يعاني 24% من اليافعين من اضطراب الاكتئاب، وتشير الدراسات إلى أن متوسط أول عمر يظهر فيه هذا المرض هو 15 عاماً، ومع ذلك فإن هذه النسبة تختلف من بلد إلى آخر وذلك باختلاف مستوى الثقافة والوعي تجاه هذا المرض. تابع معنا هذا المقال للتعرف أكثر حول هذا المرض.
ما هو مرض الاكتئاب؟
يعد اضطراب نفسي يتسم بالحزن المستمر والاهتمام المفقود أو الفقدان في الأنشطة اليومية. ويعد حالة صحية شائعة تؤثر على جودة حياة الأشخاص المصابين به. يعتقد معظم الناس أن هذا المرض هو مجرد حالة تعاسة مؤقتة تزول خلال يوم أو اثنين. لكن الواقع غير ذلك، إذ أن أعراض القلق والاكتئاب تؤثر في كامل الجسم نفسياً وصحياً وقد تدوم لمدة طويلة قد تصل لأشهر أو أكثر في حال عدم علاجها.
توجد عدة أنواع للاكتئاب يمكن للفرد أن يصاب بها وبالتالي فقد يختلف العلاج من مريض لآخر تبعاً للنوع الذي أصيب به.
أنواع الاكتئاب
هناك العديد من أنواع الاكتئاب النفسي، ومن بينها:
- الاكتئاب الكبير: وهو الشكل الأكثر شيوعًا ويتسم بالحزن المستمر وفقدان الاهتمام والمتعة في الأنشطة اليومية. يستمر لمدة أسبوعين ويعيق الفرد عن قيامه بنشاطاته اليومية.
- الاكتئاب المستمر: أقل حدةً من النمط السابق لكنه يستمر فترة أطول قد تصل حتى عامين.
- اضطراب الاكتئاب الثنائي القطب: يتميز اكتئاب ثنائي القطب بتغيرات مزاجية متطرفة تتراوح بين الحزن العميق والهوس.
- الاكتئاب الموسمي: يحدث في فصل معين من السنة، عادةً في فصلي الخريف والشتاء، ويترافق مع تغيرات في الضوء والطقس ويعزى سببه إلى قصر النهار وقلة التعرض للضوء.
- اضطراب اكتئاب ما حول الولادة: يبدأ لدى بعض النساء مرض اكتئاب أثناء الحمل (قبل الولادة) أو اكتئاب مابعد الولادة ويتسم بالحزن والقلق والإرهاق.
- الاكتئاب المرافق لأعراض الذهان: الذي يترافق مع توهمات وهلوسات سمعية أو بصرية ويسمى أحياناً الاكتئاب الذهاني.
- الاكتئاب المرافق للقلق: يحدث القلق عند 70% من المرضى.
أعراض الاكتئاب
لا تتشابه الأعراض لدى شخصين مصابين بالاكتئاب، فهنالك طيف واسع من الأعراض. وقد يظهر لدى المرضى أي من الأعراض التالية:
- الحزن والشعور بالكآبة والانزعاج الشديد
- فقدان الاهتمام والمتعة في الأنشطة التي كانت ممتعة سابقاً
- اضطرابات في النوم، مثل الأرق أو النوم بشكل زائد
- تغير في الشهية والوزن، سواء زيادة أو فقدان الوزن
- تعب وقلة الطاقة والإحساس بالإرهاق بشكل دائم
- صعوبة في التركيز واتخاذ القرارات
- تراجع القدرات المعرفية وصعوبة التعلم لدى الأطفال
- شعور بالذنب والقلق والتوتر المستمر
- اضطرابات في الجهاز الهضمي، مثل المغص أو الإمساك
- انخفاض في التفاؤل والثقة بالنفس
- ألم أو آلام معممة في الجسم مجهولة المنشأ (خاصة عند السيدات)
- فقدان الشهوة أو الدافع الجنسي (عند الذكور)
- تفكير في الموت أو الانتحار
يجب أن تستشير طبيباً نفسياً إذا كنت تعاني من هذه الأعراض أو بعضها لفترة طويلة لأنها بلا شك تؤثر سلباً على حياتك اليومية. ومع العلاج المناسب فإن التحسن الملحوظ كبير وخلال فترة قصيرة.
أسباب الاكتئاب
وجد العديد من الأسباب المؤدية لحدوث هذا المرض لدى الأشخاص وبعضها قد لا يكون واضحاً لدى المريض، لذلك تجب زيارة الطبيب النفسي المختص عند إصابة المريض بالاكتئاب لفترة طويلة بدون تحسن. من أهم اسباب القلق والاكتئاب ما يلي:
- اضطراب المواد الكيميائية في الدماغ: قد يكون هناك خلل في التوازن الكيميائي في أجزاء الدماغ التي تتحكم في المزاج والأفكار والنوم والشهية والسلوك لدى الأشخاص المصابين بالاكتئاب.
- تغير مستوى الهرمونات في الجسم: وهو من أهم أسباب الاكتئاب عند النساء. وخاصة في فترة الدورة الشهرية أو قبلها، قبل أو بعد الولادة وفي سن انقطاع الطمث (سن اليأس).
- الوراثة: تزداد نسبة الإصابة بالاكتئاب إذا كان أحد أفراد العائلة لديه إصابة سابقة أو حالية بهذا المرض النفسي.
- حوادث الطفولة: تؤدي صدمة حصلت أثناء الطفولة إلى تغيير طريقة تفاعل الشخص مع الأحداث العصيبة وقد يحصل الاكتئاب.
- بنية الدماغ: هناك خطر أكبر للإصابة بالاكتئاب إذا كان الفص الجبهي من دماغك أقل نشاطاً.
- حالات مرضية: قد تؤدي إصابتك ببعض الأمراض أو الحالات الصحية لزيادة نسبة حدوث الاكتئاب لديك. من أهم هذه الأمراض: الأمراض المزمنة، الأرق والألم المزمن، مرض باركنسون، السكتة الدماغية، النوبات القلبية والسرطان.
- الألم: الأشخاص الذين يشعرون بألم جسدي، عاطفي أو مزمن لفترات طويلة هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.
- إدمان المخدرات أو الكحول
عوامل خطر الإصابة بالاكتئاب
تزداد نسبة الإصابة لدى الأشخاص التاليين:
- النساء: تكون نسبة الإصابة عند النساء ضعف نسبة الإصابة عند الرجال. وخاصة أثناء الحمل أو بعد الولادة، ويسمى اكتئاب الحمل.
- الوضع الاجتماعي والاقتصادي: تزيد المشاكل المالية والوضع الاجتماعي السيء من خطر الإصابة بالاكتئاب.
- الأدوية: تزيد بعض الأدوية من فرصة إصابة الشخص بالمرض. ومن أهمها: حبوب منع الحمل، الستيروئيدات القشرية (الكورتيزونات) وحاصرات بيتا (من الأدوية الخافضة للضغط).
- نقص فيتامين د: أثبتت الدراسات الحديثة أن نقص فيتامين D قد يكون من اسباب الاكتئاب أو له علاقة بظهور بعض الأعراض.
تشخيص الاكتئاب
يتم التشخيص عادة عن طريق الأطباء المتخصصين في الصحة العقلية مثل الأطباء النفسيين. وفيما يلي بعض الخطوات التي يمكن أن يتبعها الطبيب النفسي لتشخيص هذا مرض:
- مقابلة الطبيب: يجري الطبيب مقابلة مع المريض لفهم أعراضه وتاريخه الطبي والنفسي. يمكن أن يسأل الطبيب عن الأعراض المادية والعاطفية والسلوكية التي يعاني منها المريض، بالإضافة إلى مدى تأثير هذه الأعراض على حياته اليومية.
- اختبارات تقييم الإصابة بالاكتئاب: قد يُطلب من المريض إكمال استبيانات أو اختبارات للتقييم مثل اختبار اكتئاب بيكر أو اختبار اكتئاب هاميلتون. تُستخدم هذه الاختبارات لتقييم شدة الأعراض وتحديد ما إذا كان المريض يعاني من اكتئاب أو لا.
- استبعاد الأسباب الأخرى للاكتئاب: قد يحتاج الطبيب إلى استبعاد أي أسباب أخرى محتملة للأعراض المشابهة للاكتئاب، مثل الأمراض الجسدية أو الأمراض العقلية الأخرى.
- تشخيص الاكتئاب الثانوي للمرض: قد يكون وجود حالة صحية معينة لدى المريض هي سبب هذا الاضطراب لديه وبعلاجها يتم الشفاء منه. لذلك قد يُطلب من المريض إجراء فحوصات طبية أو تحاليل دم.
- وضع التشخيص النهائي: بناءً على المعلومات التي تم جمعها من المقابلة والاختبارات، يقوم الطبيب بتشخيص المرض وتحديد شدته (خفيف، متوسط، شديد).
يجب على المريض أن يتحدث بصراحة مع الطبيب وأن يشرح بدقة جميع الأعراض التي يعاني منها. كما ينصح بالبحث عن المساعدة الطبية في حالة الشك أو الاشتباه بإصابة شخص بالاكتئاب.
علاج الاكتئاب
يوجد العديد من الطرق لعلاج هذا اضطراب النفسي، يحدد الطبيب المختص علاج كل مريض على حدى حسب حالته وشدتها وقد يلجأ لأكثر من طريقة في نفس الوقت للحصول على الشفاء التام. ويعد استخدام أكثر من طريقة أفضل علاج للاكتئاب.
العلاج الدوائي لمرض الاكتئاب
هناك العديد من الأدوية المستخدمة في العلاج، وتعتمد الادوية المستخدمة على شدة المرض وأعراضه. وفيما يلي بعض الأدوية الشائعة المستخدمة لعلاج الابكتئاب:
- مثبطات عودة التقاط السيروتونين الانتقائية SSRI: وهي أشيع أنواع الأدوية المستخدمة لعلاج الاكتبئاب مع تأثيرات جانبية أقل، حيث يعد أفضل دواء للاكتئاب بدون آثار جانبية ملحوظة. من أهم الأمثلة عنها فلوكستين (Prozac) وسيتالوبرام (Celexa).
- مثبطات عودة التقاط السيروتونين والنور أدرينالين SNRI: مثل فينلافاكسين (Effexor) ودولوكستين (Cymbalta).
- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات TCA: مثل أميتريبتيلين (Elavil) ونورتريبتيلين (Pamelor).
- مثبطات أنزيم مونوأمين أوكسيداز MAOI: مثل فينيلزين (Nardil) وترانيلسيبرومين (Parnate).
يعتبر ما سبق من الأدوية التقليدية المستخدمة كعلاج للاكتئاب والقلق. توجد أيضاً أدوية حديثة تستخدم للعلاج أهمها:
- بوبروبيون (Wellbutrin)
- إسكيتامين (Spravato)
- مابروتيلين (Ludiomil)
من المهم جداً استشارة الطبيب المختص قبل تناول أي أدوية اكتئاب بسبب وجود آثار جانبية لها، إضافةً لتداخلها مع عدة أدوية أخرى قد يكون المريض يتناولها. وإن أهم حالة يجب استشارة الطبيب فيها قبل تناول هذه الأدوي هي الحمل. يمكن للأطباء تقديم النصائح والتوجيهات اللازمة بناءً على حالة المريض وتاريخه الطبي وبالتالي وصف الأدوية المناسبة لحالته.
العلاج النفسي للاكتئاب
يدعى أيضاً العلاج بالكلام، يتم ذلك في العيادة النفسية إذ يجري الطبيب النفسي حواراً مع المريض بهدف تعليمه كيفية التعامل مع الأحداث التي تقع في حياته وتؤثر على مزاجه. يتضمن العلاج النفسي للاكتئاب عدة أساليب وتقنيات، ومنها:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يركز على تغيير الأنماط السلوكية والتفكيرية السلبية التي تؤدي إلى المرض، وتعليم المريض مهارات التعامل مع الأفكار السلبية والمشاعر السلبية.
- العلاج الحواري: يركز على استكشاف الأحداث والتجارب السابقة التي قد تكون أدت إلى حدوث المرض، وتحليلها وتغيير النظرة السلبية لها.
- العلاج المعرفي: يركز على تغيير الأفكار السلبية والمعتقدات الخاطئة التي تؤثر على المزاج والحالة المزاجية.
- العلاج الجماعي: يتضمن المشاركة في جلسات جماعية مع مرضى آخرين يعانون من نفس المشكلة، حيث يتم تبادل الخبرات والدعم المتبادل.
مهم جداً أن يتم استشارة الطبيب المختص لتقييم حالة المريض وتحديد طريقة العلاج الأنسب له.
العلاج الضوئي للاكتئاب
تستخدم طريقة العلاج بالضوء في علاج الاكتئاب الموسمي الذي يحصل في بداية فصل الخريف أو الشتاء من كل عام بسبب قصر النهار وزيادة طول مدة الليل والظلام.
علاج الاكتئاب بالصدمات الكهربائية ECT في تركيا
يعتبر العلاج بالتخليج الكهربائي من أهم وسائل علاج الاضطراب النفسي الجسيم في حال عدم استجابة المريض على العلاج الدوائي والنفسي. وهو أفضل علاج للاكتئاب الشديد.
تبرز أهميته خاصةً عند الحوامل والكهول نظراً لعدم إمكانية تناول مضادات الاكتئاب في حالتهم. إضافةً لأهميته في علاج الحالات المعندة على الدواء.
يعد العلاج بالكهرباء في تركيا طريقة آمنة وفعالة جداً. يقرر الطبيب النفسي من هم الأشخاص الذين يمكن إجراء هذه الطريقة العلاجية لديهم.
يتم تخدير المريض لمدة 5 إلى 10 دقائق أثناء هذا الإجراء، أي أنه لا يحس بأي شيء أثناء العلاج. تثبت مساري كهربائية على رأس المريض ويمرر عبرها تيارات كهربائية صغيرة لمدة بضع ثوان. لن تتشنج ولن تشعر بشيء وسوف تستيقظ بعد 10 دقائق.
يُجري المريض 8 جلسات من العلاج الكهربائي خلال 2 – 3 أسابيع. من الضروري اللجوء إلى هذه الطريقة كعلاج إسعافي في حال وصل المريض لمرحلة التفكير بالانتحار. تواصل معنا لتتعرف على معلومات أكثر عن العلاج بالصدمات الكهربائية في تركيا ECT.
الوقاية من الاكتئاب
بالإضافة إلى العلاج، يمكن اتخاذ بعض الخطوات للوقاية من هذا الاضطراب، وتشمل:
- الحفاظ على نمط حياة صحي: يجب تناول طعام متوازن وصحي، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والحصول على قسط كافٍ من النوم.
- التعامل مع التوتر: ينبغي تعلم تقنيات التحكم بالتوتر مثل التأمل والاسترخاء العميق والتمارين التنفسية.
- التفكير الإيجابي: يجب محاولة تغيير الأفكار السلبية إلى أفكار إيجابية وتشجيع الثقة بالنفس.
- الحفاظ على علاقات اجتماعية: يجب الاحتفاظ باتصالات اجتماعية قوية والاستمتاع بأوقات الراحة مع الأصدقاء والعائلة.
- تجنب المواد المنبهة: ينبغي تجنب استهلاك المواد المنبهة مثل الكافيين والكحول، حيث قد تزيد من مشاعر القلق والتوتر.
- البحث عن مساعدة: يجب أن يطلب المريض المساعدة عند الشعور بالأعراض وعدم التردد في البحث عن العلاج المناسب.
من المهم أن يتذكر المرضى أن الاكتئاب مرض قابل للعلاج وأنه يمكن تحسين حالتهم بالعلاج المناسب والدعم المناسب. يجب على المرضى أن يطلبوا المساعدة الطبية وألا يشعروا بالخجل أو العار.
المصادر: