يعد مرض الفقار اللاصق أو ما يعرف بالتهاب الفقار اللاصق مرض مزمن يصيب العمود الفقري، ويؤثر على نوعية حياة المريض من خلال الألم المستمر، وتقييد الحركة، وعلى الرغم من ارتباطه بعوامل وراثية، يظل تشخيصه تحدياً.
يصيب مرض الفقار اللاصق حوالي 0.1% إلى 1% من سكان العالم، مما يشكل تحدياً عالمياً من أحل علاجه، وتحسين الأعراض والتقليل من المضاعفات المرتبطة به، مما يجعل التعامل معه أمراً بالغاً في الأهمية.
ماهو مرض الفقار اللاصق؟
يعتبر التهاب الفقار المقسط أو التهاب الفقرات التصلبي أو التهاب الفقار اللاصق Ankylosing Spondylitis مرض التهابي مزمن، وشكل من أشكال التهاب المفاصل الذي يؤثر بشكل أساسي على العمود الفقري، حيث تلتصق الأربطة والأوتار بعظام العمود الفقري وحتى عظام المفاصل الطرفية، وبعد عدة سنوات؛ نتيجة العملية الالتهابية يتشكل عظم جديد في العمود الفقري مؤدي لاندماج العظام، عندها يتصلب العمود وتقل مرونته وفي حالات متقدمة تسبب تشوهاً فيه.
غالباً ما يتطور التهاب الفقار اللاصق أسفل الظهر عند ارتباط العمود الفقري والمفصلين الحرقفيين، وربما يصيب أجزاء أخرى من العمود مسبباً مشاكل مثل تحدب الظهر الشديد.
أنواع مرض الفقار اللاصق
صنف بعض الخبراء مرض الفقار اللاصق ankylosing spondylitis تبعاً لتوضع الإصابة والموجودات الشعاعية على النحو التالي:
- التهاب الفقار اللاصق المحوري: يتوضع الالتهاب في الهيكل العظمي المِحوري(العمود الفقري)، ويمتاز بنتائج شعاعية نموذجية للمفصل عجزي الحرقفي.
- التهاب الفقار اللاصق الغير شعاعي: يتشابه سريرياً مع نوع التهاب الفقار المحوَري، ولكن بدون موجودات شعاعية على الأشعة السينية للمفصل العجزي الحرقفي في العمود الفقري.
- التهاب الفقار اللاصق المحيطي: حيث يتوضع الالتهاب في المفاصل المحيطية للجسم ويعف عن العمود الفقري.
عوامل خطر مرض الفقار اللاصق
يمكن لأي شخص أن يصاب بمرض الفقار اللاصق، ومع ذلك قد تزيد بعض العوامل من خطر الإصابة به ومنه هذه العوامل:
- العمر: على عكس التهابات المفاصل والأمراض الروماتيزم الأخرى، يبدأ المرض عادة بالظهور تدريجياً بين سن 20 وحتى 40 وممكن ظهور الأعراض في سن أبكر.
- التاريخ العائلي والوراثة: التهاب الفقار اللاصق أكثر شيوعاً بين أقارب الدرجة الأولى عند المريض.
- وجود أمراض معينة: مثل التهاب القولون التقرحي، مرض كرون و الصدفية يزيد خطر الإصابة.
- الجنس: يُصيب التهاب الفقار اللاصق الرجال ثلاثة أضعاف النساء عادة.
- العرق: لوحظ زيادة انتشار المرض عند العرق الأسود.
أسباب التهاب الفقار اللاصق
لم يُعرف سبب التهاب الفقار اللاصق والعملية الالتهابية المزمنة فيه حتى الآن، ومع ذلك وجد الباحثون وجود جين أساسي عند أغلب المرضى وهو HLA-B27، ومع ذلك كثير من الناس يمتلكون هذا الجين وغير مصابين بالتهاب الفقار اللاصق، مما يرجح دور العوامل البيئية مثل العدوى البكتيرية في إحداثه أيضاً.
أعراض التهاب الفقار اللاصق
تختلف أعراض مرض الفقار اللاصق اختلافاً شديداً من شخص لآخر، حيث يعاني بعض الأشخاص من نوبات خفيفة من الألم تأتي وتختفي، والبعض الآخر من ألم شديد مزمن، وتتفاقم أعراض مرض الفقار اللاصق سواء كانت خفيفة أم شديدة عند حدوث هجمة التهابية وتتحسن خلال فترة الركود، ومن السمات المميزة كذلك تحسن الألم عند الحركة وممارسة الرياضة، ويزداد الألم حدة عند الجلوس وفي الفترة الصباحية،ونظراً لأن المرض يمكن أن يؤثر على مناطق مختلفة من الجسم غير العمود الفقري، فقد تظهر أعراض متنوعة عند المريض، مثل:
- ألم وتيبس في عدد من المفاصل الأخرى في الجسم مثل ألم وتيبس الرقبة، الكتف، الورك، الركب و الأقدام
- صعوبة في التنفس العميق في حال تأثر مفاصل الأضلاع
- تغيرات في الرؤية وألم في العين بسبب التهاب القزحية
- فقدان الشهية وفقدان الوزن
- ألم في البطن وإسهال
- هشاشة العظام
- طفح جلدي
- التعب الشديد
تشخيص مرض الفقار اللاصق
غالباً ما يستغرق الأمر سنوات حتى يتم تشخيص مرض الفقار اللاصق بشكل صحيح، نتيجة التطور التدريجي للمرض وظهور الأعراض ببطء مع الاشتباه بحالات مرضية أُخرى، ومع ذلك فالتشخيص المبكر أمر بالغ الأهمية للحصول على العلاج المناسب ومنع تفاقم الحالة الصحية وحدوث التشوهات العظمي.
بدايةً يأخذ الطبيب القصة المرضية بالاستفسار عن الأعراض والتاريخ الصحي والعائلي عند المريض، ومن ثم يقوم بإجراء الفحص البدني الذي يشمل فحص مفاصل الجسم ومراقبة الحركة والمرونة بإجراء بعض الاختبارات البسيطة، والتأكد من التنفس العميق للتحقق من تيبس الأضلاع والتهابها، ويطلب الدكتور للمساعدة في تأكيد تشخيص التهاب الفقار اللاصق فحوصات مخبربة وشعاعية:
- التحاليل الدموية: حالياً لايوجد اختبار واحد يشخص التهاب الفقار اللاصق، ولكن يمكن طلب فحص الدم للكشف عن الجين HLA-B27 الموجود عند غالبية المصابين.
- التصوير الشعاعي:
- الأشعة السينية X-ray: التي تساعد في رؤية التغيرات العمود الفقري والمفاصل المحيطية ولكن في مراحل متقدمة نوعاً ما من المرض، تستخدم لمراقبة تطور المرض واستبعاد الأسباب الأخرى لألم المفاصل وليس في التشخيص المبكر.
- التصوير بالرنين المغناطيسي MRI: وهو الأكثر حساسية، يستخدم في تشخيص التهاب الفقار اللاصق في مراحله الأولى، حيث يكشف التهاب المفاصل قبل حدوث تغيرات كبيرة في العظم
مضاعفات مرض الفقار اللاصق
لكون التهاب الفقار اللاصق ankylosing spondylitis مرض مناعي جهازي؛ فإن تأثيره يتعدى العمود الفقري ليصيب أماكن متعددة من الجسم، وفي حال التأخر في علاج التهاب الفقار اللاصق لمدة طويلة يمكن أن تظهر المضاعفات التالية:
- مشاكل قلبية مثل التهاب الشريان الأبهري، واضظراب نظم القلب واعتلال العضلة القلبية
- متلاذمة ذيل الفرس عند إصابة العمود الفقري القطني
- التهاب القزحية، وحساسية الضوء
- تحدب العمود الفقري
- اندماج الفقرات
- هشاشة العظام
- التهاب عظم الفك
علاج مرض الفقار اللاصق
لا يوجد علاج لالتهاب الفقار اللاصق شاف له، فهو مرض مزمن تستمر أعراضه بالظهور مدى الحياة على شكل نوبي أو مستمر، إنّما الهدف من علاج مرض الفقار اللاصق تخفيف الألم الحاصل والسيطرة على التهاب المفاصل مع الحفاظ على نطاق حركتها ومنع تطور المضاعفات.
علاج التهاب الفقار اللاصق بالأدوية
تتنوع الأدوية المستخدمة في علاج مرض الفقار اللاصق، وتشمل:
- مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية NSAIDs: بما في ذلك النابروكسين والإيبوبروفين التي تعمل على تخفيف الألم والالتهاب.
- الأدوية المضادة للروماتيزم المعدلة للمرض DMARDs: والتي تتضمن السلفالازين (أزولفدين) والميتوتريكسات، توصف هذه الفئة من الأدوية لتقليل الألم وتورم المفاصل.
- العلاج البيولوجي لالتهاب الفقار اللاصق: تساعد الأدوية الحديثة المعدلة وراثياً على علاج الآفات الناتجة عن التهاب الأمعاء عن طريق إحداث تغيير في جهاز المناعة، والتي تشمل مستحضرات دوائية مثل مثبطات الانترولوكين IL-17، ومثبطات الكيناز جانوسJAK، ومثبطات عامل النخر الورمي TNF.
وتمت الموافقة على خمسة مثبطات لعامل النخر الورمي من قبل هيئة إدارة الغذاء والدواء FDA، وتضم:
- أداليموماب
- سيرتوليزوماب
- إيتانرسبت
- إنفلكسيماب
- غوليمواب
علاج التهاب الفقار اللاصق عن طريق الحقن
حيث تحقن الستيروئيدات القشرية من قبل الطبيب وبتوجيه الأمواج فوق الصوتية حول المفاصل لتخفيف التهاب المفاصل وتسكين الألم بشكل مؤقت.
العلاج الفيزيائي والتمارين الرياضية
يمكن أن يساعد العلاج الطبيعي و الالتزام بالتمارين في علاج التهاب الفقار اللاصق والوقاية من تحدد حركة العمود الفقري وتيبس المفاصل، حيث يشرف المعالج الفيزيائي على المريض بتصميم برنامج مخصص يساعد الشخص في الحفاظ على حركية الفقرات والمفاصل وضمن وضعية جيدة، كما يجب أن يتضمن برنامج التمرين المثالي العناصر الأربعة التالية:
- تمارين الرياضة الهوائية: التي ترفع من معدل نبضات القلب وتحسن الدورة الدموية في الجسم ووظائف الرئة، مثل السباحة والمشي.
- تمرينات التوازن: لتحسين الاستقرار والتقليل من مخاطر السقوط وحدوث الكسور.
- تمارين التمدد: لزيادة المرونة ومنع تصلب العضلات، وتقلل من خطر الاندماج.
- تمرين العضلات: لتقوية عضلات الظهر مما يدعم العمود الفقري.
علاج التهاب الفقار اللاصق بالجراحة
على الرغم من أن معظم المصابين بالتهاب الفقار اللاصق يمكن علاجهم دون جراحة، فقد يكون الخيار الجراحي ضروري في حالات معينة، حيث يختار الجراح نوع الإجراء الذي يحتاجه المريض اعتماداً على أعراض المرض والعمر والصحة العامة له، ومن ضمن الخيارات الجراحية:
- استئصال الصفيحة الفقرية: في حال انضغاط الأعصاب أو النخاع الشوكي والشعور بألم أو تنميل أو وخز، تساعد هذه العملية على تخفيف الضغظ الحاصل بإزالة القوس الخلفي من الفقرات
- قطع العظم: وذلك في حالات تحدب الظهر الشديدة التي تعرقل حياة المريض بشكل كبير، تقطع العظام ويعاد تشكيلها لتحسين الوضع والحركة، وهي عملية نادرة في حالات علاج مرض الفقار اللاصق.
- تثبيت العمود الفقري والاندماج: الأشخاص المصابون بالتهاب الفقار اللاصق لديهم مخاطر أعلى لحدوث الكسور في العمود الفقري والتي غالباَ ما تكون غير مستقرة، ويتوجب على الجراح إصلاحها جراحيا لكونها تشكل تهديداً على النخاع الشوكي.
التعايش مع مرض الفقار اللاصق
ليس من السهل التعايش مع التهاب الفقار القسطي وآلامه المزمنة خاصة في حال تركه من غير علاج، ويحتاج المصاب بمرور الوقت وتطور مرض التهاب الفقار إتخاذ خطوات يمكنه تطبيقها لتقليل التأثيرات المحدثة بسببه، وهذه بعضها:
- تناول حمية صحية متكاملة: وذلك بتضمين الخضار والفواكه والحبوب الكاملة والبروتينات، والحد من الكحول والسكر والدهون المشبعة، مما يساعد في السيطرة على الالتهاب والحفاظ على وزن صحي وهو أمر أساسي للتحكم في مرض الفقار اللاصق.
- استخدام الأجهزة المساعدة: كالعكازات وأجهزة تقويم العظام في حال كان المشي يسبب ألماً في المفاصل وصعوبة في الحركة.
- الاهتمام بالصحة العقلية والنفسية: قد يزيد التوتر والضغط النفسي لدى المريض نتيجة النوبات غير المتوقعة أوالألم المزمن.
- الإقلاع عن التدخين: حيث يحد من فعالية العلاج ويفاقم الأعراض سوءاً.
في الختام، يعد التهاب الفقار اللاصق من الأمراض المناعية الذاتية المزمنة، التي يصعب علاجها، ولكن عند اختيار المركز العلاجي المناسب، يمكن تقليل الكثير من المضاعفات والمخاطر الصحية، وتحسين نوعية الحياة.
المصادر:
- NationNational Institute of Arthritis and Musculoskeletal and Skin Diseases. (2023, May 1). Ankylosing spondylitis. Retrieved September 4, 2025al Institute of Health
- VersusVersus Arthritis. (n.d.). Ankylosing spondylitis. Retrieved September 4, 2025 Arthritis