جراحة الشريان الأبهر هي عملية علاجية لحل مشاكل أكبر شريان في الجسم، ومع تطور التقنيات الطبية أصبح الأطباء قادرين على الاختيار بين مداخلات جراحية متعددة تتراوح من العمليات التقليدية إلى الإجراءات طفيفة التوغل، وفي الحالات الحرجة قد تكون هذه الجراحة عملية إنقاذ حياة طارئة، لكن نتائجها تكون أفضل بكثير عند إجرائها بشكل مخطط.
تُجرى أكثر من 50,000 عملية سنوياً في الولايات المتحدة وحدها مما يؤكد انتشار هذه الحالات وأهمية الحلول الجراحية لحل مشاكل الشريان الأبهر.
ما هي جراحة الشريان الأبهر
جراحة الشريان الأبهر هي إجراء جراحي يُصحح مشاكل الشريان الأبهر الذي ينقل الدم الغني بالأكسجين من القلب إلى باقي أجزاء الجسم، يمتد هذا الشريان من القلب إلى منطقة البطن حيث يتفرع إلى شرايين تغذي الأطراف السفلية، تظهر الحاجة لهذه الجراحة عند ضعف جدار الشريان الأبهر، مما يؤدي إلى تمدده وتشكل تمدد وعائي أو عند تمزق الطبقة الداخلية منه فتسببب تسلخاً، وهذه المشاكل قد تؤدي إلى تمزق كامل في جدار الشريان، وهو حدث مهدد للحياة.
متى تصبح جراحة الشريان الأبهر ضرورية
يتطلب إجراء جراحة الشريان الأبهر في الحالات التالية:
- التمدد الوعائي (أم الدم): الأشيع، وهو انتفاخ غير طبيعي في جدار الشريان، يحدث غالباً بسبب ضعف الأنسجة، الجراحة ضرورية عندما يصل القطر إلى 5 سم للأبهر البطني و 5 – 5.5 سم للأبهر الصدري
- تسلخ الشريان الأبهر: تمزق في الطبقة الداخلية للشريان يؤدي إلى انفصال الجدار وتدفق الدم بين طبقاته، النوع A (الصاعد) يتطلب تدخلًا فوريًا.
- تضيق الصمام الأبهري الشديد: ضيق في الصمام يمنع تدفق الدم من القلب إلى الأبهر، الجراحة ضرورية عند الحاجة لاستبدال الصمام.
- إصابات الشريان الأبهر الرضية: تمزق في الأبهرناتج عن صدمات عنيفة (حوادث سير، سقوط من ارتفاع).

أنواع جراحة الشريان الأبهر
يتم اختيار نوع جراحة الشريان الأبهر بناءً على مكان الإصابة وحالة المريض وتقسم بشكل رئيسي إلى:
- الجراحة المفتوحة: شق جراحي كبير في الصدر أو البطن للوصول المباشر للأبهر وتتم في عدة حالات:
- استبدال الصمام الأبهري: يُستخدم لعلاج تضيق الصمام أو ارتجاع الدم عبره، باستبداله بصمام ميكانيكي أو بيولوجي.
- استبدال جذر الأبهر: يُجرى عند تلف منطقة اتصال الصمام بالشريان بسبب تمدد جذر الأبهر أو تمزقه (متلازمة مارفان) مع زرع طعم يشمل الصمام وجزء من الشريان.
- استبدال الأبهر الصاعد: استبدال الجزء بين القلب وقوس الأبهر بأنبوب Dacron (طعم اصطناعي) لعلاج التمدد أو التسلخ في الجزء الصاعد، قد يُدمج مع استبدال الصمام أو الجذر إذا كانت هذه الأنسجة مصابة (تسلخ الأبهر الحاد النوع A).
- استبدال قوس الأبهر أو إصلاح الأبهر الصدري النازل: يتم فيها إزالة الجزء المتضرر من الأبهر في الصدر واستبداله بطعم اصطناعي لحل مشاكل التمدد أو التسلخ.
- إصلاح تمدد الأبهر البطني: استبدال الجزء المتوسع بطعم اصطناعي لمنع الانفجار عندما تكون التمددات في الأبهر البطني كبيرة وغير مناسبة للقسطرة.
- جراحة القسطرة: هي تقنية علاجية تُستخدم لعلاج تمدد الشريان الأبهر دون الحاجة إلى فتح جراحي كبير، حيث يتم فيها إدخال قسطرة رفيعة عبر شق صغير في منطقة الفخذ، ثم تمرر من خلالها دعامة مغطاة حتى تصل إلى الجزء المتضرر من الشريان ، وبعدها ثبت الدعامة في مكان التمدد وتسمح بمرور الدم من دون أن يضغط على منطقة التمدد مما يقلل بشكل كبير من خطر انفجار الشريان، وتقسم إلى نوعين حسب الموقع:
- TEVAR: للأبهر الصدري النازل (الجزء خلف القلب).
- EVAR: للأبهر البطني (فوق الحوض).
مقارنة بين الجراحة المفتوحة وجراحة القسطرة
العنصر | الجراحة المفتوحة | جراحة القسطرة |
الندبة الجراحية | كبيرة في البطن أو الصدر | صغيرة في الفخذ |
مدة الجراحة | 3 إلى 6 ساعات | 1.5 إلى 3 ساعات تقريباً |
مدة الإقامة بالمستشفى | 5 إلى 10 أيام | 1 إلى 3 أيام |
مدة التعافي الكامل | 3 إلى 6 أشهر | من بضعة أسابيع إلى 3 أشهر |
المناسب لكل حالة | المرضى الأصغر سناً أو الذين يتحملون الجراحة الكبرى – الحالات التي لا يمكن علاجها بالقسطرة بسبب موقع التمدد أو تشريحه المعقد | المرضى الأكبر سناً أو من يعانون من مشاكل صحية مزمنة |
التحضير لجراحة الشريان الأبهر والإجراءات الأولية
قبل جراحة الشريان الأبهر، سيُطلب منك إبلاغ الطبيب بجميع الأدوية والمكملات التي تستخدمها وقد يُطلب منك التوقف عن بعضها وخاصةً مميعات الدم، ستُجرى لك فحوصات مثل تخطيط القلب وتحاليل دم وصور شعاعية، من المهم حضور هذه المواعيد وفهم تفاصيل العملية والمخاطر المرتبطة بها بالإضافة إلى أنه يجب الامتناع عن الأكل والشرب بعد منتصف الليل قبل الجراحة، والاستحمام بصابون طبي خاص كما يُنصح بالإقلاع عن التدخين مبكراً وتجنب مخالطة المرضى أو السفر قبل العملية لتقليل خطر العدوى.
في يوم الجراحة، تصل إلى المشفى باكراً، وتلتقي بطبيب التخدير الذي يشرح لك خطة التخدير ويجيب عن أي أسئلة، بعد ذلك يقوم الفريق الطبي بتحضيرك للعملية، سوف تخضع لتخدير عام، ما يعني أنك ستكون نائماً تماماً ولن تشعر بأي ألم أثناء الجراحة، كما يُنصح باصطحاب مرافق لإعادتك إلى المنزل بعد التعافي الأولي.
المخاطر والمضاعفات المحتملة
تتفاوت المضاعفات حسب نوع جراحة الشريان الأبهر، وتشمل:
- النزيف
- الجلطات
- السكتة الدماغية
- الفشل الكلوي
- العدوى
- اضطراب نظم القلب
قد تحدث مضاعفات نادرة مثل شلل الساق أو فشل التنفس، وتزداد المخاطر لدى كبار السن أو من يعانون من أمراض مزمنة، ولكن رغم ذلك تظل الجراحة أقل خطورة من ترك التمدد أو التمزق الأبهري دون علاج.
رحلة التعافي بعد جراحة الشريان الأبهر
تقسم رحلة التعافي بعد جراحة الشريان الأبهر إلى مرحلتين:
- التعافي المبكر: تعتمد مدة الإقامة في المشفى على نوع الجراحة، بعد الجراحة المفتوحة يبقى المريض عادة نحو أسبوع، بينما يخرج مريض القسطرة خلال يوم أو يومين، وخلال هذه الفترة تتم مراقبة المؤشرات الحيوية، ويبدأ المريض بالحركة البسيطة حيث يُراعى الالتزام بالأدوية، وتجنب أي نشاط بدني مجهد بالإضافة إلى أن الراحة والاهتمام بالتغذية الجيدة عاملان مهمان في هذه المرحلة
- التعافي طويل الأمد: بعد مغادرة المشفى يستمر التعافي في المنزل، يتطلب التعافي الكامل من الجراحة المفتوحة نحو 8 إلى 12 أسبوعًا، أما القسطرة فلا تتعدى عادة 2 إلى 3 أسابيع، ويمكن استئناف العمل تدريجيًا بحسب تحسن الحالة، ويُعد حضور المواعيد الطبية واتباع تعليمات الطبيب والاهتمام بالنشاط الحركي الآمن خطوات ضرورية لتفادي أي مضاعفات محتملة.
الحياة بعد جراحة الشريان الأبهر
تتطلب هذه المرحلة التزامًا مستمرًا للحفاظ على نتائج الجراحة، يجب التحكم بضغط الدم بدقة باستخدام الأدوية مع الإقلاع التام عن التدخين، كما يجب مراقبة الكوليسترول والسكري لتقليل الضغط على الشرايين حيث أنه من الضروري اتباع نظام غذائي صحي، وممارسة نشاط بدني معتدل، وفي بعض الحالات قد تستدعي الحاجة إلى جراحات إضافية مستقبلًا، خصوصًا بعد تركيب دعامة، و إن المتابعة المنتظمة والالتزام بالعلاج يضمنان حياة مستقرة وجودة صحية أفضل على المدى الطويل.
في الختام، تُعد جراحة الشريان الأبهر خطوة حاسمة في علاج أمراض خطيرة، ونجاحها لا يعتمد فقط على العملية بحد ذاتها، بل أيضاً على وعي المريض والتزامه بالعلاج والمتابعة، وبالحفاظ على نمط حياة صحي والتعاون مع الفريق الطبي، يمكن للمريض استعادة حياته بشكل طبيعي وآمن.
المصادر:
- Hiratzka, L. F., et al. (2014). 2010 Guidelines for the diagnosis and management of thoracic aortic disease. NCBI Bookshelf.
- Society for Vascular Surgery. (n.d.). Open surgery treatment for aortic dissection. Vascular.org.