تُعدّ دوالي الخصية من أكثر أمراض الجهاز التناسلي الذكري شيوعاً، وتُشخّص لدى نحو 15% من الرجال بشكل عام، ترتفع النسبة إلى ما يقارب 35–40% لدى الرجال الذين يعانون من العقم الأولي أو الثانوي. رغم أن الكثير من المصابين قد لا يشعرون بأعراض واضحة في البداية، إلا أن إهمال علاج دوالي الخصية يسبب مع مرور الوقت سلسلة من التغيرات الفسيولوجية المرضية التي تؤثر على الخصوبة والوظيفة الهرمونية والبنية التشريحية للخصية نفسها.
إنّ أضرار ترك دوالي الخصية دون علاج ليست فقط في استمرار توسع الأوردة، بل يقود بشكل تدريجي إلى اضطرابات دموية وحرارية واستقلابية داخل نسيج الخصية، تؤدي إلى تلف دائم في الخلايا المنتجة للنطاف والهرمونات. وفي بعض الحالات، يمكن أن تمتد التأثيرات إلى الناحية المقابلة (الخصية السليمة)، بسبب التغيرات في الضغط الوريدي ونقل الجذور الحرة عبر الدورة الدموية.
ما هي دوالي الخصية؟
دوالي الخصية هي توسع غير طبيعي في الضفيرة المحلاقية داخل الحبل المنوي الذي يصرف الدم من الخصية، ينتج هذا التوسع عادة عن فشل الصمامات الوريدية التي تمنع رجوع الدم، مما يؤدي إلى ارتجاع الدم الوريدي وتراكمه حول الخصية. أشيع مكان لحدوث الدوالي هو الجهة اليسرى (بنسبة تصل إلى 90%) بسبب الخصائص التشريحية، إذ يصب الوريد الخصوي الأيسر في الوريد الكلوي الأيسر بزاوية قائمة مما يزيد الضغط الوريدي مقارنة بالجهة اليمنى. تُصنّف الدوالي حسب شدتها إلى:
- الدرجة الأولى: لا تُرى بالعين وتُكتشف فقط بالفحص أو بالدوبلر.
- الدرجة الثانية: تُلمس بسهولة دون أن تُرى بوضوح.
- الدرجة الثالثة: تكون واضحة وبارزة بشكل ملحوظ عند الوقوف.

أضرار ترك دوالي الخصية دون علاج
تتعدد أضرار ترك دوالي الخصية دون علاج بشكل كبير، وهي:
ارتفاع درجة حرارة الخصية واضطراب بيئتها الحرارية
هي من أهم أضرار ترك دوالي الخصية دون علاج، حيث أن الخصية تحتاج إلى درجة حرارة أقل من حرارة الجسم بحوالي 2–4 درجات مئوية كي تعمل بكفاءة. توسع الأوردة يؤدي إلى ركود الدم وفقدان آلية التبريد الطبيعية التي يحققها تدفق الدم في الضفيرة المحلاقية. حيث يسبب ارتفاع الحرارة المزمن:
- تثبيط انقسام الخلايا المنوية
- اضطراب وظيفة خلايا سيرتولي
- ضعف في نضج الحيوانات المنوية
- تراكم البروتينات غير المطوية بشكل طبيعي داخل الخصية
قد أظهرت الدراسات أن الخصية المصابة تكون أكثر سخونة بمقدار 1.5 إلى 2.5 درجة مئوية من الخصية السليمة.
ضعف إنتاج الحيوانات المنوية وجودتها
إن ضعف إنتاج الحيوانات المنوية وجودتها هو أكثر أضرار ترك دوالي الخصية دون علاج شيوعاً وخطورة، حيث تتأثر عملية تكوين النطاف بعدة آليات:
- نقص الأوكسجين يؤدي إلى تلف الخلايا المنتجة للنطاف
- الضغط الوريدي المرتفع يقلل الجريان الدموي الشرياني الواصل للخصية
- تراكم الجذور الحرة يسبب تلف الحمض النووي في النطاف وتكسر الـ DNA
- اضطراب التنظيم الاستقلابي داخل الخصية يؤدي إلى انخفاض إنتاج البروتينات والهرمونات الداعمة لنضج النطاف
نتيجة ذلك، ينخفض، عدد النطاف الكلي، وحركة النطاف التقدمية بالإضافة لنسبة النطاف السليمة شكلاً، حيث كل ذلك ينعكس على الخصوبة، وقد يصبح التلف غير قابل للعكس في الحالات المزمنة حتى بعد الإصلاح الجراحي

ضمور الخصية
الضمور هو أحد أخطر أضرار ترك دوالي الخصية دون علاج المتقدمة. تُظهر الخلايا الخصوية تحت المجهر في هذه الحالات:
- فقدان الخلايا الجرثومية
- تنكس في الأنابيب المنوية
- ترقق الغلاف الخارجي للخصية
- تضخم خلايا سيرتولي غير الوظيفية
يلاحظ المريض سريرياً، تقلص تدريجي في حجم الخصية المصابة، والذي قد يصل إلى نصف الحجم الطبيعي في الحالات المهملة. هذا الضرر غالباً دائم وغير عكوس إذا لم يُعالج بشكل مبكر.
العقم الذكري
دوالي الخصية هي أشيع أسباب العقم عند الرجال القابلة للعلاج. حيث تشير الدراسات إلى أن ما يصل إلى 40% من حالات العقم الأولي و80% من حالات العقم الثانوي تكون مرتبطة بالدوالي. الآليات التي تقود إلى العقم تشمل:
- اضطراب إنتاج النطاف
- زيادة نسبة النطاف ذات الغشاء البلازمي غير المستقر
- تلف الحمض النووي مما يسبب فشل الانغراس بعد الإخصاب
- اضطراب في بروتينات رأس النطفة الضرورية لاختراق البويضة
حتى تقنيات الإخصاب المساعد (أطفال الأنابيب والحقن المجهري) قد تُظهر نسب نجاح أقل في حالات الدوالي المهملة مقارنة بالمرضى الذين خضعوا لإصلاحها.
انخفاض هرمون التستوستيرون واضطراب الغدد الصماء
تعد من أضرار ترك دوالي الخصية دون علاج المهمة، حيث تُصيب دوالي الخصية خلايا ليديغ المسؤولة عن إفراز هرمون التستوستيرون، نتيجة نقص الأوكسجين وتراكم السموم الاستقلابية، ينتج عن ذلك انخفاض تدريجي في مستويات التستوستيرون في الدم، وقد يؤدي إلى:
- ضعف الرغبة الجنسية
- اضطراب الانتصاب
- الشعور بالإرهاق العام
- تقلبات مزاجية واكتئاب
- فقدان الكتلة العضلية وزيادة الدهون الحشوية
أظهرت بعض الأبحاث أن إصلاح دوالي الخصية بشكل جراحي يمكن أن يرفع التستوستيرون بنسبة تتراوح بين 20–40% بعد عدة أشهر من العملية، مما يثبت العلاقة المباشرة بين تركها واضطراب التوازن الهرموني.
الألم المزمن في كيس الصفن
يظهر الألم عادة كإحساس بالثقل أو الشد في أسفل البطن أو كيس الصفن ويزداد عند الوقوف الطويل أو بذل الجهد. يؤدي توسع الأوردة وزيادة الضغط الوريدي مع مرور الوقت إلى توسع أكبر في جدران الأوردة والتهابها المزمن، مما يجعل الألم مستمر حتى في الراحة، وقد يرافقه:
- شعور بحرارة في المنطقة
- تورم أو عدم ارتياح أثناء الجلوس
- انتشار الألم أحياناً إلى الفخذ أو أسفل الظهر
تأثيرها على الخصية المقابلة (غير المصابة)
رغم أن الدوالي تكون عادة في جهة واحدة، إلا أن الدراسات أظهرت أن تغيرات الأكسدة ونقص الأوكسجين قد تمتد عبر الدورة الوريدية لتؤثر أيضاً على الخصية السليمة. وقد تم تسجيل حالات ضمور ثنائي أو ضعف الحيوانات المنوية من الجهتين رغم وجود الدوالي في جهة واحدة فقط.
الاضطرابات المناعية ضد النطاف
تسرب خلايا النطاف أو بروتيناتها إلى مجرى الدم نتيجة تلف الحاجز الدموي-الخصوي يؤدي إلى تكوّن أجسام مضادة ضد النطاف، هذه الأجسام تعيق حركة النطاف وتمنع التصاقها بالبويضة مما يقلل فرص الإخصاب حتى في حال وجود عدد طبيعي من النطاف.
التغيرات الميكروسكوبية في البنية النسيجية
تشير دراسات المجهر الإلكتروني إلى:
- اضطراب تنظيم الأنابيب المنوية
- تليف بيني خفيف داخل نسيج الخصية
- تنكس الميتوكوندريا داخل خلايا النطاف
- توسع الشبكة الإندوبلازمية الخشنة في خلايا سيرتولي
هذه التغيرات تدل على ضرر مزمن ناتج عن الإجهاد التأكسدي المستمر.
التأثيرات النفسية والاجتماعية
الآثار النفسية لا تقل أهمية عن الآثار العضوية وهي من أهم أضرار ترك دوالي الخصية دون علاج، وتشمل:
- تدني الثقة بالنفس
- الاكتئاب في الحالات المزمنة
- القلق المستمر بشأن القدرة على الإنجاب
- اضطرابات في العلاقة الزوجية بسبب الألم أو ضعف الرغبة الجنسية
تطور الحالة إلى درجات متقدمة وصعوبة العلاج
تتفاقم أضرار ترك دوالي الخصية دون علاج بمرور السنوات من درجة بسيطة إلى شديدة، ويصبح الوريد أكثر تمدداً وتلفاً. تشمل أضرار ترك دوالي الخصية دون علاج في المراحل المتقدمة:
- يزداد خطر تكرار الدوالي بعد الجراحة
- ترتفع نسبة حدوث المضاعفات بعد العملية
- تنخفض فرص عودة الخصوبة حتى بعد الإصلاح
مضاعفات نادرة مذكورة في بعض الدراسات
بعض الدراسات تحدثت عن أضرار ترك دوالي الخصية دون علاج، ولكن النادرة منها، مثل:
- تشكل خثرات وريدية صغيرة في الأوردة المحلاقية
- تكلس أوردة الحبل المنوي نتيجة الركود الدموي المزمن
- زيادة خطر الفشل الكلوي الوريدي الأيسر في حال وجود متلازمة نَت كراكر
- إمكانية زيادة الحساسية تجاه الحرارة حتى في الخصية السليمة، ما يؤدي لضعف الخصوبة العام
- تأثير محتمل على إنتاج الهرمونات المنوية الأخرى مثل الإينهيبين B وال FSH بسبب اضطراب وظيفة خلايا سيرتولي
رغم أن هذه المضاعفات غير شائعة، إلا أنها تعتبر من أضرار ترك دوالي الخصية دون علاج.
ترك دوالي الخصية دون علاج يمثل خطر كبير على الخصوبة والصحة العامة للخصية. يمكن أن يؤدي الإهمال المزمن إلى تلف دائم في النطاف أو ضمور الخصية أو اضطرابات هرمونية وألم مزمن، إضافةً إلى تأثيرات نفسية واجتماعية واضحة. لذلك، يُوصى بمراجعة اختصاصي المسالك البولية والتناسلية عند ملاحظة أي انتفاخ أو ألم في كيس الصفن، وإجراء التشخيص المبكر والعلاج المناسب سواء بالجراحة الميكروسكوبية أو الانصمام الوريدي، لضمان أفضل النتائج والحفاظ على وظيفة الخصية والخصوبة المستقبلية.
المصادر:
- Azuravascularcare. (n.d.). If I don’t get varicocele treatment? Azura Vascular Care. Retrieved October 23, 2025,
- Varicocele Doctor. (n.d.). Risks of untreated varicocele on fertility. Varicocele Doctor. Retrieved October 23, 2025
