شهد استخدام الأطراف الصناعية الرياضية تطوراً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، مع تزايد أعداد الرياضيين من ذوي البتر حول العالم قد أصبحت هذه الأطراف جزءاً أساسياً من دعم الأداء الرياضي وتحقيق الاستقلالية للرياضيين في مختلف التخصصات، تشير التقارير إلى أن نسبة استخدام هذه الأطراف بين الرياضيين في أوروبا تتراوح بين 18% و25% بينما تشهد آسيا نمو متسارع لا سيما في اليابان وكوريا الجنوبية، مدفوعةً بتقدم التكنولوجيا والوعي المتزايد بأهمية التأهيل الرياضي لذوي الإعاقة.
ما هي الأطراف الصناعية الرياضية؟
الأطراف الصناعية الرياضية هي أجهزة تم تصميمها بشكل خاص للرياضيين من الذين تعرضوا للبتر عبر عملية بتر الأطراف أو حادث ما لتمكينهم من استمرار ممارسة الأنشطة الرياضية بكفاءة وأمان، تختلف هذه الأطراف عن الأطراف الصناعية التقليدية في أنها مُخصصة لتحمل الضغوط العالية والحركات السريعة والمتكررة المرتبطة بالرياضات المختلفة مثل الجري ورفع الأثقال وركوب الدراجات وغيرها من الرياضات.
يتم تصميم الأطراف الصناعية الرياضية لتناسب نوع الرياضة ومتطلبات الأداء البدني للرياضي مع مراعاة العوامل البيوميكانيكية لكل فرد، فعلى سبيل المثال الأطراف المستخدمة في الجري تكون منحنية وتعمل لتخزين الطاقة الحركية وإعادتها مما يساعد في تحقيق سرعات عالية وتقليل الإجهاد على المفاصل.
عند تركيب الأطراف الصناعية تدخل عادةً مواد خفيفة الوزن ذات قوة عالية مثل ألياف الكربون لتوفير المرونة والمتانة اللازمة للقيام بالنشاط الرياضي على أتمم وجه، كما تم تخصيص كل تصميم للطرف ليتناسب مع احتياجات الرياضي الفردية مما يساهم في تحسين أداءه وتقليل خطر الإصابة.
بفضل التقدم التكنولوجي في مجال الأطراف الصناعية الرياضية فقد أصبح بإمكان الرياضيين من المبتورين المشاركة في المنافسات الرياضية على أعلى المستويات وفي جميع البطولات بما في ذلك الألعاب البارالمبية وتحقيق إنجازات متميزة مثل تلك التي يحققها من الرياضيين الأصحاء.

الاختلاف بين الطرف الرياضي والطرف اليومي
يتم تصميم الأطراف الصناعية اليومية لتلبية احتياجات الأنشطة الحياتية الروتينية مثل المشي على الأسطح المستوية والجلوس والقيام بالمهام المنزلية حيث تركز هذه الأطراف على الراحة وخفة الوزن وتوفر للشخص استقراراً وثباتًا أثناء الاستخدام اليومي الروتيني.
بينما يتم تصميم الأطراف الصناعية الرياضية خصوصاً لتتحمل الضغوط العالية والحركات السريعة المتكررة المرتبطة بالرياضات المختلفة حيث يتم استخدام مواد خفيفة الوزن ذات قوة عالية مثل ألياف الكربون في تصنيع هذه الأطراف لتوفير المرونة والمتانة اللازمة للأداء الرياضي، بسبب هذه الفروق بالغالب ما يحتاج الأفراد الذين يمارسون أنشطة رياضية إلى استخدام أطراف صناعية مخصصة للنشاط الرياضي بالإضافة إلى الطرف الصناعي اليومي لضمان الأداء الأمثل والسلامة أثناء ممارسة الرياضة.
أنواع الأطراف الصناعية المستخدمة في الرياضات المختلفة
إنّ الأطراف الصناعية الرياضية ليست مجرد أدوات تعويضية بل تم تصميمها أيضاً لتمكين الرياضيين من خوض منافسات عالية الأداء والنشاط البدني حيث يُراعى في تصميمها طبيعة كل رياضة وذلك من حيث نوع الحركة وشدة التحمّل ودرجة التفاعل مع الأرض أو المعدات الرياضي مما يجعلها تختلف بكل تأكيد عن الأطراف المخصصة للاستخدام اليومي. يعتمد تطوير هذه الأطراف على استخدام مواد متقدمة مثل ألياف الكربون والتي توفر توازناً بين الخفة والقوة إلى جانب هندسة ميكانيكية متطورة تضمن استجابة ديناميكية عالية وفيما يلي أبرز الأنواع حسب نوع الرياضة:
الأطراف الصناعية للجري والسباقات: شفرات الكاربون
تعتبر الأطراف الصناعية الرياضية من هذا النوع من أكثر الأطراف شهرةً وذلك لأنه يتم استخدم عن طريق العدائين أصحاب البتر السفلي حيث تأخذ شكل الشفرة المنحنية المصنوعة من ألياف الكربون وتُعرف باسم “Flex-Foot Cheetah” لدى بعض الشركات مثل Össur، يعتبر هذا الشكل ممتازاً لتخزين الطاقة الحركية اثناء الهبوط ثم تحريرها عند الدفع مما يحاكي مرونة أوتار الساق الطبيعية. يتم استخدام هذه الشفرات في سباقات العدو القصير والطويل بما في ذلك ألعاب القوى والألعاب البارالمبية.
الأطراف الصناعية لرفع الأثقال والتمارين القوية
يتم تصميم هذا النوع من الأطراف الصناعية الرياضية لتمنح الرياضي ثباتاً عالياً أثناء الأداء خاصةً في تمارين مثل القرفصاء والرفعة الميتة حيث يركز هذا التصميم هنا على تقوية وتدعيم محور الطرف الصناعي وتوزيع وزنه بشكل متوازن على القاعدة لتجنب الانزلاق أو الفقدان المفاجئ للتوازن. الأطراف العلوية المستخدمة في تمارين القوة تحتوي على خطاطيف أو أدوات تثبيت للقبض على الأوزان بشكل محكم.
أطراف صناعية مخصصة لركوب الدراجات والتنس
في رياضة ركوب الدراجات يكون الهدف هو تحقيق حركة دائرية ثابتة وفعالة للقدم فلذلك يتم استخدام أطراف صناعية يتم تثبيتها بشكل مباشر على دواسة الدراجة مع مراعاة زاوية التوصيل وطول الطرف ليحقق التوازن الأمثل، أما في رياضة التنس تعتمد الأطراف الصناعية على خفة الوزن وسرعة الاستجابة مع سطح الملعب فيحتاج الرياضي إلى قدرة عالية على تغيير الاتجاهات بسرعة وهذا ما يتطلب تصميم مرن يؤمن الدعم المناسب للرياضي ويحميه من الإصابات الناتجة عن الحركات المفاجئة والسريعة التي قد تعرضه للإصابة.

مكونات الطرف الرياضي والتقنيات المتطورة فيه
إنّ الأطراف الصناعية الرياضية تتكون من عدة مكونات رئيسية تشمل:
- الجوف: هو الجزء الذي يربط الطرف الصناعي بجسم الشخص الرياضي المبتور، يتم تصميمه بشكل خصوصي ليتناسب مع شكل الطرف المبتور مما يوفر الراحة والثبات له أثناء الاستخدام.
- البطانة: يتم استخدام بطانات مثل Iceross Seal-In X من Össur لتوفير حاجز مريح بين الجلد والسوكت مما يقلل من الاحتكاك ويزيد من الثبات.
- المفاصل: يتم استخدام مفاصل مثل C-Leg 4 وGenium X3 من Ottobock وهي مفاصل يتم التحكم فيها عبر معالجات دقيقة لتقوم بتوفير حركة طبيعية واستجابة ديناميكية أثناء النشاط الرياضي العالي.
- القدم الصناعية: يتم استخدام أقدام مثل Flex-Foot Cheetah من Össur تم تصميمها خصوصاً للعدائين لتوفر لهم دفع قوي ومرونة عالية أثناء الجري.
- المعالجات الدقيقة: يتم وضعها ضمن الطرف لتقوم بالتحكم في حركة المفاصل وتوفير استجابات فورية للتغيرات في السرعة والاتجاه وتحليل نمط حركة المستخدم وتعديل استجابة الطرف الصناعي وفقاً لذلك.
- المواد المتقدمة: يتم استخدام مواد مثل ألياف الكربون لتوفير خفة الوزن والقوة اللازمة للأداء الرياضي.

كيف يتم تصميم الطرف الصناعي حسب نوع الرياضة؟
إنّ تصميم الأطراف الصناعية الرياضية يعتمد بشكل دقيق على نوع الرياضة حيث يتم تخصيص كل مكون ليتلاءم ويتناسب مع متطلبات الأداء البدني والحركة الخاصة بالنشاط المطلوب، وهذه أهم الخطوات التي تتحدث عن كيف يتم تصميمه بحسب نوع الرياضة:
تحليل نوع الحركة المطلوبة
في البداية يقوم الفريق الطبي والفني بتحليل طبيعة الرياضة (مثل الجري أو رفع الأثقال أو ركوب الدراجة) لتحديد نوع الحركة والدعم المطلوب للطرف، كما يتم الأخذ بعين الاعتبار مقدار التكرار الحركي وشدة الجهد المتوقع لتقليل الإجهاد الميكانيكي على هذا الطرف.
اختيار المكونات المناسبة
يتم اختيار نوع المفصل والقدم والبطانة اعتماداً على نوع للرياضة، مثلاً في حالات الجري يتم استخدام أقدام كربونية مقوسة مثل Flex-Foot Cheetah التي توفر ارتداداً عالياً للطاقة يتناسب مع هذه الحالة، ويتم تصميم مكونات إضافية مثل مقابض مانعة للانزلاق أو أسطح امتصاص الصدمات حسب نوع التمارين والسطح المستخدم فيه الطرف.
التخصيص حسب بنية الجسم والأداء
يتم تحديد وأخذ قياسات دقيقة للطرف المتبقي ووزن الرياضي ونوع الجهد المتوقع بحسب الرياضة وذلك لتحديد شكل السوكت، وطول الطرف ونوع المفصل الذي قد يكون ثابت أو ديناميكي كم يتم الأخذ كذلك في الحسبان مدى تحمّل الجلد والأنسجة لضغط الطرف ويتم اعتماد مواد خفيفة لتقليل الإجهاد اليومي.
محاكاة الأداء واختبارات الحركة
يتم اختبار الطرف باستخدام أنظمة حاسوبية تشابه أداء الرياضي لتعديل التصميم قبل التصنيع النهائي وهذا ما يضمن تقليل الإصابات وتحقيق الأداء الأمثل له إذ تشمل أنماط التوازن واختبارات الانحناء والانطلاق لتخصيص استجابة الطرف لحركة هذا الجسم بدقة.
التصميم حسب بيئة الاستخدام
يتم الأخذ بعين الاعتبار طبيعة أرض الملعب أو البيئة (مثل المضمار أو الطرق الوعرة أو القاعات الداخلية) ويتكيف الطرف اعتماداً عليها مثل إضافة مقاومة للماء أو امتصاص للصدمات وذلك بحسب الحالة والمتطلبات، كما يتم دمج طبقات عازلة أو تقنيات مقاومة للحرارة والرطوبة في حالات الاستخدام الخارجي أو المنافسات طويلة الأمد.
الفوائد التي تقدمها الأطراف الصناعية للرياضيين
تعتبر الأطراف الصناعية الرياضية عاملاً مهماً في تمكين الرياضيين المبتورين من ممارسة أنشطتهم بأداء عالٍ، إذ توفر لهم مزايا متعددة تتجاوز مجرد التعويض الجسدي لتشمل جوانب أخرى مهمة، نذكر من أهم الفوائد تلك:
- استعادة القدرة على الحركة والمشاركة في الرياضة: توفر الأطراف الصناعية الرياضية فرصة العودة لممارسة أنشطة رياضية متنوعة كالجري ورفع الأثقال وهذا ما يساعد الرياضيين بالحفاظ على لياقتهم وتوازنهم الجسدي واستعادة نمط حياتهم الطبيعي.
- تحسين التوازن والتنسيق العضلي: تصمم هذه الأطراف الصناعية الرياضية لتقدم للرياضين الدعم والدقة أثناء حركتهم، مما يحسن التنسيق بين العضلات ويقلل من الجهد المبذول أثناء التمارين خاصةً في الحركات المتكررة أو السريعة مثل الجري والقفز.
- عزيز الصحة النفسية والثقة بالنفس: يساهم الأداء الجسدي المتقدم الذي توفره هذه الأطراف في تقليل الإحساس بالإعاقة ويزيد من ثقة الرياضي بنفسه وهذا ينعكس بشكل إيجابي على الصحة النفسية.
- الوقاية من الإصابات وتحسين الاستدامة الجسدية: تساعد التقنيات المتطورة في تقليل الضغط على المفاصل والعظام وتحسين توزيع الوزن أثناء ممارسة الرياضة وهذا ما يساهم في تقليل الإصابات المرتبطة بالإجهاد العضلي أو التمارين الشاقة والمتعبة.
- دعم الصحة العامة واللياقة طويلة المدى: يعتبر النشاط البدني المنتظم باستخدام الأطراف الصناعية الرياضية وسيلة مهمة للحفاظ على اللياقة القلبية والتنفسية وخفض معدلات الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع الضغط خاصة بين الرياضيين المعرضين لنمط حياة غير نشط بعد البتر.
معايير اختيار الطرف الصناعي المناسب للرياضي
اختيار الطرف الصناعي الرياضي هو عملية دقيقة تتم على حسب الاحتياجات الوظيفية للرياضي ونوع الرياضة التي يمارسها والبنية البدنية والنفسية للرياضي حيث لا يتم النظر إلى الطرف الصناعي كأداة تعويضية فحسب بل كجزء فعّال من الأداء الرياضي، من أهم المعايير:
نوع الرياضة
يعتبر نوع الرياضة العامل الأول في تصميم الأطراف الصناعية الرياضية فالأطراف المخصصة للجري والسباقات تستخدم غالباً شفرات الكربون المرنة التي تؤمن للرياضي ارتداد عالي وسرعة في الحركة بينما الأطراف المستخدمة في التنس أو الدراجات تتطلب الثباتية العالية ومرونة جانبية وتحكماً دقيقاً بالحركة، الرياضات عالية التأثير مثل الجري وكرة القدم تحتاج أطرافاً تمتص الصدمات وتعيد الطاقة بكفاءة بينما الرياضات الساكنة أو ذات الحركة المحدودة مثل رفع الأثقال تركز على الثبات والدعم أكثر من المرونة.
مستوى البتر ومكانه
مكان البتر (تحت الركبة أو فوق الركبة أو في الذراعين) يؤثر مباشرة على التصميم، فالبتر الذي يكون تحت الركبة يسمح بالحفاظ على مفصل الركبة الطبيعي مما يزيد الكفاءة للرياضي بينما يتطلب البتر فوق الركبة مفصلاً صناعياً ذكياً لضمان التوازن وتكون المهمة هنا أكثر صعوبة وتعقيد. إنٌ البتر في الأطراف السفلية يؤثر على امتصاص الصدمة والدفع كما أنّ لأطراف العلوية تحتاج مفاصل دقيقة لتقليد حركة الرسغ أو الكتف.
الوزن والبنية الجسدية للرياضي
تلعب الكتلة العضلية والطول والوزن دوراً مهماً في تحديد المواد المستخدمة كالكربون والتيتانيوم إذ يجب أن توفر هذه المواد مزيج من الصلابة وخفة الوزن لضمان سلامة المفاصل وعدم إعاقة أداء الرياضي.
الهدف من الاستخدام: تدريب أم منافسة
الأطراف الصناعية الرياضية التي يتم استخدامها في التدريب تركز على الراحة والمرونة بينما تلك المخصصة للمنافسات يجب أن تتوافق مع المعايير الدولية (مثل IPC – اللجنة البارالمبية الدولية) وتُضبط بأعلى مستوى من الدقة، بعض الرياضيين يمتلكون أكثر من طرف واحد حسب الاستخدام.
التخصيص والتعديل الشخصي
كل طرف رياضي يتم تفصيله خصوصاً ليتوافق مع آلية حركة الرياضي مع إمكانية التعديل المستمر حسب المراحل المختلفة من التدريب أو التأهيل إذ تشمل التعديلات تغيير مستوى الارتداد وزاوية المفصل وتوزيع الضغط بشكل متوازن.
تبرز الأطراف الصناعية الرياضية كحل مبتكر تجمع بين التكنولوجيا والوظيفة لتمكين الرياضيين من تجاوز الإعاقة والمشاركة في مختلف الأنشطة الرياضية باحترافية وكفاءة، مع التطورات المستمرة في تصميم المواد والاعتماد على التخصيص وفقاً لنوع الرياضة واحتياجات المستخدم فقد أصبحت الأطراف الصناعية الرياضية جزءاً لا يتجزأ من ساحة المنافسة الدولية والمحلية، وبينما تختلف المعايير حسب نوع الرياضة ومستوى البتر فإن الهدف المشترك يبقى هو استعادة الأداء وتعزيزه.
المصادر:
- Össur. (n.d.). Sport solutions. Össur.
- MedlinePlus. (n.d.). Prosthetics through the ages. MedlinePlus Magazine. Retrieved May 30, 2025