تُعد معرفة أعراض النزيف الدماغي المفاجئ عاملاً حاسماً في التصدي المبكر لهذه الحالة العصبية الخطيرة التي قد تهدد الحياة. وتُظهر الإحصائيات أن الاستجابة السريعة بناءً على المؤشرات الأولية تساهم في تقليل معدلات الوفاة وتحسين جودة الحياة بعد التعافي.
ما هو النزيف الدماغي؟
هو نزيف يحدث داخل أنسجة الدماغ أو حولها بسبب تمزق أحد الأوعية الدموية أو أكثر مما يؤدي لتسرب الدم داخل هذه الأنسجة وتكوين كتلة تضغط على أنسجة المخ، وهذا يُعيق تدفق الدم المحمل بالأكسجين والأغذية ويسبب تلفاً في الخلايا العصبية، وتعد حالة طارئة وخطيرة جداً ومهددة للحياة إذا لم تُعالج بشكل إسعافي.
يُصنف نزيف المخ إلى أربعة أنواع رئيسية، الأول هو النزيف داخل أنسجة المخ، والثاني هو النزيف تحت العنكبوتية الذي يحدث في الفراغ بين الدماغ والغشاء الرقيق المحيط به، أما الثالث فهو النزيف تحت الجافية والذي يحدث بين طبقة الأم الجافية (الغشاء الخارجي للدماغ) وأنسجة المخ، وأخيراً الرابع وهو النزيف فوق الجافية الذي يحدث بين طبقة الأم الجافية والجمجمة.
أعراض النزيف الدماغي المفاجئ
تظهر أعراض النزيف الدماغي المفاجئ بسرعة، وتكون واضحة للمصاب ومن حوله حيث أنها تتمثل بتدهور في كامل الجسم فجأة، وتتمثل بـ:
- الصداع المفاجئ والشديد: يصف الشخص هذا الصداع بأنه أسوء صداع مرّ عليه في حياته، حيث أنه يبدأ فجأة ويصل ذروته بعد عدة ثوانٍ.
- ضعف مفاجئ في الوجه أو أحد الأطراف: يكون عادةً في جانب واحد من الجسم، حيث يكون معاكساً لموقع النزيف داخل المخ.
- اضطرابات في الرؤية: تشوش وازدواجية الرؤية، وقد يصل الأمر لفقدان البصر المؤقت، وفي بعض الحالات النادرة جداً قد يسبب النزيف الدماغي هلوسات بصرية، فيرى المصاب وجوه أو حيوانات غير موجودة.
- صعوبة في الكلام والفهم: التلعثم وثقل اللسان والتحدث بكلام غير واضح، وعدم القدرة على تكوين جمل صحيحة.
- فقدان التوازن أو التنسيق الحركي: صعوبة في المشي، والترنح، والشعور بالدوار الشديد.
- الغثيان أو التقيؤ: غالباً تنتج عن الصداع الشديد.
- نوبات تشنج مفاجئة: تحدث لدى بعض المصابين وبدون سوابق لحدوث نوبات صرعية.
- فقدان الوعي أو الإغماء: تحدث فجأة أو بعد تطور الأعراض السابقة.
هذه الأعراض تظهر بالتدريج وتكون سريعة جداً، حيث يصل الشخص من العرض الأول وحتى الموت خلال عدة دقائق، ولذلك عند ظهور أحد هذه الأعراض فجأة يجب الذهاب إلى المشفى بشكل طارئ وإسعافي.
متى يكون النزيف الدماغي مميتًا؟
إن نزيف المخ قد يكون مميتاً في كثير من الحالات، وذلك حسب حجم وموقع النزيف، وسرعة تطور الأعراض، والمضاعفات التي قد تحدث بعد النزيف، إضافةً إلى ما سبق، فإن كبار السن أو مرضى ارتفاع الضغط الغير مسيطر عليه أو مرضى قلب يكونون ذا عرضى أكبر للوفاة بنزيف المخ من باقي البشر.
دور حجم وموقع النزيف
كلما زاد حجم الدم المتجمع زاد الضغط على أنسجة الدماغ، وهذا يؤدي إلى فقدان الوظائف الحيوية، إضافةً إلى أن موقع النزيف يلعب دوراً كبيراً، حيث أن نزوف جذع الدماغ تكون أخطر من غيرها وغالباً ما تكون مميتة.
دور سرعة تطور الأعراض
إذا ظهرت أعراض حادة وشديدة ومفاجئة مثل فقدان الوعي السريع، أو توقف التنفس، أو توسع حدقة العين، فإن هذا يدل على زيادة خطر الوفاة نتيجة النزيف الدماغي.
دور المضاعفات بعد النزيف
قد يؤدي النزيف إلى حدوث الوذمة الدماغية مما يزيد الضغط داخل الجمجمة، وهذا قد يؤدي إلى انفتاق جذع الدماغ، وهي حالة قاتلة.
أهم الأسباب المؤدية للنزيف الدماغي
تتنوع أسباب نزيف المخ، حيث أنها قد تكون بسبب مرض جهازي مثل ارتفاع الضغط المزمن، أو قد تكون نتيجة إصابات الرأس نتيجة بعض الحوادث، أو بسبب الأمراض الدماغية الوعائية:
- ارتفاع الضغط المزمن: يُضعف ارتفاع الضغط المزمن جدران الأوعية الدماغية مع الوقت، مما يؤدي لهشاشتها، وهو أشيع سبب لحدوث حالة النزيف الدماغي.
- إصابات الرأس: مثل الحوادث المرورية، أو الإصابات الرياضية، أو السقوط بقوة، وغالباً ما يكون النزف في هذه الحالة إما فوق أو تحت الجافية.
- أمراض الدماغ الوعائية: مثل أمهات الدمن والتشوهات الشريانية الوريدية في أوعية الدماغ.
- أورام الدماغ: إن بعض الأورام الدماغية وخاصة السرطانات تخلق أوعية جديدة تكون هشة وسهلة التحطم.
- أسباب أخرى: تعاطي الكحول والمخدرات، أمراض الكبد المزمنة حيث أنها تُقلل من عوامل التخثر وبالتالي زيادة خطر النزف، وأخيراً التهاب الأوعية الدماغية.
هناك بعض الأسباب الأخرى النادرة والغريبة ولكنها مثبتة علمياً، من مثل حدوث حالة نزيف المخ بعد العطاس الشديد، حيث أن العطاس الشديد يزيد من الضغط وبالتالي قد يؤدي لتحطم الأوعية، ومن الأسباب الغريبة كذلك هو التغير المفاجئ في الضغط الجوي، حيث أن الغوص العميق قد يسبب نزيف الدماغ في بعض الحالات النادرة.
كيف يتم تشخيص النزيف الدماغي؟
يتم تشخيص النزيف الدماغي عبر سلسلة من الفحوصات الطارئة والسريعة بسبب خطورة الحالة، وتبدأ بالتقييم السريري الأولي حيث يسأل الطبيب إذا كان المريض قد أحس بصداع مفاجئ وشديد، ويلاحظ إذا كان يوجد شلل في نصف الجسم كما وينتبه لتلعثم كلام المصاب، فينتهي بذلك التقييم السريري الأولي، ويتم تشخيص المريض مبدأيا بحالة النزيف الدماغي.
يتم بعدها الانتقال إلى الفحوصات العصبية السريعة مثل اختبار ردود الفعل وتقييم مستوى الوعي، ومن ثم تبدأ مرحلة الفحص التصويري بالأشعة المقطعية (CT)، وذلك لأن هذا النوع من التصوير يتميز بسرعته العالية ودقته الممتازة في الكشف عن النزف الحاد، وقد يُطلب البزل القطني عندما تكون نتيجة الأشعة المقطعية سلبية والطبيب يشك في النزيف تحت العنكبوتية، وقد يُلجئ للتصوير بالرنين المغناطيسي لتقييم الأضرار طويلة المدى على أنسجة المخ.
الخطوات الأولى عند الاشتباه بنزيف دماغي
عند ظهور بعض أعراض النزيف الدماغي المفاجئ، والاشتباه بنزيف المخ فإنه يجب الاتصال بالإسعاف فوراً عبر رقم الطوارئ المحلي (911 أو 112)، ولا تحاول نقل المريض بسيارتك إلا إذا كان الإسعاف غير متاح. حاول الحفاظ على هدوء المريض وراقب علاماته الحيوية ريثما يصل الإسعاف، وتجنب أن تعطيه أي شيء عن طريق الفم لأن ذلك يُعرضه لخطر الموت اختناقاً. حاول تسجيل وقت بدء الأعراض إن أمكن، وتجنب إعطاءه المسكنات، ولا تخفض رأسه تحت مستوى جسمه. بهذه النصائح يُمكن للمصاب أن يتخطى مرحلة النزيف الدماغ بعد العلاج في الوقت المناسب، ويُجنّبه أخطار حدوث الإعاقات الدائمة.
في نهاية المطاف، يبقى التعامل مع نزيف المخ حالة طبية حرجة تتطلب رعاية دقيقة وفورية. يُقدّم مركز بيمارستان الطبي دعماً شاملاً للمرضى، يجمع بين أحدث التقنيات وفرق طبية متخصصة تضع صحتك أولاً. سواء كنت في بداية رحلة العلاج أو مرحلة التعافي، تجد في بيمارستان رعاية تستحق الثقة والطمأنينة.
المصادر:
- National Institute of Neurological Disorders and Stroke. (2023). Cerebral hemorrhage fact sheet.
- Centers for Disease Control and Prevention. (2023). Stroke signs and symptoms.