إن جراحة الصداع النصفي هي خيارٌ جراحيٌ يُلجأ إليه عندما تفشل العلاجات الدوائية في السيطرة على الألم، حيث تُظهر الإحصائيات أن 15% من مرضى الصداع النصفي حول العالم يعانون من النوع المزمن المقاوم للعلاج، ولذلك تعتمد هذه الجراحة على تحرير الأعصاب المضغوطة المُسببة للألم، وتملك هذه العملية نسبة نجاح عالية قد تصل إلى 80% في تخفيف الأعراض، ويُعد هذا الإجراء آمناً للمرضى المؤهلين بعد تقييم طبي دقيق.
ما هي جراحة الصداع النصفي؟
إن جراحة الصداع النصفي هي إجراء طبي يُستخدم لعلاج الحالات الشديدة من الصداع النصفي أو الشقيقة، والتي لم تستجب للعلاجات التقليدية، وتعتمد هذه الجراحة على تحرير الأعصاب المضغوطة والتي تسبب الصداع في مناطق الرأس والوجه، وتشمل التقنيّات الجراحية الأكثر شيوعاً:
- جراحة تحرير العصب القذالي
- جراحة تحرير العصب فوق الحجاجي
تُظهر الدراسات أن هذه الجراحة قد تقلل من شدة النوبات بنسبة قد تصل إلى 90% لدى بعض المرضى، ولكن هذا الإجراء غير مناسب لجميع المرضى، حيث يتم اختيار المرضى بدقة بعد إخضاعهم لتقييم طبي شامل.

كيف يتم إجراء جراحة الصداع النصفي؟
تُعد حقن توكسين البوتولينوم (البوتوكس) خطوة أولية تشخيصية وعلاجية في بعض الحالات، حيث يستخدمها الجراحون كأداة لتحديد المواقع التشريحية الدقيقة التي تستهدفها الجراحة لاحقاً، وتعتمد العملية الجراحية على مبدأ تخفيف الضغط العصبي من خلال استئصال جزئي أو كلي للعضلات أو التراكيب التشريحية المضغوطة، مع إمكانية استئصال الأعصاب المصابة في حالات محددة، وذلك بطريقة تشبه المبدأ العلاجي لمتلازمة النفق الرسغي.
تشمل التقنيات الجراحية أيضاً إعادة تموضع الأوعية الدموية الضاغطة على الأعصاب، وكذلك تصحيح انحراف الحاجز الأنفي عندما يكون هو المسبب الأساسي للضغط العصبي المؤدي لنوبات الشقيقة، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الجراحة لا تشمل أي تدخل داخل الجمجمة أو الدماغ، حيث تُجرى كعملية خارجية تحت التخدير الموضعي أو العام في غضون ساعة إلى ساعتين.
يتميز الإجراء الجراحي بكونه ذو تدخل محدود، حيث يتم إجراء معظم الشقوق الجراحية في مناطق مخفية مثل فروة الرأس بين بصيلات الشعر أو ضمن ثنايا الجفن العلوي، ويسمح هذا النهاج للمرضى بمغادرة المستشفى في نفس اليوم، مع الحاجة إلى فترة نقاهة تقدر بحوالي أسبوع واحد للتعافي الكامل، وتعتمد مدة الإجراء وطريقة التخدير على الحالة الفردية لكل مريض ومدى تعقيد التدخل المطلوب.

من هم المرضى المناسبين لجراحة الصداع النصفي؟
يتم تقييم المرضى بشكل دقيق لتحديد من منهم المماسب لعملية جراحة الصداع النصفي، ويكونون عادةً،
- الذين يعانون من صداع نصفي مزمن (15 يومًا شهريًا أو أكثر) ولم يستجيبوا للعلاجات الدوائية والغير دوائية لمدة 6 أشهر على الأقل
- المرضى الذين يمكن تحديد نقاط تحفيز الصداع بوضوح لديهم (مثل منطقة الجبهة والمنطقتين الصدغيّتين و مؤخرة الرأس)
- المرضى الغير مصابين بأمراض تمنع إجراء الجراحة مثل اضطرابات النزيف الشديدة أو التهابات نشطة في منطقة الجراحة
- المرضى الذين تتحسن أعراضهم مؤقتًا بعد حقن البوتوكس أو التخدير الموضعي في نقاط التحفيز
هذه هي المعايير الأساسية التي يؤدي تواجدها في المريض إلى اختياره لإجراء جراحة الصداع النصفي.
ما مدى فعالية العمليات الجراحية في علاج الصداع النصفي؟
تشير الأبحاث الحديثة إلى تطور كبير في مجال جراحة الصداع النصفي، حيث أصبح بالإمكان التنبؤ بمدى استجابة المرضى للعملية بناءً على عدة عوامل، أبرزها تحسن الأعراض بعد حقن البوتوكس، فقد أظهرت النتائج أن نسبة كبيرة من المرضى الذين خضعوا للجراحة حققوا تحسناً ملحوظاً، مع انخفاض واضح في تكرار النوبات وشدتها، بالإضافة إلى تقليل الاعتماد على الأدوية لسنوات عدة.
