تعد جراحة الديسك المجهرية من أبرز التطورات في مجال جراحات العمود الفقري، حيث تعتمد على تقنيات متطورة تتيح للجراحين التدقيق في المناطق المصابة بأقل ضرر ممكن. تشير الإحصائيات إلى أن هذه الجراحة تسهم في تقليل مضاعفات العمليات التقليدية بنسبة تصل إلى 70%، كما ترفع معدلات نجاح العمليات إلى أكثر من 90%. يعتمد الأطباء على المجهر الجراحي لتكبير المنطقة المعالجة، مما يضمن دقة عالية في إزالة الانزلاق الغضروفي. أصبحت هذه التقنية الخيار الأمثل للعديد من المرضى حول العالم بسبب فعاليتها الكبيرة وسرعة التعافي بعدها.
ما هي جراحة الديسك المجهرية؟
تعتبر جراحة الديسك المجهرية (Microdiscectomy) المعيار الذهبي في التخلص من آلام الديسك، وخاصة لدى كبار السن، حيث تُجرى على يد أمهر جراحي الأعصاب، وتتمثل هذه الجراحة الدقيقة في استئصال الديسك المنفتق مجهرياً لتخفيف الضغط على جذر العصب الشوكي وإزالة المادة المسببة للألم.
أثناء العملية، قد يتم إزالة جزء صغير من العظم فوق جذر العصب و/أو مادة القرص أسفله، مما يساهم في التخفيف الفوري لآلام الساق (اعتلال الجذور أو عرق النسا). غالباً ما يلاحظ المرضى تحسناً فورياً في الألم بعد الجراحة، حيث يعودون إلى منازلهم بعد زوال الآلام تماماً في معظم الحالات.

بالنسبة للأعراض العصبية الأخرى مثل الخدر أو الضعف في الساق أو القدم، فقد يتطلب الأمر أسابيع أو أشهر حتى يلتئم جذر العصب بالكامل، على الرغم من الفائدة الفورية في تخفيف الألم، فإن الشفاء الكامل للعصب قد يستغرق وقتاً أطول.
تعتمد هذه التقنية على الدقة والمهارة العالية، مما يجعلها خياراً موثوقاً للتخفيف الفوري أو شبه الفوري من آلام عرق النسا الناتجة عن الانزلاق الغضروفي القطني، وهي تُجرى بنجاح كبير في المراكز الطبية المتخصصة.
عمليات جراحة الديسك طفيفة التوغل
هناك خياران شائعان في العيادة الخارجية لاستئصال القرص الغضروفي القطني:
- جراحة الديسك المجهرية الدقيقة.
- جراحة الديسك بالمنظار (أو عن طريق الجلد).
بالإضافة لوجود خيار ثالث بدون جراحة وهي علاج الديسك بالليزر.
تعتبر ﺟﺮاﺣﺔ اﺳﺘﺌﺼﺎل الديسك المجهرية الدقيقة بشكل عام المعيار الذهبي لإزالة الجزء المنفتق من القرص الذي يضغط على العصب، حيث إن هذا الإجراء له تاريخ طويل والعديد من جراحي العمود الفقري لديهم خبرة واسعة في هذا النهج.
أثناء الجراحة المفتوحة من الناحية الفنية، تستخدم عملية استئصال القرص المجهري تقنيات طفيفة التوغل ويمكن إجراؤها من خلال شق صغير نسبيًا مع الحد الأدنى من تلف الأنسجة أو اضطرابها.
اكتسب بعض الجراحين الآن خبرة كافية في تقنيات التنظير الداخلي أو تقنيات الجراحة عبر المنظار، والتي تتضمن إجراء الجراحة من خلال أنابيب يتم إدخالها في منطقة الجراحة، وليس من خلال شق مفتوح.
عادة ما يتم إجراء استئصال القرص المجهري بواسطة جراح العظام أو جراح الأعصاب.
ما هي أسباب التداخل لجراحة الديسك المجهرية (الانزلاق الغضروفي)؟
بشكل عام، إذا كان ألم الساق الناتج عن الديسك يُظهر تحسناً ملحوظاً، فمن المرجح أن يزول تماماً خلال فترة تتراوح بين ستة إلى اثني عشر أسبوعاً من بداية ظهور الألم طالما أن الألم يظل محتملاً ويسمح للمريض بممارسة أنشطته اليومية والعمل بشكل طبيعي، حيث يُنصح عادةً بتأجيل الجراحة لفترة قصيرة لمراقبة ما إذا كان الألم سيزول باستخدام العلاجات غير الجراحية وحدها، والتي قد تشمل في بعض الحالات العلاج بالليزر.

ومع ذلك، إذا كان ألم الساق شديداً ولا يُحتمل، فقد يصبح اللجوء إلى الجراحة خياراً ضرورياً وعاجلاً، فعلى سبيل المثال، عندما يعاني المريض من ألم مبرح يستمر رغم استنفاد جميع الخيارات غير الجراحية، ويؤثر سلباً على قدرته على النوم أو الذهاب إلى العمل أو أداء المهام اليومية، فإن التدخل الجراحي يصبح حلّاً منطقياً وفعّالاً في مثل هذه الحالات.
متى يُنصح بإجراء جراحة الديسك المجهرية؟
- إذا كانت العلاجات غير الجراحية مثل الستيروئيدات عن طريق الفم ومضادات الالتهاب غير الستيروئيدية والعلاج الطبيعي لم تخفف الآلام بشكل كافٍ.
- إذا كان ألم الساق (عرق النسا) هو العرض الرئيسي للمريض، وليس مجرد آلام أسفل الظهر.
- وجود فتق في الديسك في تقرير التصوير بالرنين المغناطيسي أو أي اختبار آخر.
- استمرار ألم الساق لمدة ستة أسابيع على الأقل.
في حال وجود إحدى هذه الحالات تكون نتائج الجراحة أسوء إلى حد ما عند مرور ثلاثة إلى ستة أشهر منذ ظهور الأعراض، لذلك ينصح الأطباء عادة الأشخاص بعدم تأجيل الجراحة لفترة طويلة (أكثر من ثلاثة إلى ستة أشهر).
تحضير المريض قبل جراحة الديسك المجهرية
- يجب الامتناع عن تناول الطعام أو الشرب بعد منتصف الليل قبل الجراحة، ويمكن تناول الأدوية المسموح بها مع رشفة صغيرة من الماء
- في حال تناول الأسبرين أو مضادات الالتهاب يومياً، فيجب التوقف عن أخذ هذه الأدوية قبل 7 أيام من الجراحة
- من الضروري التوقف عن التدخين قبل 6 أسابيع على الأقل من الجراحة لتسريع عملية الشفاء بعدها
- إخبار الأطباء بقائمة الأدوية مع الجرعات وأوقات تناولها، وفي حال وجود أي حساسية دوائية
- الاستحمام بصابون مضاد للبكتيريا واتداء ملابس فضفاضة
خطوات علاج الديسك نهائياً عبر جراحة الديسك المجهرية في تركيا (الانزلاق الغضروفي)
تُجرى جراحة استئصال الديسك المجهري عادةً من خلال الظهر حيث يكون المريض مستلقياً على بطنه تحت التخدير العام، وتستغرق العملية ما بين ساعة إلى ساعتين، حيث يقوم جراح الأعصاب والعمود الفقري المتخصص بإجراء شق جراحي دقيق لا يتجاوز 5 سم في خط منتصف أسفل الظهر.
يبدأ الجراح برفع عضلات الظهر العمودية بلطف عن القوس العظمي للفقرات وتحريكها جانباً باستخدام مباعد خاص، دون الحاجة إلى قطعها، ثم يتم بعد ذلك إزالة الرباط الأصفر (ligamentum flavum) للوصول إلى القناة الشوكية، ثم باستخدام المجهر الجراحي المتطور، يتم تكبير المنطقة لرؤية جذر العصب بوضوح شديد.
لتحقيق الوصول الأمثل، قد يتم استئصال جزء صغير من المفصل الفقري الداخلي أو إزالة جزء محدود من الصفيحة العظمية إذا لزم الأمر، ويتم تحريك جذر العصب بلطف جانباً واستخدام أدوات دقيقة لإزالة الأجزاء المنفتقة من الديسك التي تضغط على العصب.

