يُعد علاج النزيف الدماغي بالفغر الوعائي أحد الحلول المتقدمة التي تتيح التعامل مع الحالات الحرجة بدقة عالية وتدخل جراحي محدود، حيث تشير الدراسات إلى أن هذا النهج يقلل من مضاعفات النزيف بنسبة تصل إلى 40%، كما يسهم في تحسين معدلات الشفاء بشكل ملحوظ. مع تطور التقنيات الطبية، أصبح هذا الخيار العلاجي يحقق نتائج واعدة لنسبة كبيرة من المرضى الذين يعانون من هذه الحالات الخطيرة.
ما هو النزيف الدماغي؟
انفجار أحد الأوعية الدموية المغذية للدماغ، مما يؤدي إلى انتشار الدم خارج الأوعية وبين الدماغ والأغشية الدماغية المحيطة به، وقد يتسرب خارجها فيصبح بين الأغشية والجمجمة، وفي بعض الحالات قد يكون النزيف داخل نسيج المخ، وغالباً فإن السبب هو احد أمراض الدماغ الوعائية مثل تمدد الأوعية او أمهات الدم، وقد يكون بسبب الرضوض أو ارتفاع الضغط داخل القحف، هذا يؤدي إلى انقطاع في التروية الدموية للدماغ، وفي حال استمرار هذا الانقطاع أكثر من 6 دقائق فإن أنسجة الدماغ تبدأ بالتموت وتفقد وظيفتها.

ما هو الفغر الوعائي؟
هو إجراء جراحي يقوم على إنشاء فتحة صغيرة أو ثقب في جدار أحد الأوعية سواءً كان شرياناً أم وريداً، ومن ثم إدخال قثطرة في مجرى الدم للوصول إلى أماكن محددة، هذا الإجراء يسمح للأطباء بإجراء مجموعة متنوعة من العمليات الطبية التي تطلب وصولاً لمجرى الدم، ومن الأمثلة على هذا هو فتح مسار لتصريف الدم في حالات النزف داخل البطينات أو السائل الدماغي الشوكي من البطينات.
متى يتم اللجوء لعلاج النزيف الدماغي بالفغر الوعائي؟
يُستخدم الفغر الوعائي للوصول إلى الأوعية الدماغية عبر القثطرة الشريانية لإغلاق أم الدم المتمزقة، أو لحقن مواد لسد التشوهات الحاصلة في جدران الأوعية والمؤدية للنزيف، ومن الحالات التي يكون فيها الفغر الوعائي هو الخيار الأنسب للعلاج:
- زيادة الضغط داخل القحف: حيث بالفغر الوعائي يتم تصريف الدم أو السائل الدماغي الشوكي.
- انسداد البطينات: ويتم إدخال قثطرة بالفغر الوعائي لحل المشكلة.
- تدهور الحالة العصبية: يُستخدم فيها الفغر الوعائي لإدخال أداة تصوير لمعرفة سبب التدهور.
خطوات إجراء الفغر الوعائي لعلاج النزيف
في علاج النزيف الدماغي بالفغر الوعائي بدايةً، يُجرى تصوير لتحديد الموقع الدقيق للنزيف وسببه، وذلك بتقنيات التصوير مثل التصوير المقطعي (CT) أو الرنين المغناطيسي (MRI)، ثم يُدخل المريض إلى العمليات، ويُجهز المريض وموقع الإدخال (عادةً عبر الجمجمة أو عبر الفقرات القطنية)، حيث يتم تخدير المريض تخديراً موضعياً في أغلب الحالات، ويتم توجيه أنبوب نحو البطين لتصريف الدم أو السائل الموجود في البطينات، وأثناء هذا الإجراء يتم مراقبة الضغط والتصوير الشعاعي لمتابعة فعالية العملية.
الفوائد والمخاطر المحتملة للفغر الوعائي
مثل أي إجراء جراحي، فإن لعلاج النزيف الدماغي بالفغر الوعائي فوائد عديدة ومخاطر ليست بقليلة، حيث تتمثل الفوائد في تقليل الضغط على الدماغ وإنقاذ حياة المريض في حالات الطوارئ، ولكن على الجهة يوجد عدد من المخاطر المتمثلة باحتمالية عدوى الجهاز العصبي، أو حدوث نزيف ثانوي أو ضرر في النسيج الدماغي، ولذلك فإن هذا الإجراء يجب أن يُجرى في مركز طبي موثوق، وأن يكون جراح الدماغ الذي يُجريه ذو خبرة سابقة في إجراءه.
التعافي بعد الفغر الوعائي
يُنقل المريض بعد علاج النزيف الدماغي بالفغر الوعائي إلى وحدة العناية المركزية، حيث يخضع هناك للمراقبة الدقيقة والمتابعة العصبية على مدار الساعة. عند ملاحظة نزيف أو إفرازات من مكان الجرح، أو ظهور نوبات تشنجية، أو تغير في مستوى الوعي، أو ظهور حمى مفاجئة وارتفاع حرارة المريض فوق 38 درجة، يجب على مرافقي المريض مراجعة الطوارئ فوراً.
مقارنة الفغر الوعائي مع العلاجات الأخرى للنزيف الدماغي
توجد بعض الطرق لتصريف النزيف الدماغي البديلة عن الفغر الوعائي، مثل الجراحة المفتوحة أو العلاج التحفظي، وإن أهم الفروقات بين هذه الطرق:
- التدخل الجراحي: يكون محدوداً في الفغر الوعائي، بينما يكون جراحة كبرى في الجراحة المفتوحة بسبب يتم فتح الجمجمة، أما في العلاج التحفظي فلا يوجد تدخل جراحي.
- حجم النزيف: يكون الفغر الوعائي مناسباً لحالات النزف المتوسط أو الصغير، بينما الجراحة المفتوحة تُجرى في حالات النزف الكبير أو السطحي، وأما العلاج التحفظي فيستخدم فقط في حالات النزيف الصغير.
- المخاطر: تكون أخطار الجراحة المفتوحة هي الأكبر، حيث قد يحدث عدوى أو تلف في النسيج الدماغي، بينما في الفغر الوعائي تتمثل المخاطر في تجلط الدم أو فشل في إغلاق الوعاء الدموي أو العدوى، وإن الخطر في العلاج التحفظي يكون الأقل ويتمثل بتطور النزيف
- التكلفة: تكون مرتفعة في العلاج بالفغر الوعائي، ومرتفعة بشدة في الجراحة المفتوحة، بينما تكون منخفضة في العلاج التحفظي.
هل الفغر الوعائي علاج نهائي للنزيف الدماغي؟
لا يعد علاج النزيف الدماغي بالفغر الوعائي حل نهائي لجميع أنواع النزيف، حيث قد يُستخدم كحل إسعافي مؤقت في بعض الحالات من مثل النزيف تحت العنكبوتية من أم دم كبيرة، أو النزيف الناتج عن صدمة مع تمزق وعائي، وحالات النزيف عند مرضى مضادات التخثر، بل إن هناك بعض الحالات التي تتطلب جراحة تكميلية لاحقة مثل حالات أم الدم الكبيرة أو المعقدة، أو حالة التشوهات الشريانية الوريدية الكبيرة، أو حالات النزيف مع تجلط كبير وغيرها. وإن إعادة التأهيل المبكر والشامل للمريض بعد النزيف الدماغي والتدخل الوعائي يُعد عاملاً حاسماً في تحسين النتائج وجودة الحياة.
يُعد علاج النزيف الدماغي بالفغر الوعائي خياراً دقيقاً وفعالاً للحالات الحرجة، حيث يجمع بين الحد من التدخل الجراحي والنتائج الواعدة. ويتميز مركز بيمارستان الطبي بتقديم هذا العلاج بتقنيات متطورة وفريق طبي خبير، للحد من المضاعفات قدر الإمكان، ولضمان أفضل النتائج للمرضى.
المصادر:
- American Stroke Association. (2023). Treatment options for intracerebral hemorrhage.
- National Institute of Neurological Disorders and Stroke. (2022). Cerebral hemorrhage. U.S. Department of Health & Human Services.