إدمان الكبتاجون يحدث عندما يعتمد الشخص نفسياً وجسدياً على تعاطي هذه المادة، فلا يستطيع التوقف عن استخدامها رغم إدراكه بأضرارها. يبدأ التعاطي عادة بدافع التجربة أو زيادة النشاط والتركيز، ثم يتطور تدريجياً إلى الاعتماد الكامل. وتشير تقارير الأمم المتحدة ومراكز مكافحة المخدرات إلى أن الكبتاغون أصبح واحداً من أكثر المواد تعاطياً في الشرق الأوسط.
في بعض الدول، يُقدّر أن حوالي 20% إلى 30% من المدمنين على المخدرات يتعاطون الكبتاجون بشكل أساسي. أما بين فئة الشباب (من 18 إلى 30 سنة) تصل نسبة تعاطي الكبتاجون أحياناً إلى نحو 25% من إجمالي متعاطي المخدرات، وهي مؤشرات خطيرة تدل على تصاعد مقلق في انتشار الكبتاجون وإدمانه خصوصًا بين الشباب.
ما هو الكبتاجون؟
الكبتاجون هو الاسم التجاري للمنشط الصناعي العصبي الفينيثايلين (Fenethylline)، وقد تم تطويره لأول مرة في ألمانيا عام 1961 كعلاج لحالات اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) والسمنة والخدار لتحسين التركيز وتقليل النشاط الزائد، والاكتئاب للمرضى الذين لم يستجيبوا لمضادات الاكتئاب التقليدية. عند تناول الكبتاجون يقوم الجسم بتحليل مركبات الفينيثايلين إلى مادتين هما الأمفيتامين، والذي يزيد من إطلاق بعض النواقل العصبية المهمة مثل الدوبامين والنور أدرينالين، فيؤدي إلى الشعور باليقظة والنشاط والحيوية، ويوفر شعوراً بالرفاهية والثقة. والثيوفيلين الذي يساعد في تحسين التنفس وتحفيز القلب فيدعم النشاط البدني. بالتالي كان الكبتاجون مصمماً ليجمع بين تأثير تحفيز العقل وتنشيط الجسم.
رغم الفوائد العلاجية التي ظهرت مبدئياً تبين مع مرور الوقت أن الكبتاجون يؤدي إلى إدمان شديد مع الاستخدام المتكرر، وتأثيرات جانبية خطيرة على القلب والأوعية الدموية والجهاز العصبي واضطرابات هضمية أيضاً. بسبب أضراره الكبيرة تم حظر الاتجار بالكبتاجون وإدراجه كمواد خاضعة للرقابة في الولايات المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، والذي جعل التجارة فيه غير قانونية في معظم البلدان بموجب اتفاقيات مكافحة المخدرات، فتأثيرات الكبتاجون أصبحت مهددة للأمن العالمي والاستقرار الإقليمي.
الكبتاجون الذي ينتشر حالياً بالأسواق ليس المنتج الدوائي الأصلي، بل هو عبارة عن أقراص مصنعة بشكل غير قانوني تحتوي على خليط من الأمفيتامين ومركبات كيميائية رديئة، أو مواد خطيرة مثل الكافيين الزائد، أو المهلوسات، أو حتى مواد سامة. هذه الأقراص قد تشبه الكبتاجون الأصلي لكنها تختلف تماماً من حيث التركيب والتأثير ما يجعلها أخطر بكثير من المكون الأصلي.

كيف يؤثر الكبتاجون على الدماغ والجهاز العصبي؟
عندما يدخل الكبتاجون إلى الجسم يتحلل إلى مادتين رئيسيتين: الأمفيتامين والثيوفيلين. هذه المواد تعمل على تحفيز الجهاز العصبي المركزي بشكل مفرط. التأثير الرئيسي يحدث على مستوى النواقل العصبية، وهي المواد الكيميائية التي تنقل الإشارات بين خلايا الدماغ (العصبونات). الكبتاجون يرفع مستويات:
- الدوبامين: المسؤول عن الشعور بالمتعة والسعادة.
- النورأدرينالين: الذي يحفّز حالة “الاستعداد واليقظة”.
- السيروتونين (بدرجة أقل): الذي ينظم المزاج.
ارتفاع هذه المواد بشكل غير طبيعي يؤدي إلى زيادة مفرطة في النشاط الذهني والحركي، وتحسن مؤقت في المزاج وزيادة الشعور بالثقة والطاقة. لكن هذه الحالة الاصطناعية لا تدوم طويلًا، ومع تكرار التعاطي، يحدث خلل عميق في نظام الدماغ الطبيعي.
مع الاستخدام المستمر للكبتاجون يبدأ الدماغ بالاعتماد على وجود مستويات عالية غير طبيعية من النواقل العصبية، والتي تؤدي إلى استنزاف الدوبامين والنورأدرينالين، فيصبح المدمن في حالة من الاكتئاب الشديد والخمول بمجرد زوال تأثير المخدر. وتلف في الخلايا العصبية، بسبب التحفيز الزائد تتخرب مستقبلات النواقل العصبية، مسببةً فقدان دائم للقدرة على الشعور بالسعادة الطبيعية، وضعف التركيز والذاكرة، وتدهور القدرات العقلية والإدراكية. تترافق هذه الأعراض مع ظهور اضطرابات نفسية خطيرة، كالهلوسة السمعية والبصرية، وجنون الارتياب (البارانويا)، والسلوك العدواني والعنيف دون مبرر. في بعض الحالات، تتطور الأعراض إلى ذهان دائم يشبه الفصام.
الكبتاغون لا يؤثر فقط على الدماغ بل على الأعصاب الطرفية أيضاً، فهو يسبب زيادة في نشاط الجهاز العصبي الذاتي (السمبثاوي)، فينتج عن ذلك ارتفاع شديد في ضغط الدم، وتسارع في ضربات القلب، وتشنج العضلات ورجفان الأطراف، وارتفاع حرارة الجسم مما يؤدي أحياناً إلى نوبات تشنج أو انهيار عصبي. الكبتاغون يغيّر كيمياء الدماغ بشكل قسري ما يؤدي مع الوقت إلى أضرار عميقة قد تكون دائمة في التفكير والمشاعر والسلوك وحتى الوظائف الحيوية للجسم.

الفرق بين إدمان الكبتاجون والاستخدام الترفيهي
يختلف الاستخدام الترفيهي للكبتاجون عن الإدمان من حيث النية والتأثير ودرجة الاعتماد النفسي والجسدي. فالاستخدام الترفيهي يشير إلى تعاطي الكبتاجون بشكل متقطع أو محدود بهدف تحقيق شعور مؤقت بالنشاط أو السعادة أو زيادة التركيز، وغالباً ما يحدث ذلك في مناسبات معينة أو تحت تأثير ضغط اجتماعي، في هذه المرحلة قد يعتقد الشخص أنه يستطيع التحكم باستخدامه دون تبعات خطيرة، أما الإدمان على الكبتاغون، فهو حالة مرضية تتطور مع الاستخدام المتكرر، بحيث يصبح الجسم والعقل معتمدين كلياً على المادة.
يشعر المدمن بحاجة قهرية لتعاطي الكبتاغون بانتظام رغم علمه بالأضرار الصحية والنفسية، ويعاني من أعراض انسحابية شديدة في حال التوقف مثل الاكتئاب الحاد والقلق والهلاوس. بينما قد يمر المستخدم الترفيهي بفترات بدون تعاطٍ دون تأثير كبير، فإن المدمن يفقد قدرته على التوقف ويبدأ الكبتاجون بالتحكم الكامل في سلوكه وحياته اليومية ما يؤدي إلى تدهور صحي ونفسي واجتماعي خطير.
أسباب انتشار الكبتاجون في الخليج والعراق
انتشر الكبتاجون في دول الخليج والعراق نتيجة تداخل عدة عوامل معقدة. فقد أدت الفوضى السياسية والنزاعات المسلحة خصوصاً بعد عام 2011 إلى ضعف الرقابة الحدودية وظهور شبكات تهريب منظمة تستخدم الكبتاجون كمصدر تمويل. كما ساهمت الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب في دفع البعض لتعاطيه أو الاتجار به. سهولة تصنيع الكبتاجون من مواد أولية زهيدة، وإمكانية تهريبه عبر منافذ برية وبحرية زادت من انتشاره بشكل ملحوظ.
إضافة إلى ذلك، قلة الوعي المجتمعي بمخاطره وانتشار مفاهيم خاطئة مثل اعتباره “منشطاً غير ضار” شجعت الكثيرين على تعاطيه. يستخدم الكبتاجون مهنياً بين بعض الفئات كالعمال وسائقي الشاحنات لتحمل ساعات العمل الطويلة دون إدراك العواقب الصحية الخطيرة. هذا إلى جانب الترويج المنظم الذي يستهدف فئات معينة بإظهار الكبتاجون كوسيلة لتحسين الأداء أو المزاج مما جعل انتشاره أوسع وأخطر في المنطقة.

الأعراض الجسدية والنفسية لإدمان الكبتاجون
يؤدي إدمان الكبتاجون إلى مشاكل وأعراض كثيرة ومتعددة مؤثرةً على النفس والجسد أهمها:
الأعراض الجسدية لإدمان الكبتاجون
تبدأ الأعراض بزيادة معدل ضربات القلب، فمع تعاطي الكبتاجون يحدث تحفيز مفرط للجهاز العصبي الذاتي (السمبثاوي) مما يؤدي إلى زيادة ضربات القلب بشكل غير طبيعي. قد يصل معدل ضربات القلب إلى مستويات خطيرة مما يعرض الشخص لخطر الإصابة بنوبات قلبية، وارتفاع ضغط الدم، فالكبتاجون يسبب تضيق بالأوعية الدموية مما يؤدي إلى ارتفاع حاد في ضغط الدم. هذا الارتفاع المستمر يضع ضغطاً كبيراً على القلب وقد يؤدي إلى مضاعفات مثل الفشل القلبي أو السكتة الدماغية، والأرق واضطرابات في النوم. بسبب تأثير الكبتاجون المنبه يعاني المدمنون من صعوبة في النوم (الأرق) لفترات طويلة. يتسبب الكبتاجون في إبقاء الشخص في حالة يقظة مفرطة مما يمنعه من الحصول على الراحة الطبيعية.
وهو يؤدي أيضاً إلى فقدان الشهية ونقص الوزن، فالكبتاجون يسبب انخفاضاً حاداً في الشهية مما يؤدي إلى خسارة الوزن بشكل ملحوظ. المدمن قد يفقد الكثير من وزنه بسبب عدم تناول الطعام بانتظام، مما يؤثر على صحته العامة، والتعرق المفرط والحمى، فالكبتاجون يمكن أن يتسبب في ارتفاع درجة حرارة الجسم بشكل غير طبيعي ما يؤدي إلى الإحساس بالغليان، وهو أمر يعرض الجسم للإجهاد الشديد. وبالنهاية يسبب تشنجات عضلية، فمن الآثار الجسدية الشائعة للكبتاجون هو حدوث تشنجات عضلية أو رعشات في الأطراف نتيجة التحفيز الزائد للجهاز العصبي.
الأعراض النفسية لإدمان الكبتاغون
الأعراض النفسية لإدمان الكبتاجون تكون شديدة ومعقدة، فهي تبدأ بالقلق والتوتر المستمر. قد يعاني المدمن من حالة نفسية مضطربة حيث يشعر بأنه في حالة تأهب دائم أو يعاني من خوف غير مبرر، والاكتئاب الحاد بعد فترة من الاستخدام المستمر حيث يبدأ المدمن بالشعور بالاكتئاب بعد انقطاع تأثير المخدر، فينخفض مستوى الدوبامين بشكل كبير ما يؤدي إلى الشعور بالفراغ والحزن الشديد. بالإضافة إلى الهلوسات، فيمكن أن يسبب الكبتاجون هلوسات سمعية وبصرية وصداع حيث يبدأ المدمن في سماع أصوات غير موجودة أو رؤية أشياء غير حقيقية، وهي من الأعراض الشائعة لدى المدمنين.
يحفز الكبتاغون البارانويا، فغالباً ما يعاني المدمن من جنون الارتياب حيث يعتقد أن هناك من يتآمر عليه أو يتجسس عليه، والذي يؤدي إلى سلوك عدواني أو منعزل عن المجتمع. كما يعاني المدمن من تقلبات مزاجية حادة بين حالات من السعادة المفرطة والعنف المفرط ما يسبب تدهوراً في علاقاته الاجتماعية وحياته الشخصية.
علامات التحذير من إدمان الكبتاجون
التعرف على تعاطي المخدرات بشكل غير صحي ليس أمراً سهلاً على الأسرة، فقد يصعب أحياناً التمييز بين تقلبات المزاج أو القلق الطبيعي لدى المراهقين وعلامات تعاطي الكبتاجون. من العلامات المحتملة لتعاطي فرد من أفراد الأسرة ما يلي:
- مشاكل في المدرسة أو العمل: فقد يتغيب عن المدرسة أو العمل بشكل متكرر، أو يفقد بشكل مفاجئ الاهتمام بالدراسة أو العمل ويتراجع مستواه مؤديةً إلى انخفاض درجاته أو أداءه في العمل.
- الانفعال الزائد والتصرف العدواني والانعزال: يبدأ الشخص بإظهار ردود فعل عنيفة لأتفه الأسباب، وقد يصبح سريع الغضب وعدائي بشدة، فينسحب تدريجياً من التجمعات العائلية والاجتماعية، ويصبح متوتراً فجأة وغير مستقر في علاقاته.
- مشاكل صحية: يحدث لديه نقص في الطاقة والدافع، ويتكلم بشكل غير طبيعي وسريع، ويتحرك بكثرة وقلق دون أسباب واضحة بسبب فرط النشاط العصبي مما يؤدي إلى ضعف الشهية لديه يتبعها هزال الجسم ونقص ملحوظ في وزنه.
- إهمال المظهر مع علامات جسدية واضحة: يصبح عديم الاهتمام باللباس الخارجي أو العناية الشخصية أو المظهر، وتظهر علامات جسدية كاتساع غير طبيعي في حدقة العين واحمرار دائم أو نظرة زائغة، ويصبح كثير التعرق ومرتفع الحرارة بدون بذل جهد بذكر، والأرق الشديد (من أكثر العلامات وضوحًا) إذ يبقى الشخص صاحياً لفترة طويلة دون نوم.
- تغيرات في السلوك: بذل جهود كبيرة لمنع أفراد الأسرة من دخول غرفة النوم الخاصة بالمدمن أو التكتم على الخروج مع الأصدقاء، ويبدأ بالشعور بالارتياب وأن هناك من يراقبه أو يلاحقه بشكل مفرط، وقد يسمع أصواتاً أو يرى أشياء غير موجودة من تأثير الكبتاجون على مراكز الإدراك في الدماغ.
- مشاكل مالية: قد تبدأ بطلبات مفاجئة أو مستمرة للمال قد تصل إلى بيع ممتلكات المدمن الشخصية لتأمين جرعات الكبتاجون، أو سرقة أموال من المنزل أو سرقة أشياء حتى، ويصبح كثير المراوغة ويختلق أعذار أو أكاذيب غير منطقية لتصرفاته أو غياباته.
المخاطر الصحية لإدمان الكبتاجون
يمكن أن يصل إدمان الكبتاجون إلى الأشخاص بغض النظر عن أعمارهم أو جنسهم أو وضعهم الاقتصادي، والذي يؤدي إلى مخاطر صحية خطيرة، فإدمان الكبتاجون قد يكون شائعاً في بعض العائلات عن غيرها بسبب الجينات التي تزيد من عوامل الخطورة، فيجب الحذر في حال كان أحد أفراد العائلة مدمن على الكحول أو المخدرات، وقد تؤدي إلى الانتحار بسبب اضرابات الصحة النفسية التي تحدث بسبب الإدمان كالاكتئاب أو فرط نشاط الحركة أو اضطراب ما بعد الصدمة. هذه الأعراض الصحية تكون ناتجة عن مشاعر مؤلمة كضغط الأقران أو صدمة قوية كوفاة أحد الوالدين أو أحد الأزواج، والتي يؤدي إلى تعاطي وإدمان الكبتاجون كوسيلة لنسيان هذه الأحداث والمشاكل.
قد تؤدي الظروف العائلية الصعبة أو انعدام الروابط الأسرية أو التعاطي المبكر بسبب نقص الإشراف الأبوي على زيادة خطر الإدمان، فيحدث فقدان للقدرة على التحكم بالسلوك وقد يتعرض لمواقف اجتماعية أو قانونية خطيرة، ويحدث إرهاق عصبي وانهيار تام مع مرور الوقت، فيصل الجهاز العصبي إلى مرحلة إنهاك تحد من قدرته على القيام بوظائفه بشكل جيد مؤديةً إلى تعب دائم، وعدم القدرة على النوم أو التركيز مع هلوسات وذهان حاد بشكل يشبه مرض الفصام.
بالمقارنة مع المنشطات الأخرى مثل الأمفيتامينات والكوكايين، فإن تأثيرات الكبتاغون أطول وأكثر شدة. ينتج مزيجه من الأمفيتامين والثيوفيلين نشوة فريدة من نوعها تُحفز العقل وتُنشط الجسم. فمخاطر إدمان الكبتاجون على الجسد لا تقل أهمية عن المخاطر النفسية والعصبية، فهو يسبب مشاكل في القلب والأوعية الدموية، ويسبب إجهاد بدني وانهيار في الجهاز المناعي، فالاستهلاك المستمر يؤدي إلى ضعف في الجهاز المناعي مما يجعل المدمن أكثر عرضة للعدوى والأمراض المزمنة، ويسبب الكبتاجون مشاكل هضمية أيضاً، وذلك من جفاف الفم، واضطرابات بالمعدة، والإمساك المزمن، وقد يؤدي إلى تقرحات في الجهاز الهضمي عند الإدمان لفترات طويلة.
كيفية علاج إدمان الكبتاجون: طرق العلاج الفعّالة
يتطلب علاج إدمان الكبتاجون خطة علاجية شاملة تبدأ بإزالة السموم من الجسم وتستمر بالعلاج النفسي والدعم المستمر. مع الأخذ في العلم أن النجاح في العلاج لا يعتمد فقط على قوة الإرادة، ولكن على وجود بيئة علاجية آمنة وفرق متخصصة وتشجيع أسري ومجتمعي.
أول طريق للعلاج يبدأ بإزالة السموم أي التخلص من المخدر في الجسم. تعرف هذه المرحلة (بالديتوكس)، وتتم في مركز طبي تحت إشراف أطباء مختصين، وتشمل مراقبة المريض طبياً لمواجهة أعراض الانسحاب من الإدمان كالقلق والأرق والاكتئاب والتعب الشديد. قد تستخدم أدوية للمساعدة في تخفيف الأعراض.
ثاني طريق للعلاج يكون بالعلاج النفسي والسلوكي. ويقسم إلى ست أنواع هي:
- العلاج المعرفي السلوكي (CBT – Cognitive Behavioral Therapy)
- العلاج التحفيزي (Motivational Interviewing – MI)
- العلاج الجماعي (Group Therapy)
- العلاج الأسري (Family Therapy)
- التدريب على المهارات الحياتية (Life Skills Training)
- العلاج السلوكي الجدلي (DBT – Dialectical Behavior Therapy)
الطريق الثالث للعلاج يكون عبر مجموعة من الدعم النفسي والاجتماعي، وبرامج إعادة التأهيل، فإشراك العائلة في البرنامج العلاجي يزيد من فرص التعافي لأنهم يمثلون مصدر قوة ودعم لهم، مع تدريب الأسرة على التعامل مع المريض بعد العلاج لمنع الانتكاسة، أما برامج إعادة التأهيل تشمل التدريب المهني، وتحسين الحياة الاجتماعية، ويكون الهدف منها إعادة دمج المتعافي في المجتمع مجدداً وإعادته لحياته السابقة أو بدء حياة جديدة. نذكر أن الرعاية والمتابعة المنتظمة تمنع الانتكاسة بعد انتهاء البرنامج العلاجي، وهي تشمل فحوصات دورية، وجلسات دعم، وتقييمات نفسية لضمان استمرار التعافي.
برامج العلاج السلوكي لإدمان الكبتاجون
برامج العلاج السلوكي لإدمان الكبتاجون هي واحدة من أهم أسس التعافي الناجح، وذلك لأنها لا تكتفي فقط بإيقاف التعاطي بل تعالج الجوانب النفسية والسلوكية التي أدت للإدمان وتساعد المريض على تجنب الانتكاس، هذه البرامج هي:
العلاج المعرفي السلوكي (Cognitive Behavioral Therapy)
هو أسلوب علاجي يهدف إلى تغيير الأفكار السلبية والسلوكيات الضارة المرتبطة بالتعاطي، ويساعد المرضى على التعرف على المحفزات التي تدفعه لتعاطي الكبتاجون وتعلم مهارات التحكم بها. يطبق هذا العلاج من خلال جلسات فردية مع المعالج حيث يتم فيها مناقشة المواقف التي أدت إلى محاولة التعاطي وتحليل تلك اللحظة وطريقة تفكير المتعاطي. يعتبر هذا العلاج من أحد أنجح الأساليب في منع الانتكاس وهو مفيد بشكل خاص لمن لديه قلق أو اكتئاب أو اضطراب نقص الانتباه المصاحب للإدمان.
العلاج التحفيزي (Motivational Interviewing)
هو طريقة علاجية تهدف إلى تعزيز دافع المريض للتغيير والإقلاع عن الإدمان من خلال الحوار والدعم المعنوي. يطبق هذا العلاج عبر طرح الأسئلة وتقديم انعكاسات ما يساعد المريض على اكتشاف رغبته الداخلية في التوقف عن التعاطي. يستخدم بكفاءة في المراحل الأولى للعلاج لتحفيز المرضى المترددين.
العلاج الجماعي (Group Therapy)
هو مجموعة جلسات يشارك فيها عدة مرضى بإشراف معالج مختص. يتم فيها تبادل الخبرات والتجارب مما يساعد على كسر العزلة ويدعم التعافي. يتميز هذا العلاج بقدرته على إنهاء وحدة المريض ويجعله يشعر بأنه ليس وحده من يعاني، ويقوم بالتقليل من الإحساس بالذنب الناتج عن مشاكل الإدمان، ويتيح فرص للتعلم من قصص الآخرين والتشجيع المتبادل.
العلاج الأسري (Family Therapy)
هي مجموعة جلسات يشارك فيها أفراد العائلة بهدف معالجة التوتر أو الصراع الأسري الناتج عن الإدمان، وتعليمهم كيف يتعاملون مع المتعافي بطريقة صحية، ويقوم بدعمهم نفسياً لأنهم جزء أساسي في خطة التعافي.
التدريب على المهارات الحياتية (Life Skills Training)
هو برنامج يهدف إلى إعادة بناء قدرات الشخص على إدارة الوقت واتخاذ قرارات صحية والتعامل مع الضغوط والإجهاد دون اللجوء للمخدر.
العلاج السلوكي الجدلي (Dialectical Behavior Therapy)
هو برنامج يستخدم لمن يعانون من تقلبات انفعالية حادة أو ميول انتحارية، ويعلم الشخص كيفية التحكم في الانفعالات وتنظيم عاطفته وتحسين علاقاته.
التحديات التي تواجه المدمنين أثناء العلاج من إدمان الكبتاجون
يواجه المدمنون على الكبتاجون تحديات كبيرة أثناء العلاج، فهي تبدأ غالباً بأعراض انسحاب حادة مثل الاكتئاب والقلق والأرق والتعب الشديد، بالإضافة إلى رغبة قوية في العودة للتعاطي. هذه الأعراض تحتاج إلى إشراف طبي دقيق خاصة في المراحل الأولى من العلاج. تُعد الرغبة النفسية في التعاطي أحد أخطر التحديات إذ تبقى الذاكرة الإدمانية نشطة حتى بعد التوقف مما يجعل الشخص عرضة للانتكاس عند مواجهة ضغوط نفسية أو رؤية محفزات مرتبطة بالتعاطي مثل أماكن معينة أو رفقة قديمة. وتزيد الوصمة الاجتماعية من تعقيد الموقف حيث يشعر المتعافي بالخجل أو الرفض ما يضعف ثقته بنفسه ويقلل من فرص التمسك بالعلاج.
من جهة أخرى يمثل نقص الدعم الأسري عاملاً سلبياً في رحلة التعافي خاصة عندما يتعامل الأهل مع المريض بشك أو قسوة بدلاً من توفير بيئة داعمة وآمنة. كما أن الكثير من المتعافين يهملون الرعاية اللاحقة معتقدين أن العلاج ينتهي بخروجهم من المركز رغم أن المتابعة النفسية تعتبر أساسية لمنع الانتكاس. تزيد صعوبة التعافي عندما يعاني المريض من اضطرابات نفسية مصاحبة مثل القلق أو الاكتئاب، أو يواجه ضغوطاً حياتية مثل البطالة أو مشكلات قانونية. هذه الأمور هي كلها عوامل تزيد من فرص إدمان الكبتاجون والانتكاسة.
أهمية التخلص من السموم (الديتوكس) في علاج إدمان الكبتاجون
تلعب مرحلة التخلص من السموم (الديتوكس) دوراً حاسماً في علاج إدمان الكبتاجون إذ تُعد الخطوة الأولى والأساسية لبدء عملية التعافي الجسدي والنفسي. تهدف هذه المرحلة إلى تنظيف الجسم من بقايا المادة المخدرة بشكل آمن وتحت إشراف طبي متخصص من أجل تخفيف الانسحاب، والتي تكون شديدة أو خطيرة.
أهمية الديتوكس لا تقتصر فقط على الجانب الجسدي بل تمهّد الطريق للعلاج النفسي والسلوكي لاحقاً لأن بقاء المخدر في الجسم يعيق الاستجابة الفعالة للعلاج ويزيد من خطر الانتكاس كما تسمح هذه المرحلة للأطباء بتقييم الحالة الصحية العامة للمريض، وتقديم الدعم الدوائي والنفسي المناسب لمساعدته على اجتياز المرحلة الحرجة بأقل ألم ممكن.
دور الدعم الأسري والاجتماعي في علاج إدمان الكبتاجون
يلعب الدعم الأسري والاجتماعي ركيزة محورية في علاج إدمان الكبتاجون، فأهميته بمثل أهمية العلاج الطبي والنفسي. الأسرة المتفهمة لمشاكل المدمن يمكن أن توفر مكاناً داعماً للمدمن تعزز ثفته بنفسه وتجعله آمناً، وهو الشيء الذي يساعده على التشجع والاستمرار بالخطة العلاجية والتعافي. العائلة الداعمة تستطيع أن تكون خط الدفاع الأول ضد الانتكاس عبر المراقبة المستمرة، وتقديم العلاج.
أما الناحية الاجتماعية، فهي تبنى على دمج المتعافي في محيط داعم سواءً عبر تقديم برنامج دعم جماعي، أو نشاطات اجتماعية صحية مقللةً حالة الوحدة الناتجة عن إدمان الكبتاجون، ويمنع عودة المدمنين إلى بيئات التعاطي، كما يساعد وجود أصدقاء أو مرشدين على تخفيف الضغوط النفسية اليومية، ويمنح المتعافي أدوات للتأقلم مع الحياة دون الرجوع إلى المخدر.
كيف يمكن للأسرة تقديم الدعم للمدمن على الكبتاجون؟
الأسرة هي واحدة من الركائز الأساسية في علاج إدمان الكبتاجون إذا قدمت دعماً فعالاً مبنياً على الفهم والوعي لأخطار الكباجون وإدمانه، فعلى الأسرة أن تفهم أن إدمان الكبتاجون مرض نفسي وسلوكي معقد ليس فقط ضعف إرادة ووهن، فإدراكهم بطبيعة الإدمان يغير نظرتهم للمدمن مانعاً من ردود فعل سلبية مثل التوبيخ أو الإقصاء. تشجيع الأسرة المريض على العلاج دون إجبار بلغة الدعم لا التهديد يمكن أن تدفع إيجاباً نحو العلاج والتعافي مما يعزز التزام المريض في علاج إدمان الكبتاجون.
يتوجب على الأسرة متابعة ومراقبة التقدم بلطف، فالمتابعة لا تعني التجسس أو إزعاج المتعافي بل الانتباه لأي علامات انتكاس مع تقديم العلاج بهدوء. لا ينتهي الدعم بخروج المريض من مركز العلاج، فأعراض إدمان الكبتاجون يمكن أن تعاود الظهور لذا يحتاج المتعافي لتشجيع دائم لحضور الجلسات، وممارسة هوايات جديدة. أخيراً يجب على الأسرة تقبل أن الانتكاس وارد، والانتكاس لا يعني فشل علاج إدمان الكبتاجون، فهو جزء شائع في رحلة التعافي ويمكن للأسرة الواعية أن تستجيب بالدعم والتوجيه، وليس باللوم أو التيئيس.
التعافي من إدمان الكبتاجون: الخطوات والمحفزات
التعافي من إدمان الكبتاجون هو عملية تدريجية تتطلب تحضير الوقت والجهد، وتقوم على خطوات أساسية مع محفزات تساعد المدمن على استعادة حياته. هذه الخطوات تبدأ بالاعتراف بالمشكلة والرغبة الجادة في التغيير، فلا يمكن التخلص من إدمان الكبتاجون إلا بالاعتراف بوجوده وبمشاكله، والشعور بالرغبة الصادقة بالتغيير والتخلص من أعراضه ومضاره. بعد الاعتراف بالمشكلة يتوجب على المريض الخضوع لتقييم طبي نفسي وجسدي لتحديد الخطة العلاجية. بعد التقييم تبدأ مرحلة التخلص من السموم، ويليها العلاج النفسي السلوكي، ثم العلاج الأسري الاجتماعي، ثم مرحلة التأهيل فالرعاية اللاحقة لمنع الانتكاسة.
هنالك العديد من المحفزات التي تدعم عملية علاج إدمان الكبتاجون، وهي وجود دعم أسري قوي وتحقيق أهداف صغيرة متدرجة مثل تجنب التعاطي لأسبوع أو الحفاظ على دوام مستمر في المدرسة أو العمل. وجود الإيمان الديني والروحي القوي يمكن أم يكون مصدراً كبيراً للقوة النفسية، والاندماج في بيئة مجتمعية داعمة مع الابتعاد عن بيئة التعاطي القديمة. هذه كلها محفزات تحسن الصحة وتعزز الثقة بالنفس لعلاج إدمان الكبتاجون الذي يؤدي إلى تحول شامل في نمط الحياة.
يمثل إدمان الكبتاجون تحدياً صحياً ونفسياً معقداً لا يقتصر أثره على الفرد بل يمتد إلى الأٍسرة والمجتمع بأكمله، هذا المخدر الذي يكون في البداية منتجاً ترفيهياً يمكن أن يتحول بسرعة إلى إدمان مدمر بفعل تأثيره العميق على الجهاز العصبي. إن تزايد انتشاره الكبير في الشرق الأوسط دعا إلى الحاجة للوعي بمخاطر إدمان الكبتاجون، وأهمية الكشف المبكر من خلال ملاحظة العلامات والأعراض الجسدية والنفسية. الوقاية والتوعية هما خط الدفاع الأول ضد إدمان الكبتاجون لكن إن حدث الإدمان، فالعلاج الشامل الذي يشمل التخلص من السموم والعلاج النفسي والدعم الاجتماعي هو الطريق نحو التعافي، ورغم التحديات فإن الدعم الأسري والبرامج السلوكية تمكن المتعافي من استعادة حياته، فالتعافي ليس فقط التوقف عن التعاطي، بل هو بناء حياة صحية ومتزنة تمنع الانتكاسة وإعادة التعاطي.
المصادر:
- SA Health. (n.d.). Amphetamine withdrawal management. Government of South Australia
- Hokayem, E. (2024, April 24). The Captagon problem in Saudi Arabia and other Gulf states. Arab Center Washington DC
- Wasti, S. A., Zahid, M. F., Farooq, S., & Zubair, M. (2024). Captagon crisis in the Middle East: An emerging public health burden. Cureus, 16(1), e51567