يُعدّ مرض السل العظمي حالة نادرة نسبيًا من حالات السل خارج الرئة، إلا أن أهميته السريرية تظل كبيرة نظرًا للمضاعفات الخطيرة التي قد تترتب على تأخر التشخيص والعلاج. يتمثل التحدي الأكبر في أن أعراضه غالبًا ما تكون خفية في المراحل المبكرة، مما يجعل الكشف المبكر أمرًا حاسمًا للحد من الضرر الدائم. يُعرف السل العظمي بأنه إصابة العظام بعدوى المتفطرة السلية، وهي البكتيريا نفسها المسؤولة عن السل الرئوي. وعُرف هذا المرض تاريخيًا باسم “داء بوت”، خاصةً عندما يصيب العمود الفقري. وعلى الرغم من انخفاض معدل الإصابة به مقارنةً بالسل الرئوي، إلا أن سل العظام لا يزال يمثل تحديًا تشخيصيًا وعلاجيًا لمقدمي الرعاية الصحية حول العالم.
مرض السل العظمي هو مرض مُعدٍ وخطير بطبيعته، إلا أنه يمكن الوقاية منه وعلاجه بنجاح عند التشخيص المبكر واتباع بروتوكولات علاجية مناسبة. وتُعد استشارة أخصائيي الأمراض الصدرية والتخصصات الطبية ذات الصلة خطوة ضرورية لضمان التشخيص الدقيق ووضع خطة علاجية فعّالة، خاصةً عند ظهور أعراض مثل تشوهات العظام أو أعراض عصبية ناجمة عن الضغط على الأعصاب.
ما هو مرض السل في العظام؟
داء السل هو مرض بكتيري شديد العدوى تسببه المتفطرة السلية (Mycobacterium tuberculosis)، ويُعدّ واحداً من أبرز أسباب الوفاة على مستوى العالم، محتلاً مكانة ضمن قائمة العشرة أمراض الأكثر تسببًا بالوفاة. عادةً ما يصيب السل الرئتين، إلا أنه قد ينتشر عبر الجهازين الدوري واللمفاوي ليصيب أعضاء أخرى كالكلى، الجهاز الهضمي، الدماغ، الجلد، والهيكل العظمي.
يُعرف الشكل العظمي من هذا المرض باسم “السل العظمي” أو “الدرن العظمي” (Bone Tuberculosis)، ويُعدّ أحد أشكال السل خارج الرئوي (Extrapulmonary Tuberculosis – EPTB). يتميز هذا النوع بأنه مرض مزمن يؤثر بشكل رئيسي على العظام والمفاصل، مسببًا تشكّل بؤر درنية فيها، إلى جانب تورم الأنسجة الرخوة المحيطة وآلام شديدة مستمرة.
رغم أن السل العظمي يُعدّ نادرًا نسبيًا، إلا أن خطورته السريرية تكمن في صعوبة اكتشافه المبكر واحتمالية إحداثه لتلف دائم في العظام والمفاصل. يُعتبر العمود الفقري أكثر مواضع الإصابة شيوعًا؛ ومع ذلك، فإن العدوى قد تصيب أي عظم في الجسم بما في ذلك العظام الطويلة والمفاصل. وتُعدّ الفقرات الصدرية والقطنية أكثر المواقع تعرضًا للعدوى، مما قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تشمل تشوه العمود الفقري والضغط على الأعصاب الشوكية.
تصنيفات مرض السل العظمي وأنواعه
يندرج مرض السل العظمي تحت طيف واسع من الإصابات حسب موضع العدوى في الهيكل العظمي. حيث يعتبر السل العظمي أحد أشيع أشكال السل خارج الرئة. تظهر أنماط مختلفة من المرض تبعًا للعضو المصاب، مع تفاوت في الأعراض وخطورة المضاعفات السريرية.إذ أنَه قد يصيب العمود الفقري، المفاصل (كالوررك والركبة)، والأطراف العلوية. ومن هذه الأنماط:
- سل العمود الفقري (داء بوت – Pott’s Disease): يُعدّ الشكل الأكثر شيوعًا من السل العظمي، إذ يمثل حوالي نصف حالات السل الهيكلي العضلي. تبدأ العدوى عادةً في الجزء الأمامي من جسم الفقرة، ثم تنتشر إلى الفقرات المجاورة والأقراص الفقرية البينية، ما قد يؤدي إلى تدمير العظام، تشوه العمود الفقري (كالحداب)، وضغط النخاع الشوكي.
