تُعد حصوات القناة الصفراوية من المشكلات الصحية التي قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة إذا لم تُعالج في الوقت المناسب. لحسن الحظ، أصبح بالإمكان اليوم علاج هذه الحالة من دون جراحة تقليدية، وذلك من خلال إزالة حصوات القناة الصفراوية بالمنظار، وهي تقنية متطورة تُعرف باسم تنظير القنوات الصفراوية والبنكرياسية بالطريق الراجع أو (ERCP). يُعتبر هذا الإجراء خياراً فعّالاً وسريعاً، وقد تُستخدم أدوات خاصة لسحب الحصوات أو إخراجها عبر السلة أو البالون دون الحاجة إلى تفتيت فعلي.
ما هي حصوات القناة الصفراوية؟
حصوات القناة الصفراوية هي حصوات تتكون في القناة الصفراوية المشتركة أو تنتقل إليها، وهي القناة التي تنقل الصفراء من المرارة إلى الأمعاء للمساعدة في عملية الهضم. تتشكل هذه الحصوات من مواد مركزة في الصفراء تشبه الحصى الصغيرة، وتتشكل في أماكن مختلفة داخل الجهاز الصفراوي. الفرق بين حصى المرارة وحصى القناة الصفراوية هو أن حصى المرارة تتكون داخل المرارة نفسها، بينما تنتقل حصى القناة الصفراوية من المرارة إلى القناة المشتركة أو تتشكل داخل القنوات الصفراوية نفسها وقد تسبب انسداداً بها.

متى يُوصى بإزالة حصوات القناة الصفراوية؟
يُوصى بإزالة حصوات القناة الصفراوية عند ظهور أعراض انسداد القناة مثل ألم في أعلى البطن يمتد أحياناً إلى الكتف، وغثيان وقيء، واصفرار الجلد وبياض العينين مع تغير لون البول، كما تُشير الحمى إلى وجود التهاب أو عدوى تستدعي التدخل السريع. إذا تأخر العلاج قد تحدث مضاعفات خطيرة مثل التهاب القناة الصفراوية، أو التهاب المرارة، أو التهاب البنكرياس نتيجة انسداد القناة المشتركة، ويتم تشخيص الحالة عبر فحوصات الدم، او التصوير بالموجات فوق الصوتية والرنين المغناطيسي الخاص بالقنوات الصفراوية (MRCP)، والتنظير بالموجات فوق الصوتية.
كيفية إزالة حصوات القناة الصفراوية بالمنظار
تُجرى إزالة الحصوات عادةً عبر تنظير القنوات الصفراوية بالطريق الراجع (ERCP)، حيث يبدأ الطبيب بإدخال المنظار المرن عبر الفم مروراً بالمريء والمعدة وصولاً إلى بداية الأمعاء الدقيقة حيث تفتح القناة الصفراوية، وبعد تحديد موقع الحصوات يُجري الطبيب قطعاً صغيراً في العضلة التي تحيط بفتحة القناة لتوسيع الممر، ثم يستخدم أدوات خاصة لكسر وإزالة الحصوات من القناة الصفراوية.
تستغرق العملية عادةً من 30 إلى 60 دقيقة، ويتم إجراؤها غالباً تحت تخدير موضعي مع مهدئ خفيف، وليس تحت تخدير عام كامل، مما يسمح للمريض بالاستيقاظ بسرعة بعد انتهاء الإجراء.

مميزات إزالة الحصوات بالمنظار مقارنة بالجراحة التقليدية
تتميز إزالة حصوات القناة الصفراوية باستخدام التنظير الراجع بالمنظار بالعديد من المزايا مقارنة بالجراحة التقليدية. أولاً، لا يتطلب الإجراء فتح جراحي في البطن مما يقلل بشكل كبير من الألم بعد العملية، كما أن سرعة الشفاء تكون أسرع حيث يستطيع المرضى العودة لأنشطتهم اليومية بسرعة أكبر مقارنة بالجراحة المفتوحة. بالإضافة إلى ذلك، ترتفع معدلات النجاح في إزالة الحصوات بفضل التقنيات الحديثة التي تسمح برؤية دقيقة وأدوات متطورة، وفي بعض الحالات يمكن للمريض الخروج من المستشفى في نفس يوم الإجراء، مما يقلل من مدة الإقامة والتكاليف المرتبطة بالعلاج.
المخاطر والمضاعفات المحتملة
رغم أن تنظير القنوات الصفراوية الراجع بالمنظار (ERCP) يُعتبر إجراءً آمناً وفعّالاً لإزالة حصوات القناة الصفراوية، إلا أن بعض المضاعفات قد تحدث، من المضاعفات الشائعة القصيرة المدى النزف أثناء أو بعد الإجراء، والالتهابات التي قد تصيب القناة الصفراوية أو المناطق المحيطة، بالإضافة إلى حدوث التهاب البنكرياس بنسبة 3–10% الذي ينتج عن تحسس البنكرياس أثناء إزالة الحصوات.
على المدى الطويل قد تحدث مضاعفات مثل تكرار تكون الحصوات، حيث يمكن أن تتشكل حصوات جديدة في القناة الصفراوية مما يستدعي مراقبة دورية وعلاجاً إذا لزم الأمر. كما يمكن أن تؤدي الجروح الناتجة عن قطع العضلة لفتح القناة إلى تكون ندبات ضيقة في القناة الصفراوية، تسمى التضيق الصفراوي، والذي يعيق تدفق الصفراء ويتطلب أحياناً تدخلات علاجية إضافية. من المهم أن يلتزم المريض بمراقبة الأعراض بعد الإجراء، مثل الألم الشديد، والحمى أو النزف، والتواصل مع الطبيب فوراً إذا ظهرت هذه العلامات، لضمان التدخل المبكر وتفادي المضاعفات الخطيرة.
ما بعد إزالة حصوات القناة الصفراوية بالمنظار
بعد إجراء تنظير القنوات الصفراوية الراجع بالمنظار (ERCP) لإزالة الحصوات، يُنصح المرضى باتباع بعض التعليمات لضمان التعافي السليم وتقليل خطر المضاعفات. قد يشعر بعض المرضى بألم خفيف في البطن أو شعور بالانتفاخ، وهو أمر طبيعي ويزول خلال أيام قليلة، كما يُفضل تجنب تناول الأطعمة الثقيلة والدهنية لمدة قصيرة بعد الإجراء لتخفيف الضغط على الجهاز الهضمي. يُطلب من المرضى مراقبة أي علامات غير معتادة مثل الحمى، أو زيادة الألم والغثيان أو القيء المستمر والتي قد تدل على حدوث التهاب أو مضاعفات أخرى وتتطلب مراجعة الطبيب فوراً، كما يمكن أن تكون الخطوة التالية بعد إزالة الحصوات هي استئصال المرارة لتقليل فرص النكس.
بالنسبة للنظام الغذائي، لا يلزم عادة تغيير جذري، لكن اتباع نظام غذائي متوازن غني بالألياف وقليل الدهون قد يساعد في الوقاية من تكوّن حصوات جديدة، كما يُمكن أن تعود الحصوات في بعض الحالات، لذلك قد يوصي الطبيب بإجراء فحوصات دورية لمتابعة حالة القنوات الصفراوية والتأكد من عدم وجود انسدادات أو حصوات جديدة.
أخيراً، يُعتبر إزالة حصوات القناة الصفراوية بالمنظار علاج فعّال وآمن يساعد على استعادة تدفق الصفراء بسرعة وتقليل الألم مقارنة بالجراحة التقليدية. عند ظهور أعراض انسداد القناة الصفراوية، يُنصح بمراجعة أخصائي الكبد والجهاز الهضمي لتلقي العلاج المناسب والوقاية من المضاعفات.
المصادر:
- Beg, S., Singh, R., Hussain, M. J., Sinha, S. K., & Khanna, S. (2007). Choledocholithiasis: diagnosis and management. Annals of Gastroenterology, 20(3), 175–182.
- NHS. (n.d.). Gallstones – Treatment.