تعد عملية تثبيت الفقرات الرقبية من أكثر العمليات الجراحية التي ينصح بها الأطباء من أجل علاج آلام الرقبة المزمنة والشديدة، حيث أثبتت فعاليتها عند المرضى الذين يعانون من مشاكل عصبية مثل التنميل في الذراعين واليدين.
تتميز هذه العملية عن غيرها من طرق العلاج الأخرى بمعدل نجاح مرتفع حيث بلغت نسبة نجاحها 85-95% في إزالة الألم بشكل كبير والعودة إلى الأنشطة اليومية المعتادة، بفضل هذه المميزات أصبحت هذه العملية الخيار الأفضل لمرضى آلام الرقبة.
ما هي عملية تثبيت الفقرات الرقبية؟
تعود معظم آلام الرقبة إلى تغيرات تنكسية في القرص بين الفقرات، وقد لا يحتاج جميع المرضى الذين يعانون من آلام الرقبة إلى إجراء جراحي، لكن عندما تفشل جميع العلاجات غير الجراحية في السيطرة على الألم، قد يوصي الأطباء بعملية تثبيت الفقرات الرقبية كإجراء مثالي للتخلص من آلام الرقبة المزمنة.
تقوم عملية تثبيت الفقرات الرقبية بتقليل الضغط على العصب الفقري المصاب وتثبيت جزء من العمود الفقري الرقبي من خلال دمج عظام الفقرات معاً في مستوى واحد أو أكثر من الفقرات الرقبية.
توجد عدة أنواع لهذه العملية، غالباً تتم عبر مقدمة الرقبة ويتم ضمن هذه العملية إزالة القرص الفقري ولذلك تسمى باسم ” الاستئصال الأمامي للغضروف الرقبي والدمج ” (Anterior cervical discectomy and fusion-ACDF)، هذا النوع له أفضلية على عملية دمج الفقرات الخلفي إذ يسمح بإزالة الضغط على القناة الفقرية دون المس بالحبل الشوكي.
بالإضافة للنوعين السابقين، قد تجرى تلك العملية بواسطة المنظار و تسمى عملية تثبيت الفقرات بالمنظار.
كيف أستعد لعملية الفقرات الرقبية؟
تحتاج عملية تثبيت الفقرات الرقبية الى إستعداد و تحضير مثل أي عمل جراحي آخر، إذ يطلب الطبيب إجراء اختبارات وفحوصات للتأكد من جهازية الحالة مثل صورة للأشعة السينية والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، وقد يطلب الجراح من المريض زيارة طبيب القلبية قبل العملية في بعض الحالات.
قبل عملية تثبيت الفقرات الرقبية يجب إخبار الطبيب عن تدخين السجائر الذي يقلل من القدرة على الشفاء بعد العملية أو تعاطي الكحول أو الإصابة بالأمراض، بما في ذلك نزلات البرد أو الأنفلونزا بالإضافة إلى تعاطي الأدوية مع وصفة طبية أو بدون.
قد يقدم الطبيب تعليمات خاصة في حال تناول أدوية تؤثر على تخثر الدم، وتشمل هذه الأدوية مضادات التخثر (مميعات الدم)، مثل الوارفارين، ومضادات الإلتهاب غير الستيروئيدية (NSAIDs)، بما في ذلك الأسبرين والإيبوبروفين.
تجرى عملية تثبيت الفقرات الرقبية تحت تأثير التخدير العام لذلك سيحتاج المريض إلى ثماني ساعات من الصيام قبل العملية، من الممكن شرب كمية قليلة من الماء من أجل تناول أدوية قد أوصى الطبيب بها.
كيف تتم عملية الاستئصال الأمامي للغضروف الرقبي والدمج (ACDF)؟
يجب القيام ببعض التحاليل المخبرية والصور الشعاعية التي يوصي بها الطبيب تبعاً لحالة المريض المقبل على العملية لمعرفة بعض المعلومات الضرورية عن الحالة العامة للمريض ومدى تقبل جسمه لهذا العمل الجراحي.
يقوم الطبيب بإجراء العملية تحت تأثير التخدير العام، مما يعني أن المريض سوف يكون في حالة غيبوبة طوال مدة الجراحة، في البداية يقوم الطبيب بإجراء شق صغير في الرقبة للوصول للمنطقة المناسبة من العمود الفقري الرقبي مستخدماً الأشعة السينية للتأكد من إستهداف الفقرة المناسبة، بعد ذلك يقوم الجراح بإستئصال الأنسجة التالفة والنتوئات العظمية المجاورة، ثم يقوم بإزالة القرص الفقري المصاب و إضافة طعم عظمي مكانه لكي يندمج مع الفقرات المحيطة ويمنع الحركة غير الطبيعية للرقبة، وهذا الطعم إما يؤخذ من عظم ورك المريض أو من بنك العظم بعد إجراء تحاليل التطابق، يقوم الجراح بعد ذلك بتثبيت العظام مستخدماً مسامير معدنية وصفائح يسمح هذا الإجراء بتقليل نسبة فشل عملية تثبيت الفقرات الرقبية، يقوم الجراح في النهاية بإغلاق الشقوق والجروح ونقل المريض إلى غرفة الإفاقة حيث يتم مراقبته حتى يستفيق من تأثير المخدر.