- التهاب المفاصل الدرني: يُعتبر النوع الثاني من حيث الشيوع بين إصابات السل العظمية. يمكن أن يصيب أي مفصل، إلا أن المفاصل الكبيرة مثل الورك والركبة تُعد الأكثر تعرضًا للإصابة. يبدأ المرض عادةً كالتهاب زليلي يترافق مع انصباب مفصلي، ثم يتطور تدريجيًا مسببًا تدمير الغضاريف والعظام.
- التهاب العظم والنقي الدرني خارج العمود الفقري: تحدث هذه الحالة عندما تصيب العدوى العظام غير الفقرية، مثل العظام الطويلة (كعظم الفخذ وعظم الساق) والعظام المسطحة (كالقص والحوض). غالبًا ما تبدأ العدوى في المشاش (نهاية العظم)، مؤدية إلى تدمير عظمي، تكوّن خراجات باردة، وأحيانًا ظهور أنقاض عظمية.
- أشكال أخرى أقل شيوعًا كالتهاب الأوتار الزليلي، التهاب الأجربة، والتهاب العضلات الدرني.
أسباب مرض السل في العظام
يُعدّ مرض السل العظمي من الحالات النادرة نسبيًا، إلا أن انتشاره شهد ارتفاعًا ملحوظًا في العقود الأخيرة، لا سيما في الدول النامية مع تفشي فيروس نقص المناعة البشرية (HIV/AIDS). ينجم المرض عن إصابة الإنسان ببكتيريا المتفطرة السلية التي تنتقل عبر الهواء من شخص مصاب بالسل الرئوي. بعد العدوى الأولية، تنتشر العصيات السلية عبر مجرى الدم إلى العظام والمفاصل، مفضلةً المناطق الغنية بالتروية الدموية مثل الفقرات والعظام الطويلة، مما يؤدي إلى تشكل بؤر درنية كامنة قد تبقى خاملة لفترة طويلة قبل أن تنشط.
ورغم أن سل العظام لا ينتقل مباشرة عبر الهواء مثل السل الرئوي، إلا أن التماس المستمر مع السوائل المعدية كالقيح قد يسمح بدخول البكتيريا إلى مجرى الدم. تتفاقم احتمالية الإصابة مع وجود عوامل مؤهبة، مثل ضعف الجهاز المناعي الناجم عن الإيدز، سوء التغذية ونقص فيتامين د، الأمراض الخبيثة في الرأس والعنق، العلاجات المثبطة للمناعة، أو حالات طبية مزمنة كالفشل الكلوي المتقدم والسكري. كما يُعد الأطفال دون سن السادسة عشرة وكبار السن أكثر عرضة للعدوى نتيجة هشاشة جهازهم المناعي. كذلك فإن غياب التحصين بلقاح العصية السلية (BCG) والاستعداد الوراثي يلعبان دورًا إضافيًا في زيادة قابلية الإصابة. ولأن العدوى غالبًا ما تتطور بشكل خفي وتدريجي، فإن التشخيص المبكر والعلاج الفوري يمثلان ضرورة قصوى لتجنب المضاعفات الشديدة التي قد تصيب الجهاز العظمي.
أعراض مرض السل في العظام
يُعدّ مرض السل العظمي من الأمراض التي قد تمرّ دون أعراض واضحة في مراحلها المبكرة، خاصةً إذا كان السل في حالة كامنة داخل الرئتين وانتشر لاحقًا إلى العظام دون أن يشعر المريض بوجود عدوى. غالبًا ما تتطور الأعراض تدريجيًا على مدى شهور أو حتى سنوات، مما يجعل التشخيص المبكر تحديًا كبيرًا. في البداية، قد يعاني المريض من أعراض خفيفة وغير نوعية، مثل الشعور بتعب عام، حمى خفيفة، تعرق ليلي وفقدان غير مفسر للوزن، وهي أعراض مشتركة مع أنواع السل الأخرى.
مع تقدم المرض ووصول العدوى إلى العظام والمفاصل، تبدأ الأعراض الموضعية بالظهور، وأبرزها الألم المزمن والمستمر في العظم أو المفصل المصاب، والذي يتفاقم مع مرور الوقت. يُعدّ ألم الظهر الشديد أحد العلامات المبكرة لسل العمود الفقري، فيما قد يظهر ألم في العظام الرسغية مسببًا متلازمة النفق الرسغي. كما يظهر تورم واضح في الأنسجة الرخوة فوق العظم المصاب، مصحوبًا أحيانًا بتكوّن خراجات. مع استمرار العدوى، يعاني المرضى من تيبّس المفاصل، انخفاض في نطاق الحركة، حساسية مفرطة عند اللمس، وأحيانًا إحساس بالدفء فوق المنطقة المصابة نتيجة الالتهاب الموضعي.
وفي حال عدم التدخل العلاجي في الوقت المناسب، تتطور مضاعفات خطيرة تهدد حياة المريض ووظائفه الحيوية. من أبرز هذه المضاعفات: حدوث تشوهات في العظام، خاصةً في العمود الفقري مثل الحدب (تقوس الظهر)، والشلل النصفي نتيجة انضغاط الحبل الشوكي أو متلازمة ذيل الفرس، بالإضافة إلى تقصير الأطراف عند الأطفال بسبب تأثر مراكز النمو العظمية. قد يصاب المرضى أيضًا بضمور عضلي، فقدان في الكتلة العضلية، وتضخم في العقد اللمفاوية المجاورة. كما قد يتسبب المرض في التهابات ثانوية مثل التهاب السحايا المرتبط بالسل، وتمدد الأوعية الدموية السلية، وهي من المضاعفات النادرة والخطيرة.
تشخيص تدرّن العظام
يُعدّ تشخيص داء السل العظمي عملية معقدة تتطلب تضافر الجهود الطبية بين الفحص السريري، الدراسات التصويرية، التحاليل المخبرية، والفحوصات النسيجية، نظرًا لطبيعة المرض الخفية وتدرجه البطيء. يبدأ التشخيص عادةً بالتقييم السريري الشامل، حيث يأخذ الطبيب تاريخًا طبيًا دقيقًا يبحث فيه عن أعراض مستمرة كآلام المفاصل، التورم، التيبّس، وتضخم الأنسجة الرخوة، مع التأكد من وجود سوابق للتعرض لمرض السل أو إصابة سابقة به أو أي عوامل خطر كامنة.
بعد الفحص السريري، يُلجأ إلى الدراسات التصويرية بوصفها خطوة محورية في التشخيص. تعتبر الأشعة السينية الوسيلة الأولية للكشف عن تغيرات العظام مثل التآكل أو التشوهات، إلا أن التصوير المقطعي المحوسب (CT) يقدم تفاصيل أدق حول تدمير العظم والبنية المفصلية، بينما يُعد التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) الأكثر حساسية في اكتشاف التغيرات المبكرة في كل من العظم والأنسجة الرخوة المحيطة، مما يساعد في تقييم مدى انتشار المرض.

تُستكمل إجراءات التشخيص بالفحوصات المخبرية، وتشمل اختبار السل الجلدي (اختبار مانتو)، الذي يتم عبر حقن كمية صغيرة من التوبركولين تحت الجلد ومراقبة الاستجابة الالتهابية بعد 48 إلى 72 ساعة، إضافة إلى اختبارات إطلاق إنترفيرون غاما (IGRAs) التي تعتبر أكثر تخصصًا في تحديد وجود عدوى السل عبر قياس الاستجابة المناعية. كما تُجرى تحاليل دموية عامة مثل تعداد الدم الكامل (CBC)، معدل ترسيب كريات الدم الحمراء (ESR)، والبروتين التفاعلي C (CRP) للكشف عن مؤشرات الالتهاب والعدوى النشطة.
تلعب الاختبارات الميكروبيولوجية دورًا حاسمًا، حيث يتم زراعة عينات الدم أو البلغم أو سوائل الجسم المختلفة (مثل السائل الجنبي أو السائل الزليلي أو السائل الدماغي الشوكي) للبحث عن العصيات السلية. تُعتبر زراعة الجراثيم الممرضة من العينات المأخوذة “المعيار الذهبي” لتأكيد التشخيص. في حال الحاجة إلى تأكيد إضافي، يمكن اللجوء إلى تقنية تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) للكشف عن الحمض النووي للبكتيريا بدقة عالية حتى في الكميات الصغيرة. أما في الحالات المشكوك فيها أو المعقدة، فقد تُجرى خزعة للعظم أو المفصل المصاب، ويتم تحليل العينة نسيجيًا وميكروبيولوجيًا للكشف المباشر عن وجود بكتيريا السل وتحديد طبيعة التغيرات النسيجية الناجمة عن العدوى.
يُختتم التشخيص بتحليل سوائل الجسم في حال وجود تجمعات غير طبيعية مثل الانصبابات الجنبية أو الزليلية، مما يوفر مؤشرات إضافية على انتشار العدوى. بصورة عامة، يتطلب تشخيص داء السل العظمي اتباع منهج متعدد التخصصات يشمل الأطباء، أخصائيي الأشعة، وعلماء المختبرات، لضمان دقة التشخيص والبدء المبكر بالعلاج، مما يحول دون تطور المضاعفات الخطيرة ويُحسن من مآل المرضى بشكل ملموس.
علاج مرض السل في العظام
يعتمد علاج مرض السل العظمي بشكل رئيسي على استخدام الأدوية المضادة للسل لفترة طويلة قد تمتد من 6 إلى 18 شهراً، وأحيانًا قد تكون هناك حاجة للتدخل الجراحي في الحالات الشديدة. يتضمن العلاج:
العلاج الدوائي
تتراوح مدة العلاج عادة بين 6 إلى 18 شهراً. في الحالات المعقدة أو عندما تكون الإصابة في مناطق صعبة الوصول (كالعمود الفقري)، قد يُمدد العلاج حتى 24 شهراً لضمان القضاء الكامل على العدوى. تشمل الأدوية المستخدمة الأكثر شيوعاً في علاج سل العظام:
- أيزونيازيد (INH): قد يؤدي إلى سمية كبدية خطيرة تظهر من خلال الغثيان، القيء، آلام البطن، اليرقان، والبول الداكن، كما قد يسبب التهاب الأعصاب الطرفية الذي يظهر على شكل وخز أو خدر في الأطراف، لذا يُنصح بإعطاء فيتامين ب6 للوقاية. نادرًا ما يسبب الأيزونيازيد أعراضًا نفسية مثل تقلب المزاج أو الذهان.
- ريفامبيسين (RIF): فهو كذلك قد يؤدي إلى تلف الكبد، بالإضافة إلى كونه محفزًا لإنزيمات الكبد مما قد يقلل من فعالية أدوية أخرى مثل موانع الحمل ومضادات الفيروسات. قد تظهر أيضًا تفاعلات تحسسية على شكل طفح جلدي أو حمى.
- بيرازيناميد (PZA): قد يسبب بدوره سمية كبدية بدرجة أقل، واضطرابات في الجهاز الهضمي مثل الغثيان وفقدان الشهية، بالإضافة إلى آلام المفاصل بسبب ارتفاع حمض اليوريك.
- إيثامبوتول (EMB): يرتبط بحدوث تسمم عصبي بصري قد يؤدي إلى تغيرات في الرؤية والتمييز بين الألوان، مع احتمالية حدوث طفح جلدي.
يُعتبر العلاج الدوائي لمرض السل فعالًا ولكنه قد يتسبب في عدد من المضاعفات التي يجب الانتباه لها. إدارة الآثار الجانبية تعتمد على شدة الأعراض؛ ففي الحالات الخفيفة يمكن تعديل طريقة تناول الدواء، بينما قد تستدعي الحالات الشديدة إيقاف الدواء واستشارة أخصائي. المراقبة الدورية لوظائف الكبد والكلى والقدرة البصرية ضرورية لضمان أمان العلاج. وأخيرًا، من المهم جدًا تثقيف المرضى حول الآثار الجانبية المتوقعة وأهمية الإبلاغ عن أي أعراض جديدة، مع توضيح أن بعض التأثيرات مثل تغير لون سوائل الجسم مع الريفامبيسين أمر طبيعي وغير مقلق. وبشكل عام، فإن المراقبة الدقيقة والاستجابة السريعة لأي مضاعفات تساهمان في تحقيق نتائج علاجية ناجحة.
مراقبة الفعالية والاستجابة:
- متابعة انخفاض معدل ترسيب كريات الدم الحمراء (ESR) في التحاليل.
- ملاحظة تحسن الحالة السريرية للمريض من حيث الألم والحركة.
- إجراء فحوصات تصويرية مثل الأشعة السينية أو الرنين المغناطيسي (MRI) لمراقبة تصلب أو شفاء البؤر السلية.
علاج الحالات المقاومة أو المعقدة:
- استخدام أدوية الصف الثاني مثل الأمينوغليكوزيدات (ستريبتومايسين، أميكاسين)، على الرغم من أنها قد تسبب فقدان السمع أو طنينًا في الأذنين بالإضافة إلى إمكانية تلف الكلى.
- الفلوروكينولونات مثل ليفوفلوكساسين وموكسيفلوكساسين. قد تسبب هذه الأدوية اضطرابات في الجهاز الهضمي ومشاكل في الأوتار.
- كابرومايسين، وهو مضاد حيوي قد يؤدي إلى تأثيرات جانبية مشابهة للأمينوغليكوزيدات،.
- قد تضاف الستيرويدات القشرية إلى العلاج لتخفيف الالتهاب حول النخاع الشوكي أو داخل الأغشية القلبية.
التدخل الجراحي
يصبح التدخل الجراحي ضرورياً في حالات معينة من مرض السل العظمي، مثل وجود خراجات كبيرة، أو حدوث ضغط على الأعصاب، أو عدم استقرار العمود الفقري، أو في حال حدوث تدمير شديد للمفاصل. كذلك، يتم اللجوء للجراحة عندما يفشل العلاج الدوائي في تحسين الحالة أو السيطرة على الألم بشكل كافٍ.
تشمل أنواع العمليات الجراحية التي يتم استخدامها لاستعادة وظيفة العظام وتخفيف الأعراض، عملية استئصال الصفيحة الفقرية (Laminectomy)، والتي تهدف إلى إزالة جزء من العظم لتخفيف الضغط عن الحبل الشوكي. كما قد يتم اللجوء إلى عملية إيثاق المفاصل (Arthrodesis) التي تتضمن دمج عظام المفصل المصاب بشكل دائم لتحسين استقرار المفصل وتقليل الألم. ومن الإجراءات الأخرى ترقيع العظام (Bone Grafting)، حيث تُستخدم أجزاء عظمية مأخوذة من مناطق أخرى في الجسم لترميم الضرر الناتج عن العدوى. في بعض الحالات، يتم أيضاً استخدام التثبيت الداخلي (Internal Fixation) عبر صفائح وبراغي معدنية لدعم العظام المصابة وتثبيتها أثناء عملية الشفاء.
الرعاية الداعمة
تلعب الراحة دوراً مهماً خلال المراحل الحادة من المرض لتخفيف الضغط على العظام المصابة. ومع استقرار الحالة، يُنصح بالبدء بالعلاج الطبيعي تدريجياً لاستعادة الحركة الطبيعية ومنع التيبس. أما الدعم الغذائي، فهو عنصر أساسي في تعزيز الشفاء، حيث يُوصى بتناول وجبات غنية بالبروتينات والفيتامينات لدعم جهاز المناعة. كما ينبغي الحرص على تناول أطعمة تحتوي على فيتامين د والكالسيوم لتعزيز قوة العظام.
تتطلب الرعاية المستمرة أيضاً مراقبة طبية دقيقة تشمل اختبارات دم منتظمة لمتابعة وظائف الكبد، خاصة بسبب الآثار الجانبية لبعض أدوية السل. بالإضافة إلى ذلك، تُجرى فحوصات دورية للتأكد من فعالية العلاج ومنع حدوث انتكاسات.
الوقاية من مرض السل العظمي
نظراً لأن مرض السل العظمي ينتج عن عدوى بكتيرية مزمنة قد تنتقل من شخص لآخر، فإن الوقاية تظل حجر الأساس في الحد من انتشاره، خاصة بين الفئات المعرضة للخطر. يُعد لقاح BCG (Bacillus Calmette-Guérin) من أهم وسائل الحماية، حيث يُعطى عادةً للأطفال حديثي الولادة في الدول التي يكون فيها انتشار المرض مرتفعاً. يوفر هذا اللقاح حماية جيدة ضد الأشكال الخطيرة للسل، لا سيما السل السحائي والعظمي لدى الأطفال، رغم أن فاعليته تقل قليلاً عند البالغين.
إلى جانب التطعيم، تعتبر السلوكيات الوقائية ضرورية للحد من انتقال العدوى. يُنصح بتجنب الأماكن المزدحمة ضعيفة التهوية، خاصة في حال وجود حالات نشطة من السل، مع ارتداء الكمامات الطبية عند الضرورة. ومن الضروري الالتزام بالعادات الصحية اليومية مثل غسل اليدين المنتظم، وتغطية الفم والأنف أثناء العطس أو السعال. كما أن التوقف عن التدخين وتقليل استهلاك الكحول يساعدان على تعزيز قدرة الجسم المناعية ومقاومته للعدوى.
يلعب الكشف المبكر والمتابعة المستمرة دوراً محورياً في الوقاية، عبر إجراء الفحوصات الدورية للأشخاص المعرضين للخطر، وعلاج العدوى الكامنة قبل تطورها إلى مرض نشط. علاوةً على ذلك، فإن الالتزام الكامل بجرعات العلاج وتعليمات الأطباء يساهم في تحقيق الشفاء التام ويمنع ظهور سلالات مقاومة للأدوية.
في ختام هذا المقال، يجدر الإشارة إلى أن مشفى بيماريستان في تركيا يعتبر من المراكز الطبية الرائدة في تشخيص وعلاج حالات السل العظمي. بفضل طاقمه الطبي المتخصص وخبرته الواسعة، يقدم المشفى أحدث بروتوكولات العلاج الدوائي والجراحي، إلى جانب برامج إعادة التأهيل والدعم الغذائي للمرضى. كما يتميز المشفى بتقديم خدمات متابعة دقيقة وفحوصات دورية لضمان استجابة المرضى للعلاج ومنع المضاعفات. هذا النهج الشامل يجعل من بيماريستان وجهة مثالية للمرضى الباحثين عن رعاية طبية متقدمة وشاملة لعلاج مرض السل العظمي.
المصادر التي استُعين بها في كتابة المقال:
- Bones and Joints Tuberculosis. Haider Abdul-Lateef Mousa MB ChB, MSc
- Tuberculosis of the spine. A FRESH LOOK AT AN OLD DISEASE. From the University College of Medical Sciences, Delhi, India
- Spinal Tuberculosis: Diagnosis and Management. Mohammad R. Rasouli, Maryam Mirkoohi, Alexander R. Vaccaro, Kourosh Karimi Yarandi, Vafa Rahimi-Movaghar
- Spinal tuberculosis: A review. Ravindra Kumar Garg, Dilip Singh Somvanshi