الصمام الأبهري هو الصمام المسؤول عن تدفق الدم من القلب إلى الجسم. عندما يتعرض هذا الصمام لمشاكل مثل القصور أو التضيق، قد يحتاج المريض إلى علاج جراحي. عملية إصلاح الصمام الأبهري تهدف إلى تصحيح المشكلة دون استبدال الصمام بالكامل، وتُعتبر خياراً متقدماً يساهم في تحسين النتائج وتقليل المضاعفات.
لمحة عن الصمام الأبهري
يتألف الصمام الأبهري (الأورطي) من ثلاث وُرَيْقات (شُرَف) ترتكز على حلقة الصمام، وتفصل بين البطين الأيسر للقلب والشريان الأبهر الصاعد. يُفتح الصمام الأبهري خلال الطور الانقباضي للقلب نتيجة ارتفاع الضغط داخل البطين الأيسر مقارنة بالضغط داخل الأبهر، ويُغلق في الطور الانبساطي بسبب انخفاض الضغط في البطين الأيسر وارتفاعه في الأبهر.
يسمح الصمام الأبهري بمرور الدم الغني بالأكسجين من القلب إلى الشريان الأبهر الذي يوزّعه إلى جميع أنحاء الجسم، كما يمنع عودته إلى القلب عندما ينخفض الضغط في البطين الأيسر مع كل دورة قلبية. عند عدم كفاءة عمل الصمام الأبهري، يتأثر تدفق الدم وتقل كمية الدم الواصلة إلى الجسم، مما يدفع القلب إلى الضخ بقوة أكبر لتعويض النقص وضمان وصول الدم إلى الأعضاء والأنسجة.
أنواع أمراض الصمام الأبهري
هنالك نوعين رئيسيين من أمراض الصمام الابهري:
- قصور الصمام الأبهري (ارتجاع الصمام الأبهري): في هذه الحالة لا يُغلق الصمام الأبهري بشكل كامل مما يسمح للدم بالعودة إلى القلب.
- تضيق الصمام الأبهري: في هذه الحالة يكون الصمام الأبهري ضيقاً ولا يُفتح بشكل كافٍ للسماح للدم بمغادرة القلب والانتشار إلى أنحاء الجسم.
قد تكون مشاكل الصمام الأبهري خَلقية أو تُكتسب مع التقدم في العمر، كما يُعدّ “الصمام الأبهري ثنائي الشرف” من أكثر أمراض الصمام الأبهري الخلقية شيوعاً، إذ يصيب حوالي 1-2% من السكان. ففي هذا النوع، يحتوي الصمام على وريقتين بدلاً من ثلاث، مما يمنع الصمام من الانفتاح والانغلاق بشكل كامل. وعلى الرغم من أن هذه الحالة موجودة منذ الولادة، إلا أن أعراضها قد لا تظهر إلا في مرحلة البلوغ.
أما أمراض الصمام الأبهري المكتسبة فتحدث نتيجة تعرض الصمام للأذية المستمرة، مما يؤدي إلى تراكم الكالسيوم على الوريقات وجعلها صلبة وضيقة، وبالتالي تحديد حركة الصمام.

التحضير لعملية إصلاح الصمام الأبهري
قبل إجراء عملية إصلاح الصمام الأبهري، يخضع المريض لسلسلة من الفحوصات الدقيقة مثل تخطيط القلب الكهربائي لقياس النشاط الكهربائي للقلب، وتصوير الصدر بالأشعة السينية للكشف عن أي تغيرات في حجم القلب أو الرئتين، وتصوير القلب بالموجات فوق الصوتية (الإيكو) أو التصوير بالرنين المغناطيسي القلبي لتقييم شكل الصمام الأبهري ووظيفته بدقة. كما تُجرى تحاليل الدم الشاملة لفحص وظائف الكبد والكلى، ومستويات الشوارد، ونسبة التجلط.
بالإضافة إلى ذلك، قد يوصي الطبيب بإجراء قسطرة قلبية تشخيصية في بعض الحالات لمعرفة ضغط الدم في حجرات القلب وقياس شدة القصور أو التضيق في الصمام. قبل العملية بعدة أيام، يطلب الطبيب من المريض إيقاف بعض الأدوية مثل المميعات أو أدوية السكري أو أدوية ضغط الدم، لتقليل خطر النزيف أو المضاعفات. كما يتم الصيام عن الطعام والشراب لعدة ساعات قبل دخول غرفة العمليات.
كيف يتم إصلاح الصمام الأبهري وما هي الأساليب المتبعة
تختلف طريقة إصلاح الصمام الأبهري بحسب نوع الأذية، حيث تهدف العملية إلى استعادة البنية التشريحية الطبيعية للصمام، مما يؤدي إلى استعادة شبه كاملة لوظيفته لفترة طويلة نسبياً. عادةً ما يتم فتح الصدر وإجراء عملية قلب مفتوح لإصلاح الصمام الأبهري وذلك للحصول على رؤية أوضح وفهم أفضل للهندسة المعقدة للصمام، بينما تحدّ التقنيات طفيفة التوغل من القدرة على تقييم شكل الصمام بدقة.
كما في عملية استبدال صمام القلب الأبهري، يتم وضع المريض تحت التخدير العام ووصله إلى جهاز المجازة القلبية الرئوية عند إجراء عملية إصلاح الصمام الأبهري ثم يوقف القلب لتحليل شكل الصمام الأبهري بدقة. هنالك العديد من التقنيات المتبعة لإجراء عملية إصلاح الصمام الأبهري بحسب نوع ومكان الأذية أو المرض الذي أصيب به الصمام الأبهري، وما تزال الأبحاث قائمة لاكتشاف المزيد من التقنيات التي تطيل العمر المتوقع للمريض وتحسن نوعية الحياة.
بعض الأساليب التي يتم إجراؤها في الوقت الحالي لإصلاح الصمام الأبهري:
تغيير شكل وريقات الصمام الأبهري
يتم ضبط شكل الوريقات وإزالة الزوائد النسيجية لضمان انطباقها بإحكام عند الإغلاق، ويمكن أحياناً خياطة وريقتين معاً في الصمام ثلاثي الشرفات ليصبح وكأنه ثنائي الشرف، وتُستخدم هذه الطريقة في حالات قصور الصمام الأبهري، لكنها لا تصلح في حالات التضيق أو الصمام ثنائي الشرف الخلقي.

إصلاح تمزقات وثقوب الصمام الأبهري
إذا كانت وريقات الصمام الأورطي تحتوي على تمزقات أو ثقوب يمكن للجراح أن يرممها باستخدام الرقع النسيجية.

رأب حلقة الصمام الأبهري aortic ring annuloplasty
تستخدم هذه التقنية عندما يحدث توسع في حلقة الصمام الأبهري مما يؤدي إلى تباعد الوريقات عن بعضها وحدوث قصور الصمام الأبهري. توضع حلقة صنعية خاصة حول الصمام الأبهري لتعزيز حلقة الصمام الأبهري وزيادة قساوتها واستعادة حجمها الطبيعي لزيادة إحكام إغلاق الصمام. وقد أظهرت الدراسات أن النتائج بعيدة المدى لهذه التقنية مُرضية في علاج هذه الحالة.
استبدال جذر الأبهر مع الاحتفاظ بالصمام David Procedure
يُجرى لعلاج أم الدم في جذر الأبهر دون استبدال الصمام، وقد حل محل عملية بنتال التي كانت تشمل استبدال الصمام حتى لو كان سليماً. يتم في هذا الإجراء استئصال جذر الأبهر ومعه الصمام الأبهري، ثم يعاد زرعه مع الطعم البديل لأم الدم، لذلك يطلق على هذا الإجراء أيضًا “إعادة زرع الصمام الأبهري”.
توسيع الصمام بالبالون Balloon valvuloplasty
وهي تقنية طفيفة التوغل تستخدم عادة لإصلاح تضيق الصمام التاجي ونادراً ما تستخدم لإصلاح تضيق الصمام الأبهري، يتم فيها إدخال قسطرة صغيرة تحمل في مقدمتها بالون قابل للتوسع إلى القلب، وعندما يصل البالون إلى مكان الصمام الأبهري المتضيق يتم نفخه لتمديد الصمام وفصل الوريقات عن بعضها.
إصلاح الصمام الأبهري أم استبداله؟
إذا كانت مشكلة الصمام الأبهري خفيفة، يمكن علاجها بالأدوية أو قد لا تحتاج إلى علاج إطلاقاً، لكن في بعض الحالات يصبح من الضروري إجراء عملية إصلاح أو استبدال الصمام الأبهري، حيث يعتبر إصلاح الصمام الأبهري aortic valve repair خياراً بديلاً عن استبداله بصمام آخر، ويهدف إلى استعادة الشكل والوظيفة الطبيعية للصمام الأبهري الطبيعي، ويستخدم بشكل أشيع عند المرضى الذين يعانون من قصور الصمام الأبهري أو أم دم أبهرية قريبة أو تضيق خلقي في الأبهر.
على الرغم من أن عملية تبديل الصمام الأبهري هي العلاج الروتيني في حالات قصور الصمام الأبهري الشديد إلا أن إصلاح الصمام الأبهري يحمل العديد من المزايا التي تجعله مفضلاً عند بعض المرضى المناسبين. يُفضل إجراء إصلاح الصمام الأبهري في حالات القصور لأنه يقلل من خطر حدوث الجلطات الدموية، والتهاب شغاف القلب الإنتاني، والالتهابات الأخرى المرتبطة باستخدام الصمامات البديلة. كما أن إصلاح الصمام التالف غالباً ما يكون أسهل من استبداله، ويؤدي إلى سرعة التعافي بعد العملية.
