تعد الدورة الشهرية جزءاً طبيعياً من حياة المرأة، وهي نزول دم الحيض كل شهر تقريباً لمدة 3 إلى 7 أيام، ولكن تتعرض أحياناً لبعض الاضطرابات والأمراض، مما يثير القلق والتساؤلات عند المريضات، تُقدّر نسبة النساء اللواتي يعانين من عدم انتظام الدورة الشهرية بين 14% و25%، مما يؤكد ضرورة أهمية فهم الأسباب وطرق التشخيص والعلاج.
ما المقصود بالدورة الشهرية غير المنتظمة؟
تعاني معظم النساء من فترات حيض تستمر من 3 إلى 7 أيام، وعادةً ما تحدث كل 28 يوماً، إلا أنّ النساء اللواتي يعانين من اضطرابات الدورة الشهرية غير المنتظمة، يواجهون تغيرات في النمط الطبيعي لدورات الحيض أو فتراته، وقد تشمل هذه الاضطرابات، غياب الدورة الشهرية أو تكون مدة الدورة أطول أو أقصر من المعتاد، أو أن تكون كمية النزف أغزر أو أخف من الطبيعي.
الأسباب الشائعة لعدم انتظام الدورة الشهرية
تتنوع الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الدورة الشهرية غير المنتظمة، منها ما يتعلق بالغدد الصماء والهرمونات ومنها ما يتعلق ببعض الأمراض الجسدية والنفسية، ومن هذه الأسباب:
اضطرابات الهرمونات
إذ تؤثر بعض اضطرابات الغدة الدرقية مثل قصور أو فرط نشاط الغدة الدرقية بشكل غير مباشر على الهرمونات الجنسية الأنثوية مثل الإستروجين والبروجسترون مما يؤدي إلى عدم انتظام الدورة الشهرية، كما أنّ ارتفاع هرمون الحليب (البرولاكتين) يقوم بتثبيط هرمون الGnRH الذي يعد الهرمون الموجه للغدد التناسلية.
متلازمة تكيس المبايض (PCOS)
عند الإصابة بمتلازمة تكيس المبايض، تنتج المبايض كمية كبيرة من الهرمونات الذكرية (الأندروجينات)، إذ تعمل هذه الهرمونات إلى عدم انتظام الدورة الشهرية، وقد تتوقف الدورة تماماً في بعض الأحيان.
التوتر النفسي والضغط العصبي
إذ تؤثر بعض التغيرات في صحة المرأة النفسية أو اضطراب الروتين اليومي مثل التوتر النفسي والضغط العصبي إلى تغيرات في تراكيز الهرمونات الجنسية مما يؤدي إلى عدم انتظام الدورة.
تغييرات الوزن الحادة أو اضطرابات الأكل
عند زيادة أو فقدان كمية كبيرة من الوزن أو ممارسة التمارين الرياضية التي تؤدي إلى فقدان كمية كبيرة من الدهون، حيث يؤدي ذلك إلى انخفاض في الهرمونات الجنسية، لأن الدهون تساعد على إنتاج الهرمونات الجنسية مثل الإستروجين.
مشاكل الغدة النخامية
تتحكم الغدة النخامية بإفراز الهرمونات المنظمة للدورة مثل الFSH والLH، إذ ينظم هذان الهرمونان نشاط المبيضين، وعند وجود اضطراب في الغدة النخامية مثل قصور الغدة النخامية أو الإصابة بأورام الغدة النخامية، فإنّ ذلك يؤثر على الدورة الشهرية.
متى تكون الدورة غير المنتظمة مؤشراً خطيراً؟
قد لا تكون الدورة الشهرية غير المنتظمة خطيرة دائماً، لكنها قد تكون مؤشراً على اضطرابات هرمونية أو أمراض عضوية، لكن يوجد بعض العلامات التي يجب الانتباه لها، مثل اختلاف مدة الدورة بأكثر من 7-9 أيام، أي إذا كانت أقل من 21 يوم أو أكثر من 35 يوم، أو عند تغير شدة النزيف بشكل مفاجئ، كما أنّ غياب الدورة لأكثر من 3 أشهر، يعد مؤشر خطير.
هل تؤثر الدورة الشهرية غير المنتظمة على الخصوبة؟
نعم، اضطراب الدورة غالباً ما يعني اضطراب الإباضة، مما يؤدي إلى صعوبة الحمل أو تأخر الإنجاب ودورات شهرية بدون إباضة.
متى يجب مراجعة الطبيب؟
يجب مراجعة الطبيب في حال وجود الحالات التالية:
- عند استمرار الدورة الشهرية غير المنتظمة لأكثر من 3 أشهر
- إذا كانت المريضة تعاني من الدورة الشهرية غير المنتظمة منذ بداية البلوغ ولم تنتظم بعد سنوات
- ظهور علامات فرط أندروجين (شعر زائد وحب شباب وتساقط شعر)
- وجود ألم مبرح أو نزيف مفرط.

تشخيص الدورة الشهرية غير المنتظمة
لتشخيص عدم انتظام الدورة الشهرية، يقوم الطبيب بفحص السيرة المرضية والأعراض المصاحبة للتأكد من علامات تشير إلى الدورة الشهرية غير المنتظمة، كما سيجري فحصاً جسدياً بالإضافة للفحوصات التالية:
- الفحوصات المخبرية (الهرمونات – الدم): مثل FSH وLH وTSH والبرولاكتين.
- التصوير بالأمواج فوق الصوتية: تساعد على الكشف عن النزيف غير المنتظم الناتج عن وجود أورام ليفية في الرحم، أو سلائل (بوليب)، أو كيسات في المبيض.
علاج الدورة الشهرية غير المنتظمة
العلاج بالأدوية
تكون الخيار العلاجي الأول، وتشمل الخيارات الدوائية ما يلي:
- تنظيم الدورة بالحبوب الهرمونية
- حمض الترانيكساميك
- مسكنات الألم (الباراسيتامول)
- تنظيم الهرمونات باستخدام الأدوية المناسبة تحت إشراف الطبيب
- علاج السبب الأساسي مثل قصور الغدة الدرقية أو تكيس المبيض
تغييرات نمط الحياة
يؤثر التوتر النفسي والضغط العصبي في الهرمونات الجنسية كما ذكرنا سابقاً، ولا بد من تغيير نمط الحياة السيء إلى نمط صحي من خلال:
- تنظيم النوم.
- تقليل التوتر.
- اتباع نظام غذائي صحي
العلاجات البديلة
توجد بعض العلاجات البديلة، لكنّها لا تغني عن التشخيص الطبي، كما أنّ فعاليتها تختلف من شخص لآخر، ومن الممكن أن يكون لها آثار جانبية، مثل:
- المكملات الغذائية، مثل فيتامين D، والمغنيزيوم و فيتامين B
- الأعشاب الطبيعية (بتحفظ طبي)
هل تؤثر الدورة غير المنتظمة على فرص الحمل؟
قد يكون الحمل أكثر صعوبة إذا كانت الدورة الشهرية غير منتظمة، لأنّ المريضة قد لا تحدث الإباضة عندها بانتظام، لكن من المفيد ممارسة العلاقة الزوجية كل يومين إلى ثلاثة أيام طوال الدورة دون استخدام وسائل منع الحمل.
العلاقة بين الإباضة غير المنتظمة والعقم
الإباضة غير المنتظمة تعني أنّ البويضة لا تطلق بانتظام أو قد لا تطلق، وهذا يصعب حدوث الحمل، فبدون الإباضة، لا يتم إطلاق بويضة، وبالتالي لا يمكن حدوث الإخصاب أو الحمل.
كيف يمكن تعزيز فرص الحمل رغم اضطراب الدورة
يمكن تعزيز فرص الحمل رغم اضطراب الدورة من خلال:
- ممارسة الجماع بانتظام
- تعديل نمط الحياة
- مراقبة الإباضة
- علاج السبب المرضي
نصائح طبية للحفاظ على انتظام الدورة الشهرية
يمكن اتباع النصائح الطبية التالية للحفاظ على انتظام الدورة الشهرية:
- مراقبة الدورة باستخدام تطبيقات
- زيارة الطبيب عند تكرار الاضطراب
- أهمية المتابعة الدورية للهرمونات
في الختام، تعد الدورة الشهرية غير المنتظمة أمراً شائعاً ومؤقتاً في بعض الأحيان، لكن من المهم الانتباه للتغيرات وتسجيل الأعراض ومراجعة الطبيب عند اللزوم لضمان الصحة الهرمونية والإنجابية، كما أنّ الفهم المبكر والتدخل المناسب يساعدان في الوقاية من المضاعفات وتحسين جودة الحياة.
المصادر:
- National Health Service. (n.d.). Symptoms: Irregular periods
- Attia, G. M., Alharbi, O. A., & Aljohani, R. M. (2023, November 20). The Impact of Irregular Menstruation on Health: A Review of the Literature . Cureus, 15(11), e49146.