تضيق الشريان الكلوي هو أحد الأسباب الشائعة لارتفاع ضغط الدم الثانوي، وقد يؤدي إلى تلف كلوي دائم إن لم يُكتشف ويُعالج مبكرًا. في تركيا، تتيح الخبرات الطبية والتقنيات الحديثة إمكانية تشخيص الحالة بدقة وعلاجها بفعالية سواء من خلال القسطرة أو التدخل الجراحي، مما يساهم في تجنب المضاعفات طويلة الأمد.
ماهو تضيق الشريان الكلوي؟
تضيق الشريان الكلوي (Renal Artery Stenosis) هو حالة يحدث فيها تضيق في الشريان المُغذي للكلى، سواء من جانب واحد أو من الجانبين (أي في شريان كلية واحدة أو كليهما). نتيجةً لهذا التضيّق، ينخفض تدفق الدم إلى الكلى، مما يؤدي إلى تنشيط نظام الرينين-أنجيوتنسين-ألدوستيرون، ويؤدي بالتالي إلى ارتفاع ضغط الدم، وهو ما يجعل تضيق الشريان الكلوي أحد الأسباب الثانوية الشائعة لفرط الضغط الشرياني، وقد يسبب تدهوراً تدريجياً في وظائف الكلى إذا لم يُعالج بشكل مناسب.
أنواع تضيق الشريان الكلوي
تضيق الشرايين الكلوي التصلبي
هو النوع الأكثر شيوعًا، ويشكل نحو 80% من الحالات. يحدث نتيجة تراكم الترسبات الدهنية وتصلب الشرايين، خاصة في نقطة التفرّع بين الشريان الأبهر والشريان الكلوي. يصيب هذا النوع غالبًا كبار السن والمدخنين.

تضيق الشريان الكلوي الليفي العضلي
يمثل حوالي 20% من الحالات، ويظهر بشكل أكثر شيوعًا لدى النساء الشابات. يحدث بسبب خلل في بنية جدار الوعاء الدموي، مؤدياً الى نمو غير طبيعي في الطبقة العضلية أو النسيج الضام، مما يؤدي إلى تضيق غير منتظم، غالبًا ما يصيب الثلث الأوسط من الشريان.

أسباب تضيق شرايين الكلى
توجد عدة أسباب رئيسية تؤدي إلى تضيق الشريان المغذي للكلى، وتختلف بحسب العمر والحالة المرضية، من أبرزها:
- تصلب الشرايين (Atherosclerosis): يُعد السبب الأكثر شيوعًا، يحدث التضيّق غالبًا عند نقطة تفرع الشريان الكلوي من الشريان الأبهر.
- خلل التنسج العضلي الليفي (Fibromuscular Dysplasia): ناتج عن تغيّرات في جدار الأوعية الدموية خاصة في النسيج الضام والعضلي.
- التهابات الشرايين: مثل التهاب الشرايين تاكاياسو (Takayasu Arteritis)، وهو التهاب نادر يصيب الشريان الأبهر وفروعه.
- أسباب أخرى نادرة: مثل الإصابات الرضحية، أو تمدد الأوعية الدموية في الشريان الكلوي، أو التجلطات الدموية (الانصمامات).
آلية تطور ارتفاع الضغط بسبب تضيق الشريان الكلوي
عندما ينخفض قطر الشريان الكلوي بنسبة تتجاوز 60% إلى 70%، يقل تدفق الدم إلى الكلى بشكل واضح. تستجيب الكلية لهذا الانخفاض بإفراز كميات زائدة من هرمون الرينين، مما ينشّط نظام الرينين-أنجيوتنسين-ألدوستيرون. يؤدي هذا إلى تضيق الأوعية واحتباس الصوديوم والماء، وبالتالي ارتفاع ضغط الدم الجهازي كمحاولة من الجسم لتعويض نقص التروية الكلوية.
بهذه الطريقة، تحاول الكلى المريضة تحسين تدفق الدم المقيّد ، ولكنها أيضًا تزيد الضغط في الدورة الدموية بالجسم ليصل إلى قيم تعتبر مرضية.