كشفت الدراسات أن هذه الجراحة أثبتت فعالية عالية في علاج الحالات المستعصية، حيث سجلت نسبة نجاح مرتفعة مع تحسن كامل في نصف الحالات تقريباً، ويعتبر الاختيار الدقيق للمرضى العامل الحاسم في نجاح العملية، وخاصةً أولئك الذين يعانون من صداع نصفي مقاوم للعلاجات التقليدية، وعلى الرغم من هذه النتائج الواعدة، تبقى الجراحة خياراً غير مناسب للجميع، حيث لا تزال الأبحاث جارية لتطوير معايير أكثر دقة للتنبؤ بمدى الاستجابة للعلاج.
ما هي مضاعفات عملية الصداع النصفي؟
تُعد جراحة الصداع النصفي خيارًا علاجيًا متقدمًا للحالات المستعصية من الشقيقة، لكنها مثل أي تدخل جراحي تحمل بعض المخاطر المحتملة، حيث تشمل الآثار الجانبية الأكثر شيوعًا مشاكل موضعية مثل جفاف الأنف أو الحكة في فروة الرأس، بالإضافة إلى احتمالية حدوث التهابات أو ضعف مؤقت في عضلات الوجه، وقد يعاني بعض المرضى أيضًا من تنميل أو تغيرات في الإحساس بمنطقة الجراحة، والتي عادة ما تكون مؤقتة.
من الجدير بالذكر أن استمرار الصداع النصفي المزمن دون علاج فعّال قد يشكل خطرًا أكبر على الصحة العامة، حيث يرتبط بتدهور جودة الحياة وزيادة احتمالية الإصابة بمشاكل صحية أخرى، ولذلك، يُنصح المرضى بمناقشة جميع الخيارات العلاجية المتاحة مع أخصائي أمراض الأعصاب، بدءاً من تعديلات نمط الحياة والعلاجات الدوائية، وصولاً إلى الخيار الجراحي عندما تكون الحالة مقاومة للعلاجات التقليدية، وتبقى جراحة الصداع النصفي حلًا واعدًا للحالات المختارة بعناية، حيث تظهر الدراسات نتائج إيجابية على المدى الطويل لدى معظم المرضى الذين يخضعون لهذا الإجراء.
حقائق حول الصداع النصفي
- الصداع النصفي (الشقيقة) migraine هو مرض عصبي غالباً ما يكون له مجموعة واسعة من الأعراض (أكثرها شيوعاً الصداع) ويترافق مع نبض في الرأس أو العين بعد الإجهاد أو الدراسة.
- مرضى الصداع النصفي أكثر عرضة للسكتات الدماغية.
- الصداع النصفي الشديد مرض متعب للغاية وتعتبره منظمة الصحة العالمية واحداً من أكثر 20 حالة طبية منهكة في العالم.
- نوبات الشقيقة شائعة جداً بين الناس ويؤثر الصداع النصفي الأيمن أو الأيسر على أشخاص أكثر من مرضي السكري والربو مجتمعين.
- تشير التقديرات أنَّ حوالي 37 مليون شخص في الولايات المتحدة مصاب بالصداع النصفي، وأن 18٪ من النساء و6٪ من الرجال أصيبوا بنوبة واحدة على الأقل من صداع الشقيقة خلال العام الماضي.
- تعاني النساء من صداع نصفي متكرر اكثر من الرجال (الذين يشيع لديهم الصداع العنقودي) ويقدر أن ما يقرب من 30 في المائة من النساء يصبن على مدار حياتهن.
- من الشائع أيضاً أن يكون لدى مرضى الصداع النصفي أحد أفراد الأسرة أو الأقارب مصاب بهذا النوع من الصداع بسبب الاستعداد الوراثي والعائلي المحتمل.
ختاماً، تُمثل جراحة الصداع النصفي نقلة نوعية في علاج الحالات المستعصية، حيث تتيح للمرضى حياةً خالية من الآلام المزمنة، وفي هذا الصدد، يحرص مركز بيمارستان الطبي على تقديم هذه الجراحة بأعلى معايير الدقة والسلامة، باستخدام أحدث التقنيات وبرعاية فريق طبي متخصص. لاستعادة حياتك الطبيعية، يُمكنك التواصل مع خبرائنا لاستشارة شخصية وتقييم حالتك بدقة.
المصادر:
- American Society of Plastic Surgeons. (2023). Migraine headache surgery.
- U.S. National Library of Medicine. (2023). Surgical treatment of migraine headaches.