نزيف الدماغ عند الكبار حالة طبية خطيرة تُهدد الحياة، حيث تشير الإحصائيات إلى أنه يسبب حوالي 13% من جميع حالات السكتة الدماغية عالميًا، مع معدل وفيات قد يصل إلى 50% خلال الشهر الأول إذا لم يُعالج فورًا، ووفقاً لدراسات منظمة الصحة العالمية، فإن 1 من كل 4 أشخاص فوق 45 عامًا معرّض لخطر الإصابة بمشكلات الأوعية الدموية الدماغية، بما في ذلك النزيف، ولذلك من المهم التعرف على أعراضه لتداركها بسرعة فور ظهورها.
أسباب نزيف الدماغ عند الكبار
تتنوع أسباب نزيف الدماغ عند الكبار، حيث قد تحدث هذه الحالة بسبب إصابة الجمجمة برض أو كسر عنيف، أو قد تحدث بسبب أحد أمراض الدماغ الوعائية، وقد تكون بسبب وجود ورم دماغي سبّبَ هذا النزف.
الإصابات والرضوض على الجمجمة
قد ينتج عن ضربة عنيفة تعرض لها الرأس أو سقوط من ارتفاع شاهق على الجمجمة انفجار في أحد الأوعية الدموية بالرأس، وحدوث نزيف دماغي مهدد للحياة، ويعد الرض مسؤول عن معظم حالات النزيف الدماغي عند الأطفال والبالغين بشكل عام، ولكن ليس بالضرورة أن يسبب الرض على الجمجمة نزيف يحدث في الدماغ فمن الممكن أن تنفجر أوعية دموية حول الدماغ (السحايا) محدثة نزيف شديد حول المخ، وفي بعض الحالات قد لا يحدث نزف نهائيا، ولكن ذلك يعتمد على شدة الرض ونوعه.
ارتفاع ضغط الدم
أصبح ارتفاع ضغط الدم من أشيع الأمراض في عصرنا الحالي، حيث يرتفع الضغط الدموي بدون ضبطه جيداً بالأدوية اللازمة، مما قد يعرض الوعاء الدموي في المخ للانفجار من تلقاء نفسه نتيجة الزيادة المفرطة بالضغط المطبق على جدران أوعية الدم، ولذلك من الضروري الالتزام بالأدوية الخافضة للضغط المحددة من قبل الطبيب حتى يتم الوقاية من خطر حدوث نزيف الدماغ المفاجئ عند الكبار.
تمدد الأوعية الدموية في الدماغ
التمدد الوعائي أو كما يعرف باسم “أم الدم” هو عبارة عن انتفاخ يشبه البالون في جدار الشريان، وهذا الانتفاخ قد ينفجر في أية لحظة مسببًا نزيف شديد في الدماغ، وإن كثير من عامة الناس يوجد لديهم تمددات وعائية (أمهات دم) دون علمهم بذلك، فهي عادة لا تترافق مع أية علامات لحين انفجارها وتسببها بنزيف داخلي وهي غالبًا ما تتشكل بسبب ضغط الدم المرتفع، وانفجارها هو حالة خطيرة مهددة للحياة، ولذلك يجب تداركها بسرعة.
الجلطة الدماغية
تحدث السكتة الدماغية عند الكبار بشكل رئيسي في شكلين، الأول هو السكتة الإقفارية (الناتجة عن جلطة دموية) والثاني هو السكتة النزفية (الناجمة عن نزيف في الدماغ). ومع ذلك، يمكن أن تتسبب الخثرة الدموية (سواءً تلك التي تتشكل في أحد أوعية الدماغ أو التي تنتقل من مكان آخر إلى الأوعية الدماغية) في إتلاف جدار الوعاء الدموي، مما يؤدي إلى تسرب الدم وحدوث نزيف دماغي ثانوي. وهكذا قد تتحول السكتة الإقفارية في بعض الحالات إلى نزيف دماغي.
