كيفية علاج إدمان الكوكايين بفعالية
بالرغم من أن إدمان الكوكايين يُعد مرضًا مزمنًا، إلا أنه يمكن التغلب على الإدمان ولكن بواسطة خطة مدروسة موضوعة من الطبيب المختص، حيث تشمل مراحل علاج إدمان الكوكايين عدة مستويات تشمل:
- مرحلة التقييم والتشخيص: التي يتم فيها تقييم حالة المدمن من قبل فريق من المختصين، ويشمل تقييم شدّة الإدمان، ووجود أمراض نفسية مرافقة للإدمان (كالاكتئاب والقلق)، وتقييم الحالة الصحيّة العامة للتحري عن الأمراض الجسدية التي قد يكون سببها إدمان الكوكايين.
- مرحلة إزالة السموم: والتي هدفها التخلص من الكوكايين في الجسم وتخفيف أعراض الانسحاب قدر الممكن، ولسوء الحظ لا يوجد دواء معتمد لعلاج انسحاب الكوكايين، ولكن هناك بعض الأدوية التي قد تُستخدم لتخفيف الأعراض، ومن هذه الأدوية:
مودافينيل
يوصف هذا الدواء عادةً لعلاج الخدار واضطرابات النوم المرتبطة به بالكوكايين وقد ثبت أيضاً أنه يقلل بشكل كبير من الرغبة الشديدة في تعاطي الكوكايين مع تحسين الوظيفة الإدراكية لدى أولئك الذين يعانون من الإدمان.
نالترسكون
غالباً ما يوصف هذا الدواء لعلاج إدمان الكحول والأفيون وقد أظهر أيضاً فعاليته في الحد من الرغبة الشديدة في تعاطي الكوكايين وكذلك تحسين الحالة المزاجية لدى أولئك الذين يعانون من الإدمان. يعد عقار نالتريكسون دواءً شائع الاستخدام عند التعافي.
توبيراميت
عادةً يوصف هذا الدواء كمضاد للصرع لكنه يقلل إفراز الدوبامين المفرط الناتج عن الكوكايين، وأظهر نتئج واعدة في تقليل الانتكاسات خاصةً عند مرضى الإدمان الشديد.
دور العلاج النفسي في علاج إدمان الكوكايين
يكون العلاج النفسي هو الركن الأساسي لعلاج إدمان الكوكايين، ويشمل عدة طرق ومراحل أساسية يقررها الطبيب المختص وفريق التقييم، وتشمل العلاج السلوكي المعرفي وبرامج إعادة التأهيل بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والمجتمعي.
العلاج السلوكي المعرفي لإدمان الكوكايين (CBT)
العلاج السلوكي المعرفي هو شكل من أشكال العلاج النفسي الذي يهدف إلى تغيير طريقة التفكير والشعور، وذلك باستخدام استراتيجيات المساعدة الذاتية. هذا النهج فعال بشكل خاص في علاج حالات اضطراب تعاطي المواد والمخدرات.
علاوة على ذلك، يعتمد العلاج السلوكي المعرفي على مبدأ مفاده أن أفكارنا ومشاعرنا وسلوكياتنا مترابطة. يمكن للأفراد تغيير استجاباتهم وسلوكياتهم العاطفية من خلال تحديد ومن ثم إلغاء الأفكار غير العقلانية أو الضارة. تشمل التقنيات الرئيسية ما يلي:
فهم وتعديل السلوك
يساعد العلاج السلوكي المعرفي الأفراد الذين يعانون من إدمان الكوكايين على تقييم سلوكياتهم بشكل نقدي وفهم الدوافع الكامنة وراء إدمانهم. تظهر الأبحاث أن العلاج السلوكي المعرفي يغير بشكل فعال استجابة الدماغ لإشارات المادة الإدمانية مما يقلل من الرغبة الشديدة بالتعاطي.
معالجة السلوكيات الضارة
يهدف العلاج السلوكي المعرفي بشكل مباشر لعلاج السلوكيات التي تؤذي الذات أو تضر بها، والتي غالباً ما يتم تعزيزها بأنماط التفكير الإدمانية. يهدف العلاج إلى كسر هذه الأنماط من خلال تطوير استجابات أكثر صحة للجسم والنفس.
التنظيم العاطفي
لأن الاندفاع الشديد للدوبامين الناتج عن تعاطي الكوكايين يضعف بشكل كبير التفكير العقلاني وينشط التفكير العاطفي.
علاج التشوهات المعرفية
يعمل العلاج السلوكي المعرفي على تصحيح هذه التشوهات الأنماط من خلال إعادة هيكلة أنماط التفكير السلبية. وقد أظهرت الدراسات أن تغيير أنماط التفكير هذه يمكن أن يحسن الوظيفة الإدراكية للدماغ بمرور الوقت، مما يساعد على التعافي.
التركيز على المحفزات الحالية
على عكس بعض أشكال العلاج التي تتعمق في ماضي الفرد، يركز العلاج السلوكي المعرفي على تحديد وإدارة المواقف الحالية التي تؤدي إلى الإدمان. هذا النهج مفيد لتطوير استراتيجيات مواجهة فورية فعالة في منع الانتكاس.
الإدارة المتزامنة للاضطرابات
غالبًا ما يتطلب التعافي الناجح من الإدمان الإدارة المتزامنة لكل من الأمراض النفسية والجسدية. يعالج العلاج السلوكي المعرفي هذه الأمراض في وقت واحد، مما يضمن عدم تقويض مشكلات الصحة العقلية غير المعالجة لعملية التعافي.
إن هذا النهج الشامل في العلاج أمر بالغ الأهمية للتعافي الشامل.
أهمية برامج إعادة التأهيل والدعم المجتمعي في التعافي
إن إدمان الكوكايين ليس مجرد اضطراب جسدي، بل يشمل تغييرات عميقة في الدماغ والسلوك ونمط الحياة، ولذلك فإن برامج إعادة التأهيل والدعم المجتمعي تُعد أساسية للتعافي على المستوى طويل الأمد، وتمثل النقطة الفارقة بين الشفاء الدائم والانتكاس، وتتركز أهمية برامج إعادة التأهيل والدعم المجتمعي:
استعادة الوظائف الدماغية والسلوكية
بما أن الكوكايين يُغير من كيميائية الدماغ، فتهدف إعادة التأهيل إلى إعادة ضبط حساسية المستقبلات العصبية وتعلم مهارات جديدة تهدف إلى احتلال محل السلوك الإدماني.
منع الانتكاس
حيث أن معظم المدمنين يواجهون رغبة شديدة في العودة حتى بعد التوقف، ولذلك تشمل هذه البرامج استراتيجيات مواجهة للانتكاس مثل التأمل وتعلم الرياضات والهوايات.
علاج الاضطرابات النفسية المصاحبة
حيث يعاني معظم مدمني الكوكايين من الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) والاضطرابات الشخصية.
تحسين الصحة العامة
فتشمل الفحوصات الدورية والتغذية السليمة والتمارين الصحية بهدف معالجة الأعراض الجسدية التي سببها إدمان الكوكايين.
إعادة الاندماج الاجتماعي والمهني
فتهدف إلى معالجة أضرار إدمان الكوكايين الاجتماعية، حيث إن معظم مدمني الكوكايين يميلون إلى الانعزال وفقدان العلاقات الاجتماعية وغالبًا يفقدون وظائفهم، فتهدف إلى التدريب المهني وإيجاد فرص عمل جديدة للأشخاص، وإصلاح علاقاتهم الاجتماعية.
الدعم الروحي والنفسي
بناء معنى جديد للحياة يمنح الشخص سببًا آخر للعيش والطموح بعيدًا عن إدمان الكوكايين.
التحديات في علاج إدمان الكوكايين وكيفية التغلب عليها
تتعدد التحديات التي تشكل عقبة في طريق علاج إدمان الكوكايين، فتشمل:
- تحديات جسدية: أعراض انسحابية شديدة، وتلف غير عكوس في القلب والنسيج العصبي.
- تحديات نفسية: الرغبة الشديدة وضعف الإرادة والأمراض النفسية المرافقة.
- تحديات اجتماعية: شعور المدمن بالعار من طلب المساعدة.
ويمكن التغلب على هذه العقبات من خلال عدد من الاستراتيجيات والحلول، كاستخدام الأدوية المخففة للأعراض الانسحابية والمتابعة الدورية للقلب والنسيج العصبي لحل بعض العقبات على المستوى الجسدي، وعلى مستوى التحديات النفسية فيمكن استخدام العلاج السلوكي المعرفي (CBT) لتغيير أنماط التفكير أو استخدام العلاج الجدلي السلوكي (DBT) لعلاج اضطرابات الشخصية، وتدريب الشخص على مهارات لمواجهة الرغبة الشديدة، وفي الجانب الاجتماعي يكون العلاج الأسري مهم جدًا للعلاج، فيهدف إلى إصلاح العلاقات الأسرية وبناء شبكة دعم، بالإضافة إلى إعادة التأهيل المهني لإعادة الاستقلال المادي لدى الفرد.
كيف يمكن التعامل مع أعراض الانسحاب من الكوكايين؟
تُعد أعراض انسحاب الكوكايين من أشد أعراض الانسحاب شدةً من بين باقي المواد الإدمانية، وتتعدد بين القلق والتوتر الذي يصيب الشخص بعد التوقف عن التعاطي بالإضافة إلى الإرهاق المفاجئ والكوابيس والتقلبات المزاجية كالاكتئاب وحدوث تباطؤ في النشاط الحركي (القصور الحركي النفسي) مما يجعل الشخص أقل نشاطًا جسديًا وفكريًا.
لسوء الحظ لا يوجد دواء مخصص لمعالجة أعراض الانسحاب، ولكن يتم استخدام عدد من الأدوية لتخفيف الأعراض قدر المستطاع بالإضافة إلى مجموعة من الممارسات التي تهدف كذلك إلى تخفيف الأعراض:
- يتم تخفيف حالة التوتر والقلق عن طريق الأدوية وبعض النشاطات كالتأمل وممارسة الرياضة يوميًا بالإضافة إلى تجنب المحفزات المسببة للتوتر
- يكون علاج الاكتئاب بواسطة بعض الأدوية أحيانًا مع العلاج النفسي السلوكي المعرفي (CBT) والدعم الاجتماعي
- تدبير حالة الكوابيس يكون بتجنب المنبهات مثل الكافيين قبل النوم، وممارسة بعض الأنشطة التي تساعد على الاسترخاء
- تباطؤ النشاط الحركي والإدراكي يتم علاجه عن طريق التدريبات الذهنية مثل حل الألغاز والقراءة وتجنب العزلة والانخراط في النشاطات الاجتماعية
استراتيجيات الوقاية من الانتكاسة بعد التعافي من الإدمان
إن أكثر ما يثير قلق الشخص بعد التعافي من إدمان الكوكايين هو الانتكاسة والعودة للتعاطي بعد الشفاء الكامل، ولكن ولحسن الحظ يوجد العديد من الاستراتيجيات التي يمكن اتباعها والتي تحقق نتائج إيجابية في الوقاية من الانتكاسة وهي:
- التعرف على المحفزات للتعاطي وتجنبها
- الالتزام بالعلاج والدعم النفسي
- تبنّي نمط حياة صحّي
- مراقبة الذات والمتابعة الدورية
ختاماً، إن العلاج من إدمان الكوكايين ليس مستحيلاً ولكنّه يتطلب إرادة قوية ومتباعة من الطبيب المختص الذي يبني أساس وخطة العلاج للتخلص من إدمان الكوكايين، ويعد مركز بيمارستان الطبي من المراكز التي تتيح إشرافًا ومتابعة دورية وتضع خطط مدروسة للأشخاص الذين يعانون من الإدمان بحيث تساعدهم على علاج إدمانهم والوقاية من الانتكاسة مستقبلاً.
المصادر:
National Institute on Drug Abuse (NIDA)