يُعد التهاب المفاصل من أكثر الحالات الصحية شيوعاً بين كبار السن، حيث يؤثر بشكل كبير على جودة الحياة والقدرة على الحركة. بلغ معدل انتشار التهابات المفاصل المُشخَّص بين البالغين في عام 2022 18.9%، وكانت النساء (21.5%) أكثر عرضة للإصابة من الرجال (16.1%). كما ارتفعت النسبة بشكل ملحوظ لدى كبار السن الذين تبلغ أعمارهم 75 عاماً أو أكثر لتصل إلى 53.2%. مع تزايد معدلات الإصابة، يصبح فهم أسباب التهاب المفاصل وأعراضه وطرق علاجه أمراً ضرورياً للحفاظ على صحة المفاصل وتحسين نوعية الحياة.
ما هو التهاب المفاصل؟
التهاب المفاصلات ليست مرضاً واحداً فقط، بل يشير المصطلح إلى آلام المفاصل أو أمراض المفاصل الناتجة عن أكثر من 100 نوع من التهابات المفاصل والحالات المرتبطة به.
يمكن أن يسبب التهاب المفاصل تغييرات دائمة وغير عكوسة في المفاصل. قد تكون هذه التغييرات مرئية، ولكن غالبًا لا يمكن رؤية الضرر إلا على الأشعة السينية. تؤثر بعض أنواع التهابات المفاصل على القلب والعينين والرئتين والكلى والجلد.
أنواع التهاب المفاصل
هناك عدة أنواع من التهابات المفاصل. تشمل الأنواع الشائعة ما يلي:
- التهاب الفقار اللاصق: هو نوع من التهابات المفاصل يسبب التهاباً في مفاصل وأربطة العمود الفقري.
- النقرس: هو نوع من التهابات المفاصل يحدث على شكل نوبات، يظهر عادةً في إصبع القدم الكبير أو أحد الأطراف السفلية.
- التهاب المفصل مجهول السبب عند الأطفال: هو النوع الأكثر شيوعاً من التهاب المفاصل المزمن الذي يصيب الأطفال.
- هشاشة العظام: هي النوع الأكثر شيوعاً من التهابات المفاصل وهي أكثر شيوعاً بين كبار السن.
- التهاب المفصل الصدفي: يحدث لدى مرضى الصداف (بقع حمراء وبيضاء متقشرة على الجلد).
- التهاب المفصل نتيجة العدوى: يحدث بسبب بكتيريا في الجسم، وغالباً ما تختفي الأعراض من تلقاء نفسها في غضون أسابيع أو أشهر قليلة.
- التهاب المفصل الروماتويدي: هو شكل من أشكال التهابات المفاصل المناعي الذاتي حيث يهاجم الجهاز المناعي أنسجة المفاصل السليمة.

ما هي أعراض التهاب المفاصل؟
تختلف أعراض التهاب المفاصل باختلاف أنواعه، وذلك لأن الأنواع المختلفة منه قد تؤثر على مفاصل مختلفة في جميع أنحاء الجسم وتُظهِر أعراضاً فريدة في هذا المفصل. ومع ذلك، فإن المفاصل الأكثر شيوعاً التي تتأثر بالتهاب المفاصل هي الركبتان والوركان واليدين. فيما يلي أعراض التهاب المفاصل الشائعة التي يعاني منها أغلب المرضى:
- التورم والالتهاب
- الألم وتصلب المفصل
- ضعف الأداء الحركي وانخفاض السعة الحركية للمفصل
- تيبس المفصل
- تغير لون الجلد
- حساسية أو ألم عند اللمس حول المفصل
- شعور بالحرارة أو الدفء بالقرب من المفاصل المصابة
يعتمد مكان ظهور الأعراض على نوع الالتهاب والمفاصل التي يؤثر عليها.
ما خطورة الإصابة بمرض التهاب المفاصل؟
يُعد التهاب المفاصل من الأمراض التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على صحة الشخص وحياته اليومية إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح. تتفاوت خطورة المرض حسب نوعه ومدى تطوره. يمكن أن يحد من قدرة الشخص على أداء الأنشطة اليومية مثل المشي والجلوس وحتى النوم. قد يؤدي المرض مع مرور الوقت إلى تدمير الغضروف الذي يحمي المفصل مما يؤثر على حركته ومرونته. قد يصل الأمر في الحالات المتقدمة إلى الإعاقة الجسدية، مما يجعل المريض بحاجة إلى تدخل جراحي مثل استبدال المفصل.
يمكن أن يؤثر التهاب المفصل على الحالة النفسية، حيث يعاني البعض من القلق والاكتئاب بسبب الألم المزمن وصعوبة التحرك. كما أن ضعف المفاصل يزيد من خطر الإصابة بالإصابات والكسور عند السقوط. وفي بعض أنواع التهاب المفاصل، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، يمكن أن تنتشر الالتهابات لتؤثر على أعضاء أخرى في الجسم مثل القلب والرئتين والعينين، مما يزيد من تعقيد الحالة. لذلك، من المهم أن يتم علاج التهاب المفاصل بشكل مناسب للحفاظ على صحة المفاصل وتحسين نوعية الحياة.
ماهو سبب التهاب المفاصل؟
تختلف أسباب المرض حسب النوع الذي يعاني منه المريض:
- تحدث هشاشة العظام بشكل طبيعي مع التقدم في السن، لأن الاستخدام المستمر للمفصل طوال العمر يؤدي إلى تآكل غضاريفه
- قد يصاب المريض بالنقرس إذا كان لديه فرط حمض البوليك في الدم
- يمكن للجهاز المناعي أن يهاجم المفاصل ويسبب التهابها وتنكسها كما في التهاب المفصل الروماتويدي
- يمكن أن تؤدي بعض الالتهابات الفيروسية (بما في ذلك COVID-19) إلى التهاب فيروسي للمفاصل
- في بعض الأحيان قد يحدث التهاب مفاصل بدون سبب، يطلق الأطباء على هذا النوع بالتهاب المفصل مجهول السبب
ما هي عوامل الخطر؟
يمكن لأي شخص أن يصاب بالتهاب في مفاصله، ولكن بعض العوامل قد تجعل المريض أكثر عرضة للإصابة، بما في ذلك:
- الجنس المؤنث: حيث لوحظ زيادة نسبة الإصابة عند الإناث مقارنةً مع الذكور بـ 3%.
- التقدم بالعمر: يزيد التقدم بالعمر من فرصة تهتّك المفصل وتآكله والتهابه.
- استخدام التبغ: يزيد التدخين واستخدام منتجات التبغ الأخرى من خطر الإصابة.
- التاريخ العائلي: الأشخاص الذين يعاني أفراد أسرهم من الالتهاب هم أكثر عرضة للإصابة به.
- مستوى النشاط: تزداد نسبة الإصابة عند الأشخاص ذوي النشاط البدني الضعيف.
- بعض الرياضات: خاصةً تلك التي تتطلب احتكاك جسدي مستمر.
- بعض المهن: خاصةً تلك التي تتطلب وقوف مستمر وضغط على المفاصل.
- الحالات الصحية الأخرى: الإصابة بأمراض المناعة الذاتية أو السمنة أو أي حالة تؤثر على المفاصل قد تزيد من فرص الإصابة.
في أي عمر يبدأ التهاب المفاصل؟
يمكن أن يتطور التهاب المفاصل في أي عمر، ويعتمد وقت ظهوره على نوعه والأسباب المؤدية إليه. بشكل عام، يعد هشاشة العظام أكثر شيوعاً بين البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاماً، في حين أن التهاب المفصل الروماتويدي غالباً ما يبدأ بين سن 30 و60 عاماً.
يختلف عمر الإصابة بالأنواع الأخرى بناءً على السبب المباشر المؤدي إليها. على سبيل المثال، لا يحدث التهاب المفصل الرضي إلا بعد تعرض المفصل لإصابة، بينما يتطور النقرس بعد ارتفاع مستويات حمض البوليك في الجسم لفترة طويلة.
ينصح خبراء مركز بيمارستان بمتابعة المخاطر المحتملة للإصابة بالتهاب المفصل، ومراقبة أي تغييرات قد تطرأ على المفاصل والتحدث مع المختصين لمعرفة الوقت المناسب لاتخاذ التدابير الوقائية والعلاجية.
كيفية تشخيص التهاب المفصل؟
إذا كنت تشعر بأعراض تشير إلى التهاب المفاصل، فسيقوم خبراء مركز بيمارستان بتقييم حالتك من خلال طرح أسئلة حول تاريخك الطبي وإجراء فحص بدني شامل. خلال الفحص، قد يلاحظ الأطباء وجود علامات مثل:
- تجمع السوائل حول المفصل.
- دفء المفاصل واحمرارها وزيادة حساسيتها.
- صعوبة في تحريك المفصل، وهو ما يُعرف بـ “نطاق الحركة المحدود”.
بالإضافة إلى ذلك، قد يُوصي أطباء مركز بيمارستان بإجراء فحوصات الدم والأشعة السينية للكشف عن أي التهابات أو أسباب أخرى محتملة. وفي بعض الحالات، قد يتم سحب عينة من سائل المفصل باستخدام إبرة وإرسالها إلى المختبر لتحليلها، مما يساعد في تحديد التشخيص بدقة ووضع خطة علاج مناسبة.

طرق علاج التهاب المفاصل
لا يوجد علاج نهائي لالتهاب المفاصل، ولكن يمكن أن نساعدك في إيجاد العلاجات المناسبة للتحكم في الأعراض وتقليل تأثير المرض على حياتك اليومية. يعتمد نوع العلاج على سبب الالتهاب ونوعه والمفاصل المصابة.
العلاجات الشائعة لالتهاب المفاصل
- الأدوية المسكنة والمضادة للالتهابات: مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية أو الأسيتامينوفين.
- الكورتيكوستيرويدات: سواء كأدوية فموية أو على شكل حقن الكورتيزون لتخفيف الالتهاب.
- الأدوية المضادة للروماتيزم (DMARDs): والتي تُستخدم في حالات الالتهاب الروماتويدي للمفاصل أو الصدفي.
- العلاج الطبيعي والوظيفي: لتحسين القوة الحركية وزيادة نطاق الحركة وتعزيز الثقة أثناء الحركة.
- التدخل الجراحي: ويُستخدم عندما تفشل العلاجات غير الجراحية في التخفيف من الأعراض.
الجراحة لعلاج التهاب المفاصل
في الحالات المتقدمة، قد يكون التدخل الجراحي ضرورياً، وتشمل الجراحات الأكثر شيوعاً:
- جراحة دمج المفصل (إيثاق المفصل): يتم خلاله دمج العظام معاً جراحياً، ويستخدم غالباً في العمود الفقري أو الكاحل.
- استبدال المفصل: في حال تعرض المفصل للتلف الشديد أو فقدان العظام، يتم استبدال المفصل الطبيعي بآخر اصطناعي سواءً بشكل جزئي أو كلي.
سيوضح لك الإخصائيين في مركز بيمارستان ما إذا كنت بحاجة إلى الجراحة وأي نوع يناسب حالتك، بالإضافة إلى ما يمكن توقعه خلال فترة التعافي.
طرق وأساليب الوقاية من التهاب المفاصل
يمكن تقليل خطر الإصابة أو تأخير تطورها من خلال اتباع أساليب وقائية فعالة، تتضمن الوقاية أساليب مختلفة باختلاف نوع وسبب الالتهاب، وتشمل ما يلي
- هشاشة العظام: الحفاظ على وزن صحي.
- التهاب المفاصل الروماتويدي: الأهم هو الابتعاد عن التدخين.
- النقرس: تناول نظام غذائي صحي منخفض السكر والامتناع عن الكحول.
- تجنب الإصابات الرياضية: من المهم الحصول على المعدات المناسبة والتدريب الكافي واللعب الآمن.
نظراً لأن الأطباء لا يفهمون تماماً الأسباب أو الآليات وراء هذه الأمراض، فقد لا يكون الوقاية الحقيقية ممكنة. ومع ذلك هناك أمل كبير بالوصول لطرق وقاية فعالة لالتهابات المفاصل والحالات المرتبطة بها.
المصادر: