يُعد تضيق بواب المعدة واحد من أمراض السبيل الهضمي، وهو مرض غير شائع نسبياً، وخاصةً عند الأطفال حديثي الولادة، حيث يصيب 1-3.5 من كل 10000 طفل حديث الولادة، , ويكون محصور الظهور عند الأطفال فقط. سنسلط الضوء ونتحدث عن أهم طرق علاج تضيق البواب والتشخيص ولاسيما أن الكشف المبكر عن المرض يشغل حيزاً مهماً من تدبيره.
ما هو تضيق البواب؟
بدايةً البواب هو الجزء من المعدة الذي يصلها ببداية المعي الدقيق (العفج)، وهو يلعب دور أساسي كصمام يسمح للغذاء المهضوم جزئياً والجاهز للعبورإلى العفج أن يمر بشكل تدريجي. تضيق البواب الضخامي (Hypertrophic Pyloric Stenosis) هو الحالة التي يحدث فيها تضيق للبواب، إذ يتكون البواب من نسيج عضلي ويعمل كعضلة عاصرة في نهاية المعدة. في الحالة الطبيعية ينغلق البواب عندما تهضم المعدة الطعام والسوائل ثم تسترخي لتسمح بمرورها للعفج، وعند حصول التضيق أي التسمك في عضلة البواب يصبح هذا الممر ضيقاً فلا يمر سوى القليل من الطعام المهضوم مما يؤدي لحبس الطعام في المعدة.

تضيق البواب عند البالغين
يعد تضيق بواب المعدة لدى البالغين مرض بالغ الندرة، ويصنف تضيق البواب لدى البالغين لثلاثة أنواع:
- تضيق البواب الضخامي مجهول السبب (الأولي): يظهر في سن البلوغ ولا يوجد سبب معروف، له نوعان أحدهما عبارة عن تضيق لا عرضي لا يبدي ولا يظهر أي انزعاجات أو اعراض، والآخر يكون عرضي وغالباً ما يسبب التهاب المعدة أو قرحة هضمية.
- تضيق البواب الضخامي الثانوي: الأكثر شيوعاً، يبدأ في مرحلة البلوغ لكنه ثانوي لأمراض في السبيل الهضمي العلوي مثل قرحة الاثني عشر والأورام وفتق الحجاب حاجز وقرحة المعدة أو الأمراض الالتهابية ويمكن التعرف عليه من التاريخ المرضي لأمراض الجهاز الهضمي.
- المرحلة المتأخرة من تضيق البواب الضخامي لدى الأطفال: ويسهل تشخيصه بالإطلاع على التاريخ المرضي.
أسباب وعوامل خطر الإصابة بتضيق البواب
لا يعرف بالضبط سبب حدوث تضيق البواب ولكن تلعب الجينات والعوامل البيئية دوراً كبيراً في الإمراضية. من عوامل الخطر المؤهبة لتضيق البواب:
- التاريخ العائلي
- الأطفال البكر
- الأطفال الذكور
- العرق الابيض
- التدخين للأم
أعراض تضيق البواب
تبدأ الأعراض بالظهور بعمر 3-6 اسابيع، إذ يحصل الأطفال المصابون بتضيق البواب على غذائهم ولكن تظهر عليهم الاعراض التالية:
- القيء بعد الرضاعة: يتقيأ الطفل (قيء غير صفراوي) بقوة ويقذف الحليب بعد الرضاعة مباشرةً وهذا ما يدعى بالقيء القاذف.
- التجفاف: ومن علاماته الخمول وتبليل الحفاضات بمعدل أقل من المعتاد وانخفاض اليافوخ وجفاف الاغشية المخاطية والبكاء دون دموع أو قلة الدموع.
- اليرقان: لون جلد وصلبة العين (بياض العينين) أصفر.
- تموجات على بطن الطفل قبل القيء وبعد الرضاعة لها مظهر النقانق
- الجوع المستمر
- فقدان الوزن
- ألم في البطن
- المضادات الحيوية للأطفال بعد الولادة أو للأم في أواخر الحمل
- الرضاعة الصنعية
تشخيص تضيق البواب
يُشخص تضيق البواب بعدة طرق، ويكون الإنذار ممتازاً كلما كان التشخيص أبكر وذات فائدة في علاج تضيق البواب. من أهم طرق التشخيص نذكر:
- الفحص البدني: يلاحظ وجود كتلة صغيرة في الربع العلوي الايمن من البطن لها شكل “زيتوني” تمثل البواب الصلب تتحرك من اليسار إلى اليمين محاولةً دفع الطعام.
- الفحص بالأمواج فوق الصوتية: نحصل على صورة لعضلة البواب المتضخمة.
- الفحص بالباريوم للسبيل الهضمي العلوي: نستخدم هذه الطريقة عندما لا نحصل على نتائج أي عندما لا تكون الطرق السابقة ذات فائدة تشخيصية.
- الفحص بتنظير السبيل الهضمي العلوي: نستخدم هذه الطريقة عندما لا نحصل على نتائج تشخيصية من الطرق السابقة أو عندما يبدي الرضيع أعراض سريرية غير نمطية.
علاج تضيق البواب
يعد التدخل الجراحي الطريقة النهائية والوحيدة لعلاج تضيق البواب، معظم عمليات علاج تضيق البواب تكون ناجحة وذات تأثير فوري يتمثل بمعالجة الحالة وتقليل أو إيقاف أي قيء بعد الرضاعة، ويجرى هذا التدخل الجراحي لعلاج تضيق البواب عند البالغين كذلك. سنتعرف على تفاصيل هذه الجراحة وما هو مطلوب قبل وبعد القيام بها:
ما قبل جراحة علاج تضيق البواب
غالباً ما يعاني الرضع المصابون بتضيق البواب من التجفاف نتيجة القيء الشديد والمتكرر، مما يؤدي الى اختلال توازن الاملاح والشوارد في الجسم، لذا من المحتمل أن يحتاج الرضيع إلى سوائل عبر الوريد لضبط توازن الشوارد والاملاح، ولا يخضع للعملية حتى التأكد من أن نتائج فحص دمه طبيعية. يُمنع كذلك إطعام الطفل الحليب الطبيعي أو الحليب الصناعي قبل ست ساعات من الجراحة، وذلك للتقليل من خطر القيء والاستنشاق أثناء التخدير، بل وقد يحتاج إلى أنبوب أنفي معدي لتصريف محتويات المعدة قبل العملية.

الإجراء الجراحي لعلاج تضيق البواب
يخضع الطفل للإجراء الجراحي وهو في حالة تخدير عام دون أن يشعر بأي ألم ويستغرق هذا الإجراء أقل من ساعة عادةً. يسمى هذا الإجراء الجراحي ببضع عضلة البواب (pyloromyotomy) أو عملية رامستيدت (Ramstedt’s operation)، ويتم فيه قطع جزء من البواب المتسمّك، ستبقى عضلة البواب تعمل لكن هذه الفجوة تفسح المجال للحليب والطعام للمرور إلى الأمعاء لاستكمال هضمها وامتصاصها، كمان أن بطانة المعدة ستبرز في المساحة المفتوحة ولكن لن تتسرب محتوياتها، وتجرى هذه الجراحة إما كجراحة بالمنظار وفيها نجد ثلاث فتحات صغيرة في البطن، إحداها لكاميرة الفيديو والاثنتان الباقيتان للأدوات الجراحية، تغلق بغرز قابلة للذوبان وغراء جلدي وتتميز بفترة تعافي قصيرة نسبياً، أو تكون على شكل جراحة مفتوحة بحيث يجري الجراح فتحة واحدة أكبر وذات فترة تعافي أطول.

ما بعد جراحة علاج تضيق البواب
بعد العملية يعود الطفل إلى الجناح ريثما تتحسن حالته، وسيستمر إعطاءه المسكنات والسوائل عبر الوريد ريثما تتماثل معدته وأمعاءه للشفاء. بعد ست ساعات تقريباً، يمكن إطعام الطفل الحليب وفق كمية وتركيز معين تتناسب مع قدرته على التحمل خصوصاً اذا ما كان الحليب صنعي، أما الحليب الطبيعي فيحصل عليه من زجاجة الرضاعة في الرضعات القليلة الأولى.
عند العودة للمنزل، قد يشعر الطفل بألم في بطنه، لذا يعطى مسكنات ألم لثلاثة أيام على الاقل، كما ينصح بارتداء الملابس الفضفاضة لتخفيف الألم. لا داعي لإزالة الغرزات المستخدمة في العملية لأنها ستذوب تلقائياً، ويحافظ على مكان العملية جافاً نظيفاً للسماح له بالشفاء لمدة لا تقل عن يومين لذا يُطلب من الوالدين الانتباه عند استحمام الطفل. بعد 7-10 أيام يجب إحضار الطفل للطبيب للمراجعة ومتابعة حالته. يستطب كذلك زيارة الطبيب وإحضار الطفل للمراجعة عندما يلاحظ الوالدين:
- زيادة الألم
- انتفاخ أو تضخم المعدة
- تبليل الحفاضات بمعدل أقل
- عودة التقيؤ المتكرر
- احمرار أو تورم أو تسريب في منطقة الجراحة
يكون بذلك تضيق البواب مرض يصيب الجهاز الهضمي وذو انتشار أكبر خاصة عند حديثي الولادة، الكشف المبكر عنه بما يتمتع من علامات وأعراض واضحة من القيء القذفي والتجفاف إلى فقدان الوزن تساعدنا في الاستدلال عليه وتقديمه وعرضه على الطبيب، لا سيما وأن الكشف المبكر له دور كبير في التدبير وعلاج تضيق البواب المحصور بالتدخل الجراحي.
المصادر: