يُعد الكبد أحد أهم الأعضاء في الجسم، حيث يلعب دوراً حيوياً في تنقية الدم من السموم وهضم الدهون وتخزين العناصر الغذائية الأساسية، مع ذلك فقد يتعرض الكبد للتسمم نتيجة التعرض للمواد السامة مما يؤدي إلى اضطراب وظائفه وتلف خلاياه. تظهر أعراض تسمم الكبد بالمراحل الأخيرة من الأمراض الكبدية وتتراوح بين الخفيفة إلى الشديدة.
يبلغ معدل الإصابة بالتهاب الكبد السام حوالي 8 لكل 10000 شخص حول العالم، وتظهر أعراض تسمم الكبد بشكل خاص عند النساء. سنسلط الضوء في هذا المقال على أهم أعراض تسمم الكبد وأسبابه المحتملة وطرق التعامل معه للحفاظ على صحة هذا العضو الحيوي.
ما هو تسمم الكبد؟
عندما يتعرض الجسم لمواد يمكن أن تضر بالكبد فقد يصاب الكبد بالتهاب الكبد السام والمعروف أيضاً باسم تسمم الكبد، وهو تورم في النسيج الكبدي نتيجة ملامستها للسموم حيث يمكن أن تسبب هذه الحالة تلفاً دائماً للكبد بمرور الوقت. تشمل أنواع التهاب الكبد السام:
التهاب الكبد السام الحاد
يتطور هذا النوع بشكل مفاجئ وصاعق، أي أن أعراض تسمم الكبد تظهر فوراً أو بعد فترة وجيزة من التعرض لمادة سامة.
التهاب الكبد السام المزمن
يستغرق هذا النوع وقتاً أطول حتى يتطور، وقد لا تظهر أي من أعراض تسمم الكبد لأسابيع أو أشهر بعد التعرض لمادة سامة.
يمكن تصنيف تسمم الكبد وفقاً للسبب الذي أدى لتراكم المواد السامة:
تسمم الكبد الناجم عن المواد الكيميائية
يصاب الكبد بهذا النوع عند تعرضه للمواد الكيميائية خلال تناولها أو استنشاقها أو لمسها.
تسمم الكبد الدوائي
يصاب الكبد بهذا النوع بسبب تناول الكثير من بعض الأدوية مثل الأسيتامينوفين والأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية.
تسمم الكبد الناجم عن الكحول
يحدث هذا النوع بسبب تعاطي الكحول لفترة طويلة وخاصةً إذا ترافقت مع استخدام المخدرات.

علامات وأعراض تسمم الكبد
قد لا تسبب الأشكال الخفيفة من التهاب الكبد السام أي أعراض وقد يتم اكتشافها فقط من خلال فحوصات الدم. عندما تظهر علامات وأعراض التهاب الكبد السام فقد تشمل:
- اصفرار الجلد والعين (اليرقان)
- ألم في البطن في الجزء العلوي الأيمن
- وجود سائل الحبن في البطن
- التعب والحمى
- فقدان الشهية
- غثيان وإقياء
- الحكة
- تغيرات في البول، إذ يصبح لون البول داكن
- طفح جلدي بشكل نقاط أرجوانية صغيرة
- فقدان الوزن
يجب الاتصال بالإسعاف مباشرةً عند تناول جرعة سمية من الأدوية خاصةً لدى الأطفال.

طرق تشخيص تسمم الكبد
يعد تشخيص تسمم الكبد خطوة حاسمة في تحديد نوع التسمم ومدى تأثيره على وظائف الكبد، مما يساعد في اتخاذ التدابير العلاجية المناسبة. من بعض طرق التشخيص:
- اختبارات وظائف الكبد
- اختبار نسبة الكحول في الدم (BAC)
- اختبارات كشف تعاطي المخدرات
- تساعد اختبارات الدم والبول في تحديد مستوى الكحول أو المخدرات في الدم
- اختبارات التصوير مثل التصوير المقطعي المحوسب أو التصوير بالرنين المغناطيسي
- خزعة الكبد
علاج تسمم الكبد
يعتمد علاج تسمم الكبد بشكل رئيسي على مدى الضرر الذي لحق بالكبد. قد يوصي الطبيب بعد تقييم حالة المريض بعدد من الإجراءات لتقليل تأثير التسمم وتجنب تفاقم المشكلة. يجب أولاً التوقف عن تناول الأدوية أو المكملات الغذائية التي قد تكون سببت التسمم، كما يُنصح بالتوقف عن شرب الكحول والابتعاد عن المواد الكيميائية.
في العديد من الحالات يمكن الحد من أعراض تسمم الكبد وعلاجه، حيث يتمكن الكبد من تجديد خلاياه التالفة بمرور الوقت مما يساعد في التعافي. لكن في الحالات المتقدمة مثل تليف الكبد قد يتطلب الأمر زراعة الكبد. إن وقت التعافي من تسمم الكبد يختلف بناءً على شدة الضرر، ففي حال كان التسمم خفيفاً إلى متوسط يمكن للكبد أن يشفى في غضون أسابيع إلى أشهر.
أما للوقاية من تسمم الكبد فمن المهم تجنب التعرض للمواد الكيميائية الضارة وعدم استخدام المخدرات والحد من شرب الكحول، كما يجب الحرص على اتباع التعليمات الصحيحة عند تناول الأدوية وتجنب الجرعات الزائدة. في حالات معينة، قد يحتاج المرضى إلى علاج داعم مثل السوائل الوريدية والأدوية لتخفيف أعراض تسمم الكبد، وفي حالة التسمم الزائد بالأدوية مثل الأسيتامينوفين، يمكن استخدام علاج خاص لتقليل تلف الكبد.
طرق تنظيف الكبد من السموم بشكل طبيعي
الحفاظ على صحة الكبد يتطلب أسلوب حياة صحي يساعده على التخلص من السموم المتراكمة. هناك العديد من الطرق الطبيعية التي يمكن اتباعها لدعم وظائف الكبد وتعزيز قدرته على التخلص من السموم بشكل أكثر كفاءة، ومن هذه الطرق نذكر:
شرب الماء بانتظام
الماء هو المفتاح الأول لتنقية الكبد من السموم، فهو يساعد في تحريك الفضلات وطردها من الجسم، ولكن ليس أي ماء سيؤدي الغرض، فمن الأفضل شرب الماء المفلتر بدرجة حرارة الغرفة على فترات منتظمة. يُنصح بتناول الماء عند الاستيقاظ وبين الوجبات وتجنب شرب كميات كبيرة قبل النوم مباشرة، كما أن إضافة القليل من الملح الطبيعي أو الكركم إلى الماء قد يعزز من فعاليته في إزالة السموم.
التعرق
التعرق الناتج عن ممارسة الرياضة هو وسيلة فعالة لطرد السموم من الجسم. لذلك من المهم الالتزام بروتين رياضي منتظم سواءً كان من خلال المشي السريع أو ممارسة اليوغا أو التمارين الرياضية أو حتى جلسات الساونا التي تساعد في تطهير الجسم وتعزيز وظائف الكبد.
تجنب الأطعمة الضارة
تناول الأطعمة المصنعة والمشبعة بالزيوت المكررة والسكريات يرهق الكبد ويحد من قدرته على أداء وظائفه بشكل صحيح. لهذا السبب، من الضروري استبدال هذه الأطعمة بالخيارات الصحية مثل الفواكه والخضروات الطازجة والحبوب الكاملة مما يساعد في تعزيز صحة الكبد ودعمه في التخلص من السموم.
شوربات الخضروات الطازجة
لمن يجدون صعوبة في تناول الخضروات النيئة يومياً، يمكنهم تحضير شوربات خضروات متنوعة تحتوي على مكونات مثل الجزر والسبانخ والشمندر والخيار. هذه العصائر ليست فقط سهلة الهضم بل تساعد أيضاً في تقليل مستوى الأحماض في الجسم وتحقيق توازن صحي يعزز وظائف الكبد.
تناول أطعمة غنية بالبوتاسيوم
البوتاسيوم عنصر أساسي لصحة الكبد حيث يساعد في تقليل الضغط على الكبد وتحسين الدورة الدموية. من الأطعمة الغنية بالبوتاسيوم البطاطا الحلوة والسبانخ والطماطم والموز والفاصوليا، حيث يُنصح بإضافتها إلى النظام الغذائي بانتظام لدعم صحة الكبد.

مكملات طبيعية لدعم الكبد
إلى جانب العادات الصحية، يمكن استخدام بعض المكملات الطبيعية مثل الشمندر والكركم لتعزيز عملية تنظيف الكبد. كما تتوفر بعض المكملات الدوائية التي تساعد في دعم صحة الكبد، لكن يُفضل استشارة الطبيب قبل تناولها لضمان استخدامها بطريقة صحيحة.
اتباع هذه الخطوات الطبيعية بانتظام يساعد في الحفاظ على صحة الكبد وتحسين أدائه، مما ينعكس إيجاباً على الصحة العامة للجسم.
تسمم الكبد حالة خطيرة قد تؤثر بشكل كبير على صحة الجسم إذا لم يتم اكتشافها ومعالجتها في الوقت المناسب، لذلك فإن الانتباه إلى العلامات المبكرة واتخاذ الإجراءات اللازمة سواءً من خلال تغيير نمط الحياة أو طلب الرعاية الطبية هو أمر ضروري للحفاظ على صحة الكبد.
تبقى الوقاية دائماً هي الخيار الأفضل وذلك عبر تجنب التعرض للسموم واتباع نظام غذائي صحي والحفاظ على نمط حياة متوازن يدعم وظائف الكبد الطبيعية.
المصادر: