كيس الدرق اللساني من التشوهات الخلقية الشائعة عند الأطفال، ويظهر على شكل كتلة صغيرة في منتصف الرقبة. ورغم أنه غالبًا لا يشكل خطرًا على الحياة، إلا أن الالتهابات المتكررة أو المضاعفات الأخرى قد تستدعي التدخل الطبي. العلاج الجراحي في مراكز متخصصة في تركيا، مثل مركز بيمارستان الطبي، يُعد الخيار الأكثر فعالية لضمان إزالة الكيس بالكامل وتقليل فرص عودته.
ما هو كيس الدرق اللساني؟
كيس الدرق اللساني هو تكوّن ورم حميد ينشأ من بقايا القناة الدرقية اللسانية التي لم تذُب بشكل كامل بعد الولادة. خلال التطور الجنيني، تتحرك الغدة الدرقية من قاعدة اللسان إلى مكانها الطبيعي في الرقبة، وإذا لم تختفِ القناة بشكل كامل، قد تتكوّن أكياس صغيرة تمتلئ أحيانًا بالسوائل أو المخاط.
الفئات العمرية الأكثر عرضة
- الأطفال: يشكلون غالبية الحالات، ويُكتشف الكيس عادةً في السنوات الأولى من العمر.
- البالغون: تظهر بعض الحالات بعد الالتهابات أو الخراجات المتكررة.
أسباب كيس الدرق اللساني
تتعدد أسباب ظهور كيس الدرق اللساني، ويمكن تقسيمها إلى عوامل خلقية وعوامل مكتسبة:
- العوامل الجنينية: يُعد كيس الدرق اللساني نتيجة بقايا القناة الدرقية اللسانية التي لم تذُب بالكامل أثناء التطور الجنيني. خلال نمو الجنين، تتحرك الغدة الدرقية من قاعدة اللسان إلى مكانها الطبيعي في الرقبة، وإذا لم تختفِ بقايا القناة بشكل كامل، قد تتكوّن أكياس صغيرة تمتلئ أحيانًا بالسوائل أو المخاط.
- العوامل المساعدة: قد تؤدي بعض الظروف إلى زيادة حجم الكيس أو ظهور الأعراض، مثل الالتهابات المتكررة في منطقة الرقبة والعدوى البكتيرية التي قد تؤدي إلى التهاب الكيس أو تكون خراج.
- العوامل الوراثية: هناك بعض الدراسات التي تشير إلى أن الاستعداد الوراثي قد يزيد احتمالية ظهور هذا الكيس، خاصة إذا كانت هناك حالات مشابهة في العائلة.
- التغيرات الهرمونية أو النمو السريع: في بعض الحالات، يمكن أن يؤدي النمو السريع للأطفال أو التغيرات الهرمونية إلى بروز الكيس أو زيادة حجمه، حتى لو كان موجودًا منذ الولادة بشكل غير ظاهر.
- إصابات أو ضغط على الرقبة: على الرغم من ندرتها، قد تتسبب الإصابات أو الضغط المتكرر على منطقة الرقبة في تحفيز نمو الكيس أو التسبب في التهاب مؤقت يبرز الأعراض.
فهم هذه الأسباب يساعد الأطباء على تشخيص الكيس بدقة واختيار العلاج الأنسب، سواء كان متابعة طبية أو التدخل الجراحي في مراكز متقدمة.
أعراض كيس الدرق اللساني
تشمل أهم أعراض كيس الدرق اللساني ما يلي:
- كتلة أو تورم في منتصف الرقبة: وجود تضخم في قاعدة اللسان الخلفية بسبب كتلة صلبة في منتصف خط الرقبة وتكون ناعمة وغير مؤلمة عادة إلا إذا التهبت.
- ألم عند البلع أو ألم عند تحريك الرقبة: من أولى العلامات وأكثرها وضوحاً، ويُطلق على هذا العرض طبياً اسم “عسر البلع”، ويمكن أن يظهر بشكل ألم أو شعور بالضيق أثناء البلع أو شعور بوجود شيء عالق في الحلق.
- حركة الكتلة مع حركة اللسان: تعد من العلامات السريرية المميزة حيث تتحرك الكتلة إلى الأعلى عند إخراج اللسان فتساعد في التشخيص عن الكتل الأخرى.
- احمرار أو دفء في الجلد فوق الكيس: يدل على وجود التهاب.
- ظهور فتحة جلدية مع إفرازات في حال الالتهاب المزمن

تشخيص كيس الدرق اللساني
يعتمد تشخيص كيس الدرق اللساني على مجموعة من الخطوات التي تهدف إلى تأكيد طبيعة الكتلة واستبعاد أي أورام أخرى في الرقبة، وتشمل:
- الفحص السريري: يقوم الطبيب بفحص الرقبة لملاحظة موقع الكتلة وحركتها مع اللسان أو البلع، وهي علامة مميزة لهذا النوع من الأكياس.
- التصوير بالإيكو (Ultrasound): يساعد في تحديد حجم الكيس ومكوناته وما إذا كان يحتوي على سائل أو أنسجة صلبة.
- التصوير المقطعي (CT) أو الرنين المغناطيسي (MRI): يُستخدم في الحالات المعقدة أو الكبيرة لتوضيح علاقتها بالأنسجة المجاورة.
- اختبارات الغدة الدرقية: للتأكد من أن الغدة الدرقية موجودة في مكانها الطبيعي ولا يعتمد الجسم على الكيس كمصدر لهرمونات الغدة.
علاج كيس الدرق اللساني
يُعد العلاج الجراحي هو الخيار الأمثل والدائم للتخلص من كيس الدرق اللساني، لكن هناك بعض التدابير الأولية:
1. العلاج الدوائي المؤقت: يُستخدم عند حدوث التهاب بالكيس، ويشمل المضادات الحيوية لتخفيف الأعراض قبل الجراحة، هذا العلاج لا يُزيل الكيس بشكل نهائي بل يخفف الالتهاب فقط.
2. الجراحة (إجراء سسترنك – Sistrunk procedure): تُعتبر العملية الأكثر شيوعًا ونجاحًا لإزالة كيس الدرق اللساني. يقوم الجراح بإزالة الكيس بالكامل مع جزء صغير من العظم اللامي وبقايا القناة الدرقية، مما يقلل من خطر عودته. إن نسب النجاح عالية جدًا، والمضاعفات قليلة عند إجرائها في مراكز متخصصة.
لماذا يُفضل استئصال كيس الدرق اللساني؟
السبب الرئيسي الذي يجعل الأطباء يوصون باستئصال كيس الدرق اللساني جراحياً هو أنه غالباً ما يُصاب بالعدوى، وفي حالات نادرة قد يتحول الكيس إلى سرطان، فالجراحة تمنع تكرار الالتهابات وتقلل من خطر تكون الخراج أو المضاعفات. تعرف الجراحة باسم جراحة سسترنك (Sistrunk Procedure)، وتشمل إزالة الكيس مع جزء من العظم اللامي.
خطوات عملية استئصال كيس الدرق اللساني
- التحضير قبل العملية: يُجرى تقييم شامل للمريض يشمل الفحوصات السريرية والتصوير (الإيكو أو التصوير المقطعي/الرنين المغناطيسي) للتأكد من التشخيص واستبعاد أي مشاكل أخرى في الغدة الدرقية.
- التخدير: تتم العملية تحت التخدير العام حتى لا يشعر المريض بأي ألم، وغالبًا تكون جراحة ليوم واحد بحيث يمكن للمريض العودة للمنزل بعد ساعات من الإفاقة.
- شق جراحي صغير: يقوم الجراح بعمل شق طولي أو عرضي صغير في منتصف الرقبة، غالبًا على مستوى العظم اللامي، للوصول إلى الكيس.
- استئصال الكيس والمسار الجنيني: لا يكتفي الجراح بإزالة الكيس فقط، بل يستأصل أيضًا المسار الجنيني المتبقي (القناة الدرقية اللسانية) الذي يمتد أحيانًا نحو قاعدة اللسان. يتم كذلك استئصال الجزء الأوسط من العظم اللامي لأن القناة تمر خلاله، وهذا هو العامل الأساسي الذي يقلل بشكل كبير من احتمالية عودة الكيس.
- التأكد من الإزالة الكاملة: يفحص الجراح المنطقة جيدًا للتأكد من عدم بقاء أي بقايا من القناة أو الكيس، لأن وجودها قد يؤدي إلى الانتكاس.
- إغلاق الجرح: يُغلق الجرح بطبقات دقيقة، وغالبًا يُترك أنبوب تصريف صغير (درنقة) لساعات أو يوم لمنع تراكم الدم أو السوائل تحت الجلد.
عادة ما يغادر المريض المستشفى في نفس اليوم أو اليوم التالي. تستمر فترة التعافي من 1 – 2 أسبوع، مع إمكانية عودة المريض لممارسة نشاطاته الطبيعية بعد ذلك.
بفضل هذا الإجراء الدقيق المعتمد على الفهم التشريحي والجنيني لمسار الغدة الدرقية، انخفضت نسبة عودة الكيس من حوالي 50% في الاستئصال البسيط إلى أقل من 4% مع عملية سسترنك، مما يجعلها العلاج الأمثل عالميًا.
مضاعفات عملية استئصال كيس الدرق اللساني
عملية سسترنك تُعد من العمليات الآمنة وذات نسب نجاح مرتفعة جدًا، ومع ذلك، وكأي تدخل جراحي، قد ترافقها بعض المضاعفات البسيطة أو النادرة:
- النزيف أو تجمع السوائل: قد يحدث نزيف طفيف أو تجمع دموي/سائل تحت الجلد بعد العملية، ويتم منعه عادة باستخدام أنبوب تصريف (درنقة) خلال الساعات الأولى.
- العدوى: احتمالية حدوث التهاب في الجرح واردة، لكنها قليلة جدًا. يمكن الوقاية منها عبر المضادات الحيوية والاعتناء بنظافة الجرح.
- تندب في موضع العملية: يظهر خط جراحي صغير مكان الشق، وغالبًا يكون غير ملحوظ بعد فترة قصيرة. مع ذلك، يُنصح باستخدام مراهم خاصة لتسريع التئام الجلد.
- عودة الكيس: الانتكاس نادر جدًا إذا أُجري الاستئصال بالطريقة الصحيحة (إزالة الكيس مع الجزء الأوسط من العظم اللامي). معدل الانتكاس يقل إلى أقل من 4% مقارنةً بـ 50% في الاستئصال البسيط.
- إصابة أنسجة مجاورة (نادرة جدًا): قد تتأثر بعض الأنسجة القريبة مثل قاعدة اللسان أو الحبال الصوتية في حالات نادرة جدًا، خصوصًا إذا كان الكيس كبيرًا أو ممتدًا.
نصائح ما بعد جراحة استئصال كيس الدرق اللساني
يتوجب على المريض الراحة لعدة أيام بعد العملية لضمان عدم فشل العملية. يمكن للمريض استئناف نظامه الغذائي المعتاد دون أي قيود، وقد يشعر العديد من المرضى بألم أو خشونة في الحلق خلال اليومين الأولين، ويفضلون تناول الأطعمة اللينة في هذه الفترة، ويُسمح بممارسة الأنشطة الخفيفة إلى المتوسطة حسب التحمل، ويمكن للمريض تحريك رأسه يميناً ويساراً والنظر لأعلى وأسفل دون القلق المفرط بشأن الغرز مع تجنب رفع الأشياء الثقيلة أو الإجهاد أو ممارسة التمارين الشاقة لمدة لا تقل عن أسبوع واحد بعد الجراحة.
من المتوقع حدوث ألم وتيبس في الرقبة وقد يصف الطبيب مسكناً مخدراً (ناركوتيك) يمكن استخدامه حسب الحاجة في حالات الألم الشديد ويمكن استخدام أسيتامينوفين (تايلينول) أو إيبوبروفين (أدفيل، موترين) لتسكين الألم الخفيف إلى المتوسط مع الانتباه إلى أن المسكنات المخدرة قد تسبب الإمساك. يجب التواصل مع الطبيب في حال ظهور احمرار أو تورم متزايد أو ألم متزايد في موقع الجراحة ويمكن للمريض الاستحمام بشكل طبيعي ويمكن تبليل الجرح.
أخيراً، كيس الدرق اللساني حالة خلقية شائعة غالبًا ما تُكتشف في مرحلة الطفولة، ورغم أنه في معظم الأحيان حميد ولا يشكل خطرًا مباشرًا، إلا أن التهابه المتكرر قد يسبب مضاعفات مزعجة. العلاج الجراحي بطريقة سسترنك يُعد الحل الأمثل للتخلص من الكيس بشكل نهائي، إذ يحقق نسب نجاح مرتفعة جدًا ويقلل بشكل كبير من احتمال عودته.
المصادر:
- Children’s Hospital of Philadelphia. (n.d.). Thyroglossal Duct Cyst
- Kumar, L. K. S., Kurien, N. M., Jacob, M. M., Menon, P. V., & Khalam, S. A. (2015). Lingual thyroid. Annals of Maxillofacial Surgery