الربو هو من أشيع الأمراض التنفسية التي يعاني منها الأطفال حول العالم خاصةً تحت عمر الأربع سنوات، فما هي علامات الإصابة بالربو وكيف يتم علاج الربو عند الأطفال؟
يعتبر الربو Asthma حالة التهابية مزمنة تصيب المجاري الهوائية للأطفال، إذ تتظاهر أعراض الربو عند الاطفال على شكل سعال يليه وزيز غالباً (صوت صفير) خاصةً في الليل أو في الصباح الباكر. يمكن علاج الطفل في هذه الحالة بالموسعات القصبية، أما عندما يبدأ مرض الربو في عمر متأخر فغالباً يكون من منشأ عائلي أو تحسسي (يتعلق باستنشاق المحسس مثل غبار الطلع) عندها يكون علاج الربو للأطفال طويل وصعب.
تترافق عادة هذه النوبات مع انسداد منتشر ومتبدل في الطرق الهوائية قابل للتراجع عفوياً أو بعد المعالجة، كما يترافق هذا الالتهاب مع زيادة ارتكاس قصبي للعديد من المنبهات من ضمنها الدخان والجهد والهواء البارد والجاف.
ما هو علاج الربو عند الأطفال؟
تختلف الأعراض بالربو من نوبات خفيفة نادرة الحدوث إلى نوبات شديدة متكررة تستوجب العلاج الفوري الطارئ، لذلك يمكن اعتماداً على التاريخ المرضي للطفل وشدة وتكرار النوبات لديه أن يضع الطبيب خطة لعلاج مريض الربو، تتضمن هذه الخطة وقت وطريقة إعطاء الدواء المناسب للمريض.
تحتوي العديد من أدوية علاج الربو عند الأطفال على الستيروئيدات التي لها تأثيرات جانبية عديدة، أهم أثر جانبي هو المشاكل العظمية التي تؤدي إلى تأخر في النمو، ومن الممكن حدوث الساد العيني وعدم إنتاج الجسم للستيروئيد الطبيعي.
تشمل الطرق المتبعة في علاج الربو عند الأطفال ما يلي:
إبعاد مهيجات الربو عن الطفل
لابد من تجنب مهيجات الربو التي تعد السبب الرئيسي لحدوث نوبة ربو عند الاطفال كالمؤرجات والمخرشات وتبدلات الطقس المفاجئ. يمكننا إجراء اختبارات التحسس الجلدي من أجل معرفة المسبب بدقة وفي حال عدم الكشف عنه يمكن اللجوء للمعالجة المناعية.
يوجد العديد من الأمراض التي تترافق مع الربو وتزيد من شدة نوباته مثل التهاب الأنف والجيوب والقلس المعدي المريئي الذي يشاهد بنسبة كبيرة عند المرضى المصابين بالربو خصوصاً عندما تظهر الأعراض لديهم أثناء تناول الطعام أو الاستلقاء؛ فاستنشاق محتويات المعدة الحامضية يؤدي إلى حدوث التضيق القصبي.
لحسن الحظ لم يتم إثبات وجود أي علاقة بين مرض الربو وزيادة خطر الإصابة بسرطان القصبات حتى الآن؛ لذلك لا يوجد حاجة لإجراء التنظير القصبي من أجل تشخيص مرض الربو عند الأطفال.
أدوية الربو للأطفال
يعد العلاج الاستنشاقي أهم شكل دوائي في أدوية علاج حساسية الصدر وضيق التنفس للأطفال لأنها تتطلب تعاوناً أقل من الطفل، كما أنها تساعد على إيصال الدواء إلى أبعد ما يكون في الشعب الهوائية، وبذلك تقلل من تراكم الدواء على المخاطية الفموية فتقلل من امتصاصه الجهازي ومن تأثيراته الجانبية.
يوجد العديد من الطرق لعلاج الربو عند الأطفال منها ما هو قصير التأثير ومنها ما هو مديد التأثير. تختلف الحاجة للمعالجة طويلة الأمد تبعاً للأعراض السريرية النهارية والليلية والوظائف الرئوية. من الأدوية المستخدمة في علاج الربو عند الأطفال نذكر:
أدوية مقلدات الودي
يوجد نوعين من هذه الأدوية ولكن أهمها هي الأدوية قصيرة التأثير مثل السالبوتامول (بخاخ الربو فنتولين) التي تُستعمل إسعافياً في الهجمة الحادة وفي الوقاية من تشنج القصبات المحرض بالجهد؛ حيث تعمل على إرخاء العضلات الملساء للقصبات من خلال تنبيهها مستقبلات بيتا إضافةً إلى التقليل من نفوذية الأوعية الدموية وبالتالي تقليل الوذمة، كذلك تحسين وظيفة الأهداب في تصفية المخاط.
نلجأ إلى إضافة أدوية أخرى في حال عدم كفاية السالبوتامول في السيطرة على الأعراض، أي في حال استعمال أكثر من علبة في الشهر (حوالي 200 بخة). نذكر أنه يوجد شكل دوائي آخر من السالبوتامول وهو شراب الربو للاطفال الفنتولين.
