يُعَدّ تساقط الشعر من أكثر المشكلات شيوعًا، إذ يعاني منه عدد كبير من الرجال والنساء في مراحل عمرية مختلفة. ولا يقتصر أثره على المظهر الخارجي فقط، بل قد ينعكس أيضًا على الثقة بالنفس والحياة الاجتماعية، وللتغلب على هذه المشكلة، برز خياران أساسيان أمام المصابين: زراعة الشعر كحل جراحي يمنح نتائج طويلة الأمد، والعلاجات الدوائية كالمينوكسيديل التي تهدف إلى إبطاء التساقط وتحفيز نمو الشعر بشكل تدريجي.
ما هي زراعة الشعر؟
زراعة الشعر هي إجراء طبي يُجرى على يد جراح التجميل أو طبيب الجلدية، حيث يتم نقل الشعر من المناطق الغزيرة مثل مؤخرة الرأس أو جانبيه إلى مناطق الصلع في مقدمة الرأس أو قمته، حيث أنه تجرى عملية زراعة الشعر عادة في مراكز طبية متخصصة تحت تأثير التخدير الموضعي لضمان راحة المريض طوال الإجراء.
التقنيات المستخدمة في زراعة الشعر
تتعدد تقنيات زراعة الشعر حسب حالة المريض ونوع تساقط الشعر الذي يعاني منه، ويُعد اختيار الطريقة المناسبة أمرًا حاسمًا لنجاح العملية وضمان نمو الشعر بشكل طبيعي ودائم. من الضروري أن يُجري الطبيب المختص فحصًا دقيقًا لفروة الرأس لتحديد التقنية المثلى لكل حالة. حاليًا، تُستخدم ثلاث تقنيات رئيسية في عمليات زراعة الشعر: FUT، FUE، DHI.
زراعة الشعر بتقنية FUT
تُعد تقنية FUT (زراعة الوحدة الجرابية) من أقدم تقنيات زراعة الشعر، وقد بدأت تُستخدم منذ تسعينيات القرن الماضي. تقوم هذه الطريقة على أخذ شريط من الجلد من المنطقة الخلفية للرأس يحتوي على بصيلات الشعر، ثم فصل هذه البصيلات وزراعتها في المنطقة المصابة بالصلع.
رغم أن هذه الطريقة تُتيح إجراء العملية في وقت قصير وبتكلفة منخفضة، إلا أنها تتطلب إجراء شق جراحي وخياطة في منطقة أخذ الشريط، مما قد يؤدي إلى ظهور ندوب دائمة. تُجرى تحت تأثير التخدير الموضعي، وتستغرق الجلسة من 4 إلى 8 ساعات.
زراعة الشعر بالاقتطاف FUE
تتضمن إزالة الوحدات الجُريبية الفردية (مجموعات طبيعية من الشعر تتكون من 1 إلى 4 شعيرات لكل وحدة) من مؤخرة الرأس، وأحيانًا من اللحية ومناطق أخرى من الجسم، ليُعاد زرعها عادةً في مناطق فروة الرأس المصابة بالصلع أو في مناطق أخرى من الجسم حسب الحاجة الجمالية، حيث تستخدم تقنية FUE أدوات دقيقة تُسمى الميكرو بانش يتراوح حجمها بين 0.7 و 1.2 ملم لاقتطاف هذه الوحدات الجُريبية. وتختلف أنواع الميكرو بانش لتشمل اليدوي، والمُحرك آليًا، والروبوتي.

زراعة الشعر بتقنية الاقتطاف المباشر (DHI)
في تقنية DHI (زراعة الشعر المباشرة)، يتم استخدام أداة خاصة تُسمى Choi Implanter لاقتطاف وزراعة بصيلات الشعر بشكل مباشر، دون الحاجة لفتح قنوات مسبقة. ما يميز هذه الطريقة هو عدم الحاجة لحلاقة الشعر، مما يجعلها مثالية النساء أو للأشخاص الراغبين في الحفاظ على شكل شعرهم الحالي.
يُجرى هذا النوع من الزراعة تحت تأثير التخدير الموضعي، وتُزرع البصيلات مباشرة بعد اقتطافها، مما يُحسن من فرص نجاح الزراعة وجودة النتائج. تُعد هذه التقنية دقيقة وعالية الكفاءة، وتُعطي مظهرًا طبيعيًا للغاية.
ما هي العلاجات الدوائية؟
يوجد العديد من الأدوية التي تساعد في علاج تساقط الشعر لكن هناك دواءان معتمدان من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) يمكن أن يساعدا في علاج تساقط الشعر وهما:
المينوكسيديل
يتوفر المينوكسيديل المتاح دون وصفة طبية في شكل سائل ورغوة وشامبو. ولكي يصبح أكثر فعالية، يُوضع المنتج على جلد فروة الرأس مرة واحدة يوميًا للنساء ومرتين يوميًا للرجال. يفضل الكثيرون استخدام الرغوة عندما يكون الشعر مبللًا.
تساعد المنتجات التي تحتوي على المينوكسيديل على إعادة نمو الشعر لدى العديد من الأشخاص أو إبطاء معدل تساقط الشعر أو كلا الأمرين معًا. وسيستغرق العلاج مدة ستة أشهر على الأقل لمنع استمرار تساقط الشعر وبدء إعادة نمو الشعر الجديد. وقد يستغرق الأمر بضعة أشهر أخرى لمعرفة ما إذا كان العلاج مناسبًا لك. إذا كان العلاج مفيدًا، فستحتاج إلى الاستمرار في استخدام الدواء إلى أجل غير محدد للاحتفاظ بالفوائد.

فيناسترايد
هذا دواء يُصرف بوصفة طبية للرجال. هذا الدواء متوفر على هيئة حبوب ويؤخَذ يوميًّا. يجد العديد من الرجال الذين يتناولون فيناسترايد أن معدل تساقط الشعر لديهم أصبح أبطأ، وقد ينمو الشعر من جديد لدى البعض منهم. وقد يستغرق الأمر بضعة أشهر أخرى لمعرفة ما إذا كان العلاج مناسبًا لك. ستحتاج إلى الاستمرار في استخدام الدواء للاحتفاظ بأي فوائد. قد لا يؤتي الفيناسترايد مفعوله للرجال الذين تجاوزوا سن 60 عامًا.
مزايا العلاجات الدوائية
وتشمل المزايا المشتركة لكلا العلاجات الدوائية في أنها:
- تكاليف أقل غالبًا
- إجراء لا يحتاج لأي تدخل جراحي
- تغييرات تدريجية، قابلة للتغيير إذا ظهرت آثار جانبية
عيوب العلاجات الدوائية
وتشمل العيوب المشتركة لكلا العلاجات الدوائية في أنها:
- تحتاج وقتًا أطول لتظهر النتائج حيث أنه يمكن أن يتطلب استعمال مستمر لستة أشهر أو أكثر للحصول على نتائج واضحة
- قد تكون النتائج أقل كثافة أو أقل استدامة بالمقارنة مع الزراعة
ويوضح الجدول التالي مقارنة بين المزايا والعيوب لكل من المينوكسيديل والفيناسترايد:
| العلاج | المزايا | العيوب والآثار الجانبية |
|---|---|---|
| مينوكسيديل | يُستخدم موضعيًا لزيادة تدفق الدم إلى بصيلات الشعر، متوفر بدون وصفة طبية، يُظهر فعالية في تحفيز نمو الشعر لدى العديد من المستخدمين. | تهيج في فروة الرأس، نمو شعر غير مرغوب فيه في مناطق أخرى من الجسم، دوخة أو خفقان القلب في حالات نادرة، يتطلب الاستخدام المستمر للحفاظ على النتائج، قد يستغرق ظهور النتائج من 3 إلى 6 أشهر، قد يحدث تساقط مؤقت للشعر في بداية العلاج. |
| فيناسترايد | يُؤخذ عن طريق الفم ويُقلل من مستويات DHT، مما يبطئ تساقط الشعر، يُظهر فعالية في تحفيز نمو الشعر لدى العديد من الرجال. | انخفاض الرغبة الجنسية وضعف الانتصاب، زيادة حجم الثدي لدى الرجال، الاكتئاب والأفكار الانتحارية في حالات نادرة، يجب استخدامه بشكل مستمر للحفاظ على النتائج، لا يُوصى به للنساء، خاصةً الحوامل، قد لا يكون فعالًا للرجال فوق سن 60 عامًا. |
مزايا زراعة الشعر
- حل دائم نسبيًا أو طويل الأمد مع نسبة نجاح عالية جدًا (90-97٪ تقريبًا في أغلب الحالات).
- النمو الطبيعي للشعر المزروع، وتحسين المظهر الكلي للكثافة.
- تغييرات ملموسة قد تكون أسرع من بعض العلاجات الدوائية بعد فترة التمهيد.
- تقنيات حديثة مثل DHI توفر نتائج دقيقة.
مخاطر وعيوب زراعة الشعر
- تكلفة عالية جداً مقارنة بالعلاجات الدوائية وذلك لأنها تشمل:
- الجراحة
- العناية بعد العملية
- السفر إذا تتم في عيادة خارج البلاد
- المخاطر الجراحية المحتملة مثل
- عدم تجانس النمو أونمو الشعر بشكل غير طبيعي
- ظهور ندب وتقرحات في مناطق الاقتطاف
- فشل البصيلات أوالطعوم
- مشاكل ما بعد الجراحة
- النزيف والعدوى
- تتطلب التزامًا في الرعاية بعد العملية واستشارة طبية دقيقة
- ليست مناسبة للجميع مثل:
- الذين لديهم منطقة مانحة ضعيفة جدًا
- حالات تساقط شعر واسعة جدًا
- مشاكل صحية تمنع الجراحة
متى يُنصح بالعلاج الدوائي؟
يجب أن يكون المريض على علم بأن العلاج الدوائي يحافظ على الشعر الموجود ويبطئ التساقط، لكنه لا يضمن كثافة شعر كاملة أو استعادة الشعر المفقود بالكامل.
- المرضى صغار السن
- حالات التساقط البسيط إلى المتوسط
- عند وجود مانع طبي يمنع إجراء الجراحة
- الرغبة في حل غير جراحي مع الالتزام المستمر باستخدام الدواء
- المريض القادرعلى الالتزام حيث أن العلاج الدوائي يحتاج لاستخدام طويل الأمد مع متابعة الطبيب بانتظام
- المريض الذي لا يمتلك التكلفة المالية المرتفعة لعملية زراعة الشعر حيث أن العلاج الدوائي أقل تكلفة على المدى القصير
يحتاج المينوكسيديل أو الفيناسترايد عادةً 3–6 أشهر لرؤية النتائج الأولية، وقد يستغرق 12 شهرًا للوصول إلى أفضل تأثير.
متى يُنصح بزراعة الشعر؟
زراعة الشعر تمنح نتائج دائمة وكثافة أفضل، لكنها لا تمنع استمرار الصلع الوراثي في المناطق غير المزروعة وينصح بزراعة الشعر في الحالات التالية:
- حالات الصلع الوراثي المتقدم
- القدرة على تحمل الإجراء الجراحي وفترة الرعاية بعد العملية
- عند فشل العلاج الدوائي في إبطاء التساقط أو إعادة نمو الشعر
- المريض الذي يستطيع تحمل التكلفة المالية المرتفعة لعملية زراعة الشعر
- الراغبون في حل دائم وكثافة شعر طبيعية دون الحاجة لاستمرار العلاج الدوائي بشكل يومي
يبدأ الشعر المزروع في التساقط المؤقت خلال 2–3 أسابيع بعد العملية، ثم يبدأ نمو الشعر الجديد عادةً بعد 3–4 أشهر، ويكتمل النمو النهائي خلال 8–12 شهرًا.
هل يمكن الجمع بين الطريقتين؟
في معظم حالات يتم الجمع بين العلاج الدوائي وزراعة الشعروهي تقنية فعالة لتحسين نتائج الزراعة والحفاظ على الشعر الطبيعي، خاصةً في حالات الصلع الوراثي، حيث أنه يمكن الجمع بين الطريقتين قبل الزراعة أو بعد الزراعة
- قبل الزراعة: يتم استخدام العلاج الدوائي كالمينوكسيديل أو الفيناسترايد لتحسين صحة بصيلات الشعر وتقليل التساقط، مما يوفر بيئة أفضل للزرع.
- بعد الزراعة: استمرار العلاج الدوائي لدعم نمو الشعر المزروع.
- المينوكسيديل: يعمل المينوكسيديل على توسيع الأوعية الدموية في فروة الرأس مما يحسن من تدفق الدم إلى بصيلات الشعر المزروع مما يؤدي إلى تعزيز نمو الشعر المزروع وتحفيز البصيلات الجديدة على النمو بشكل أسرع وأقوى.
- الفيناسترايد: يعمل الفيناسترايد على تثبيط إنزيم نزيم 5-ألفا-ريدكتاز، مما يقلل من مستويات هرمون DHT المسؤول عن تساقط الشعر ويكمن دوره في حماية الشعر المزروع والشعر الطبيعي من تأثيرات DHT، مما يُقلل من احتمالية تساقط الشعر المستقبلي.
مقارنة تكلفة بين العلاجات الدوائية وزراعة الشعر في تركيا
يوضح الجدول التالي مقارنة تكلفة بين العلاج الدوائي وزراعة الشعر في تركيا
| الخيار | التكلفة السنوية (دولار أمريكي) | ملاحظات إضافية |
|---|---|---|
| العلاج الدوائي | من 24 إلى 72 دولار أمريكي | يتطلب التزامًا طويل الأمد للحفاظ على النتائج. |
| زراعة الشعر (مرة واحدة) | من 2,000 إلى 4,000 دولار أمريكي | قد تحتاج إلى جلسات متابعة أو علاجات مساعدة للحفاظ على النتائج. |
ختاماً، يعتمد اختيار العلاج الأمثل لتساقط الشعر على شدة المشكلة، العمر، الحالة الصحية، والتوقعات الشخصية. العلاجات الدوائية مثل المينوكسيديل والفيناسترايد مناسبة للحالات الخفيفة إلى المتوسطة وتتطلب التزامًا مستمرًا للحفاظ على النتائج، بينما توفر زراعة الشعر حلاً دائمًا وكثافة طبيعية في حالات الصلع الوراثي المتقدم أو عند فشل العلاج الدوائي. من الضروري دائمًا استشارة طبيب مختص قبل اتخاذ القرار، لضمان اختيار الخيار الأنسب وتحقيق أفضل النتائج الممكنة بطريقة آمنة وفعّالة.
المصادر:
- MedlinePlus. (2024, October 14). Alopecia areata. U.S. National Library of Medicine.
- National Institute of Arthritis and Musculoskeletal and Skin Diseases (NIAMS). (2024, August 28). Alopecia areata–Hair loss symptoms, types, & causes. National Institutes of Health.
