النزيف الداخلي في الرأس هو حالة طبية خطيرة تنشأ بسبب تمزق أحد الأوعية الدموية في الدماغ، مما يؤدي إلى تسرب الدم إلى الأنسجة المحيطة، وتشير الإحصائيات إلى أن النزيف الداخلي في الرأس (النزف داخل الجمجمة) يمثل حوالي 10-15% من جميع حالات السكتة الدماغية، ويصل معدل الوفيات خلال الـ 30 يومًا الأولى إلى 40-50% ولذلك يُعتبر هذا النزيف من الحالات الطارئة التي تتطلب تدخلاً فورياً لتجنب المضاعفات التي قد تهدد الحياة.
ما هو النزيف الداخلي في الرأس
هو تمزق أحد الأوعية الموجودة داخل الجمجمة، مما يسبب تسرب الدم وتجمعه، وهذا التجمع يضغط على الدماغ، مما قد يؤدي لتشوش في الوظائف الإدراكية، بسبب نقص التروية الدماغية، فينقطع الأوكسجين عن الدماغ، وتبدأ خلايا الدماغ بالموت بسرعة، وهذا ما يُسمى بالسكتة الدماغية.
هل النزيف الداخلي في الرأس يسبب الموت؟
يُعد النزف داخل الدماغ، حالة طبية طارئة تهدد الحياة. حيث ينتج عن تمزق أو انفجار أحد الأوعية الدموية داخل الدماغ، مما يؤدي إلى تراكم الدم في نسيج الدماغ.
وتعتمد خطورة النزيف الداخلي في الرأس ومدى احتمالية حدوث الوفاة على عدة عوامل، منها:
- حجم النزيف
- موقع النزيف
- الحالة الصحية العامة للشخص
ما هي أعراض النزيف الداخلي في الرأس؟
إن النزيف الداخلي في الرأس ليس بالضرورة أن يكون داخل الدماغ، بل قد يكون حوله، ولكن هذا لا يقلل من خطورته، حيث أن هذه الحالة قد تسبب تجمع الدم وضغطه على الدماغ، مما يسبب أعراضاً انضغاطية وخلل في بعض الوظائف الإدراكية والحركية، وقد يؤدي الضغط الكبير إلى حدوث حالة فتق جذع الدماغ، وهي حالة مميتة.
يتم الحفاظ على ضغط مناسب داخل الرأس عند الأشخاص الأصحاء منعاً من انضغاط الدماغ الذي قد يشكل تهديداً على الحياة، ففي النزيف الداخلي يزداد الضغط الطبيعي في الرأس مما يتسبب بظهور أعراض وعلامات انضغاطية من بينها:
- صداع شديد يزداد سوءاً ويصفه الشخص بأنه أسوء صداع في الحياة
- غثيان وإقياء متكرر
- الميل للنعاس
- تشوش الرؤية
- صعوبة المقدرة على التركيز
- الشعور بالدوخة والارتباك
- كلام غير واضح (حبسة كلامية)
- حدقتا العين مختلفتا القطر
- صعوبة في البلع
- ضعف عضلي أو شلل في أحد أجزاء الجسم (غالبًا في أحد الطرفين الأيمن أو الأيسر)
- قد تحدث نوبات صرعية يليها فقدان للوعي
هذه الأعراض هي أبرز علامات النزيف الداخلي في الرأس، ولكن ليس بالضرورة أن يُعاني المريض من جميعها معاً، فقد يعاني مرضى نزيف الراس من أحد هذه الاعراض أو معظمها، إذ يعتمد الأمر على منطقة حدوث النزيف وشدته وحجم التجمع الدموي حول الدماغ.
متى تظهر أعراض النزيف الداخلي في الرأس؟
إن علامات وأعراض النزيف الداخلي في الرأس تظهر مباشرةً بعد عدة دقائق، وتكون تدريجية، ويجب على المريض عند شعوره بأحد الأعراض بشكل مفاجئ أن يتصل بالإسعاف مباشرةً، لأنه مُعرض لأن يفقد وعيه في أي لحظة.