من المهم للمريض معرفة أن هذه التقنية تحافظ على البنية الطبيعية للعمود الفقري، حيث يتم إزالة الجزء المنفتق فقط مع الحفاظ على معظم القرص والأربطة والمفاصل والعضلات سليمة. هذا الحفاظ على البنية الطبيعية يقلل بشكل كبير من احتمالية عدم الاستقرار الميكانيكي للعمود الفقري في المستقبل.
بعد الانتهاء من إزالة الجزء الضاغط على العصب، تعود العضلات إلى مكانها الطبيعي تلقائياً، ويتم إغلاق الشق الجراحي بدقة، وتجدر الإشارة إلى أن نسبة نجاح هذه الجراحة تتجاوز 90% في تخفيف آلام الساق، مع معدلات مضاعفات منخفضة جداً تُعزى إلى الدقة المجهرية المستخدمة.
مرحلة ما بعد الجراحة
عادةً ما يمكث المرضى في المستشفى لبضع ساعات فقط بعد إجراء الجراحة قبل السماح لهم بمغادرة المستشفى والعودة إلى منازلهم، ولكن في بعض الحالات التي تتطلب مراقبة أكثر دقة، قد يوصي الجراح بالمبيت لليلة واحدة في المستشفى لضمان السلامة.
يتميز التعافي من هذه الجراحة بسرعته الكبيرة، حيث يعود المرضى إلى مستوى طبيعي نسبياً من النشاط في وقت قياسي، ويُنصح المرضى بالبدء في المشي ضمن المساحات المغلقة خلال الساعات الأولى التالية للجراحة، مما يساهم في تعزيز الدورة الدموية ومنع المضاعفات.
يقدم الجراح وفريده الطبي تعليمات مفصلة للرعاية المنزلية تشمل كافة الجوانب المهمة مثل جدول الأدوية المسكنة، ومستوى النشاط البدني المسموح به، ومواعيد المتابعة الدورية، بالإضافة إلى إرشادات حول العلامات التي تستدعي التواصل الفوري مع الطبيب.
الرعاية الذاتية والتعافي بعد عملية الديسك المجهرية
بشكل عام يكون التعافي من جراحة الديسك المجهرية microdiscectomy surgery سريع نسبياً، إذ تظهر أولى علامات الشفاء في غضون 2‐4 أسابيع من الجراحة وبعد 12 أسبوع يستطيع المريض العودة إلى الحياة اليومية وخصوصاً الذين يلتزمون ببرنامج للعلاج الفيزيائي بإشراف مختص المتضمن مايلي:
- التمارين الهوائية منخفضة التأثير مثل المشي
- تمارين الإطالة والمقاومة التي تساعد على تقوية عضلات العمود الفقري
يطلب من المريض تجنب الانحناء عند الخصر أو التواء العمود الفقري في الفترة الأولية بعد الجراحة لتجنب إصابة القرص المتكررة، كما ويجب على المرضى محاولة تجنب الجلوس في نفس الوضع لمدة تتجاوز الساعة في الأسابيع القليلة الأولى إذ يفضل الوقوف أو المشي قليلاً كل فترة.
المخاطر والمضاعفات بعد عملية الديسك ومعدلات النجاح
تعتبر هذه الجراحة التي يتم إجراؤها على نطاق واسع، أنها تتميز بمعدلات نجاح عالية نسبياً، خاصة في تخفيف آلام ساق المرضى (عرق النسا)، حيث إنه عادة ما يكون المرضى قادرين على العودة إلى المستوى الطبيعي للنشاط بسرعة إلى حد ما.
معدلات نجاح استئصال القرص المجهري
معدل نجاح جراحة العمود الفقري المجهري مرتفع بشكل عام، حيث أظهرت دراسة طبية واسعة النطاق نتائج جيدة أو ممتازة بشكل عام لـ 90٪ من الأشخاص الذين أجروا العملية، وتشير الدراسات الطبية أيضًا إلى بعض الفوائد للجراحة، عند مقارنتها بالعلاج غير الجراحي، على الرغم من أن الاختلاف يقل بمرور الوقت في بعض الحالات، حيث وجدت إحدى الدراسات الكبيرة أن الأشخاص الذين خضعوا لجراحة الانزلاق الغضروفي القطني لديهم تحسن أكبر في الأعراض لمدة تصل إلى عامين مقارنة بأولئك الذين لم يخضعوا لعملية جراحية.
موانع إجراء جراحة الديسك المجهرية
تشمل موانع إجراء جراحة العمود الفقري مجهرياً عدداً من الحالات مثل:
- الورم
- العدوى
- كسور العمود الفقري التي تتطلب تقنيات إضافية مثل الاندماج أو زرع أجهزة
هل من الممكن أن يحدث نكس بعد إجراء الجراحة؟
تشير التقديرات إلى أن نسبة تتراوح بين 1% و20% من المرضى الذين خضعوا لجراحة استئصال الديسك المجهري قد يعانون من انزلاق غضروفي متكرر في مرحلة ما من حياتهم، يمكن أن يحدث هذا التكرار مباشرة بعد الجراحة أو بعد عدة سنوات، إلا أنه أكثر شيوعاً خلال الأشهر الثلاثة الأولى بعد العملية، ورغم أنه يظل معدل نجاح الجراحة الثانية مشابهاً لمعدل نجاح الجراحة الأولى، لكن تكرار الإصابة يزيد من احتمالية حدوث انزلاقات مستقبلية. بالنسبة للمرضى الذين يعانون من تكرار متعدد للانزلاق الغضروفي، قد يوصى بإجراء دمج للفقرات كحل جذري يمنع عودة المشكلة.
تعتبر عملية إزالة القرص بالكامل ودمج الفقرات الطريقة الأكثر فعالية لضمان عدم تكرار الانزلاق، ففي حالات محددة حيث يكون مفصل الفقرة الخلفي سليماً، يمكن اللجوء إلى خيار استبدال القرص الاصطناعي كبديل يحافظ على حركة العمود الفقري، كما ويوصى بعد الجراحة باتباع برنامج تأهيلي منتظم يشتمل على تمارين الإطالة والتقوية، مما يساهم في تقوية عضلات الظهر ودعم العمود الفقري، مما يقلل بشكل كبير من فرص تكرار الآلام أو حدوث انزلاقات جديدة.
المخاطر والمضاعفات المحتملة لاستئصال القرص المجهري
كما هو الحال مع أي شكل من أشكال جراحة العمود الفقري، هناك العديد من المخاطر والمضاعفات المرتبطة باستئصال الديسك المجهري.
يحدث تمزق في غشاء الأم الجافية مما يؤدي إلى (تسرب السائل النخاعي) في حوالي 1٪ إلى 7٪ من جراحات استئصال الديسك المجهري، ولا يغير التسريب من نتائج الجراحة، ولكن قد يُطلب من المريض الاستلقاء لمدة يوم إلى يومين بعد الجراحة لحين توقف التسريب.
تشمل المخاطر والمضاعفات الأخرى ما يلي:
- نزيف
- عدوى
- تلف جذر العصب
- سلس الأمعاء / المثانة
- ألم يستمر بعد الجراحة
- تراكم محتمل للسوائل في الرئتين قد يؤدي إلى الالتهاب الرئوي
- تجلط الأوردة العميقة، والذي يحدث عندما تتشكل جلطات دموية في الساق
ختاماً، تظل جراحة الديسك المجهرية حلاً متقدماً وناجعاً لمشكلات الانزلاق الغضروفي، حيث تجمع بين الدقة الجراحية والنتائج الواعدة. يُنصح باللجوء إلى مراكز طبية متخصصة تمتلك الخبرة والتقنيات الحديثة لضمان أفضل النتائج. في هذا الإطار، ويبرز مركز بيمارستان الطبي كوجهة معتمدة تجمع بين كفاءة الجراحين وتجهيزات طبية على أعلى مستوى. يقدم المركز رعاية شاملة تبدأ من التشخيص الدقيق وصولاً إلى متابعة ما بعد الجراحة، مما يضمن رحلة علاجية مريحة وآمنة.
المصادر:
- Kramer, D. E., Zahn, C., Caskey, R., & and colleagues. (2025). Risk Factors Associated with Revision Microdiscectomy or Subsequent Spinal Fusion within 2 Years of Index Lumbar Microdiscectomy.
- Lee, C. C., et al. (2025). Comparing Clinical Outcomes of Microdiscectomy, Internal PELD, and External PELD for Symptomatic Lumbar Disc Herniation.