أعراض تضيق الشريان الكلوي
لا تظهر أعراض تضيق الشريان الكلوي بالضرورة في جميع الحالات، إذ قد يستمر المرض دون أعراض واضحة في بعض الأحيان. مع ذلك، يُعد ارتفاع ضغط الدم من أكثر العلامات شيوعًا المصاحبة للحالة، ويُعرف بارتفاع ضغط الدم الناتج عن أمراض الكلى. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي انخفاض تدفق الدم إلى الكلى إلى ضعف في وظائفها.
بشكل عام، تشمل الأعراض الممكن حدوثها ما يلي:
- ارتفاع ضغط الدم (خاصة ضغط الدم الانبساطي)
- نقص تأثير الساعة البيولوجية على العمليات الحيوية (أي أنها لا تتفق مع دورة الليل والنهار)
- صوت تضيق في منطقة السرة (في حوالي 40 بالمائة من المرضى)
- في المراحل المتقدمة من المرض، غالبًا ما تتطور قيم ارتفاع ضغط الدم بسرعة
تشخيص تضيق الشريان الكلوي
يمكن في بعض الحالات، وخاصة عند الأشخاص النحيلين، ملاحظة علامات تضيق الشريان الكلوي باستخدام سماعة الطبيب. أثناء الفحص البدني، قد يسمع الطبيب ضوضاء تدفق غير طبيعية (نفخة) في منطقة البطن والخصر، مما يشير إلى وجود تغيرات في الأوعية الدموية للكلى.
يُعتمد بشكل رئيسي على فحص الموجات فوق الصوتية للكلى والأوعية الدموية لتشخيص التضيق، حيث يمكن قياس سرعة تدفق الدم عبر الشرايين وقياس قطر الوعاء الدموي، ويعد هذا الفحص مريحاً وآمناً لأنه لا يستخدم الأشعة السينية، في حال اكتشاف انقباض شديد في الشريان مع تدفق دم منخفض، يكون العلاج ضروريًا.
خيار تشخيصي آخر هو تصوير الأوعية الدموية بالرنين المغناطيسي، حيث يُحقن المريض بوسيط تباين وريدي، مما يسمح برؤية واضحة ودقيقة للأوعية الكلوية.
علاج تضيق الشريان الكلوي
تتوفر خيارات العلاج التالية:
العلاج الدوائي
يُستخدم عادةً مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE inhibitors) مع حاصرات بيتا للسيطرة على ارتفاع ضغط الدم. لكن في حال فشل العلاج الدوائي وغياب تحسن ملموس في ضغط الدم، قد يُطرح اللجوء إلى الإجراءات الجراحية. يُمنع استخدام مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين في حالات تضيق الشريان الكلوي في الكليتين معًا أو عند وجود كلية واحدة، لأن ذلك قد يؤدي إلى فشل كلوي حاد.
العلاج التداخلي – رأب الأوعية الدموية عن طريق الجلد PTA
يحقق هذا العلاج نجاحًا في حوالي 80% من الحالات. يتم إدخال بالون عبر قسطرة إلى موقع التضيق في الشريان الكلوي، ويتم نفخه لتوسيع الشريان عند موقع التضيق، في بعض الأحيان يُزرع أنبوب دعامة مؤقت لضمان بقاء الشريان مفتوحًا. يُستخدم هذا الإجراء فقط إذا كان العلاج الدوائي غير كافٍ للسيطرة على ضغط الدم، أو إذا كان التضيق يتجاوز 70% ولا يُتوقع تحسن بالدواء وحده.
العلاج الجراحي
يُعتبر خياراً نادراً يُلجأ إليه في حالة فشل العلاج التداخلي. تشمل الجراحة إزالة الجزء المتضيق من الشريان وربطه بطرف وعائي اصطناعي لتجاوز التضيق.
إنذار تضيق الشريان الكلوي
يمكن عادةً تصحيح سبب تضيق الشريان الكلوي، مما يسمح في معظم الحالات بالوصول إلى مستوى ضغط دم طبيعي، ولكن كلما طالت مدة تأخر العلاج وازدادت شدة ارتفاع ضغط الدم، قلت فرصة خفض الضغط مرة أخرى بسبب تكيف الجسم مع الحالة على المدى الطويل. إذا استمر ارتفاع ضغط الدم لفترة طويلة، قد يتحول إلى حالة تُعرف بارتفاع الضغط الثابت.
بالإضافة إلى ذلك، عدم علاج تضيق الشريان الكلوي يزيد من خطر تقلص الكلية المصابة، وفقدان وظائفها تدريجياً مما يؤدي أحياناً إلى تضخم الكلية السليمة لتعويض النقص في وظيفة الكلية المتضررة.
في الختام، يعد تضيق الشريان الكلوي حالة تؤثر على تدفق الدم إلى الكلى وقد تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم ومضاعفات كلوية خطيرة إن لم تُعالج في الوقت المناسب. يساعد التشخيص المبكر واختيار الخطة العلاجية المناسبة (سواء دوائية أو عبر القسطرة أو الجراحة) في تحسين فرص الشفاء واستعادة وظيفة الكلى. تقدم تركيا خيارات علاج متقدمة تحت إشراف أطباء مختصين، مما يجعلها وجهة موثوقة لعلاج هذه الحالة.
بإمكانكم التواصل معنا للتعرف على أحدث طرق العلاج في تركيا.
المصادر:
- Brigham and Women’s Hospital. (n.d.). Renal artery stenosis: Symptoms, causes, treatment.
- BMJ Best Practice. (2023, January 6). Renal artery stenosis. BMJ Best Practice.