أسباب النزيف الداخلي في الرأس
تتنوع أسباب النزيف الداخلي في الرأس، وتنجم غالباً بسبب الحوادث والارتطام الشديد للرأس، وقد تنتج بسبب بعض أمراض الدماغ الوعائية ولكنّها أقل شيوعاً. يوجد عوامل خطورة قد تكون مسؤولة عن النزيف الداخلي بدون التعرض لرضوض أو إصابات دماغية وعائية، وهي أكثر مشاهدة عند الكبار، ومن بينها:
- ارتفاع ضغط الدم وتمزق وعاء دموي
- جلطة دموية قد تؤدي لتجمع الدم وتسربه خارج الوعاء
- انفجار أم الدم
- الداء النشواني
- تشكلات وعائية شاذة قد تسبب نزيف دم
- استخدام خاطئ للأدوية المميعة للدم ومضادات التخثر
- الأمراض المسببة لاضطرابات في تخثر الدم (مرض الناعور)
- أورام الدماغ أو الأورام السحائية
- التدخين والكحول
أنواع نزيف الدماغ
تم تصنيف نزيف الرأس الداخلي لعدة أنواع بحسب المكان الذي يحدث فيه التجمع الدموي، حيث قد يكون النزيف داخل الدماغ، أو بين الدماغ والطبقات المحيطة به.
النزيف في الطبقات المحيطة بالدماغ (السحايا)
السحايا هي عبارة عن 3 طبقات تحيط بالدماغ لحمايته وتأمين وصول الدم والأوكسجين الكافي للدماغ، وقد يحدث نزيف وتجمع للدم بأحد هذه الطبقات، إذ يعتبر هذا النمط من النزيف أكثر شيوعًا من النزيف داخل الدماغ.
النزيف تحت الجافية
الجافية هي الطبقة السطحية والأكثر متانة من طبقات السحايا، وفي حال إصابة وعاء دموي بهذه المنطقة يحدث نزيف ويتشكل ورم دموي في المساحة بين الجافية والطبقة التي تليها من طبقات السحايا. وعادة ما تتطور أعراض النزيف تحت الجافية بشكل تدريجي بازدياد حجم التجمع الدموي، فكلما أصبح نزيف الدم أكبر كلما انضغط الدماغ أكثر وظهرت الأعراض بسرعة، حيث يعاني المريض من علامات لضعف مترقي في الوعي وقد يدخل في غيبوبة. يجب أن تعالج هذه الحالة في المستشفى بأسرع وقت ممكن خوفاً من تطور مضاعفات قد تكون مميتة.
النزيف فوق الجافية
يتجمع الدم في المساحة ما بين طبقة الجافية والجمجمة، حيث بعض المرضى المصابين بهذا النوع من النزيف يبقى وعيهم سليم، بينما يلاحظ البعض الآخر ضعف بالوعي وقد تصل لمرحلة الغيبوبة، إن أشيع مسبب لحدوث نزيف الدم فوق الجافية هو الرضوض الشديدة وقد يحدث غياب للوعي مباشرة بعد الحادث ويصل المريض للمستشفى فاقداً لوعيه.
النزيف تحت العنكبوتي
هذا النزيف مهدد للحياة ويحتاج لتداخل إسعافي سريع في المستشفى، وفي هذا النمط من النزوف السحائية يتوضع الورم الدموي بين الطبقة العنكبوتية والطبقة الأخيرة من السحايا (الأم الحنون) ويعتبر النمط الأشيع للنزف السحائي.
النزيف داخل الدماغ
كما ذكرنا سابقاً فإن النزيف في الدماغ هو أحد أشكال النزيف الداخلي بالرأس، ويعد النزيف الدماغي أشد خطورة من نزيف السحايا ويتطلب علاج سريع بسبب أن نزيف الدم الداخلي قد يقلل من كمية الأوكسجين الواصلة للدماغ مما يؤدي لموت الخلايا العصبية وحدوث مضاعفات خطيرة غير قابلة للتراجع.

تشخيص النزيف الداخلي في الرأس
دائماً ما يضع الأطباء في الحسبان احتمالية وجود نزيف داخلي في الرأس لدى كل شخص تعرض لرض على الجمجمة، وإن تراجع الوعي هو العلامة الأهم التي تدفع الطبيب للشك بوجود نزيف داخلي في الرأس، إلا أن هذه العلامة قد لا تشاهد لدى جميع مرضى النزيف، فالبعض لا يعانون من أية علامات وأعراض للنزف الداخلي على الرغم من أنه يوجد نزيف داخلي لديهم، ولذلك يُلجأ لعدة طرق تصويرية لتشخيص النزيف الداخلي في الرأس، مثل التصوير الطبقي المحوري، والتصوير بالرنين المغناطيسي وغيرها.
التصوير طبقي محوري للرأس
من الاختبارات الأولى التي يتم إجرائها لمرضى الرضوض في منطقة فروة الرأس، يسمح هذا الاختبار بكشف النزيف الداخلي في السحايا أو الدماغ وتحديد مكان وشدة النزيف إلا أنه قد يفشل في كشف التجمعات الدموية صغيرة الحجم، ولكنه الأفضل والأسرع والأكثر استخداماً في تشخيص النزيف الداخلي في الرأس.
التصوير بالرنين المغناطيسي
يستطيع هذا الجهاز إعطاء صورة واضحة لبنى الرأس وبالتالي تشخيص النزيف الداخلي في مراحله الأولى حتى لو كان بحجم صغير.
كيفية علاج نزيف الرأس الداخلي
إن النزيف الداخلي في الرأس هو حالة إسعافية يجب أن تولى اهتماماً خاصاً وتعالج في المستشفى لمنع المضاعفات المحتملة للنزيف والتي قد تهدد حياة المريض، ويجب على المرضى الذين تعرضوا لرضوض قوية، أو الذين ظهرت عليهم أحد الأعراض أو أكثر، أن يتوجّهوا مباشرة إلى المشفى لتلقي العلاج المناسب، والذي غالباً ما يكون جراحياً.
جراحة تصريف الورم الدموي
عادة ما يتم تصريف نزف الدم (الورم الدموي) عبر عمل ثقب صغير في الجمجمة وإدخال أنبوب (منظار) يسمح للجراح بشفط التجمع الدموي بعد تحديد مكانه جيداً، ولكن في حالات النزيف الشديد قد يلجأ جراح الأعصاب لإجراء عملية فتح الجمجمة حتى يتمكن من سحب التجمعات الدموية لتخفيف ضغط الجمجمة والسيطرة على نزيف الدم.
علاج عوامل الخطورة
بعد الانتهاء من التدبير الإسعافي وتجاوز المريض لمرحلة الخطر، يمكن القيام بإجراء تقييم شامل لصحة المصاب والتخلص من اثار النزيف الداخلي في الراس، والتي تزيد خطر التعرض مجدداً للنزيف، كالقيام بضبط ضغط الدم المرتفع، وتعديل الأدوية المميعة للدم في حال أخذها وغيرها من الأمور الأخرى التي تساهم في الوقاية.
ختاماً، يُعد النزيف الداخلي في الرأس من الحالات الحرجة التي تستدعي سرعة التشخيص والتدخل الطبي الفوري لإنقاذ الحياة وتقليل المضاعفات. مع التقدم الطبي والرعاية المتخصصة، أصبح التعامل مع هذه الحالات أكثر دقة وفاعلية. ولضمان أفضل النتائج، يقدم مركز بيمارستان الطبي رعاية شاملة بتقنيات متطورة وطاقم طبي خبير، ليكون خيارك الأمثل عند مواجهة أي طارئ صحي خطير.
المصادر:
- National Institute of Neurological Disorders and Stroke (NINDS). (2022). Cerebral hemorrhage.
- Centers for Disease Control and Prevention (CDC). (2023). Stroke: Signs and symptoms.