جراحة المريء تُستخدم لعلاج أمراض خطيرة مثل ارتجاع المريء الشديد، ضيق المريء، الأورام أو الفتق الحجابي، وغالباً ما تكون ضرورية عند فشل العلاجات الدوائية. سنتعرف في هذا المقال على أنواع جراحة المريء، الحالات التي تستدعيها، نسبة النجاح، وفترة التعافي بعدها
متى تحتاج إلى جراحة المريء؟
على رغم أن معظم أمراض المريء تُعالج دوائياً أو تحفظياً، إلا أن بعض الحالات تتطلب تدخلاً جراحياً بشكل ضروري وذلك عندما تفشل العلاجات أو تظهر مضاعفات بنيوية أو سرطانية، ومن أهم هذه الحالات:
- فشل العلاجات الدوائية في ارتجاع المريء
- وجود تضيق أو انسداد يمنع البلع
- علاج الأورام الحميدة أو السرطانية
- تصحيح فتق الحجاب الحاجز الكبير
- حالات مريء باريت المتحوِّل إلى خلايا شاذة أو النزف الناتج عن قرحات مزمنة لا تستجيب للعلاج
أنواع جراحة المريء حسب الحالة
رغم أن التدخل الجراحي يُعتبر الخيار الأخير إلا أن هناك عدة أنواع من جراحات المريء تُختار بحسب السبب والعلاج المطلوب، ومنها:
جراحة ارتجاع المريء (عملية نيسن)
تعتبر العملية الأكثر شيوعاً لعلاج ارتجاع الحمض (GERD) وخصوصاً عندما تفشل الأدوية، تتضمن لف الجزء العلوي من المعدة حول الصمام السفلي للمريء لتعزيز إغلاقه ومنع ارتجاع الحمض. تُجرى عادةً عبر التنظير (laparoscopic) وهذا ما يقلل من الألم ووقت الاستشفاء ويمكن تنفيذها بالجراحة المفتوحة عند الضرورة.

استئصال المريء (Esophagectomy)
يُجرى في حالات الأورام الخبيثة أو الحميدة الكبيرة مثل مريء باريت المتحور أو سرطان المريء ويمكن أن تُجرى مفتوحة أو بطريقة تنظيرية أو روبوتية. تتراوح معدلات المضاعفات بين 10–20٪ ومعدلات الوفيات من 2–5٪ بحسب المركز وطبيعة المرض وتقل إلى أقل من 5٪ في المراكز الأكاديمية المتقدمة.
توسيع أو رأب المريء
يُستخدم لعلاج التضيق الناتج عن التندّبات أو التشوهات الخلقية حيث يتم إدخال بالون أو موسّع عبر المنظار لتمديد الجزء الضيق دون الحاجة لجراحة كبرى ويعتبر إجراء آمن وفعّال جداً.
تصحيح فتق الحجاب الحاجز
عندما يضغط الفتق الكبير على نهاية المريء ويؤدي إلى ارتجاع مستمر يتم إصلاحه بشكل جراحي عبر تقنية لف المعدة والتي غالباً ما تُجرى بالتنظير لتصغير فتحة الحجاب الحاجز وتثبيت المعدة داخل البطن، تعتبر مفضّلة لعلاج الفتق مع مضاعفات الارتجاع بسبب قلة الألم وسرعة الشفاء مقارنة بالجراحة المفتوحة.
التحضير قبل جراحة المريء
يعتبر التحضير الجيد قبل جراحة المريء خطوة أساسية لضمان سلامة المريض ونجاح هذه العملية حيث يتطلب تقييماً دقيقاً وفهماً واضحاً للإجراءات المطلوبة قبل الجراحة.
الفحوصات المطلوبة
تتضمن الفحوصات أشعة الصدر والمريء لتقييم التشريح ووظيفة العضلات وتنظير المريء لفحص البطانة واكتشاف أي التهابات أو تغيرات نسيجية، كما يتم إجراء تقييم التنفس لمعرفة مدى قدرة الرئتين على تحمل التخدير والجراحة وخصوصاً لدى مرضى الأمراض التنفسية المزمنة.
إرشادات التغذية قبل العملية
يقوم المريض بإجراء صيام عادةً لمدة 6-8 ساعات قبل الجراحة لتقليل خطر الشفط أثناء التخدير، وفي بعض الحالات يُنصح باتباع نظام غذائي خاص قبل الجراحة لتحسين الحالة الغذائية وتقليل المضاعفات.
متى يجب التوقف عن الأدوية المميعة للدم؟
ينصح بالتوقف عن تناول الأدوية المميعة للدم مثل الأسبرين أو الوارفارين قبل 5-7 أيام من العملية وذلك بناءً على توجيهات الطبيب لتقليل خطر النزيف أثناء الجراحة.
خطوات جراحة المريء بالتفصيل
تُجرى جراحة المريء بخطوات دقيقة تختلف حسب نوع الحالة ويتم مراعاة استخدام تقنيات متقدمة لضمان أمان المريض وفعالية العلاج.