النوع الثاني من مقلدات الودي هو الأدوية مديدة التأثير مثل السالميترول والفورميترول لا يستطب استخدام هذه الأدوية في الهجمات الحادة أو لوحدها إلا في حال مشاركتها مع الستيروئيدات القشرية عندها يمكن استخدامها في علاج الربو المزمن، كما أنها تعتبر مناسبة لعلاج المصابين بالربو الليلي لأن مدة تأثيرها تصل إلى 12 ساعة على الأقل وعند الذين يحتاجون لاستعمال يومي ومتكرر لمقلدات الودي قصيرة التأثير للوقاية ممن التقبض القصبي المُحدَث بالجهد.
الأدوية الحالة لنظير الودي
كما هو الحال بالنسبة لأدوية مقلدات الودي يوجد أدوية ذات تأثير طويل وقصير، في حال فشل العلاج بمقلدات الودي طويلة التأثير يمكن استخدام حالّات نظير الودي مثل التيوتروبيوم مع الستيروئيدات القشرية استنشاقياً بدلاً منها.
يمكن أيضاً استخدام حالّات نظير الودي قصيرة التأثير مثل إبراتربيوم بروميد مع السالبوتامول في علاج الهجمات الحادة، يستخدم هذا الدواء عادةً في علاج التهابات الشعب الهوائية المزمنة والنفاخ الرئوي.
أدوية الستيروئيدات القشرية
تعتبر هذه الزمرة من الأدوية بمثابة حجر الأساس في علاج ضيق التنفس عند الأطفال في البيت، وإن التأخير في استعمالها يؤدي لتقليل الإستجابة السريرية للعلاج، إلا أن الاستخدام الطويل لها له تأثيرات جانبية أهمها تخلخل العظام وتثبيط النمو عند الطفل، ولتجنب ذلك تعطى هذه الأدوية استنشاقياً باعتباره الشكل الأقل ضرراً من بقية الأشكال الدوائية.
إن هدف استعمال الستيروئيدات القشرية في علاج الربو عند الأطفال يعود إلى قدرتها على تخفيف الوذمة الحاصلة في المجاري الهوائية، منها Fluticasone, Budesonide, Mometasone, Beclometasone, Ciclesonide.
بالنسبة إلى علاج هجمات الربو المعتدلة والشديدة نعطي الستيروئيدات القشرية بشكلها الجهازي (عن طريق الفم أو الوريد) لفترات قصيرة فقط من أجل تسريع تراجع الأعراض والوقاية من عودتها. أما في علاج الربو المزمن فنعطيها بالشكل الاستنشاقي مرة أو مرتين في اليوم حيث نبدأ بجرعات عالية ثم نخففها عند السيطرة على الأعراض فهو يقلل الحاجة إلى العلاج الإسعافي بمقلدات بيتا قصيرة التأثير أو البريدنيزون، لذلك يُعتبر البخاخ الحاوي على الستيروئيدات بمثابة بخاخ الربو الوقائي.
معدلات اللوكوتريين
هي مضادات للوسائط قبل الالتهابية التي تسبب فرط إفراز المخاط وحدوث وذمة مخاطية في الطريق التنفسي وتقبض قصبي.
تعمل مركبات المونتيلوكاست Montelukast (حبوب مضغ لعلاج الربو عند الأطفال) ومضادات مستقبلات اللوكوتريين Leukotriene receptor antagonists على الوقاية من التضيق القصبي المحدث بالجهد أو التالي لتناول الأسبرين والتعرض للمؤرجات وفي تخفيف الحاجة لمقلدات الودي الاستنشاقية. يمكن البدء باستخدامها في علاج الربو عند الأطفال اعتباراً من سن السنتين حيث تساعد بشكل كبير في علاج ضيق التنفس عند الأطفال أثناء النوم.
الكرومولين
هو عبارة عن مضاد التهاب غير ستيروئيدي ومثبت للخلايا البدينة، يستخدم بشكل رئيسي في علاج التحسس عند الاطفال حيث يثبط المرحلة الباكرة والمتأخرة من الربو التحسسي ويمكن أن يثبط تشنج القصبات المحدث بالجهد، لذلك يستخدم بدلاً من السالبوتامول في حال تسبب الأخير بأعراض جانبية كالرجفان والخفقان.
يعطى هذا الدواء بشكل استنشاقي فقط حوالي ثلاث مرات باليوم، لكنه أقل فعالية من الستيروئيدات القشرية ومعدلات اللوكوتريين في علاج الربو عند الأطفال.
الثيوفللين
نادراً ما يستخدم الثيوفللين في علاج الربو عند الأطفال نظراً لخطورته بسبب صغر الفارق بين الجرعة العلاجية والجرعة السامة، كما أنه يحرض القلس (الارتجاع المعدي المريئي) من خلال تأثيره المرخي على مصرة الفؤاد في المعدة عند الرضع.
يتم استخدامه لعلاج الربو عند الأطفال بعد فشل العلاج بمقلدات الودي وفي علاج الحالة الربوية أي في حال الربو الحاد الشديد، كما ويجب الانتباه عند مشاركته مع الزمر الدوائية التي تزيد من مستواه المصلي مثل الماكروليدات والسيميتدين.
طريقة استخدام بخاخ الربو للأطفال
لابد من معرفة كيفية استخدام بخاخ الربو عند الأطفال من أجل الحصول على الفائدة الكاملة من المادة الدوائية الموجودة في البخاخ. يمكن استعمال بخاخ الربو عند الأطفال عبر جهاز خاص يسمى جهاز الاستنشاق محدد الجرعة.
قد تكون الطريقة التقليدية لاستعمال بخاخ علاج الربو عند الأطفال صعبة بالنسبة لمعظم الأطفال، لذلك نضطر إلى استخدام أجهزة ملحقة بالجهاز الاستنشاقي محدد الجرعة من أجل تسهيل هذه العملية، من هذه الأجهزة نذكر:
- التجويف المثبت المزوّد بقناع؛ يجب أن يكون القناع مغطياً للفم والأنف بالكامل، عندها نقوم بإعطاء جرعة الدواء لكن يجب إبقاء القناع على وجه الطفل حوالي 20-30 ثانية حتى يستنشق الطفل الجرعة الكافية من البخاخ (يمكن أن نعطي جرعة أخرى للطفل وذلك يكون حسب حالة الطفل وتوصيات الطبيب المشرف).
- جهاز الرذاذ؛ يستخدم هذا الجهاز بشكل كبير عند الأطفال خاصةً الأقل من 5 سنوات، يقوم هذا الجهاز بتحويل رذاذ الدواء إلى رذاذ رقيق يمكن للطفل أن يستنشقه من خلال قناع الوجه.
- جهاز الاستنشاق بالمسحوق الجاف (بودرة الربو للاطفال)؛ يسمح بحمل الدواء كمسحوق جاف أو بودرة إلى عمق الرئتين على عكس أجهزة الاستنشاق الأخرى، يعد هذا الجهاز خيار مناسب للأطفال الكبار والمراهقين.
علاج الربو للأطفال في المنزل
من أجل علاج الربو بالبيت للأطفال يجب أن يكون هناك خطة واضحة في حال حدوث نوبات الربو في المنزل، بالإضافة إلى إعطاء معلومات وافية للأهل عن الأعراض الباكرة التي من الممكن أن تنبئ بحدوث نوبة الربو (مثل السعال وضيق التنفس والوزيز…) وطريقة التعامل معها باكراً ما أمكن.
عند حصول أزمة الربو عند طفل يجب إعطاء مقلدات الودي سريعة التأثير مثل السالبوتامول الاستنشاقي عبر جهاز الإرذاذ كل 20 دقيقة لمدة ساعة. في حال تحسن الأعراض نقوم بالمباعدة بين الجرعات أما في حال عدم تحسنها نقوم بإعطاء البريدنيزون بجرعة 1-2 ملغ/كغ/اليوم وذلك لمدة 3-10 أيام مع السالبوتامول.
في حال عدم تحسن الأعراض بالرغم من كل الإجراءات السابقة ينصح بمراجعة المشفى فوراً.
يمكن علاج ضيق التنفس عند الرضع في البيت بواسطة الموسعات القصبية الاستنشاقية مثل الألبوتيرول، لكن في حال اشتداد الأعراض وعدم تحسنها لابد من نقل الطفل إلى المشفى حيث يعطى ستيروئيدات قشرية مثل البريدنيزون (عن طريق الوريد أو الفم).
علاج الربو عند الأطفال في المشفى
يجب علاج الربو عند الأطفال في المشفى في حال عدم التحسن على العلاج المطبق في المنزل خلال ساعة أو في حال انخفاض أكسجة الطفل إلى أقل من 92%، حيث يعطى الأكسيجين بشكل مستمر والسالبوتامول بشكل متواتر أو مستمر، بالإضافة إلى الإبراتروبيوم بروميد.
بالنسبة إلى الستيروئيدات لا نكتفي بإعطائها استنشاقياً بل يجب أيضاً تسريبها عبر الطريق الوريدي، لذلك نعطي البريدنيزون 1ملغ/كغ كل 6 ساعات لمدة 48 ساعة وريدياً ثم نخفف الجرعة لتكون 1-2 ملغ/كغ/اليوم بحيث تكون الجرعة القصوى حوالي 60 ملغ/اليوم.
قد يحتاج بعض الأطفال إلى جهاز التنفس الاصطناعي والتنبيب الرغامي في حال عدم الاستجابة إلى العلاج السابق مع استمرار أعراض ضيق التنفس عند الاطفال.
بالنهاية تبقى الوقاية الباكرة عند الأطفال المصابون بضيق التنفس والوزيز المتكرر (صوت الصفير) بواسطة مضادات الالتهاب أو الأدوية الستيروئيدية عامل مهم في علاج الربو عند الأطفال وذلك من أجل منع تطور المرض لديهم باتجاه الربو المزمن.
المصادر: