسور الرغامي الجراحي الحل الوحيد والأساسي لتصحيح تشوهات رتق المريء والناسور الرغامي، حيث يهدف إلى إعادة الاتصال االطبيعي بين المريء والمعدة وإغلاق الاتصال غير الطبيعي مع الطريق الهوائي، يعتمد اختيار الأسلوب الجراحي على عدة عوامل تشمل نوع التشوه الخلقي والحالة الصحية العامة للرضيع والتجهيزات الطبية المتاحة.
الجراحة المفتوحة لعلاج رتق المريء والناسور الرغامي
تمثل الجراحة المفتوحة الخيار الجراحي التقليدي يتم فيه عمل شق جراحي في الجانب الأيمن من الصدر للوصول المباشر إلى المريء والطرق الهوائية، خلال هذا الإجراء يقوم الجراح بإغلاق الاتصال الشاذ بين المريء والقصبة الهوائية وإجراء مفاغرة بين جزئي المريء عندما تكون المسافة بينهما مقبولة ويقوم أيضاً بمعالجة أي تشوهات مرافقة إن وجدت.
يتم اللجوء إليها في حال عدم توفر تقنيات الجراحة التنظيرية المتقدمة ووجود مسافات طويلة بين أجزاء المريء المنفصلة أو وجود تشوهات خلقية مركبة مصاحبة، أيضاً يتم اللجوء إليها في الحالات الحرجة التي تتطلب تدخلاً سريعاً أو حالات فشل المحاولات التنظيرية السابقة.
الجراحة التنظيرية لعلاج رتق المريء والناسور الرغامي
تمثل الجراحة التنظيرية طفرة في علاج هذه الحالات، حيث يتم تنفيذ الإجراء عبر شقوق جراحية صغيرة باستخدام منظار جراحي دقيق مزود بكاميرا لرؤية الأعضاء الداخلية وأدوات جراحية متخصصة مصغرة وتقنيات تكبير متطورة، مما يتيح للجراح إجراء إصلاح الرتق والناسور دون فتح الصدر كاملاً، تتميز بألم أقل بعد الجراحة وندوب جراحية أقل وضوحاً وفترة نقاهة أقصر وفترة تعافي أسرع، يتم اللجوء لهذه الطريقة في حال توفر مراكز جراحية متخصصة مجهزة ووجود فريق جراحي متمرس، كما تستخدم في حالات الرضع المستقرين طبياً وعندما تكون المسافة بين طرفي المريء قصيرة.
يعتمد نجاح أي من الأسلوبين الجراحيين على التشخيص المبكر والتدخل السريع والمتابعة الدقيقة لما بعد الجراحة لضمان الشفاء التام وتجنب المضاعفات المحتملة.

توقيت علاج رتق المريء والناسور الرغامي
إن توقيت علاج رتق المريء والناسور الرغامي الجراحي يعتمد على عدة عوامل:
- استقرار الحالة العامة للطفل: إذا كان المولود مستقراً من حيث التنفس والدورة الدموية، يتم إجراء الجراحة خلال أول 24–72 ساعة من الولادة.
- وجود تشوهات أخرى: إذا كان لدى الطفل مشاكل خلقية أخرى كأمراض القلب أو مشاكل في الكلى، قد يُؤجَّل الإجراء قليلاً لتقييم الحالة بشكل متكامل.
- وجود التهابات أو مضاعفات: مثل الالتهاب الرئوي الناتج عن استنشاق السوائل، قد يتطلب ذلك معالجة أولاً قبل الجراحة.
- في حالات الرتق طويل المسافة: قد يتم تأجيل الجراحة لإعطاء وقت لنمو المريء.
- بعد علاج رتق المريء والناسور الرغامي تكون معظم الحالات ناجحة ويستعيد الطفل القدرة على البلع والتغذية بشكل طبيعي. قد تحدث بعض المضاعفات المبكرة أو المتأخرة التي تتطلب متابعة طبية دقيقة.
المضاعفات المحتملة بعد علاج رتق المريء والناسور الرغامي
بعد علاج رتق المريء والناسور الرغامي تُظهر معظم الحالات نتائج إيجابية، حيث يستعيد المريض وظيفة البلع والقدرة على التغذية الفموية بشكل كامل، ومع ذلك قد تظهر مضاعفات مبكرة أو متأخرة، مما يُبرز أهمية المتابعة الدورية والرصد الطويل الأمد لضمان التحسن الأمثل وتدبير أي آثار جانبية محتملة.
- تسرب من مكان خياطة المريء: قد يحدث بعد علاج رتق المريء والناسور الرغامي تسرب في موقع الوصلة الجراحية بين طرفي المريء، مما يؤدي إلى تسرب اللعاب أو محتويات الطعام إلى التجويف الصدري، يتراوح التسرب من خفيف إلى شديد، يعتمد العلاج على شدة الحالة وقد يحتاج إلى تدخل إضافي.
- الالتهاب الرئوي أو الاضطرابات التنفسية: قد ينتج عن استنشاق سابق للحليب أو اللعاب أو بسبب تراكم السوائل في الرئة، يتضمن العالج المضادات الحيوية والعلاج التنفسي.
- انخماص الرئة: قد يحدث نتيجة ضغط الرئة أثناء الجراحة أو بسبب ضعف التهوية بعد العملية، عادةً ما يكون مؤقتاً ويتم تحسينه بالعلاج الطبيعي التنفسي.
- التهاب الجرح أو التجويف الصدري: يعد التهاب الجرح أو التجويف الصدري من المضاعفات غير الشائعة لعلاج رتق المريء والناسور الرغامي، يعالج بالمضادات الحيوية وقد يتطلب تصريفاً جراحياً في الحالات الشديدة.
- تضيق موضع الخياطة: يعتبر تضيق موضع الخياطة من أكثر المضاعفات شيوعاً لعلاج رتق المريء والناسور الرغامي على المدى المتوسط والطويل، يؤدي إلى صعوبة البلع خاصةً مع الأطعمة الصلبة، يتم علاجه عبر التوسيع بالبالون أو الموسعات تحت التخدير وقد يحتاج إلى جلسات متكررة.
- الارتجاع المعدي المريئي (GERD): شائع لدى الأطفال بعد علاج رتق المريء والناسور الرغامي، كما قد يسبب حرقة أو قيء أو تأخر في النمو، يعالج بالأدوية المضادة للحموضة وفي بعض الحالات الجراحية النادرة يجرى تدخل إضافي.
- عودة الناسور: قد يُعاد تشكل الاتصال بين المريء والطرق الهوائية بعد الجراحة، غالباً ما يحتاج إلى إصلاح جراحي إضافي.
- مشاكل في الحركة العصبية للمريء: قد يُعاني بعض الأطفال من بطء أو اضطراب في حركة المريء، مما يؤدي إلى صعوبة في بلع الطعام أو الشعور بالانسداد، تظهر هذه المشكلة أحياناً مع تقدم العمر وتدار بالتغذية المتدرجة والمتابعة طويلة الأمد.
- تأخر النمو أو صعوبات التغذية: بعض الأطفال قد يحتاجون وقتاً أطول للتأقلم مع الرضاعة الطبيعية أو الطعام الصلب، يُتابع هؤلاء الأطفال مع أخصائي التغذية وبرامج دعم النمو.
بفضل التقدم في تقنيات الجراحة والعناية المركزة، فإن غالبية المضاعفات بعد علاج رتق المريء والناسور الرغامي يمكن التعامل معها بفعالية، حيث أن معظم الأطفال يتمكنون من النمو والعيش حياة طبيعية تماماً بعد العلاج.

الرعاية بعد علاج رتق المريء والناسور الرغامي ونصائح للأهل
بعد علاج رتق المريء والناسور الرغامي، يحتاج الطفل إلى رعاية طبية دقيقة ومستمرة، تبدأ في المستشفى وتستمر بعد الخروج إلى المنزل، يكون الهدف الأساسي من الرعاية هو ضمان شفاء المريء ومنع المضاعفات ودعم التغذية والنمو الطبيعي للطفل، في المستشفى تبدأ مرحلة الرعاية بعد علاج رتق المريء والناسور الرغامي داخل وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة (NICU)، حيث يوضع الطفل تحت مراقبة متواصلة، تشمل مراقبة التنفس ومتابعة العلامات الحيوية كالنبض والضغط والحرارة وتقييم الوضع التغذوي وكميات السوائل، كما يتم تركيب أنبوب أنفي معدي أو أنبوب فموي معدي لتغذية الطفل بأمان خلال المرحلة الأولى من التعافي.
قبل البدء بالتغذية عن طريق الفم يُجرى تصوير ظليلي للمريء عادةً بعد 5-7 أيام من الجراحة، يهدف التصوير إلى التأكد من سلامة الوصلة الجراحية واستبعاد وجود تسرب وتقييم حركة المريء، حيث لا يُسمح بأي تغذية فموية قبل التأكد من النتائج، عند التأكد من سلامة المريء تُقدَّم كميات صغيرة من الحليب تدريجياً، مع مراقبة استجابة الطفل لأي علامات صعوبة في البلع أو الارتجاع، في حال وجود مضاعفات رئوية، يجب إعطاء الأكسجين حسب الحاجة وقد يلزم العلاج الفيزيائي التنفسي، كما تُستخدم المضادات الحيوية عند وجود التهاب رئوي.
بعد خروج الطفل من المستشفى، تبدأ مرحلة المتابعة المنزلية الدقيقة والتي تشمل:
- المتابعة الطبية الدورية: حيث يجب زيارة طبيب الأطفال والجراح بشكل منتظم لتقييم النمو ووظيفة البلع، كما يجب إجراء تنظير أو أشعة دورية عند الضرورة لمتابعة حالة المريء والكشف عن أي تضيق أو ارتجاع.
- إدارة التغذية: يجب البدء بحليب الأم أو الحليب الصناعي المناسب بكميات صغيرة ومتكررة وإدخال الأطعمة الصلبة تدريجياً تحت إشراف أخصائي التغذية، كما يجب الحفاظ على وضعية الرضاعة شبه الجالسة لتقليل الارتجاع، في بعض الحالات قد يحتاج الطفل إلى تغذية عبر أنبوب مؤقت لدعم النمو.
- مراقبة المضاعفات المحتملة: حيث يجب مراقبة علامات الخطر التي تستدعي مراجعة الطبيب فوراً مثل صعوبة البلع ورفض الطعام مع سعال أو اختناق أثناء الرضاعة، أيضاً ارتفاع درجة الحرارة أو علامات عدوى وضعف في النمو أو فقدان الوزن.
- الوقاية من الالتهابات التنفسية: الالتزام بجدول التطعيمات الأساسية والإضافية مثل لقاح الإنفلونزا وRSV، كما يجب الابتعاد عن مخالطة الأشخاص المصابين بأمراض تنفسية، أيضاً منع التدخين السلبي تماماً في بيئة الطفل.
- الرعاية النفسية والتأهيل: تقديم الدعم النفسي للأهل خاصةً في الأشهر الأولى بعد الجراحة، كما يجب الانضمام إلى مجموعات دعم للأسر التي لديها أطفال يعانون من نفس الحالة، أيضاً يجب التواصل مع أخصائيي التغذية والعلاج الطبيعي عند الحاجة لتحسين جودة الحياة.
نصائح مهمة للأهل بعد علاج رتق المريء والناسور الرغامي
رعاية طفل بعد علاج رتق المريء والناسور الرغامي، تتطلب الكثير من الانتباه والدعم من الأهل، خاصة خلال فترة التعافي الأولى، فيما يلي مجموعة من النصائح المهمة التي تساعد الوالدين على التعامل مع هذه المرحلة بثقة وتوفير أفضل بيئة ممكنة لتعافي الطفل ونموه بشكل سليم.
- إدارة التغذية: حيث يجب التدرج في حجم وتركيز الوجبات حسب التحمل مع الحفاظ على الوضعية الرأسية أثناء وبعد التغذية كما يجب أيضاً المراقبة الدقيقة لمؤشرات الشفط الرئوي.
- التواصل مع الفريق الطبي: لا تتردد في استشارة الطبيب عند ملاحظةأ أي أعراض تنفسية غير معتادة أو صعوبات في تناول الطعام أو ظهورعلامات التهاب.
- الالتزام بالزيارات الدورية: حيث يجب الالتزام بالزيارات والفحوصات الروتينية
- الرعاية الشاملة: يجب الإهتمام بالجوانب الغذائية والتنفسية والنفسية للطفل لضمان أفضل النتائج.
بفضل التطورات الطبية الحديثة أصبحت نتائج هذه الجراحة ممتازة في معظم الحالات، والالتزام بالرعاية اللاحقة يضمن لطفلك حياة صحية ونمواً طبيعياً.
