يُعد علاج أورام الدماغ من أكثر التحديات الطبية التي تواجه المرضى والأطباء حول العالم، حيث تُسجل الإحصائيات أكثر من 300 ألف حالة جديدة سنوياً. تختلف الأورام من حيث النوع والدرجة، مما يجعل خطة العلاج معقدة ومتعددة الخيارات.
شهدت العقود الأخيرة تطوراً ملحوظاً في الطرق العلاجية لتشمل الجراحة المجهرية والعلاج الإشعاعي والعلاجات الدوائية الموجهة، ويعتمد نجاح العلاج بدرجة كبيرة على التشخيص المبكر وتحديد النهج الأنسب لكل حالة.
ما هي أورام الدماغ brain tumors؟
أورام الدماغ (الورم الدماغي) هي وجود كتلة أو نمو للخلايا الشاذة (الغير طبيعية) في الدماغ.
هناك أنواع مختلفة من أورام الدماغ:
- أورام الدماغ الغير خبيثة (أورام حميدة): الورم لا يحتوي على خلايا سرطانية، بمجرد إزالتها فإنها نادرًا جدا ما تعاود النمو.
- أورام الدماغ السرطانية (أورام خبيثة): تنمو بسرعة كبيرة وتهاجم الأنسجة المحيطة بها ومن الممكن أن تهدد الحياة.
تختلف سرعة نمو أورام الدماغ بصورة كبيرة، حيث يُحدِّد معدَّل النمو وكذلك موضع وحجم وَرَم المخ مدى تأثيره على وظيفة جهازكَ العصبي.
ما هي أسباب أورام الدماغ؟
إن الأورام الدماغ تنشأ لأسباب متعددة ومتنوعة، وغالباً لا يوجد سبب واحد بعينه يؤدي لظهور هذه السرطانات، حيث قد تجتمع عدد من العوامل الوراثية والبيئية مع بعضها مؤديةً لحدوث خلل في جينات الخلايا العصبية المركزية، وتشمل أهم الأسباب:
- الطفرات الجينية: التغيرات في الحمض النووي تؤدي إلى نمو غير طبيعي في خلايا الدماغ.
- العمر: يزداد احتمال الإصابة مع التقدم في السن، رغم أن بعض الأورام تصيب الأطفال أيضاً.
- التعرض للإشعاع: العلاج الإشعاعي السابق للرأس أو التعرض لمستويات عالية من الإشعاع يزيد من احتمالية تشكل الأورام.
- ضعف جهاز المناعة: الأشخاص الذين يعانون من أمراض تضعف المناعة أو يتناولون أدوية مثبطة للمناعة يكونون أكثر عرضة.
- العوامل البيئية والمهنية: التعرض المستمر لمواد كيميائية أو مسرطنة قد يكون له دور محتمل، رغم أن الأدلة العلمية ما زالت غير قاطعة.
- الوراثة العائلية: قد تلعب بعض المتلازمات الوراثية النادرة دوراً في حدوث سرطانات الدماغ (Li-Fraumeni syndrome، Turcot syndrome)
ما هي أعراض أورام الدماغ؟
هناك أعراض متنوعة تشير الى احتمال وجود ورم دماغي، فقد تتضمن ما يلي:
- أعراض غير مبررة كالقيء أو الغثيان
- أعراض تدريجيًة و بصفة متكررة مثل نوبات الصداع
- أعراض حركية كفقدان الإحساس أو الحركة تدريجيًا في الذراع أو الساق أو فقدان التوازن
- أعراض نفسية كتغيُّرات في الشخصية أو السلوك و الشعور بعدم الراحة و التشوش في الأمور اليومية
- أعراض حسية كمشاكل في السمع و الرؤية (عدم وضوح الرؤية أو الرؤية المزدوجة أو فقدان الرؤية المحيطية)

كيف يتم تشخيص أورام الدماغ؟
إذا كانت لديك أعراض و اشتُبه في أنك مصاب بورمٍ في الدماغ، فقد يوصي الدكتور الخاص بك بإجراء عدد من الاختبارات والإجراءات، وهي:
- الفحص العَصَبي: قد يشمل اختبار البصر، والسمع والتوازن، والتنسيق، وردود الفعل المنعكسة إلى جانب فحوصات أخرى. وجود مشكلات في أحد هذه المناطق تعد مؤشرات عن المنطقة التي تأثَّرت بالورم في الدماغ.
- اختبارات التصوير: يساعد التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) على الكشف عن ورم الدماغ.
- فحوصات للكشف عن وجود أورام أو سرطان في مناطق أخرى من الجسم: قد يوصي الطبيب بالقيام باختبارات وعمليات لتحديد موضع الورم. على سبيل المثال، استخدام التصوير المقطعي المحوسب أو التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET) للكشف عن علامات الإصابة بسرطان الرئة.
- جمع عينة من نسيج غير طبيعي من الورم وفحصها (خزعة).
ما هي مراحل نمو الأورام في المخ؟ (درجات سرطان الدماغ)
- المرحلة الأولى: ورم المخ الحميد.
- المرحلة الثانية: ورم المخ الخبيث.
- المرحلة الثالثة: ورم المخ الخبيث مع أنسجة تبدو غير طبيعية للغاية وتنمو بنشاط (متحشمة).
- المرحلة الرابعة (المرحلة الأخيرة): يحتوي النسيج الخبيث على أنسجة تبدو غير طبيعية وتميل إلى النمو بسرعة.
علاج أورام الدماغ brain tumors treatment
الخيارات المقترحة لعلاج أورام الدماغ هي ثلاثة أنواع من العلاجات: طريقة العلاج بواسطة جراحة المخ، والعلاج الإشعاعي، والعلاج الكيميائي.
يعتمد اختيار علاج فعال على:
- نوع ودرجة ورم الدماغ وموقعه وحجمه
- عمر المريض و وصحته العامة
مكن للطبيب شرح النتائج المتوقعة والآثار الجانبية المحتملة لعلاج أورام الدماغ، إذ قد تؤثر هذه العلاجات أحياناً على الأنسجة السليمة المحيطة، ولذلك يُنصح المريض بمناقشة الأعراض التي قد تطرأ بعد العلاج وكيف يمكن أن تنعكس على أنشطته اليومية، مما يساعد الطبيب على وضع خطة علاجية مخصصة تتناسب مع احتياجاته الطبية والشخصية، ويشارك في علاج أورام الدماغ فريق متعدد التخصصات يضم أطباء وجراحي الأعصاب، وأطباء الأورام العصبية، إلى جانب خبراء العلاج الإشعاعي والأشعة العصبية.
كما قد يمتد الفريق ليشمل طاقماً داعماً من الممرضين وأخصائيي التغذية والصحة النفسية والاجتماعية، بالإضافة إلى المعالجين الفيزيائيين والمهنيين وأخصائيي النطق وإعادة التأهيل، وذلك لضمان رعاية شاملة تغطي الجوانب الطبية والجسدية والنفسية للمريض.
علاج أورام الدماغ بالجراحة
تُعد الجراحة الخيار العلاجي الأول في معظم حالات أورام الدماغ، ويُطلق على العملية التي يتم فيها فتح الجمجمة لإزالة الورم اسم حج القحف، حيث يقوم الجراح بعمل شق في موضع الورم وقد يزيل جزءاً منه أو يستأصله كاملاً، وأحياناً تُجرى العملية والمريض مستيقظ لتقييم قدرته على العد أو الكلام أو تحريك الأطراف، مما يساعد على حماية المناطق الحيوية من الدماغ أثناء التدخل.
مع ذلك، قد لا يكون الاستئصال الجراحي ممكناً إذا كان الورم في مواقع حساسة مثل جذع الدماغ أو مناطق يصعب الوصول إليها دون إحداث ضرر بالأنسجة السليمة، وفي هذه الحالات قد يُلجأ إلى أخذ خزعة باستخدام إبرة موجهة عبر ثقب صغير في الجمجمة، وذلك بمساعدة تقنيات التصوير المقطعي أو الرنين المغناطيسي، فيما يُعرف بالخزعة أو العلاج التجسيمي.