التخدير العام
تبدأ العملية بتخدير كامل لضمان عدم شعور المريض بالألم طوال الجراحة، يتم مراقبة التنفس والوظائف الحيوية بعناية أثناء هذا الإجراء.
إجراء الشقوق أو الفتحات
تُجرى الجراحة باستخدام المنظار (Laparoscopy) أو الروبوت الجراحي (Robotic-assisted) حيث يتطلب من 3 إلى 5 فتحات صغيرة في البطن بدلاً من شق كبير في الجراحة التقليدية.
مدة العملية وفقدان الدم
تستغرق الجراحة عادةً بين 2 إلى 4 ساعات ويكون فقدان الدم منخفضاً في معظم الحالات وخاصةً عند استخدام التقنيات الحديثة.
إجراء الإصلاح أو الاستئصال
يقوم الجراح بإجراء العملية المطلوبة حسب الحالة مثل لف المعدة في عملية نيسن أو استئصال جزئي/كامل للمريء في حالات الأورام.
هذه الخطوات تختلف قليلاً، لأنها تعتمد على حسب نوع الجراحة والحالة المرضية ويحدد الطبيب التقنية الأنسب بعد تقييم شامل.
ما بعد جراحة المريء: التعافي والمضاعفات
تحتاج فترة ما بعد جراحة المريء متابعة دقيقة لضمان التعافي ومنع حدوث مضاعفات مُحتملة.
فترة الإقامة في المستشفى
يقضي المريض عادةً من 5 إلى 7 أيام في المستشفى بما في ذلك يوم أو يومين في وحدة العناية المكثّفة وذلك حسب نوع الجراحة. يبدأ بتناول الطعام من خلال أنبوب تغذية أو سوائل صافية خلال الأيام الأولى ويُحوَّل تدريجيًا إلى النظام الغذائي الطري حسب إرشادات الطبيب.
مضاعفات مُحتملة بعد الجراحةّ
- صعوبة البلع: تعتبر شائعة مؤقتاً بسبب التورّم عند خط التوصيل.
- العدوى والنزف: يعدان من أبرز المخاطر المبكّرة.
- تسرّب عند وصل المريء والمعدة (anastomotic leak): يعتبر من أخطر المضاعفات ويتطلب علاجاً.
نصائح التعافي في المنزلّ
- اتباع نظام غذائي تدريجي يبدأ بالسائل الصافي ثم الطري ووصولاً إلى الطعام العادي
- تجنب الانحناء أو رفع الأوزان الثقيلة لتقليل الضغط على خط التوصيل
- أهمية المتابعة الدورية مع الجراح للتحقق من التئام الجرح ومراقبة الأعراض
نسب نجاح جراحة المريء والتوقعات المستقبلية
تعتبر جراحة المريء خياراً ممتازاً لعلاج الحالات المتقدّمة وتعتمد نسبة نجاحها على نوع المشكلة وصحة المريض وخبرة الفريق الطبي، هذا ما يحدّد التوقعات المستقبلية بدقّة.
متى تظهر النتائج؟
جراحة Nissen fundoplication تحسّن الأعراض لدى 85–90% من المرضى خلال فترة قصيرة مع استمرار النجاح على المدى المتوسط (⁓ 88٪ بعد 5 سنوات، و⁓ 73٪ بعد 10 سنوات).
هل يحتاج المريض إلى جراحة أخرى لاحقاً؟
حوالي 10–12% من المرضى قد يحتاجون إلى إعادة التدخل الجراحي خلال 10 سنوات وغالباً عند حدوث انزلاق للفة المعدة أو استمرار الأعراض.
الحالات المتوقعة للشفاء الكامل
يعتبر مرضى ارتجاع الحمض أصحاب الاستجابة الجيدة للأدوية قبل الجراحة يحققون شفاءً تاماً، حالات التضيق بدون أورام والاستقلاب الغذائي لدى مرضى GERD تُظهر أيضاً نتائج ممتازة، في جراحة استئصال المريء (السرطانية) تعد الجراحة مع نية علاجية ذات فرص نجاة تتراوح بين 15–80% خلال 5 سنوات اعتماداً على المرحلة، تشهد المراكز المتقدمة انخفاضاً في معدل الوفيات إلى أقل من 5% وتحسناً في هذه النتائج بشكل عام.
جراحة المريء تعتبر من العمليات الدقيقة لكنها فعالة جداً في علاج الأمراض المزمنة أو المعقدة، بشرط اختيار التوقيت المناسب والمركز الطبي المؤهل. إذا كنت تعاني من أعراض مستمرة أو لم تستفد من الأدوية، فقد تكون الجراحة هي الحل الأمثل لحالتك.
المصادر:
- MedlinePlus. (n.d.). Esophagectomy. U.S. National Library of Medicine.
- National Center for Biotechnology Information. (2020). Esophageal cancer: Surgical treatment. In StatPearls. StatPearls Publishing.