أمراض واضطرابات تخثر الدم
من البديهي أن تكون اضطرابات التخثر (تجلط الدم) متهمة في إحداث بعض حالات نزيف الدماغ وكذلك الأمر فيما يخص استعمال الأدوية المضادة للتخثر إذ تزيد هذه الادوية من احتمال حدوث نزيف في الدماغ عند كبار السن. بعض الأشخاص يعانون من أمراض تجعل توقف النزيف وتجلطه أصعب مما هو عليه عند الآخرين، فعند حدوث نزيف بسيط عند الأشخاص الأصحاء يقوم جسم الإنسان بإيقاف هذا النزف عبر تخثير الدم، بينما عند المرضى المصابين بأمراض التخثر لا تنجح عملية التخثير وبالتالي هذا النزف البسيط لا يتوقف ويتحول لنزيف شديد، وإن هذا النوع من الامراض يزيد خطر نزيف الدماغ عند الكبار ومن بينها: مرض الناعور، فقر الدم المنجلي، الهيموفيليا.
أورام الدماغ
قد تضغط الأورام السليمة أو الخبيثة في المخ أو الدماغ على الأنسجة والبنى الدماغية المحيطة بما فيها الشرايين الدموية مما يؤدي لتمزق وانفجار بأحد هذه الاوعية وحدوث نزيف دماغي عند كبار السن أو عند الأطفال.

ما هي أعراض نزيف الدماغ عند الكبار؟
يخشى البعض من احتمال وجود نزيف داخلي في الدماغ دون إدراكهم بذلك، وهنا تكمن فائدة معرفة الأعراض التي قد يتظاهر بها النزيف الدماغي لكشفه باكراً قبيل تطور الحالة، مما يُجنب المريض من المضاعفات الخطيرة والمهددة للحياة.
كثيرة هي علامات نزيف الدماغ وأعراضه إذ تختلف العلامات من مريض لآخر بحسب مكان النزيف وشدته وطبيعة الإصابة التي تعرض لها الشخص، ففي حال تضرر المركز العصبي المسؤول عن الرؤية سوف تظهر أعراض بصرية عند المريض (تشوش رؤية) بينما إذا أصيبت المنطقة المسؤولة عن الكلام سيعاني عندها المصاب من صعوبة التكلم (حبسة كلامية)، وهكذا، وإن النزيف قد يحدث في أي منطقة من مناطق الدماغ ولكنّه أشيع ما يكون في منطقة الفص الجبهي، أو فص الصدغي (المنطقة المسؤولة عن السمع).
على الرغم من كثرة أعراض النزيف الدماغي عند الكبار وتنوعها، إلا أنه لا يشترط أن تظهر جميعها، فقد تظهر علامة أو علامتين، وهذه الأعراض:
- صداع شديد ومفاجئ
- ضعف عضلي وشعور بوخزة أو خدر وقد تصل إلى شلل جزئي أو كامل في حركة أحد نصفي الجسم (الأيمن أو الأيسر)
- التقيؤ والغثيان
- تغيرات بالرؤية (تشويش أو نقص رؤية وقد يحدث عمى)
- الدوخة والارتباك
- صعوبة بلع الطعام ومضغه
- ضعف المقدرة على التوازن (نزيف مخيخي)
- حبسة كلامية أو التكلم بكلمات غير مفهومة
- صعوبة القراءة أو الكتابة
- ضعف حاسة التذوق
- دقات قلب غير منتظمة ومشاكل في عملية التنفس (نزيف في جذع الدماغ)
- تغيرات في الوعي (ميل للنعاس وقد تحدث غيبوبة)
- نوبات صرعية
إن ظهور أحد هذه الأعراض أو أكثر وبشكل مفاجئ قد يشير بشدة لوجود نزيف دماغي، ولذلك يجب مراجعة المشفى بشكل إسعافي للتأكد من سلامة الأوعية الدماغية، ولنفي وجود ماقد يسبب حالة النزيف الدماغي.

تشخيص النزيف الدماغي عند الكبار
وضع التشخيص بسرعة أمر مهم للغاية لتجنب المضاعفات الخطيرة للنزيف الدماغي، حيث أن الطبيب يلجاً بعد القيام بالسؤال عن الأعراض بالتفصيل وكيفية ظهور العلامات (تدريجياً أو بشكل مفاجئ) يلجأ إلى إجراء فحص جسدي وعصبي، ومن ثم ينتقل للفحوصات التصويرية والتي تشمل الصور الشعاعية للرأس، أو التصوير الظليل للأوعية، أو غيرها.
الصور الشعاعية للرأس
تعد صورة الطبقي المحوري للرأس (CT scan) من أهم الوسائل المستخدمة في كشف وتشخيص نزيف الدماغ عند الكبار، إذ يمكن من خلال هذه الطريقة تحديد تواجد نزيف دماغي مع مكانه بدقة، ويعد من أفضل وأسرع الوسائل لتشخيص النزيف الدماغي.

تصوير الأوعية الدماغية الظليل
يسمح هذا الاختبار بتحديد مكان الاوعية والشرايين المتمزقة في المخ عبر حقن مادة ظليلة وأخذ صورة بالأشعة السينية لأوعية المخ حيت تظهر هذه الصورة الشذوذات الوعائية الدماغية.
كيفية علاج نزيف الدماغ للكبار
بعد تشخيص النزيف الدماغي وتحديد مكانه باستخدام وسائل التصوير أو عبر مقاربة أعراض المريض، يبدأ الفريق الطبي بتحديد خطوات العلاج المناسبة للحالة، إذ يعد كل نزيف دماغي حالة إسعافية يجب نقلها للمستشفى بالسرعة القصوى.
في حال تشكل ورم دموي ضاغط في محيط المخ قد يقوم الأطباء بإجراء عملية إسعافية لتخفيف ضغط الرأس، تتم هذه العملية من خلال عمل ثقب صغير في الجمجمة وسحب الورم الدموي من خلال الثقب وفي حالات النزيف الشديد قد تكون جراحة فتح الرأس والجمجمة هي الخيار الأفضل.
من الممكن اللجوء لعلاجات حديثة بهدف تخفيف التوتر داخل الرأس في بعض حالات نزيف الدماغ عند كبار السن كاستخدام تقنية فغر البطين الثالث بالمنظار Endoscopic Third Ventriculostomy والتي تجرى عبر عمل ثقبة صغيرة في البطين الثالث للدماغ للسماح بتصريف السائل الدماغي الشوكي وتخفيف توتر القحف.
بعد تجاوز مرحلة الخطر والسيطرة على نزيف الدماغ عند كبار السن يمكن عندها معالجة عوامل الخطورة لدى المريض للوقاية ما أمكن من حدوث نزيف آخر في المخ، ومن بين هذه الإجراءات ما يلي:
- ضبط ضغط الدم في حال ارتفاعه
- الخضوع لعملية جراحية لاستئصال الشذوذات الوعائية في أوعية المخ (AVM)
- تدبير أم دم دماغية غير متمزقة عبر جراحة لف الأوعية الدموية التي تهدف لمنع ازياد حجمها وتقليل فرص انفجارها
- تغذية الشخص الغير قادر على المضغ أو البلع عبر تركيب أنبوب تغذية أنفي فموي أو من خلال خط وريدي (سيروم)
- وصف أدوية مسكنة للألم لتخفيف شدة الاعراض
في الختام، فإن نزيف الدماغ عند الكبار قد يشكل خطراً محدقاً على حياة المصاب عند إهمال تقديم العلاج بأسرع وقت ممكن، يتظاهر النزيف الدماغي عند كبار السن بالعديد من الاعراض والعلامات التي تظهر فجأة كالصداع الشديد وتشوش الرؤية وصعوبة الكلام وكذلك الضعف أو الشلل العضلي في واحد من نصفي جسم المصاب الأيمن أو الأيسر أو كلاهما، معالجة نزيف المخ إسعافية بكل حالات النزيف ويجب عدم التأخر باستشارة طبيبك عند ملاحظتك لأية أعراض أو علامات للإصابة.
المصادر:
- American Heart Association. (2023). What is hemorrhagic stroke? American Stroke Association.
- NINDS. (2023). Cerebral hemorrhage. National Institutes of Health.