اضطراب طيف التوحد (Autism Spectrum Disorder) هو حالة تؤثر على نمو الدماغ وتغير طريقة تفاعل الأفراد مع الآخرين وفهمهم للمحيط الاجتماعي. تبحث الأبحاث المستمرة عن طرق جديدة لدعم الأطفال والبالغين المصابين بالتوحد، وتحسين مهارات التواصل والسلوكيات الاجتماعية لديهم. من بين هذه الطرق الحديثة قيد التجربة، تبرز تجارب علاج التوحد بالخلايا الجذعية كأحد الأساليب الواعدة التي تهدف إلى معالجة العوامل البيولوجية الأساسية المرتبطة بالتوحد، مثل الالتهاب واضطراب المناعة وضعف الاتصال العصبي.
ما هو اضطراب طيف التوحد؟
اضطراب طيف التوحد هو حالة مرتبطة بنمو الدماغ وحدوث اختلاف في وظائفه، تؤثر في طريقة إدراك الشخص للآخرين وتفاعله الاجتماعي معهم حيث أنه يبدأ اضطراب طيف التوحد في مرحلة الطفولة المبكرة. ومع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي إلى صعوبة في التكيّف داخل المجتمع. فمثلاً، قد يواجه الأشخاص المصابون باضطراب طيف التوحد مشكلات في التفاعل الاجتماعي أو مع زملائهم في المدرسة أو العمل. وتظهر أعراض التوحد لدى الأطفال غالبًا خلال السنة الأولى من العمر.
ويضم هذا الاضطراب أيضًا أنماطًا سلوكية محدودة ومتكررة. ويشير المصطلح طيف في اضطراب طيف التوحد إلى مجموعة واسعة من الأعراض ودرجة شدتها. ويجب تسليط الضوء على أن التوحد ليس مرضا ًوذلك لأننا عادةً نلجأ إلى علاج الأمراض والوصول للشفاء أما في التوحد فالهدف ليس الشفاء بل إيجاد طرق مساعدة للتعرف على نقاط القوة لدى الطفل والاستفادة منها إلى أقصى حد مع إدارة أي تحديات قد يواجهها كما أنهم قد يتفوقون في مجالات معينة ويحتاجون إلى مزيد من الدعم في مجالات أخرى مقارنة بأقرانهم من ذوي النمط العصبي الطبيعي.
وتشمل الأعراض الأكثر شيوعًا للتوحد ما يلي:
- التحدث بنبرة أو إيقاع غير مألوف وتكرار الكلمات والعبارات
- قلة التواصل البصري وعدم الاستجابة عند مناداتهم بأسمائهم
- سلوكيات متكررة مثل التأرجح أو رفرفة اليدين
- الالتزام بروتين صارم والانزعاج من التغييرات
- انبهار بالتفاصيل الدقيقة دون فهم الغرض الكلي
- الحساسية الزائدة للضوء أو الصوت أو اللمس
- عدم إظهار العواطف أو فهم مشاعر الآخرين
- صعوبات في فهم تعابير الوجه ولغة الجسد
- العزلة الاجتماعية وتفضيل اللعب بمفردهم
- صعوبات في بدء أو متابعة المحادثة
- تأخر أو فقدان مهارات اللغة والكلام
- انتقائية مفرطة في الطعام
مع نضوجهم، يصبح بعض الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد أكثر تفاعلاً مع الآخرين ويُظهرون اضطرابات سلوكية أقل. قد يعيش البعض حياة طبيعية أو شبه طبيعية في النهاية ومع ذلك، يستمر آخرون في مواجهة صعوبات وتحديات عديدة، مثل:
- مشاكل في التكيف مع المواقف الاجتماعية المختلفة
- صعوبة الحصول على التعليم أو الاندماج المدرسي
- التوتر داخل الأسرة نتيجة الصعوبات اليومية
- صعوبات في التعلم واكتساب المهارات الجديدة
- تحديات في الحصول على وظيفة مناسبة
- عدم القدرة على العيش باستقلالية تامة
- العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة
- خطر التعرّض للإيذاء أو التنمّر

طرق التشخيص قبل العلاج بالخلايا الجذعية
- الفحص النمائي: تعد الخطوة الأولى من خطوات تشخيص التوحد عند الرضع هي الفحوصات الروتينية التي تجرى للطفل، وعادة ما يجري الطبيب فحصاً للتوحد في عمر 18 و24 شهر، حيث يقيم المهارات الأساسية مثل قدرات التعلم ومدى تطور الكلام وكذلك سلوكيات الطفل وحركته.
- التقييم السلوكي الشامل: يتضمن تشخيص التوحد عند الأطفال إجراء تقييم شامل لتحديد مهارات الطفل المعرفية وقدراته اللغوية وكذلك مدى قدرته على القيام بالمهارات الحياتية اليومية بنفسه مثل الأكل وارتداء الملابس والذهاب إلى الحمام.
- قد يفيد إجراء بعض الفحوصات والاختبارات الأخرى في استبعاد الحالات المشابهة والمساعدة على التشخيص، ومن هذه الاختبارات: اختبارات السمع والنظر واختبارات الدم والفحوصات الجينية.
- التوصية بإجراء فحوصات وراثية للتحقق من وجود حالات وراثية مثل متلازمة ريت أو متلازمة الصبغي إكس الهش.
ما هي الخلايا الجذعية؟
الخلايا الجذعية: هي نوع خاص من الخلايا متعددة القدرات، قادرة على التمايز إلى أنواع مختلفة من الخلايا المتخصصة داخل الجسم مثل الخلايا العصبية أو العضلية أو غيرها. تمتاز بقدرتها على التجدد الذاتي، وإصلاح الأنسجة المتضررة، وتنظيم الاستجابات المناعية. تتواجد في عدة أماكن من الجسم مثل: نخاع العظم، الأنسجة الدهنية، الدم، والحبل السري.
أنواع الخلايا الجذعية المستخدمة في تجارب علاج التوحد بالخلايا الجذعية
تتضمن أنواع الخلايا الجذعية المستخدمة في تجارب علاج التوحد بالخلايا الجذعية:
- الخلايا الجذعية الجنينية (Embryonic Stem Cells): ذات قدرة عالية جدًا على التمايز، لكنها مثيرة للجدل من الناحية الأخلاقية، وتزيد احتمالية حدوث مضاعفات مثل نمو غير متحكم فيه للخلايا.
- الخلايا الجذعية البالغة (Adult Stem Cells): تُستخلص غالبًا من نخاع العظم أو الأنسجة الدهنية، آمنة نسبيًا، وتُستخدم في العديد من التجارب السريرية.
- الخلايا الجذعية المأخوذة من الحبل السري (Umbilical Cord Stem Cells): تمتاز بسرعة تكاثر عالية وتأثير مناعي قوي، وتُعد من أكثر المصادر الواعدة لعلاج اضطرابات عصبية مثل التوحد.
آلية عمل تجارب علاج التوحد بالخلايا الجذعية
تكمن آلية تجارب علاج التوحد بالخلايا الجذعية في أن هذه الخلايا قادرة على تقليل الالتهاب وتحسين أداء الجهاز المناعي، إذ يُعتقد أن التوحّد مرتبط بالالتهاب ومشكلات في الجهاز المناعي، ومن ثم يُفترض أن حقن هذه الخلايا يساعد في تقليل أعراض التوحّد. ويُعتبر العلاج بالخلايا الجذعية مسارًا واعدًا لتحسين الاتصال العصبي لدى المصابين بالتوحّد عن طريق تقليل الالتهاب الدماغي، حيث تقوم الخلايا الجذعية الميزنشيمية المستخرجة من الحبل السري بتأثيرات مضادة للالتهاب وتنظيمية للمناعة.
وقد وضحت تجارب علاج التوحد بالخلايا الجذعية دورًا محتملًا لنشاط هذه الخلايا عبر تأثيراتها التبرّعية (paracrine)، وخاصة عبر إشارات الأدينوزين، التي قد تُساهم في تهدئة الالتهابات العصبية، واستعادة التوازن بين الناقلات العصبية، وتحسين الوظيفة الدماغية لدى الأفراد المصابين بالتوحّد. فبذلك يمكن تلخيص تجارب علاج التوحد بالخلايا الجذعية في ثلاث نقاط رئيسية:
- تقليل الالتهاب العصبي
- تعزيز نمو الخلايا العصبية
- تحسين الاتصال بين الخلايا العصبية

يتراوح عدد جلسات العلاج بالخلايا الجذعية عادةً بين 1 إلى 3 جلسات على مدار عدة أشهر، حسب استجابة الطفل للعلاج وتقدير الطبيب المعالج. وقد يلجأ بعض الأطباء إلى إعادة بعض الجلسات بعد 6 أسابيع لتحسين فعالية العلاج.
الفئات العمرية المناسبة لتجارب علاج التوحد بالخلايا الجذعية
الفئات العمرية المناسبة لتطبيق تجارب علاج التوحد بالخلايا الجذعية غالبًا من عمر سنتين إلى ثلاث سنوات، إذ تكون خلايا الدماغ أكثر قدرة على الاستجابة للعلاج. كما يمكن للمراهقين والبالغين المصابين بالتوحد الاستفادة من هذا العلاج أيضاً، لكن النتائج قد تكون أقل وضوحًا مقارنة بالأطفال الصغار
مقارنة بين علاج التوحد بالخلايا الجذعية وطرق العلاج الأخرى
يوضح الجدول التالي مقارنة بين طرق العلاج المختلفة للتوحد:
| العلاج | الفئة العمرية | المزايا | العيوب |
|---|---|---|---|
| الخلايا الجذعية | الأطفال من 2 سنة، المراهقون والبالغون | تحسين التواصل والسلوكيات والمهارات الاجتماعية | تكلفة مرتفعة، نتائج متفاوتة، لا يوجد اعتماد رسمي، بحاجة لمزيد من الدراسات |
| العلاجات السلوكية | الأطفال والمراهقون | تعلم مهارات جديدة وتقليل السلوكيات الصعبة | يحتاج وقت ومتابعة مستمرة، النتائج تدريجية |
| العلاجات التعليمية | الأطفال والمراهقون | تعزيز المهارات الاجتماعية والتواصلية | يتطلب فريق مختص، نتائج تدريجية |
| العلاجات الأسرية | جميع الأعمار | دعم الأسرة في تحسين التفاعل مع الطفل | يعتمد على التزام الأسرة، نتائج متفاوتة |
| العلاجات الأخرى (نطق، مهني، طبيعي) | الأطفال والمراهقون | تحسين التواصل والحركة والمهارات اليومية | تأثير محدود على السلوكيات الأساسية للتوحد |
| الأدوية | جميع الأعمار | تخفيف الأعراض المصاحبة (فرط النشاط، القلق) | لا تعالج أسباب التوحد، آثار جانبية محتملة |
المزايا المتوقعة لتجارب علاج التوحد بالخلايا الجذعية
- تحسين التواصل واللغة لدى الأطفال والبالغين المصابين بالتوحد
- تقليل السلوكيات العدوانية والانفعالية
- تعزيز التركيز والمهارات الاجتماعية والتفاعلية
- الأمان النسبي مع آثار جانبية قليلة نسبيًا وفقًا للتجارب المبكرة
المخاطر والتحديات لتجارب علاج التوحد بالخلايا الجذعية
- عدم وجود اعتماد رسمي من FDA أو WHO حتى الآن.
- اختلاف النتائج ودرجة الفعالية بين المرضى.
- التكلفة المرتفعة للعلاج في معظم المراكز.
- الحاجة لإجراء المزيد من الأبحاث طويلة المدى لتقييم الفعالية والسلامة بشكل دقيق.
تكلفة علاج التوحد بالخلايا الجذعية في تركيا
تتراوح تكلفة علاج التوحد بالخلايا الجذعية في تركيا بين 6,000 و11,400 دولار أمريكي، حسب العيادة والإجراء الطبي، حيث أنه تُعد هذه التكلفة أقل بنسبة 40-60% مقارنة بالدول الغربية مثل ألمانيا وأميركا.
مقارنة تكلفة علاج التوحد بالخلايا الجذعية بين دول العالم وتركيا
يوضح الجدول التالي متوسط تكلفة علاج التوحد بالخلايا الجذعية في بعض الدول لعام:
| الدولة | متوسط التكلفة (بالدولار الأمريكي) |
|---|---|
| الولايات المتحدة | 5,750 – 25,000 |
| ألمانيا | 12,700 – 30,000 |
| المملكة المتحدة | 2,600 – 65,000 |
| الإمارات العربية المتحدة | 10,000 – 40,000 |
| تركيا | 5,000 – 19,000 |
هل يعتبر علاج التوحد بالخلايا الجذعية معتمدًا؟
- تجارب علاج التوحد بالخلايا الجذعية مع الأطفال: أفادت بعض العائلات الذين خضع أطفالهم لتجارب علاج التوحد بالخلايا الجذعية بتحسن في مهارات التواصل الاجتماعي واللغة، وتقليل السلوكيات العدوانية أو الانعزالية، بينما هناك بعض الأطفال كان التحسن لديهم محدوداً أو لم يظهر أي تأثير واضح مما يشير إلى أن النتائج تختلف من طفل لآخر
- الوضع الطبي الحالي لاعتماد تجارب علاج التوحد بالخلايا الجذعية: حاليًا، لا يُعد علاج التوحد بالخلايا الجذعية معتمدًا رسميًا من قبل الهيئات العلمية الكبرى مثل FDA أو WHO. تشير الجمعيات الطبية إلى أن الأدلة السريرية لا تزال محدودة، وأن نتائج العلاج تختلف بين الأفراد.
- التوصية بالاعتماد على مراكز موثوقة فقط: نظرًا لأن علاج التوحد بالخلايا الجذعية لا يزال في مرحلة البحث والتجارب السريرية، يُنصح أولياء الأمور باللجوء فقط إلى المراكز الطبية الموثوقة والمعتمدة مثل مركز بيمارستان الذي يمتلك فريق طبي متخصص ومعدات ذات جودة عالية وضمان تطبيق بروتوكولات السلامة المعترف بها عالميًا، بالإضافة إلى متابعة دقيقة للأطفال بعد العلاج لتقييم النتائج ومراقبة أي آثار جانبية محتملة.
ختاماً، تجارب علاج التوحد بالخلايا الجذعية تركز على تقليل الالتهاب العصبي، تحسين الوظيفة العصبية، وتعزيز الاتصال بين الخلايا العصبية، وقد أظهرت بعض الدراسات تحسنًا جزئيًا في مهارات التواصل والسلوكيات الاجتماعية. ومع ذلك، يظل هذا العلاج في المرحلة التجريبية، وتختلف النتائج بين الأفراد. من الضروري متابعة الأبحاث المستمرة، واستشارة الأطباء والمراكز المتخصصة قبل اتخاذ أي قرار علاجي.
المصادر:
- Qu, J., Liu, Z., Li, L., Zou, Z., He, Z., Zhou, L., Luo, Y., Zhang, M., & Ye, J. (2022). Efficacy and safety of stem cell therapy in children with autism spectrum disorders: A systematic review and meta-analysis. Frontiers in Pediatrics, 10, 897398.
- Centers for Disease Control and Prevention. (2025, May 20). Autism spectrum disorder (ASD).