نسبة نجاح علاج رتق المريء والناسور الرغامي وتوقعات التعافي
يُعد علاج رتق المريء والناسور الرغامي من قصص النجاح البارزة في جراحة حديثي الولادة، حيث تصل نسبة البقاء على قيد الحياة بعد علاج رتق المريء والناسور الرغامي إلى أكثر من 90–95% في الأطفال الذين وُلدوا بوزن طبيعي ولم تكن لديهم تشوهات خلقية أخرى خطيرة، خصوصاً في المراكز المتخصصة ومع توفر الرعاية المركزة بعد الجراحة.
معظم الأطفال الذين يخضعون لعلاج رتق المريء والناسور الرغامي الجراحي يُظهرون تعافياً جيداً ويتمكنون لاحقاً من الرضاعة والنمو بشكل طبيعي، إذ يتحسن كل من البلع والوظائف الهضمية تدريجياً مع مرور الوقت، قد يحتاج بعض الأطفال إلى فترة قصيرة من الدعم الغذائي أو الرعاية الخاصة لضمان التكيف الكامل.
في الحالات التي تُجرى فيها الجراحة في الأيام الأولى من العمر، وتكون المسافة بين طرفي المريء قصيرة، فإن النتائج غالبًا ما تكون ممتازة من الناحية الوظيفية.
هل الجراحة كافية؟ ومتى نلجأ لتدخل طبي جديد؟
رغم النجاح الكبير في الجراحة الأولى، فإن بعض الأطفال قد يواجهون مشكلات لاحقاً تتطلب متابعة أو تدخلات إضافية، مايلي نذكر بعض الأسباب:
- تضيّق موضع خياطة المريء : أحد المضاعفات الشائعة نسبياً، يُسبب صعوبة في البلع أو تأخرًا في التغذية، يُعالج غالباً بتوسيع المريء باستخدام البالون أو أدوات خاصة وقد يتكرر التوسيع عدة مرات.
- ارتجاع معدي مريئي مزمن : يحدث لدى نسبة كبيرة من الأطفال بعد العملية، يُعالج دوائيًا في البداية لكن في بعض الحالات الشديدة قد يُجرى تدخل جراحي إضافي مثل عملية تثنية القاع.
- عودة الناسور: تُعد نادرة وتُسبب أعراضاً مشابهة لما قبل الجراحة مثل الكحة بعد الرضاعة أو التهابات الرئة وتستدعي جراحة ثانية لإغلاق الناسور.
- المسافة الطويلة بين طرفي المريء: في بعض الأنواع النادرة من رتق المريء، تكون المسافة بين الطرفين طويلة ولا يمكن توصيلها مباشرة.
قد تتطلب هذه الحالات جراحات متعددة أو تقنيات خاصة مثل شدّ المريء أو حتى إنشاء مريء بديل باستخدام جزء من الأمعاء أو المعدة.
المتابعة طويلة الأمد
حتى بعد نجاح الجراحة والتعافي، يحتاج الطفل إلى متابعة منتظمة حتى سن الطفولة والمراهقة، تشمل تقييم نمو الطفل وتطوره الحركي والغذائي ووظيفة المريء والبلع والحالة التنفسية، في كثير من الحالات لا يُلاحظ على الطفل أي فرق عن أقرانه مع مرور الوقت، خصوصاً إذا تمت المتابعة والعلاج المبكر لأي مشكلة.
في الختام، يُعد علاج رتق المريء والناسور الرغامي من التدخلات الجراحية المعقدة التي تتطلب خبرة عالية ومتابعة دقيقة لضمان أفضل النتائج، كما يساهم التشخيص المبكر والعلاج المتخصص في تحسين جودة حياة الطفل وتقليل المضاعفات المحتملة، إذا كان لديكم أي استفسار أو كنتم بحاجة إلى استشارة طبية موثوقة، يمكنكم التواصل مع مركز بيمارستان الطبي حيث يحرص فريقنا المتخصص على تقديم الدعم والرعاية بأعلى المعايير.
المصادر
- Seattle Children’s Hospital. (n.d.). Tracheoesophageal fistula and esophageal atresia
- MedlinePlus. (n.d.). Esophageal atresia/tracheoesophageal fistula. MedlinePlus Genetics. U.S. National Library of Medicine