كيف تتم عملية دمج الفقرات الخلفي (Posterior cervical fusion-PCF)؟
تجرى عملية دمج الفقرات الخلفي بتخدير عام بنفس طريقة التخدير بعملية الإستئصال الأمامي، يقوم الطبيب بإجراء شق طولي في المنطقة الخلفية للعنق بطول 7.5 -15 سم تبعاً لعدد الفقرات الرقبية المتضمنة في الإجراء، تستخدم الأشعة السينية للتأكد من إستهداف الفقرات المطلوب دمجها، بعد ذلك يتم إستئصال جزء من الصفيحة الفقرية وإزالة النتوءات العظمية إذا لزم الأمر، تثبت الفقرات الرقبية بواسطة مسمارين معدنيين صغيرين وتوصيلهما معاً بواسطة قضيب من معدن التيتانيوم، ثم يتم تجريف الأسطح العظمية والمفاصل الوجيهية وإضافة الطعم العظمي بين الفقرتين الذي يلتحم تدريجياً خلال الأسابيع التالية، في النهاية يقوم الطبيب بإغلاق الجرح بعد غسل منطقة الجرح بمحلول من مضاد حيوي.

متى أحتاج عملية تثبيت فقرات الرقبة؟
تساعد عملية تثبيت الفقرات الرقبية في تخفيف الألم بشكل ملحوظ وإستعادة الإستقرار الحركي للرقبة، وتحسين الوظيفة العصبية من خلال تقليل الضغط على النخاع الشوكي والأعصاب، ما يلي مجموعة من الأعراض التي يمكن علاجها بواسطة العملية:
- تنميل وخدر في اليد والأصابع
- ضعف في الذراع واليد
- صعوبة في التوازن والمشي
- ألم شديد في الرقبة
ما هي الأمراض والحالات التي تستدعي القيام بعملية تثبيت الفقرات الرقبية؟
- الأمراض التنكسية: تضيق القناة الشوكية وإنزلاق فقرات الرقبة والتهاب المفاصل العظمي وأمراض الأقراص التنكسية.
- التشوهات الهيكلية: الحدب وإختلال التوازن بين الفقرات أو عدم إستقرار العمود الفقري.
- الإصابات خاصةً لحماية النخاع الشوكي.
- الكسر الكاذب
ما هي المضاعفات بعد عملية تثبيت الفقرات الرقبية؟
لا يخلو أي عمل جراحي من بعض المضاعفات والآثار الجانبية المحتملة، بما في ذلك عملية تثبيت الفقرات الرقبية ونظراً لأن الجراح يعمل بالقرب من النخاع الشوكي تعتبر عمليات الرقبة حساسة وذات خطورة محتملة، ما يلي مجموعة من المضاعفات المحتملة لعملية تثبيت الفقرات الرقبية:
- نقص في نمو العظام بين الفقرات المتجاورة ويعرف ب ” الإندماج غير المكتمل “
- تلف الأعصاب (ضعف في الذراع أو تغير في الصوت أو صعوبة في رفع الجفن)
- صعوبة في البلع
- نزيف
- العدوى
- إصابة النخاع الشوكي
- عدم الشعور بالتحسن في الأعراض
- إمكانية الحاجة إلى عملية جراحية أخرى في المستقبل
ما هي نسبة نجاح عملية تثبيت الفقرات الرقبية؟
تمتلك عملية تثبيت الفقرات الرقبية نسبة نجاح عالية في معالجة الأعراض العصبية وآلام الرقبة، لكن تختلف هذه النسب تبعاً لنوع الحالة والعديد من العوامل الأخرى، ما يلي عدد من الحالات والإحصائيات المتعلقة بنسبة النجاج بها في عملية تثبيت الفقرات الرقبية:
- الإنزلاق الغضروفي: إذ بلغت نسبة النجاح 90-95% في تخفيف آلام الذراع.
- تضيق القناة الشوكية: تتحسن الأعراض العصبية بنسبة 85-90%.
- و تبلغ 80-90% في إستعادة ثبات العمود الفقري في حالات عدم الإستقرار الفقري.
توجد عوامل أخرى تؤثر على نجاح العملية إذ تصل نسبة النجاح إلى 92% عند المرضى تحت 60 سنة، ويؤثر عدد الفقرات المدمجة إذ تصل النسبة إلى 95% لفقرة واحدة وتنخفض ل 85% لثلاث فقرات.

ما هي مدة التعافي بعد عملية تثبيت الفقرات الرقبية؟
تقاس مدة التعافي في عملية تثبيت الفقرات الرقبية تبعاً لتحسن الأعراض وإلتئام العظم عبر الفقرات المندمجة، تستغرق هذه العملية وسطياً من شهرين إلى ثلاث أشهر، ويعتمد النشاط المسموح به في تلك الفترة بناءً على قوة الإندماج، اما بالنسبة للمرضى الذين لديهم مخاوف بشأن قدرتهم على دمج الفقرات فيكون التعافي أكثر حذراً.
تشير الأدلة الطبية إلى ضرورة بدء برنامج العلاج الطبيعي بعد عملية تثبيت الفقرات الرقبية، بعد فترة نقاهة لا تقل عن 5 أسابيع، يهدف هذا البرنامج ما يلي:
- إستعادة المدى الحركي الوظيفي
- تعزيز القوة العضلية
- تخفيف الإستجابة الإلتهابية
- تعليمك الوضعيات وحركات الجسم المناسبة لحماية المنطقة المثبتة
في الختام، تعد عملية تثبيت الفقرات الرقبية من أفضل الحلول لمعالجة آلام الرقبة والمشاكل العصبية في الذراعين واليدين، و مع ذلك فمن الضروري أن يكون المرضى على علم تام بمخاطر وفوائد العملية، يبقى التقييم الطبي الشامل والإلتزام بتعليمات ما بعد الجراحة عاملاً حاسماً لتحقيق الشفاء التام.
المصادر: