اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) هو اضراب عصبي سلوكي شائع يؤثر في قدرات الفرد العقلية غالباً ما يبدأ في مرحبة الطفولة، وقد يستمر حتى سن البلوغ مما يؤثر على حياته في المجتمع وأعراضه قد تظهر بشكل منفرد أو مشترك حسب الحالة.
حوالي %9.8 من الأطفال في الولايات المتحدة من عمر 3 إلى 17 عاماً تم تشخيصهم بهذا الاضراب في عام 2022، والأولاد أكثر عرضة للتشخيص من البنات بمعدل 2 إلى 3 مرات، ويقدر أن %4.4 من البالغين في الولايات المتحدة يعانون من اضراب فرط الحركة.
ما هو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)؟
اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه هو حالة يعمل فيها الدماغ بشكل مختلف عن الحالة الطبيعية للجسم. قد يواجه الأطفال والشباب المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه مشكلة في أشياء مثل التركيز والجلوس ساكناً. يعد أحد أكثر اضطرابات النمو العصبي شيوعاً في مرحلة الطفولة. على الرغم من أن هذا الاضطراب يشخص للبالغين إلا أن الأعراض تبدأ من سن الطفولة. يتميز هذا الاضطراب بمنط مستمر لواحد أو أكثر من أنواع الأعراض مثل عدم الانتباه كوجود صعوبة في الانتباه أو البقاء منظماً، وفرط النشاط كالتحرك في كثير من الأحيان بغض النظر عن الوقت المناسب أو الشعور بالقلق والاندفاع كمقاطعة الآخرين أو التطفل عليهم.
من الشائع أن يظهر الناس هذه السلوكيات في بعض الأحيان، ولكن بالنسبة للأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه تكون السلوكيات متكررة وتحدث في مواقف متعددة سواءً في المدرسة أو المنزل أو العمل مع العائلة أو الأصدقاء. كثير من الدول تعاني من نقص التشخيص المبكر ما يؤدي إلى تأخر في العلاج.

ما هو الفرق بين السلوك النشط العادي وADHD؟
هنالك العديد من الفروق بين النشاط الطبيعي ونشاط شخص مصاب باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. قد لا توجد جميع هذه الفروق لكن معرفتها يمكن أن تؤدي إلى تشخيص مبكر وبالتالي نسبة علاج عالية. أهم هذه الفروق:
وجه المقارنة | مدة الأعراض | الظهور في أكثر من بيئة | القدرة على التركيز | الاستجابة للتوجيهات | تأثيره على الأداء الدراسي والاجتماعي | يحتاج إلى تدخل متخصص؟ | يتحسن مع التقدم في العمر؟ |
السلوك النشط العادي | مؤقتة وتظهر في مواقف معينة | غالباً لا | يمكنه التركيز إذا كان مهتماً | يستجيب للتنبيه والتوجيه | عادة لا يؤثر تأثيراً سلبياً دائماً | غالباً لا | في العادة نعم |
ADHD | مزمنة وتستمر لأكثر من 6 أشهر | نعم، تظهر في البيت والمدرسة والعلاقات | يعاني من تشتت دائم | صعوبة في اتباع التعليمات حتى بعد التنبيه | يؤثر بشكل ملحوظ على الأداء والعلاقات | نعم | قد يستمر إلى سن البلوغ بدون تدخل مناسب |
أسباب اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عند الأطفال
أسباب فرط الحركة ونقص الانتباه عند الأطفال متعددة ومعقدة، وتنتج عادة عن تداخل عوامل وراثية وبيئية وعصبية. أهم عامل هو العامل الوراثي، فالأطفال الذن لديهم أحد الوالدين أو الأقارب مصاب ب ADHD يكونون أكثر عرضة للإصابة، والدراسات تشير إلى أن العامل الجيني يمثل %70 إلى %80 من أسباب الإصابة. ثاني عامل هو العامل العصبي من خلال وجود خلل أو بطء في تطور بعض مناطق الدماغ بالأخص الفص الجبهي المسؤول عن الانتباه والنتظيم والتحكم في السلوك، واختلاف في مستويات النواقل العصبية مثل الدوبامين والنورايبنفرين التي تلعب دوراً في التركيز والانضباط الذاتي. ثالث عامل هو العامل البيئي، فتعرض الجنين خلال الحمل لمواد مختلفة يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالاضطراب كالتدخين أو الكحول أو المخدرات، والتسمم بالرصاص أو مواد كيميائية ضارة.
أعراض اضطراب ADHD: كيف يمكن ملاحظتها في مراحل مبكرة؟
ملاحظة الأعراض في اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه خاصة في مراحله الأولية يساعد كثيراً في التشخيص المبكر ومراحل العلاج. من هذه العلامات تشتت الانتباه، فالشخص لا يركز في التفاصيل ويبدو كأنه لا يستمع عندما يكلّم مباشرة. فرط الحركة من العلامات الأخرى، فالمريض لا يستطيع الجلوس بثبات ويتكلم ويتحرك كثيراً، الاندفاعية كمقاطعة الحديث أو الأسئلة أكثر من مرة والإجابة قبل انتهاء السؤال، والتصرف بدون تفكير بالعواقب. تظهر هذه الأعراض قبل سن 12 عاماً، ولا يعني وجود عرض أو اثنين أن الطفل مصاب، فهو يتطلب ظهور عدة أعراض بوضوع واستمرارها لأكثر من ستة أشهر وتأثيرها السلبي على أكثر من مكان.

أعراض نقص الانتباه وفرط الحركة: التركيز والتشتت والنشاط المفرط
يعاني الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه من أعراض تزيد معاناتهم في حياتهم اليومية، ويمكن أن تتراوح الأعراض من خفيفة إلى شديدة. قد يجد الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب صعوبة في التركيز وتحديد الأولويات ما يؤدي إلى تفويت المواعيد ونسيان الاجتماعات. يمكن أن يؤدي عدم القدرة على التحكم في الدوافع من نفاذ الصبر والانتظار المطول إلى تقلبات مزاجية حادة ونواب غضب. تشمل الأعراض أيضًا مشاكل في التركيز ومشاكل في تعدد المهام، والنشاط الزائد أو الأرق وصعوبة في التعامل مع التوتر. قد تظهر علامات فرط النشاط مثل التحدث بشكل عال وكثرة الحركة.
تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عند الأطفال
تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عند الأطفال هو عملية دقيقة تشمل تقييماً سلوكياً شاملاً، وليس مجرد اختبار واحد. يتم تشخيصه عادةً من قبل طبيب نفسي أو طبيب أطفال مختص، وأبرز الخطوات المستخدمة هي:
- جمع المعلومات السلوكية: مثل ملاحظات من الوالدين والمعلمين، واستبيانات قياسية مثل مقياس كونرز (Conners Scale) وقائمة تقييم السلوك DSM-5.
- التأكد من المعايير التشخيصية حسب DSM-5: وهي ظهور ست أعراض أو أكثر من نوع معين (تشتت الانتباه، وفرط الحركة، والاندفاع) مع استمرارها لمدة 6 أشهر، والأعراض تظهر في بيئات مختلفة كالبيت والمدرسة مسببةً خللاً وظيفياً واضحاً في الأداء الاجتماعي والدراسي.
- استبعاد الأسباب الأخرى والفحص الطبي العام: كالقلق والاكتئاب أو صعوبات في التعلم أو مشاكل في النوم، والفحص للتأكد من وجود مشاكل جسدية تؤثر على الانتباه والسلوك.
أهمية التشخيص المبكر: كيف يمكن اكتشاف ADHD في طفلك؟
التشخيص المبكر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه هو خطوة أساسية لمساعدة الطفل على تخطي التحديات السلوكية والتعليمية قبل أن تتفاقم، فكلما تم التعرف على الاضطراب في وقت أبكر زادت فرصة تقديم المساعدة وتحسين جودة حياة الطفل. أهم العلامات التي يمكن ملاحظتها هي صعوبات في التركيز وفرط حركة ونسيان الأدوات أو فقدانها بشكل متكرر. يعتبر التشخيص المبكر هام لأنه يساعد في وضع خطة علاجية مناسبة (سلوكية تعليمية وربما دوائية)، ويمنع تطور مشاكل نفسية مصاحبة مثل القلق، ويدعم الأسرة والمعلمين في فهم احتياجات الطفل وكيفية التعامل معه.

طرق علاج اضطراب ADHD لدى الأطفال
يعد اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه من أكثر الاضطرابات العصبية شيوعاً بين الأطفال. تختلف طرق العلاج باختلاف شدة الأعراض واحتياجات كل طفل، ويفضل أن يكون العلاج شامل ومتدرج. يشمل العلاج مزيجاً من التوجيه السلوكي والتربوي والأسري والنفسي والدوائي تحت إشراف طبي. يساهم تدخل الأسرة والمدرسة بشكل فعال في تحسين سلوك الطفل. كلما بدأ العلاج مبكراً زادت فرص الطفل في تحقيق أداء أفضل وتطور نفسي واجتماعي صحي.
العلاج السلوكي والدوائي لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
يعتبر العلاج السلوكي الخيار الأول خاصة للأطفال تحت سن 6 سنوات، ويهدف إلى تعديل السلوك وتحسين مهارات التنظيم والانتباه، ويشمل تدريب الوالدين على التعامل الإيجابي مع الطفل، ووضع جداول للروتين اليومي والمكافآت، وتعليم الطفل مهارات حل المشكلات. يهدف هذا العلاج إلى تعزيز السلوك الإيجابي وتقليل السلوكيات المزعجة دون استخدام العقاقير.
يستخدم العلاج الدوائي عندما تكون الأعراض شديدة وتؤثر على التحصيل الدراسي أو العلاقات ويوصى به للأطفال الأكبر سنًا (6 سنوات فأكثر). أكثر الأدوية استخداماً هي المنشطات مثل ميثيلفينيديت أو ديكستروأمفيتامين، وهي تعمل على زيادة التركيز وتقليل الاندفاع وفرط النشاط. الأدوية غير المنشطة مثل أتوموكسيتين، وهو يستخدم في حال عدم الاستجابة للمنشطات أو وجود آثار جانبية.
في كثير من الحالات يكون الجمع بين العلاج السلوكي والدوائي هو الأكثر فاعلية حيث تعزز الأدوية التركيز وتهيئ الطفل للاستفادة من جلسات التوجيه السلوكي.
دور الدعم الأسري والمدرسي في تحسين حالة الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
يلعب كل من الأسرة والمدرسة دوراً محورياً في دعم الطفل المصاب باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه حيث يساعد التعاون بين الطرفين في تقليل الأعراض وتعزيز قدرة الطفل على التكيف. يحتاج الطفل في المنزل إلى بيئة منظمة مليئة بالتفهم مع اعتماد روتين ثابت، وتقديم التشجيع المستمر بدلاً من النقد. تدريب الوالدين على استراتيجيات التعامل السلوكي الإيجابي مثل المكافآت، وتجاهل السلوكيات البسيطة المزعجة، يُحدث فارقاً كبيراً في استجابة الطفل. يتوجب على المدرسة توفير تعديلات دراسية مناسبة مثل تقليل المشتتات، ومنح فترات راحة قصيرة لتحسين التركيز. التواصل المنتظم بين المعلمين والأهل ضروري لتوحيد أسلوب التعامل مع الطفل وتقييم تطوره بشكل مستمر. وعند شعور الطفل بالقبول من محيطه فإن ثقته بنفسه تنمو وسلوكه يتحسن مما يُسهم في تعزيز فرص نجاحه الأكاديمي والاجتماعي.
نصائح للآباء لدعم طفل مصاب باضطراب ADHD في المنزل والمدرسة
إن دعم الوالدين للطفل المصاب يساعد كثيراً في نجاح التعافي والاستمرار فيه وعدم الاحساس بالعزلة والتوتر. أهم هذه النصائح لمساعدة الطفل المصاب باضطراب ADHD في المنزل والمدرسة هي اعتماد روتين يومي واضح مثل تحديد أوقات محددة للدراسة واللعب، واستخدام المكافآت الإيجابية بدل العقاب، وتقليل المشتتات في المنزل مثل توفير مكان هادئ أثناء الدراسة، وتشجيع الطفل على ممارسة الرياضة. أهم نصيحة هي الصبر وعدم الصراخ، فالتوجيهات اللطيفة والمحترمة تعطي فعالية أكبر من الصراخ في وجه الطفل. التواصل المستمر مع المعلمين في المدرسة والسؤال عن أحواله في الصف، وتشجيع المعلمين الطفل على الانخراط في الأنشطة الاجتماعية تزيد من فرص نجاح العلاج. كل طفل مختلف عن الآخر، والنجاح لا يكون في إلغاء الأعراض بل في التعامل الذكي والداعم معها.
اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) هو حالة عصبية شائعة تؤثر على تركيز الطفل وسلوكه، وتتطلب فهماً وتعاوناً من الأسرة والمدرسة. التشخيص المبكر والدعم المناسب يمكن أن يحدثا فرقًا كبيراً في حياة الطفل من خلال العلاج السلوكي والدعم التربوي وفي بعض الحالات الأدوية. يلعب الوالدان دوراً أساسياً في توفير بيئة منظمة وآمنة بينما تساهم المدرسة في تسهيل التعلم عبر استراتيجيات مخصصة. ومع الصبر والوعي والتوجيه السليم يمكن للأطفال المصابين بـ ADHD أن يتغلبوا على التحديات، ويحققوا نمواً صحياً ونجاحاً في الدراسة والحياة الاجتماعية.
المصادر:
- National Institute of Mental Health. (n.d.). Attention-deficit/hyperactivity disorder (ADHD). U.S. Department of Health and Human Services
- National Health Service (NHS). (2023, October 24). ADHD in children and teenagers
- Centers for Disease Control and Prevention. (2022, August 9). What is ADHD?. U.S. Department of Health & Human Services
- Children and Adults with Attention-Deficit/Hyperactivity Disorder (CHADD). (n.d.). Overview