أظهرت الدراسات أن عمليات إصلاح الصمام الأبهري الدقيقة التي تُجرى على يد أطباء متمرسين تحقق نتائج أفضل من استبدال الصمام، مع معدل وفيات منخفض، ونسبة أقل من المضاعفات. كما أشارت دراسات أخرى إلى أن نسبة البقاء على قيد الحياة بعد إجراء إصلاح الصمام الأبهري تبلغ حوالي 96% بعد سنة، و92% بعد خمس سنوات، و83% بعد عشر سنوات.
مخاطر ومضاعفات عملية إصلاح الصمام الأبهري
قد ترافق عملية إصلاح الصمام الأبهري بعض المخاطر، رغم أن نسب حدوثها تكون منخفضة عند إجرائها في مراكز متخصصة وعلى يد جراحين ذوي خبرة. من المضاعفات المحتملة:
- النزيف أثناء أو بعد العملية
- تشكّل الجلطات الدموية وما قد يرافقها من خطر حدوث سكتة دماغية
- اضطرابات نظم القلب (عدم انتظام ضربات القلب)
- عودة قصور الصمام الأبهري أو حدوث تضيق فيه لاحقاً
- الإنتان (العدوى) في موضع الجرح أو التهاب شغاف القلب
- مضاعفات مرتبطة بالتخدير العام
ما بعد عملية إصلاح الصمام الأبهري والرعاية داخل المستشفى
بعد الانتهاء من عملية إصلاح الصمام الأبهري، يجب إجراء تقييم دقيق لشكل الصمام، فإذا كانت إحدى الوريقات متوسعة أكثر من اللازم، فقد يؤدي ذلك إلى تدلي الصمام وتطور قصور أبهري إذا لم يُعالج. بعد الانتهاء من الإجراء، يُنقل المريض فوراً إلى وحدة العناية المشددة ليقضي فيها يوماً واحداً على الأقل، ثم يتم تحويله إلى غرفة عادية في المستشفى ليبقى فيها عدة أيام، حيث تختلف مدة الإقامة حسب التقنية الجراحية المستخدمة وحالة المريض.
يُراقب الطاقم الطبي خلال هذه الفترة العلامات الحيوية للمريض، ويتأكد من عدم حدوث أي إنتان في موضع الجرح، ويتم التحكم في الألم وإدارته بعد العملية بدقة لضمان راحة المريض. كما يتم تشجيع المريض على النهوض والمشي تدريجياً لتعزيز التعافي وتقليل خطر المضاعفات كجلطات الدم.
الحياة بعد عملية إصلاح الصمام الأبهري
بعد الخروج من المستشفى، قد يحتاج المريض إلى تناول بعض الأدوية، كما يجب عليه زيارة عيادة الطبيب بشكل منتظم لإجراء الفحوص اللازمة ومراقبة وظيفة الصمام الأبهري باستمرار. عادةً لا يكون تناول الأدوية المميعة للدم ضرورياً بعد عملية الإصلاح، على عكس استبدال الصمام بالصمامات الصناعية، إلا في حالات وجود رجفان أذيني لمنع تكون جلطات دموية في الأذينة اليسرى.
من الضروري أن يقوم المريض بإجراء تغييرات في نمط حياته، مثل ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وتناول غذاء صحي متوازن، وتجنب الضغوط النفسية والجسدية، والإقلاع عن التدخين، حيث تساعد هذه العادات في تسريع التعافي وتقليل المخاطر والاختلاطات المحتملة.
تشير الدراسات إلى أن نسبة المرضى الذين يحتاجون لإعادة إجراء عملية إصلاح الصمام الأبهري خلال العشر سنوات الأولى منخفضة، حيث يقدر بمريض واحد من كل عشرة، وتُعتبر متانة الإصلاح ممتازة، خصوصاً لدى من خضعوا لتدعيم حلقة الصمام الأبهري.
في الختام، تُعد عملية إصلاح الصمام الأبهري خياراً علاجياً متقدماً يهدف إلى الحفاظ على الصمام الطبيعي واستعادة وظيفته بكفاءة عالية، مع تقليل الحاجة إلى الأدوية المميعة للدم على المدى الطويل. يعتمد نجاح هذا الإجراء على التشخيص المبكر، ودقة اختيار التقنية الجراحية المناسبة، وخبرة الفريق الطبي القائم على العملية. باتباع نمط حياة صحي، والمتابعة الطبية المنتظمة، يمكن للمريض الاستمتاع بحياة نشطة وجودة أفضل لسنوات طويلة، مع تقليل احتمالية الحاجة إلى إعادة التدخل الجراحي في المستقبل.
المصادر:
- Penn Medicine. (n.d.). Aortic valve repair and replacement surgery.
- Dartmouth–Hitchcock Medical Center. (n.d.). Aortic valve repair or replacement.