توجد أيضاً تقنيات متقدمة تُستخدم أثناء استئصال الأورام، مثل رسم الخرائط الدماغية لتحديد المراكز الوظيفية، والتنظير الداخلي لإجراء الخزعات أو فتح مسارات للسائل الدماغي الشوكي عبر شق صغير، بالإضافة إلى تقنيات الجراحة المجسمة الموجهة بالكمبيوتر.
يختلف التعافي بعد الجراحة من شخص لآخر تبعاً للحالة الصحية وقوة الجهاز المناعي، وقد يشعر المريض بالتعب أو الصداع أو الضعف في الأيام الأولى بعد العملية، ومن الممكن أن تؤدي إزالة الورم إلى تأثيرات جانبية مثل صعوبات في التفكير أو النطق أو الرؤية أو حتى تغيرات في السلوك، وغالباً ما تتحسن هذه الأعراض تدريجياً، لكن في بعض الحالات قد تبقى دائمة، مما يستدعي اللجوء إلى إعادة التأهيل مثل العلاج الفيزيائي أو علاج النطق أو العلاج المهني.
علاج أورام الدماغ بالأشعة
يعمل علاج أورام الدماغ بالإشعاع على قتل خلايا أورام الدماغ بالأشعة السينية عالية الطاقة أو أشعة الجاما gamma أو البروتونات، وفي بعض الأحيان، ويخضع المرضى الذين لا يتحملون الجراحة الطبية لاستئصال الأورام للعلاج الشعاعي بدلاً من ذلك.
يستخدم الأخصائيون أنواعًا خارجية وداخلية منه لعلاج أورام الدماغ:
العلاج بواسطة اﻹشعاع الخارجي للدماغ
تقوم آلة كبيرة خارج الجسم بتوجيه حزم من الإشعاع إما إلى الدماغ بالكامل أو أجزاء معينة من الدماغ. يحتاج بعض الناس إلى إشعاع موجه إلى النخاع الشوكي أيضًا. يُعد علاج ورم المخ بالأشعة الخارجية المجزأة، التي تعطى بجرعات صغيرة أو كسور من الإشعاع مرة واحدة يوميًا، وهي الطريقة الأكثر شيوعًا عند المرضى المصابين بأورام الدماغ.
يساعد علاج الأورام التي تصيب الدماغ بإعطاء جرعة كاملة من الأشعة على مدى أسابيع على حماية المناطق السليمة في المخ، وتستغرق الزيارة النموذجية أقل من ساعة، ويستغرق كل علاج بضع دقائق فقط.
تدرس بعض المراكز الطبية طرقًا أخرى لعلاج أورام المخ بالأشعة الخارجية:
- علاج الأورام بواسطة الأشعة المعدلة الكثافة أو ثلاثي الأبعاد: تستخدم فيها أجهزة الكمبيوتر لاستهداف الأورام عن كثب لتقليل الضرر الذي يلحق بالأنسجة السليمة.
- علاج الأورام بواسطة الأشعة بحزمة البروتون: مصدر الأشعة هو البروتونات وليس الأشعة السينية، حيث يوجه الطبيب شعاع البروتون نحو الورم بحيث تعطى الجرعة على المنطقة الطبيعية من حزمة البروتون أقل من جرعة شعاع الأشعة السينية.
- علاج الأورام باﻹشعاع التجسيمي: يتم توجيه حزم ضيقة من الأشعة السينية أو أشعة جاما إلى الورم من زوايا مختلفة، وفي هذا الإجراء، ترتدي إطار رأس صلبًا، ويمكن إعطاءه خلال زيارة واحدة أو خلال عدة زيارات.

العلاج بواسطة الاشعاع الداخلي (العلاج الاشعاعي بالزراعة أو المعالجة الكثبية):
لا يُستخدم هدا النوع من العلاج بصفة شائعة في أورام المخ وهو قيد الدراسة، حيث تأتي الأشعة من مادة مشعة موجودة في غرسات صغيرة جدًا تسمى البذور، وتوضع البذور داخل الدماغ وتطلق إشعاعًا نحو الورم تنتشر الأشعة فيه لعدة أشهر.
بعض الناس ليس لديهم آثار جانبية أو لديهم آثار جانبية قليلة بعد علاج أورام الدماغ، وفي حالات نادرة، قد يصاب المريض بالغثيان والشعور بالتعب الشديد بعد كل علاج إشعاعي موجه نحو الورم. الراحة مهمة ، لكن غالبا ما ينصح الفريق الطبي مرضاهم بمحاولة البقاء نشيطين قدر الإمكان.
عادةً ما يتسبب علاج أورام المخ بالأشعة الخارجية في تساقط الشعر من الجزء الذي تمت معالجته، ولكن ينمو الشعر مرة أخرى في غضون بضعة أشهر، مع احتمال أن يصبح جلد فروة الرأس والأذنين أحمر وجافًا ومؤلمًا، ويمكن للطبيب اقتراح طرق لتخفيف وعلاج هذه الأعراض.
أحيانًا يتسبب علاج سرطان المخ بالأشعة في تضخم الأنسجة الموجودة في الورم كما قد أنه أحيانا يؤدي الى قتل أنسجة المخ السليمة، وقد تصاب بصداع أو تشعر بالضغط ولكن يمكن تقليل دلك بتناول الأدوية.
علاج الأورام بالأشعة قد يضربالغدة النخامية ومناطق أخرى من الدماغ، وبالنسبة للأطفال ، يمكن أن يسبب هذا الضرر صعوبة في التعلم أو إبطاء النمو والتطور. علاوةً إلى ذلك ، فهي تزيد من خطر الإصابة بالأورام الثانوية في وقت لاحق من الحياة.
العلاج الكيماوي لأورام الدماغ
عادة ما يعالج الأطباء بعض أورام الدماغ باستخدام الأدوية لقتل الخلايا السرطانية. يمكن إعطاء الأدوية بالطرق التالية:
- العلاج عن طريق الفم أو الوريد (عن طريق الوريد): يمكن إعطاء العلاج الكيميائي أثناء العلاج بالأشعة وبعده، حيث تدخل الأدوية مجرى الدم وتنتقل في جميع أنحاء الجسم. يمكن إعطاؤهم في العيادة الخارجية بالمستشفى أو في عيادة الطبيب أو في المنزل، ونادرًا ما تحتاج إلى البقاء في المستشفى، وتعتمد الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي بصفة أساسية على الأدوية التي تم تناولها ومقدارها، وتشمل الآثار الجانبية الشائعة القيء وفقدان الشهية والصداع والحمى والقشعريرة والضعف، وإن تخفيف بعض هده الآثار الجانبية يكون بتناول بالدواء.
- العلاج بواسطة الرقائق التي توضع في الدماغ: بالنسبة لبعض البالغين المصابين بورم دبقي عالي الدرجة، تزرع عدة رقائق في الدماغ، كل رقاقة بحجم عشرة سنتات تقريبًا، وعلى مدى عدة أسابيع تذوب الرقائق وتطلق الدواء في الدماغ.
يمثل علاج أورام الدماغ تحدياً طبياً يتطلب مزيجاً من الخبرة والتقنيات الحديثة لتحقيق أفضل النتائج الممكنة. ومع التقدم الطبي المتسارع باتت نسب الشفاء والتحسن أفضل من السابق. في تركيا، تتوفر مراكز طبية متقدمة تقدم رعاية متكاملة للمرضى وفق أعلى المعايير العالمية. يعد مركز بيمارستان الطبي واحداً من الوجهات الموثوقة التي تجمع بين الخبرة والاحترافية لتأمين أفضل فرص العلاج
المصادر:
- Nabors, B., et al. (2023). NCCN Clinical Practice Guidelines for Central Nervous System Cancers. Journal of the National Comprehensive Cancer Network, 21(5.5), 583-657.
- Mansour, A., et al. (2023). The complexities of treating brain and spinal cord tumours. PLOS ONE, 18(1), e0280181.